3. نظريات التفاعل الاجتماعي

يمكن تناول مفهوم التفاعل الاجتماعي من خلال الانفتاح على مجموعة من النظريات العلمية التي حاولت تفسيره باعتماد مفاهيم ومقاربات متعددة ومختلفة، تعددها واختلافها يكشف الطبيعة المعقدة والمركبة للعلاقات والتفاعلات الاجتماعية، نذكر من هذه النظريات على سبيل المثال لا الحصر:

يمكن تناول مفهوم التفاعل الاجتماعي من خلال الانفتاح على مجموعة من النظريات العلمية التي حاولت تفسيره باعتماد مفاهيم ومقاربات متعددة ومختلفة، تعددها واختلافها يكشف الطبيعة المعقدة والمركبة للعلاقات والتفاعلات الاجتماعية، نذكر من هذه النظريات على سبيل المثال لا الحصر:

نظرية سكينر: Skinner تفسر هذه النظرية التفاعل الاجتماعي من خلال مفهومي المثير والاستجابة وما يرتبط بهما من عمليات التعزيز والتدعيم والتكرار، حيث أن الأفراد والجماعات يتلقون داخل محيطهم الاجتماعي منبهات ومثيرات يستجيبون لها، مثلما تشكل سلوكاتهم وردود أفعالهم مثيرات لسلوكات و ردود أفعال الآخرين، في إطار نوع من تبادل وتفاعل المنبهات والاستجابات. ومن هنا يميل الأفراد والجماعات إلى تكرار وتعزيز الاستجابات التي تحقق لهم هدفا أو منفعة أو تلبي لهم حاجة معينة، مما يحفر وينشط عملية التفاعل الاجتماعي فيما بينهم.

نظرية نيوكمب Newcomb : تقوم نظريته على مفهومي التشابه والتوازن، من خلالهما يفسر أساليب التفاعل الاجتماعي ومستوياته ويحصرها في ثلاثة مستويات:

1-مستوى ينشأ فيه التفاعل على التشابه بين الطرف(أ) والطرف (ب) إزاء موضوع(ب)، ويؤدي إلى علاقات اجتماعية متوازنة

2-مستوى تتبادل فيه الأطراف المتشابهة نوعا من التعزيز(الجزاء والمكافأة والثواب...) وكل ما يقوي التفاعل فيما بينها، مما ينتج عنه تجاذب وتوازن علائقي

3-مستوى يؤدي فيه التشابه إلى توقع التجاذب الذي يسهل عملية التفاعل الاجتماعي ويؤدي في غالب الأحيان إلى علاقات اجتماعية إيجابية. على هذا الأساس يعتبر نيوكمب أن نمط العلاقة المتوازنة يتحقق عندما تتشابه الاتجاهات والآراء تجاه شيء أو موقف أو شخص معين، وأن نمط العلاقة المتوترة وغير المتوازنة ينشأ في حالة تضارب وتباين الاتجاهات والأفكار بين طرفين حول موضوع معين. إن التفاعل الاجتماعي القائم على مبدأي التشابه والتوازن هو ما يحقق حسب نيوكمب الاندماج الاجتماعي للأطراف المتفاعلة.

نظرية بيلز Bales: ترتبط هذه النظرية بإستراتيجية حل المشكلات داخل الجماعة؛ وما يتطلبه الأمر من تنظيم ومشاركة ومرونة وأشكال متدرجة من التفاعل، ذلك أن العلاقات التفاعلية وأنماط التفاعل تمر بمراحل تطور حددها بيلز في 6 مراحل : 1 -تحديد المشكلة والتعرف عليها، 2 -طرح الحلول والبدائل، 3  -المناقشة ومحاولة تأثير أعضاء المجموعة في بعضهم البعض، 4 -التوصل إلى قرار نهائي أو إنتاجات محددة، 5 -مواجهة المشكلات الناشئة عن التفاعل ومحاولة التحكم فيها، 6 -صيانة تكامل الجماعة وحفظ تماسكها. من داخل هذه المراحل الستة يتطور حسب بيلز 12 نمطا من التفاعل الاجتماعي، يمكن حصرها في أربعة أنواع من التفاعل: 1 -التفاعل المحايد بطرح أسئلة، 2 -التفاعل المحايد بطرح أجوبة، 3  -التفاعل الانفعالي السلبي، 4 -التفاعل الانفعالي الإيجابي.

تكشف نظريات التفاعل الاجتماعي على أن هذا الأخير ليس عملية بسيطة وتلقائية بل هي صيرورة معقدة ومتداخلة، تتحكم في إيقاعاتها ومستوياتها مجموعة من الشروط الموضوعية المرتبطة بالوسط الاجتماعي وثقافته وقيمه ومعاييره... ومجموعة من المحددات الذاتية المرتبطة بالذات المتفاعلة من حيث طبيعة شخصيتها وسماتها النفسية والاجتماعية، ومن حيث تمثلاتها الخاصة للقيم والمعايير، ومن حيث طبيعة حاجاتها ورغباتها الذاتية... وعلى هذا الأساس لا يمكن فهم التفاعل الاجتماعي إلا باستحضار مختلف الأبعاد والمستويات المشكل والمحددة للوضع النفسي والاجتماعي للأفراد والجماعات.