1. عوامل الــتـغيــر السـكــاني

المحاضرة (01) الخصوبة والعوامل المؤثرة فيها

تمهيد:

 يقصد بظواهر تغير السكان ظواهر نمو السكان وحركتهم أو زيادتهم ونقصهم بفعل عوامل المواليد أو الخصوبة والوفيات والهجرة. وتسمى الزيادة أو النقصان التي تنجم عن الفرق بين المواليد والوفيات بالزيادة أو النقصان الطبيعية. بينما قد يفد إلى السكان مهاجرون من الخارج فيؤدي هذا إلى زيادة غير طبيعية بالوفود، أو قد ينزح من السكان مهاجرون إلى الخارج، فيؤدي هذا إلى نقص غير طبيعي بالنزوح في عدد السكان. ويمكن وضع هذه العلاقة في معادلة بسيطة على النحو التالي:

الزيادة أو النقصان = (عدد المواليدعدد الوفيات) – (عدد الوافدينعدد النازحين (

وقد تكون الزيادة الطبيعية ذات إشارة سالبة، إذا كان عدد الوفيات أكثر من عدد المواليد، وهذا يسبب نقصا في جملة السكان، وتكون الزيادة غير طبيعية أو صافي الهجرة ذا إشارة سالبة إذا زاد عدد النازحين على عدد الوافدين إلى المجتمع. ويتجه اهتمام دارس السكان نحو تحليل عوامل المواليد أو الخصوبة والوفيات والهجرة باعتبارها عوامل علية في تغير السكان، ويحاول التعرف على معدلاتها واتجاهاتها في المستقبل

-       للتغير السكاني أهميته العلمية والعملية في تحديد المشاكل السكانية ومحاولة مجابهتها ورسم السياسات والخطط المستقبلية.

-       عوامل الــتـغيــر السـكــاني: عملية التغيرات السكانية في أي مجتمع تخضع لعدة عوامل:

1- الخصوبة ومعدل المواليد. 2- معدل الوفيات. 3 - التحرك الجغرافي للسكان (الهجرة).

 

1- الخصوبة:

 أصبحت العوامل المؤثرة في ارتفاع الخصوبة وانخفاضها والآثار المترتبة على تغيراتها من الاهتمامات الرئيسة في العالم ومن الموضوعات المهمة للندوات والمؤتمرات الدولية والإقليمية ونظراً لانخفاض معدلات الوفيات أو اتجاهها للانخفاض التدريجي السريع في معظم البلدان.

·      فقد أصبحت مستويات الخصوبة واتجاهاتها هي التي تسهم في تباين معدلات النمو من مكان إلى آخر.

·      وتعد الخصوبة أحد مكونات النمو أو ضوابط التغير السكاني وهي أحد العمليات الديموغرافية المرتبطة بديناميكية السكان.

·      أما التقدم العلمي والتقنيات العلمية الحديثة فقد بدأت تفتح آفاقاً جديدة في هذا المجال.

·      تعد الخصوبة من أهم جوانب الدراسة الرئيسة لموضوع السكان.

·      حيث يبرز عامل الخصوبة حاليا كعامل رئيس في زيادة السكان في العالم خاصة بعد أن قطع العالم شوطا كبيرا في التغلب على أسباب الوفيات.

·      وينبغي الإشارة إلى أن كتابا عديدين يعدون الولادات "الحادثة الديموغرافية الأولى " وحجر الأساس لأنها نقطة البدء للحياة البشرية.

v  يتفق غالبية الديموغرافيين على أن اصطلاح الخصوبة يقصد به: الخصوبة الكامنة أو البيولوجية أي القابلية القصوى على الإنجاب والتي بدورها تتحدد مرة واحدة كل 28 يوما على وجه التقريب.

v  الخصوبة: لفظ يطلق للدلالة على ظاهرة الإنجاب في أي مجتمع سكاني ويعبر عنها بعدد المواليد الأحياء وهي تختلف من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى كما أنها تختلف داخل البلد الواحد من مكان لآخر نتيجة عوامل متعددة، اقتصادية ثقافية اجتماعية صحية.

·      الخصوبة تؤثر بشكل كبير في البنية العمرية للسكان، وارتفاعها يؤدي إلى انخفاض كبار السن وتقلصها إلى ارتفاع نسبة كبار السن.

2- العوامل المؤثرة في الخصوبة:

تتأثر الخصوبة بمحددات بيولوجية مثل العمر والقدرة على الإنجاب ومحددات اجتماعية مثل الزواج وديموغرافية واقتصادية وسياسية أو دينية أو نفسية حيث دعا تنوعها وتعددها إلى القول: "بأن الولادات تتأثر بكل ما هو تحت الشمس". ولقد تعددت المحاولات والنظريات التي تحاول فهم السلوك الإنجابي مما يكشف عن أن الخصوبة ظاهرة معقدة تتداخل في تفسيرها عوامل عديدة وبالرغم من ذلك يمكن تقسيم العوامل المؤثرة في رفع مستوى الخصوبة أو خفضه في مجتمع من المجتمعات إلى مجموعتين من العوامل المترابطة والمتشابكة على الدوام مما يصعب معها إعادة تباين مستويات الخصوبة إلى عامل واحد فقط. وهاتان المجموعتان هما                                     :
أولاً المجموعة الأولى العوامل الداخلية ( الوسيطة ):
والتي بدورها يمكن تصنيفها في 3 مجموعات رئيسة هي:

أ - العوامل المؤثرة أثناء الحياة الزوجية:

العمر عند الدخول في الحياة الزوجية (سن الزواج: مبكر/متأخر) / استمرار العزوبة أو العزوف عن الزواج/ أسلوب الزواج (واحدة، متعدد) / نسبة النساء اللواتي لم يدخلن الحياة الزوجية/ المدة الفاصلة بين زواج وآخر/ مدة الحياة الزوجية / الامتناع الاختياري/ الامتناع الإجباري بسبب العجز أو المرض.

ب - العوامل المؤثرة في التعرض للحمل: عدم القدرة على الإنجاب بسبب العقم الطبيعي/ استخدام وسائل تنظيم الأسرة أو موانع الحمل/ عدم القدرة على الإنجاب لأسباب اختيارية.

ج - العوامل المؤثرة في الحمل والوضع:

-       الإجهاض القهري لأسباب غير اختيارية تؤدي إلى وفاة الجنين (إجهاض مفتعل ومقصود).

-       الإجهاض الاختياري لأسباب اختيارية المؤدية لوفاة الجنين. (إجهاض عفوي - أو ولادة الجنين ميتا).

 ثانياً: المجموعة الثانية العوامل الخارجية (العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية)

يمكن دراسة الخصوبة على مستوى الأفراد بحيث تكون المرأة هي وحدة الدراسة من جهة ووحدات الدراسة من جهة أخرى. وكذلك الاختلاف في مستويات الخصوبة من امرأة إلى أخرى من خلال العوامل التالية:

1- التعليم: كلما ارتفع مستوى تعليم النساء قل متوسط عدد الأطفال للمرأة أما التعليم الابتدائي فيسهم في خفض الخصوبة قليلاً. وبوجه عام كلما ارتفع مستوى التعليم انخفضت الخصوبة أكثر من مما يحققه تعليم الرجل. ويأتي تأثير التعليم على الخصوبة على النحو التالي:

‌أ.      يؤثر على مستوى المعيشة وطريقة حياة الفرد.

‌ب.  يستطيع الإنسان من خلال التعليم نفسه الحصول على المعلومات اللازمة لتأجيل الحمل أو منعه.

‌ج.   يعتقد أن مفاهيم ووسائل تنظيم الأسرة تلقي قبولاً أكبر لدى المتعلمين.

‌د.     يرتفع متوسط السن عند الزواج مع ارتفاع مستوى التعليم.

2- المهنة: لوحظ أن الأزواج من أصحاب المهن الفنية والتي تتطلب مهارة فائقة لديهم عدد أطفال أقل مقارنة بغيرهم.

3- الدخل: قد يفكر المرء أن زيادة الدخل تعني القدرة على إعالة عدد كبير من الأطفال فتكلفة تنشئة الأطفال تزداد مع زيادة الدخل.

4- مشاركة المرأة في قوة العمل (عمل المرأة): تشير كثير من الدراسات النظرية والتطبيقية التي أجريت في الدول المتقدمة إلى إنه كلما ازدادت نسبة العاملات انخفضت معدلات الخصوبة

5- نمط الحياة (أو مكان الإقامة في الريف أو الحضر): لا شك أن نمط الحياة أو المعيشة وما ينطوي عليه من قيم وتقاليد يؤثر على حجم الأسرة ومن ثم ينعكس على السلوك الإنجابي للمرأة.

6- الرضاعة الطبيعية (رضاعة الثدي): حظيت الرضاعة الطبيعية باهتمام كل العاملين في مجال الصحة والديموغرافيا فقد وجد أن الرضاعة الطبيعية تؤجل الحمل حوالي 4 أشهر في المتوسط.

7- سن الزواج: يؤثر سن الزواج على الخصوبة فكلما ارتفع سن الزواج تقلصت فترة الإنجاب أو التعرض للحمل ويعتبر سن الزواج من العوامل الوسيطة المهمة التي من خلالها يتم تأثير مستوى تعليم المرأة على الخصوبة.

8- الديانة: تجمع الأديان السماوية على أهمية التناسل وضرورة الحفاظ عليه وعدم الحد منه. وقد وجد أن هناك تباينا في مستويات الخصوبة حسب الديانة. فالدين الإسلامي على سبيل المثال يحث على التناسل والتكاثر مما يسهم في رفع الخصوبة لدى المسلمين.

9- القيم والعادات والتقاليد: تؤثر العادات والتقاليد في الخصوبة سلباً وإيجاباً تبعاً لنمط العادات والقيم السائدة فتسود بعض العادات والقيم التي تشجع الإنجاب في بعض المناطق كما أن تعدد الزوجات قد يسهم في خفض الخصوبة.

10- وفيات الأطفال الرضع: يعتقد أن ارتفاع وفيات الأطفال يجعل الآباء يكثرون من الأبناء وذلك لتعويض الفاقد بسبب الوفاة. كما أن وفاة الطفل قبل الفطام تتيح المجال للحمل في وقت مبكر.

11- انتشار وسائل تنظيم الأسرة (أو موانع الحمل): يعد انتشار وسائل تنظيم الأسرة وفعالية هذه الوسائل أحد العوامل الوسيطة المؤثرة في الخصوبة. فتوفير وسائل تنظيم الأسرة وجعلها في متناول من يحتاج إليها يؤدي إلى انخفاض الخصوبة.

12- الضمان الاجتماعي وصناديق التامين للمسنين والمتقاعدين: هناك من يعتقد أن الضمان الاجتماعي وصناديق التامين للمسنين يؤثر على الرغبة في الإنجاب.

13- الهجرة والترحال: تقرر في كثير من الأحيان شروط الاستقرار وظروفه ومدى الرغبة في الزواج والأولاد.

14- القوانين والتشريعات والسياسات السكانية: لها دور كبير في تشجيع الزواج والإنجاب أو في تنظيم الأسرة وتحديد النسل.

15- الحروب والحوادث وما تحدثه من آثار على مستويات الولادة.

 

المحاضرة (02) الوفيات والعوامل المؤثرة فيها

1- الوفيات

تتضمن كلمة وفيات بمعناها العام أن حياة الكائن خاضعة للموت والفناء.

- تعتبر الوفيات أول ظاهرة سكانية استرعت اهتمام مؤسسي علم الديموغرافيا إذا قام جون جراونت بأول دراسة للوفيات اهتمت بمدينة لندن وضواحيها.

- تمثل الوفيات العنصر الثاني في التغير الديمغرافي الطبيعي للسكان بعد الخصوبة.

- السكان يزيدون طبيعياً بالخصوبة وينقصون نقصاً طبيعياً بالوفيات.

- تعد الوفيات عنصراً أساسيا من العناصر أو العوامل المؤثرة في النمو السكاني. لذا فإن انخفاض الوفيات خلال القرن العشرين هو العامل الرئيسي المسئول عن الانفجار السكاني

- للوفاة تأثير مباشر على تركيب السكان كما ان معدلاتها تعكس احوال السكان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

- شهدت معظم دول العالم انخفاضا في مستوى الوفاة بين سكانها في السنوات الأخيرة سواء الدول المتقدمة او السائرة في طريق النمو، ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى التقدم الطبي بنوعيه العلاجي والوقائي الذي بدأ في أجزاء قليلة من العالم ثم لبث أن انتشر إلى بقاع واسعة من أرجاء الكرة الأرضية.

- تزداد عادة نسبة الوفيات خاصة بين الرضع الذين لم يتجاوزوا السنة الأولى من العمر وكبار السن الذين تجاوزوا سن الخامسة والستين.

- من الملاحظ أن نسبة الوفيات بين الإناث أقل منها بين الذكور عامة في جميع الأعمار إذا تساوت الأحوال الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الذكور والإناث جميعا.

- تبين الإحصاءات أن الوفيات بين المتزوجين أقل منها بين العزاب والأرامل والمطلقين في الأعمار نفسها. ويعزى ذلك إلى أن السعادة والرضى في الزواج يهيئان حياة سليمة وصحية.

- المناخ وتغير الفصول: ارتباط ارتفاع الحرارة بانتشار بعض الأمراض والبرد والرطوبة العالية تساعد في انتشار أمراض جهاز التنفس.

- الريف والحضر والفوارق الاقتصادية والاجتماعية وتأثيرها على الساكنين عوامل عديدة كنقاء الهواء والعناية الصحية وازدحام السكن وظروف الإسكان.

- نوع المهنة (الحرفة) / المجاعات / والامراض السارية كلها عوامل مؤثرة في الوفاة.

- تشير الدراسات إلى وجود ارتباط قوي بين نقص المواد الغذائية وبين معدل الوفيات.

-لا يزال هناك أمراض وأوبئة تحصد الكثير من الأرواح خاصة في عدد كبير من الدول الأقل تطورا هذا إلى جانب ظهور أمراض جديدة لم تكن معروفة سابقا كمرض إيبولا الذي اجتاح عدد كبير من الدول الأفريقية ومرض الإيدز (متلازمة نقص أو فقدان المناعة المكتسب).

2- وفيات الرضع:

-       يعد معدل وفيات الرضع من المؤشرات المهمة المرتبطة بمستويات المعيشة والصحة العامة في المجتمع.

-     وقد شهدت وفيات الرضع انخفاضاً سريعاً في معظم دول العالم وذلك نتيجة توفر الأدوية والأمصال بالإضافة إلى تحسن مستوى المعيشة في بعض البلدان وارتفاع مستوى التعليم. ففي الدول المتقدمة تنخفض معدلات وفيات الرضع لمستويات منخفضة جداً لا تتعدى خمس وفيات ولا تتجاوز عشر حالات وفاة في الألف في كثير من الدول مثل ألمانيا وفرنسا والنرويج وبريطانيا وإسبانيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها وتتباين مستويات وفيات الرضع من دولة إلى أخرى داخل القارة الأوربية.

-       العوامل المرتبطة بمعدلات وفيات الرضع:

لا شك أن مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما فيها الخدمات الصحية ترتبط بمستويات الوفيات بشكل عام وبمعدلات وفيات الرضع بشكل خاص فعلى مستوى العالم وجد أن هناك ارتباطاً بين معدلات وفيات الرضع من جهة ونصيب الفرد من الدخل الإجمالي من جهة أخرى. كلما ارتفع مستوى التحضر في الدولة انخفض معدل وفيات الرضع وذلك نتيجة توفر الخدمات الصحية في المدن أكثر منه في الريف إلى جانب المميزات الأخرى التي تتمتع بها المناطق الحضرية. كما تتأثر وفيات الرضع بمستوى تعليم المرأة.

3- معدلات الوفيات وأمد الحياة

شهد العمر المتوقع (أمد الحياة) ارتفاعاً ملحوظاً خلال العقود القليلة الماضية في جميع قارات العالم وذلك بسبب السيطرة على كثير من الأمراض والأوبئة في معظم البلدان وكذلك تحسن مستوى المعيشة والصحة العامة في الدول وعلى الرغم من انخفاض الوفيات على مستوى العالم وفي كل دولة من الدول سواء كانت متقدمة أو نامية أو غنية أو فقيرة إلا أن هناك تبايناً جغرافياً واضحاً في توقع العمر على خريطة العالم. ففي عام 2000م لا يتعدى معدل الوفيات 9 حالات وفاة لكل ألف من السكان على مستوى العالم. ويرتفع أمد الحياة إلى 68 سنة للإناث في حين ينخفض قليلاً إلى 64 سنة للذكور. وتختلف مستويات أمد الحياة من إقليم إلى آخر ومن دولة إلى أخرى.

4- أسباب الوفيات: تؤثر في معدلات الوفاة مجموعة من العوامل يمكن تحديدها فيما يلي:

v    الأسباب المرَضية (الأمراض المسببة للوفاة): هي الأسباب المتعلقة بالأمراض بشكل عام سواء كانت ذات طبيعة بيولوجية كأمراض الهرم والشيخوخة أو أمراض تحدث بسبب جراثيم أو فيروسات تدخل جسم الإنسان وتسبب له المرض والمتاعب ثم الوفاة. ويمكن تقسم الأمراض إلى قسمين هما:

أ-  الأمراض الكامنة: وهي في معظمها بيولوجية ترجع إلى أسباب خلقية أو إلى تبدل سريع في الوظائف الجسمية مثل أمراض الجهاز الدموي (الأورام الخبيثة والسرطان (.

ب- الأمراض الخارجية: وهي في الغالب تكون من نتاج البيئة وتشمل الأمراض المعدية وأمراض الجهاز الهضمي وأمراض الجهاز التنفسي. ويمكن تقسيم الأمراض التي تكون مسبباتها خارجية إلى المجموعات التالية:

‌أ.      الأمراض ذات الطبيعة الاجتماعية: مثل السل وفقر الدم والنزلات الصدرية.

‌ب.  الأمراض ذات الطبيعة المهنية: مثل البلهارسيا والأمراض الصدرية.

‌ج.   الأمراض المعدية: مثل الكوليرا والتيفوس

ومن المتوقع أن يتقدم مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) على الأمراض الأخرى خلال السنوات القادمة إذا استمر انتشاره بالمعدلات السائدة في الوقت الحاضر. ولا شك أن دول الخليج العربية قطعت شوطاً كبيراً في القضاء على كثير من الأوبئة مما جعل أسباب الوفاة فيها تشابه الدول المتقدمة إلى حد كبير.

v    سوء التغذية: سواء كان اثناء فترة الحمل أم بعد الإنجاب، وهذا مرتبط بظروف الحياة العامة للأسرة وألام والمجتمع بشكل عام وفي حالات كثيرة يكون الجوع الحقيقي هو سبب الوفاة كما يحصل في بعض المناطق المنكوبة في العالم وخاصة في أفريقيا.

v    نقص العناية الصحية والوعي الصحي عند الأمهات وفي الأسر والمجتمع، فقد تؤدي بحياة الكثير من الأطفال. وقد تزداد نسبة الوفيات قبل الولادة لعدم العناية بالأمهات الحوامل وتقديم العون الطبي لهن والوعي اللازم

عن الحمل والطعام والعمل والاعتناء بأنفسهن وغير ذلك. وفي بعض المناطق توجد أمراض مستوطنة كالملا ريا

والبلهارسيا والشلل والأمراض المعدية وغيرها.

v    السكن غير الصحي واكتظاظ الأسر في بيوت صغيرة لا تمتلك المقومات الصحية ولا تدخلها الشمس وغير مزودة بشبكات الصرف الصحي أو شبكات المياه العذبة، وقد تنتقل الأمراض من بعض الحيوانات الأليفة في المدن أو المدجنة في الأرياف لعدم وجود فصل صحي بين تلك الحيوانات وأماكن السكن للبشر في حالات كثيرة في أرياف الدول النامية.

v  الحوادث والإصابات والكوارث

-       تتنوع الإصابات والحوادث المسببة للوفاة لدرجة يصعب حصرها فقد تكونت حوادث تتعلق بوسائل النقل كالسيارات والطائرات والقطارات وغيرها.

-       وقد تكون حوادث الانهيارات والحريق والتسمم بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية وترتفع نسبة الوفاة بسبب الحوادث في بعض الدول النامية بشكل ملحوظ.

-       تحتل الوفيات بسبب الحوادث في الكويت مثلا المرتبة الثالثة من بين أسباب الوفاة في عام 1996.

-       في حين تنخفض نسبة الوفاة بسبب الحوادث بأنواعها إلى 4% في الولايات المتحدة الأمريكية.

-       وتعد الحوادث بأنواعها كافة أحد الأسباب الرئيسة للوفاة في المملكة العربية السعودية خاصة حوادث السير والتي تفتك بأعداد كبيرة من الشباب إلى جانب ذلك هناك أمراض الشيخوخة

5- العوامل المؤثرة في انخفاض مستوى الوفيات

-       تحسن مستوى المعيشة (مستوى الدخل): من خلال تقدم مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتستخدم عدة معايير لقياس التباين في مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية مثل متوسط الدخل أو نصيب الفرد من اجمال الدخل أو استهلاك الفرد من الطاقة وغيرها

-       اكتشاف الأمصال والمضادات الحيوية: وتوافرها للدول الفقيرة بأسعار معقولة أومن خلال الدعم المقدم من المنظمات الدولية

-       . الخدمات الصحية: لا شك أن مستوى الخدمات الصحية يؤدي إلى انخفاض الوفيات بشكل عام ويقاس مستوى الخدمات الصحية في الدول أو المناطق الجغرافية بعدد من المؤشرات مثل عدد السكان لكل طبيب أو عدد الأطباء لكل ألف من السكان، أو عدد السكان لكل ممرض/ة ومقدار الانفاق على الخدمات الصحية.

-       وفوق هذا وذاك تأتي السياسات الصحية المناسبة لتسهم في خفض الوفيات بفاعلية من خلال تحديد الأولويات وكذلك دعم برامج التوعية والتثقف لرفع الوعي الصحي والغذائي للسكان

 

المحاضرة (03) الهجرة والتحركات السكانية والعوامل المؤثرة فيها


        تعد الهجرة جزءاً من الحركة العامة للسكان، وهي ظاهرة اجتماعية واقتصادية معقدة. تشارك فيها اسباب وعوامل متعددة، ولقد عرف العالم منذ العصور القديمة ظاهرة انتقال البشر من موطن الي موطن جديد مما عرف اصطلاحاً بالهجرة..

وعليه فكل تحركات بني البشر تدخل ضمن ما يعرف بمصطلح التحركات المكانية والتي منها الرحلات (كرحلة العمل والدراسة مثلا) والتحركات الموسمية أو المؤقتة، والهجرة الداخلية داخل الدولة نفسها وكذلك الهجرة الدولية عبر الحدود السياسية لكن الملاحظ أنه من بين هذه التحركات لا يدخل ضمن مفهوم الهجرة سوى الهجرة الداخلية والدولية.

1- تعريف الهجرة

- تعرف عملية الهجرة بأنها "عملية انتقال أو تحول أو تغير فيزيقي لفرد أو جماعة من منطقة اعتادوا الإقامة فيها إلى منطقة أخرى، أو من منطقة إلى أخرى داخل حدود بلد واحد، أو من منطقة إلى أخرى خارج حدود هذا البلد" وقد تتم هذه العملية بإرادة الفرد أو الجماعة أو بغير إرادتهم وإنما باضطرارهم إلى ذلك قسرا أو لهدف خططه المجتمع. وقد تكون عملية الانتقال والتحول في في المكان المعتاد للإقامة من منطقة إلى أخرى على نحو دائم أو مؤقت. كما تم تعريف ظاهرة الهجرة من قبل العديد من العلماء والمنظمات العالمية كالأمم المتحدة إلى جانب بعض قواميس الديموغرافيا. مثال ذلك:

- تعريف لي (E. Lee) الذي عرف الهجرة بأنها" تغيير دائم أو شبه دائم في مكان الإقامة بدون تحديد لمسافة الانتقال، سواء كان اختياريا أم اجباريا وبدون تمييز بين الهجرة الداخلية أو الخارجية.

- تعريف الهجرة كما ورد في القاموس الديموغرافي لبرسا (الديموغرافي الفرنسي) على أنها" انتقال الأفراد أو الجماعات الذي يستلزم تغييرا دائما أو شبه دائم في مكان الإقامة المعتادة "

تعريف الأمم المتحدة للهجرة: بأنها نوع من أنواع التحركات المكانية بين وحدة مكانية وأخرى يستلزم تغير مكان الإقامة"
2- أهمية دراسة الهجرة

·    الهجرة ظاهرة جغرافية لأنها تتعلق بالمكان فلا يمكن أن يعد الشخص مهاجراً إلا بعد أن يعبر حداً معيناً أو حدوداً جغرافية سواء كانت حدود مدينة أو ولاية أو إقليماً أو دولة وينبغي أن نلاحظ أن تعريف الهجرة الداخلية وتحديها يختلف من بلد لآخر فقد تكون الوحدات المكانية صغيرة جداً في بلد ما ولكنها كبيرة جداً في بلد آخر.

·    وتزداد أهمية الهجرة لأن الهجرات الاختيارية ظاهرة انتقائية أو انتخابية وليست عشوائية بعبارة أخرى فإن هناك فئات من السكان تعد أكثر ميلاً نحو الهجرة مقارنة بغيرها من الفئات.

·    كما تكمن أهمية الهجرة في كونها أحد عوامل التغير السكاني ولما لها من آثار إيجابية وسلبية على كل من مكاني الأصل والوصول وأيضا على المهاجر.

 3- أسس تصنيف الهجرات: يمكن أن تصنف الهجرة بناء على ما يلي:

أولا- على أساس المكان: (المكان الذي ينتقل إليه الفرد) وهنا تنقسم الهجرة إلى نوعين هما:

1- الهجرة الداخلية: هي الانتقالات التي يقوم بها إفراد الوطن داخل حدود الوطن نتيجة لفقر بيئتهم أو ازدحامها بالسكان أو البطالة وسوء المعيشة مثل الهجرة من الريف إلى المدن.

- كما تشير إلى عملية انتقال الأفراد والجماعات من منطقة إلى أخرى داخل المجتمع أو إلى منطقة أخرى في نفس هذا المجتمع. وتتميز الهجرة الداخلية بأنها تأخذ تيارات واتجاهات عكسية، بمعنى أن مناطق طرد السكان تجذب في نفس الوقت مهاجرين إليها، كما أن مناطق الجذب السكاني تطرد السكان إلى خارجها.

- وهذا النوع الأكثر انتشاراً وذلك للعوامل التالية:(قلة التكاليف/ عدم وجود مشكلة اللغة/ الاستعداد النفسي لها/ عدم وجود مشكلة التأشيرة).

v        وتنقسم الهجرة الداخلية إلى نوعين:

ü هجرة من إقليم إلى آخر أو من ولاية إلى أخرى داخل الدولة الواحدة وبين منطقتين يحملان نفس الصفات الثقافية والحضرية.

ü هجرة من الريف إلى الحضر، وهي من أشهر أنواع الهجرات وأوضحها. وتزداد هذه الظاهرة داخل المجتمعات كلما زادت المدن من خصائصها كمراكز جذب وكلما اتسع نطاق مراكز الصناعة الجديدة في الوقت الذي يزداد فيه سكان الريف عن حاجة العمل الزراعي الحقيقي.

v    أسباب الهجرة الداخلية: انهيار النظام الإقطاعي وتحرر الفلاحين/ التوسع الصناعي/ قيام الحكومات بتنظيم المدن/ اتخاذ المدن كمراكز إدارية وتجارية/ ازدهار المدن بحياة الترف/ ضيق الرقعة الزراعية.

v    سمات المهجرين تتلخص في:

غالبا ما يكون المهاجرين من صغار السن أما كبار السن يميلون الى الاستقرار في بيئتهم/ يكون المهاجر أميا لارتفاع نسبة الأمية في الريف/ غالبا ما يكون المهاجر ذا دخل محدود/ يتصف المهاجر بسمة التحرر.

v    المشكلات التي تعاني منها المدينة نتيجة هذه الهجرة: عدم كفاية الخدمات اللازمة لمواجهه المهاجرين/ ارتفاع التزاحم السكاني/ ظهور البطالة/ ظهور أزمة السكن/ قصور أجهزة التخطيط في المدينة/ انتشار بعض السلوكيات الشاذة والانحرافات.

v    المشكلات التي يتعرض لها المهاجر: الإحساس بالفردية/ الإحساس بالغربة / عدم استقرار المهاجر في عمله/ الإحساس ببعض المتاعب الاقتصادية

-2 الهجرة الخارجية: وهي تشير إلى انتقال عدد من أفراد المجتمع إلى مجتمع آخر طلبا للعمل أو فراراً من اضطهاد أو تطلعاً لفرص أحسن في الحياة. وتنحصر الهجرات الخارجية أو الدولية الرئيسية التي شهدها العالم في العصر الحديث فيما يلي:(الهجرة الأوربية الدولية فيما وراء البحار إلى أمريكا/ الهجرات الدولية داخل أوروبا/ الهجرات الأفريقية/ الهجرات الأسيوية).

v    أسباب الهجرة الخارجية: سوء حالة المهاجر في وطنه الأصلي/ المغامرة والطموح والسعي وراء الشهرة/ الاضطهاد السياسي/ الثورة الصناعية.

الآثار المترتبة على الهجرة الخارجية:

§    استقلال الطاقة الإنسانية بطريقة مثمرة.

§    حرمان البلاد التي يخرج منها المهاجرون من بعض رؤوس الأموال ومن الأيدي العاملة مما يؤدي إلى ضعف الإنتاج القومي.

§    استغلال العناصر النازحة في خدمة الأغراض السياسية والاستعمارية (كالتجسس).

§    من مزايا الهجرة الخارجية أن يكون المهاجر سفيرا لبلده يعمل على نشر لغاته وآرائه وأفكاره وتراثه الثقافي.

§    صعوبة التكيف الاجتماعي للمهاجر مع البيئة الجديدة (أزمة الصدام الحضاري، أزمة اصطدام النماذج الثقافية).

ثمة ملاحظة مهمة في هذا الصدد وهي: أن حكومات العالم لها أحد موقفين إزاء ظاهرة الهجرة الخارجية:

 الأول: تشجيع الهجرة إليها إذا كانت الأحوال الاقتصادية تدعو إلى ذلك دون أضرار بالمصالح الوطنية. وهذا بطبيعة الحال ما نراه متجسدا في دول مجلس التعاون الخليجي العربي، التي استدعت الحاجة للأيدي العاملة والخبرات خلال العقود الأربعة الماضية إلى فتح باب الهجرة العمالية الدولية (الخارجية) على مصراعيه لتنخرط هذه الجموع المؤلفة التي بلغ عددها حاليا حوالي 20 مليون مهاجر في مشاريع التنمية المتعددة لاستخراج الثروات الطبيعية والبدء في بناء هذه المجتمعات (مشاريع البنية التحتية وغيرها) حتى غدت منطقة الخليج العربي من بين أهم مناطق العالم استقبالا للهجرات الدولية (المؤقتة).

 الثاني: وضع القيود أمام المهاجرين لأسباب تتعلق بحماية المجتمع من اختلاط السلالات أو خشية منافسة الأيدي العاملة الأجنبية الأيدي العاملة الوطنية (هبوط وانخفاض الأجور).

ثانيا- تصنيف الهجرة على أساس الإرادة: (والمقصود إرادة القائم بالهجرة (وهي تنقسم إلى نوعين:

1- الهجرة الإرادية: وتشمل كل أنواع الهجرة الداخلية أو الخارجية التي يقوم بها الأفراد أو الجماعات بإرادتهم في التنقل من مكان أو منطقة أو بلد إلى آخر وتغيير مكان إقامتهم المعتاد دون ضغط أو إجبار رسمي.

2- الهجرة الجبرية أو القسرية: ونعني بها نقل أفراد أو جماعات من أماكن إقامتهم الأصلية إلى أماكن أخرى، أو بعبارة أخرى إجبار السلطات لبعض الأفراد والجماعات على النزوح من منطقة معينة أو إخلائها بطريقة إجبارية أو قسرية خشية حدوث كوارث طبيعية أو حروب أو فيضانات.

ثالثا- على أساس الزمن: والمقصود بها الزمن الذي تستغرقه الهجرة وهي تنقسم إلى نوعين:

1- الهجرة الدائمة: تمثل الهجرة الدائمة عملية انتقال من منطقة الإقامة المعتاد إلى منطقة أخرى وما يصاحبه من تغير كامل لكل ظروف حياة المهاجرين المقيمين الذين يتركون محل إقامتهم الأصلي نهائيا ولا يعودون إليه مرة أخرى

2- الهجرة المؤقتة: وهي تمثل الهجرة التي ينتقل فيها الأفراد أو الجماعات من منطقة إلى أخرى انتقالا مؤقتا، ومن أمثلتها الهجرة بسبب العمل خارج أو داخل البلد لفترة مؤقتة، مثل هجرة العمالة الفنية وغيرهم إلى بعض البلاد التي يتوافر فيها فرص العمل ومستويات الأجور المرتفعة. ويطلق على هذا النوع من المهاجرين اسم المهاجرين العائدين والذين يترددون بين حين وآخر على موطنهم الأصلي نظرا لارتباطهم به لأسباب اجتماعية واقتصادية.

- ويضيف بعض الباحثين نوعا ثالثا وهو الهجرة الموسمية: وهي هجرة يقوم بها البعض في مواسم معينه من السنة إلى الخارج يعدون بعد انتهاء تلك المواسم مثل هجرة المسلمين لأداء فريضة الحج.

5- عوامل الهجرة:

عندما نتحدث عن العوامل أو الدوافع أو الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الهجرة بأنواعها المختلفة ينبغي تقسيم هذه العوامل والتمييز بينها على أساس مجموعة العوامل التي تكمن في البلاد المرسلة للمهاجرين وتعرف باسم عوامل الطرد ثم مجموعة العوامل التي تكمن في البلاد المستقبلة للمهاجرين وتعرف باسم عوامل الجذب.

إذ تتمثل عوامل الطرد في الهجرة الدولية في ظروف البلاد المرسلة للمهاجرين من الناحية الجغرافية والاقتصادية والديموغرافية والسياسية بحيث كانت هجرة الأوربيين إلى أمريكا ترجع إلى زيادة السكان في أوربا وضآلة مساحة الأرض.

كما تتمثل عوامل الطرد أيضا في الهجرة الداخلية في ظروف البلاد المرسلة للمهاجرين الجغرافية والاقتصادية والديموغرافية والسياسية. إذ أدى القرب في الموقع الجغرافي بين محافظتي البحيرة والإسكندرية إلى زيادة نسبة المهاجرين من البحيرة إلى الإسكندرية. كما أدت الظروف الاقتصادية للمناطق الريفية إلى طرد السكان منها إلى مناطق أخرى هي في الغالب المناطق الحضرية والمدن الصناعية.

- حدد العالم الفرنس "لافسير"عام 1885 العوامل الأساسية في الهجرة الدولية في عاملين هما: الاتصال، وتعدد العلاقات بين البلدان المرسلة والمستقبلة للمهاجرين.

كما يعتبر العالم رافنستين أول من لفت الأنظار إلى أن الهجرة ليست ظاهرة عشوائية بل إنها ظاهرة تحكمها بعض القوانين أبرزها ما يلي: لا تهاجر الأغلبية العظمى من المهاجرين إلا مسافات قصيرة/ تتم الهجرة إلى مراكز التجارة والصناعة الكبرى على خطوات/ النساء يسيطرن عددياً في الهجرات قصيرة المسافة أي أنهن أكثر ميلاً للهجرة من الرجال/ الدوافع الاقتصادية هي أهم دوافع الهجرة/ يتجه المهاجرون لمسافات طويلة إلى مراكز التجارة والصناعة الكبرى/ سكان المدن أقل ميلا للهجرة من سكان المناطق الريفية/ كلما ارتفع مستوى التصنيع أو الصناعة ازدادت التحركات السكانية.

في يري لي ان الهجرة قد تحدث بسبب البحث عن فرص عمل ومستوي معاشي أفضل، وفي هذه الحالة يمثل مجتمع الوصول قوة جاذبة للمهاجرين. ويري ايضا حدوث الهجرة للتخلص من اوضاع اقتصادية او اجتماعية غير مرغوب فيها، وفي هذه الحالة منطقة الاصل قوة طاردة. ويري لي ان في كل منطقة عوامل طرد وعوامل جذب وعوامل محايدة، اضافة الي عوامل شخصية تحدد استجابة الافراد الي عوامل الطرد والجذب في مكاني الاصل والوصول.

وتنحصر عوامل الجذب للمهاجرين الدوليين في ظروف البلاد المستقبلة لهم من الناحية الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية والسياسية أيضا. إذ أدت عوامل الجذب الجغرافية في الولايات المتحدة من حيث مساحات الأرض الواسعة وخصوبتها وثرواتها التعدينية إلى أن يغادر الأوربيون قارتهم إلى الأمريكتين رغم أن مستوى المعيشة في بلادهم لم يكن منخفضا بدرجة تدفعهم إلى الهجرة. وأدت عوامل الجذب السياسية بالألمان إلى ترك بلادهم إلى الولايات المتحدة.

وتنحصر عوامل الجذب للمهاجرين داخليا من منطقة لأخرى في ظروف البلاد المستقبلة لهم من الناحية الجغرافية والاقتصادية والسياسية أيضا.

وتدفع عوامل الجذب الاقتصادية في أحد المناطق مثل توفر مشروعات العمل وفرص العمل والدخل المرتفع والتعليم والسكن الملائم إلى الهجرة الداخلية إليها من مناطق أخرى.

 

المحاضرة (04) الآثار الديمغرافية والاجتماعية لتنقل السكان

1- التحرك الجغرافي للسكان (الهجرة):

 الهجرة تعني انتقال إنسان من موطنه أو بيئته المحلية إلى وطن آخر وبيئة أخرى للارتزاق ومن أسباب الهجرة ظروف اجتماعية واقتصادية أو دينية أو سياسية أو معيشية

- وتعتمد الهجرة على عمليتين أساسيتين نطلق عليهما ميكانيزمات الهجرة وهما: عمليات الطرد والجذب

- ويمكن أن نستخلص من تعريفات الهجرة تشير إلى وجود أنواع متباينة من الهجرة فقد تصنف الهجرة على أساس المكان الذي يتم الانتقال إليه حيث نقف على الهجرة الداخلية والهجرة الخارجية وتصنف الهجرة على حسب القائمين بها هجرة إرادية وهجرة قسرية (اضطرارية).

2- حجم الهجرة وخصائص المهاجرين:

-  يساعد حصر عدد المهاجرين سنوياً في التعرف على حجم الهجرة وتفيد مقارنة هذا الحجم بحجم الهجرة في سنوات أخرى في التعرف على الزيادة أو النقص أو في تعقب اتجاه التغير في حجم الهجرة.

 - ومن المتوقع أن يكون للمهاجرين بعض الخصائص النوعية والعمرية والتعليمية والمهنية والطبيعية وغيرها تلك التي تميزهم من غير المهاجرين.

يغلب على الهجرة في معظم البلدان بعضا من الملامح والاتجاهات التالية:

ü   من الملاحظ أن تتجه الهجرة من المناطق الريفية والمدن الصغيرة إلى المدن الكبيرة.

ü   من المتوقع أن تتجه الهجرة من المناطق والأقاليم التي تعاني من الركود الاقتصادي إلى المناطق التي تشهد ازدهاراً ونمواً اقتصادياً.

ü   تتجه الهجرة من الأقاليم التي يزداد بها التمييز الاجتماعي والعنصري إلى المناطق التي ينخفض بها التمييز.

ü   تتجه الهجرة من المناطق المتخلفة ثقافياً وحضارياً إلى المناطق الغنية بملامحها الثقافية والحضارية.

بشكل عام، يشير كينغزلي ديفيس الديموغرافي الأمريكي المعروف إلى أن الهجرة بين الدول ستستمر ما دام التفاوت التقني والاقتصادي فيما بينها موجودا. ولهذا الوضع ما يؤيده من شواهد وحالات لتيارات الهجرة الدولية الرئيسة إلى أمريكا الشمالية وغرب أوروبا وأستراليا.

2- الآثار الديمغرافية والاجتماعية لتنقل السكان: تعد الهجرة ظاهرة انتقائية، اذ ان مجموعات سكانية ذات خصائص ديمغرافية واقتصادية وثقافية معينة، هي التي تستجيب لعوامل الجذب والطرد في مكاني الاصل والوصول، ومن الطبيعي ان تؤثر حركة المهاجرين بخصائصهم المختلفة على المجتمع الجديد، وعلى المجتمع الاصل ايجاباً في بعض الاحيان وسلباً احيان اخري، ويمكن تحديد اهم الآثار الهجرة في مكان الاصل ومكان الوصول فيما يأتي:

1- الآثار الديمغرافية: تؤثر الهجرة ديموغرافياً على حجم السكان والتركيب العمري والنوعي ومستويات الخصوبة.

v    تأثير الهجرة على التغيرات في حجم السكان (في مكاني الأصل والوصول:) أي ان الهجرة تساهم في زيادة السكان) مكان الوصول)، ونقصان السكان) مكان الاصل)، مثلاً الهجرة الدولية اسهمت في زيادة عدد سكان العالم الجديد) الولايات المتحدة وكندا واستراليا (بينما تأثرت ايرلندا سلبياً) نمو السكان (بعامل الهجرة عندما غادرها الكثير من السكان الي الولايات المتحدة في بداية القرن التاسع عشر.

v     تأثير الهجرة على التركيب العمري والنوعي: لوحظ ان معظم المهاجرين من الذكور القادرين على العمل الامر الذي يؤدي الي زيادة نسبتهم في البلاد المستقبلة وانخفاض نسبتهم في البلاد المرسلة. مثلاً تزايد عدد الذكور عن الاناث في دول الإمارات) دولة مستقبلة (بينما تنخفض في سوريا) دولة مرسلة) وكذلك انخفاض نسبة الاطفال في دولة الامارات وارتفاعها في سوريا.

v     يظهر أثر الهجرة الداخلية في التركيب العمري والنوعي عند المقارنة بين سكان الريف والحضر حيث ترتفع نسبة الذكور في المجتمعات الحضرية وتفوق نسبة الاناث، لان نسبة المهاجرين من بين الذكور تفوق نسبة المهاجرين من بين الاناث. وترتفع نسبة الشباب) الفئة العمرية 15-39(  في الحضر عنها في القري .

v     أثر الهجرة على الخصوبة: تؤثر الهجرة على معدلات الخصوبة اذ ان غالبية النساء يهاجرن وهن في سن الانجاب. واتضح من خلال بعض الدراسات ان النساء المهاجرات من الريف ينجبن عددا اقل من الاطفال مقارنة بالنساء غير المهاجرات.

2- الآثار الاقتصادية: تلعب الهجرة دوراً هاماً في نمو الاقتصاد وزيادة الدخل) انتقال رؤوس الاموال من دول المهجر الي الوطن الاصلي (والثروة وتخفيف البطالة في اماكن الاصلوقد نتج عن الهجرة الدولية الي الامريكيتين واستراليا تغيراً في معالم اقتصاد تلك الدول) معظم المهاجرين من الشباب المتعلمين القادرين على العمل (

v    يظهر الاثر الاقتصادي للهجرة الداخلية) الريف الي المدن (حيث يرتفع مستوي المعيشة في بعض المناطق الريفية بسبب تحويلات المهاجرين، كما تقلل من الضغط على الخدمات المحلية وهي اصلاً فقيرة، وتقلل البطالة الظاهرة والمقنعة التي يعاني منها كثير من شباب الريف.

v    تؤثر الهجرة إيجابياً وسلباً في مناطق الأصل من عدة جوانب: تخفيف حدة البطالة/ رفع مستوى الإنتاجية/ رفع مستوى المعيشة من خلال العون والمساعدات النقدية والعينية التي يرسلها المهاجرون إلى أقاربهم في مناطق الأصل/ استنزاف الأيدي العاملة من بين الشباب والمتعلمين/ إهمال الزراعة في بعض الأرياف/ تسهم الهجرة في تخفيف حدة التباين في مستويات الدخل بين المناطق العاملة ومن ثم زيادة التوازن في مستويات الدخل.

v    تؤدي الهجرة إلى توافر الأيدي العاملة للعمل في الصناعة والتجارة مما يسهم في ازدهار الصناعات وتقدمها في بلد الوصول.

3- الآثار الاجتماعية: تتمثل آثار الهجرة الاجتماعية في:

ü   التكيف الاجتماعي: على المهاجر (بثقافته وغالباً ما تكون ثقافة ريفية (التكيف مع مجتمع جديد.

ü الاكتظاظ السكاني في المدن: إن من أبرز آثار الهجرة في الدول النامية بشكل عام وفي الدول العربية بشكل خاص هو إسهامها في نمو المدن وتزايد أعدادها إلى جانب ظهور المدن المليونية. وزيادة الهيمنة الحضرية لعدد محدود من المدن العملاقة بأحجامها الكبيرة.

ü يؤدي تدفق المهاجرين إلى المدن بأعداد هائلة فوق طاقة استيعابها إلى انتشار بعض مظاهر انحراف السلوك وارتفاع معدلات الجريمة كالسرقات وغيرها.

ü تفشي كثير من المشكلات الاجتماعية مثل الفقر والمرض وزيادة اعداد الاطفال المشردين

ü صعوبة الانصهار في المجتمعات الجديدة (اللغة والعادات والدين وغيرها (مما يجعل المهاجر احيانا يعيش في عزلة حضارية ونجد ذلك في الهجرة الدولية.

ü  ظهور النزاعات العنصرية داخل المجتمع مثلاً في الولايات المتحدة وجنوب افريقيا (بين البيض والسود)، وبين المهاجرين الالمان والايطاليين في جنوب البرازيل، وبين المهاجرين الفرنسيين والانجليز في كندا.

ü من الآثار المعروفة للهجرة سواء الداخلية أو الدولية أنها تؤدي إلى نشر الأفكار والمخترعات بل والأمراض فكثير من المهاجرين يحضرون بعض الهدايا والمخترعات الجديدة عند زيارتهم لأقاربهم في مكان الأصل. فالهجرة إذا سلاح ذو حدين.

3- نتائج الهجرة: تؤثر الهجرة في مكاني الأصل والوصول وفي المهاجر نفسه وقد تكون نتائجها إيجابية بعض الأحيان ولكن يمكن أن تكون سلبية في الأحيان الأخرى. باختصار يمكن إيجاز النتائج فيما يلي:

أ- نتائج الهجرة الدولية: سواء في البلاد المرسلة أو المستقبلة وتنحصر في:

-الآثار الاقتصادية في البلاد المستقبلة وتتمثل في زيادة استثمار الموارد الطبيعية واكتساب أيدي عاملة جديدة حيث أن المهاجرين اغلبهم من الذكور في سن العمل.

-الآثار على تركيب السكان وتتلخص هذه الآثار في النوع والعمر وبالتالي من حيث الخصوبة والزواج حيث يلاحظ زيادة نسبة الذكور وارتفاع نسبة متوسطي العمر.

ب- نتائج الهجرة الداخلية:

v   ينقص حجم العمالة في الريف نتيجة لموجات الهجرة الى المدن ويرتفع اجر العامل الزراعي.

v  يتركز العمال في المدن والانتاج الصناعي وهي احدى فروع الانتاج العديدة نتيجة لموجات الهجرة المتزايدة من الريف الى الحضر مما يترتب عليه اختلال التوازن بين مختلف فروع الانتاج والخدمات وعدم التناسق بين القوى التي تعمل على تطوير المجتمع.

v   ادت زيادة الكثافة السكانية في المدن نتيجة للهجرة الداخلية الى ظهور كثير من المشاكل التي يمكن حصرها في مشاكل الاسكان والمواصلات والصحة العامة والترفيه ومؤسسات الخدمة العامة.

v  ترتب على زيادة السكان في المدن نتيجة لتيارات الهجرة انتشار كثير من مظاهر السلوك المنحرف وارتفاع معدلات الجرائم على اختلاف انماطها.

v   أدت الهجرة الداخلية من الريف الى الحضر الى تفكك الروابط الاجتماعية للفرد بينه وبين مختلف الجماعات التي يرتبط بها ارتباطا قرابيا وفي مقدمتها الاسرة الممتدة وأسرة التوجيه.

v  زيادة الاهتمام بالمدينة أدى إلى تخلف المجتمعات الريفية عن الحضرية.