إن الارتباط الوثيق بين  الانثروبولوجيا و الحركة الاستعمارية خاصة الاوروبية والأمريكية التي استخدمتها كوسيلة للسيطرة على الشعوب والتوسع عبر دول العالم الثالث واعتبارها مستعمرات لها وذلك من خلال الدراسات الانثربولوجية التي كانت تجرى حولها وحياتها وطرق عيشها وأساليب تفكيرها وثقافتها وكل شيء متعلق بها وبمواردها ليسهل اختراقها وتنفيذ مشاريعها وسياساتها الاستعمارية باعتبارها مشروع استعماري او كما تم اصطلاحها " عسكرة الانثروبولوجيا" الذي اعتمده الجيش الامريكي على سبيل المثال في حروب العراق وأفغنستان تحت  ما يسمى اقحام علماء الانثربولوجيا في ميدان الحروب والنزاعات وكما يقول جيرار لكلرك في كتابه: " الانثروبولوجيا والاستعمار" :" إن موقف الانثربولوجيا الاستعماري لم يتوضح بالفعل إلا بعد أن بدأت مرحلة إنهاء الاستعمار في العالم الثالث....وبعد تحليل تاريخي للخطاب الانثربولوجي الذي اقتصر على افريقيا بما له من دلالة علمية وانطلاقا من الحدث الأساسي الذي شكله الاستعمار بالنسبة له يمكن القول أن الامبريالية الاستعمارية المعاصرة تتوافق زمنيا مع الانثربولوجيا المعاصرة فكلتاهما تعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر............." 

ومنه تشكلت اتجاهات مختلفة نحو هذا العلم خاصة الشعوب التي تعرضت للأطماع الاستعمارية وحسب الدكتور "خواجة عبد العزيز بن محمد" الذي حدد المواقف في ثلاث مراحل متدرجة والمتمثلة في:

المرحلة الأولى- الرفض: هناك من الدول من رفضت تدريس هذا العلم في مناهجها في بدايته باعتباره أداة استعمارية والتشكيك في كونه علم.

المرحلة الثانية- التقبل التدريجي:  وجدت أنه من الضروري التركيز على الجانب العلمي لهذا العلم والتغاضي عن أبعاده الايديولوجية واعتبار تلك المرحلة السابقة من توظيفه من قبل الاستعمار مرحلة تاريخية يمكن تجاوزها.

المرحلة الثالثة- التسليم به والاعتراف به: بعد التراكمية الذي تميز بها هذا العلم نتيجة تنوع الدراسات والأبحاث فيه واعتبار المراحل المختلفة تراكما لا يجب إغفاله، كان لا بد بالاعتراف به لضرورته العلمية واعتماد تدريسه في كل جامعات العالم، رغم كون الدول المتطورة مازالت تستفيد منه إلى اليوم للتحكم في الشعوب الضعيفة خاصة في عملية التسويق والتكنولوجيا.