مدخل للأنثروبولوجيا

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: انثروبولوجيا اجتماعية وثقافية
كتاب: مدخل للأنثروبولوجيا
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Sunday، 25 August 2024، 2:44 PM

من خلال تقديم هذه المحاضرة سيتمكن الطالب من ايجاد أجوبة للتساؤلات الآتية:

- ما الذي تعنيه الانثربولوجيا من حيث الاشتقاق والاصطلاح ؟

- ما طبيعتها؟

- بماذا تمتاز به الانثروبولوجيا ؟

- إلى ماذا تهدف الانثروبولوجيا؟

- وكيف كان موقف دول العالم منها؟

وهذه التساؤلات تجيب عن الأهداف العامة من هذه المحاضرة والمتمثلة في:

- التعرف على مفهوم علم الانثربولوجيا بتحديد بعض التعاريف لها.

- معرفة طبيعة المصطلح وكيفية استخدامه لدى الشعوب وبالتالي تحديد طبيعة علم الانتثربولوجيا.

- تحديد خصائص الانثربولوجيا واكتشاف أهدافها التي تسعى إلى تحقيقها من خلال البحوث والدراسات الانثربولوجية. 

- تحديد موقف دول العالم من هذا العلم عند ظهوره في بداياته مع الحركة الاستعمارية.

يعد علم الانثروبولوجيا من العلوم الشمولية في دراستها للإنسان لها مميزات وخصائص عن غيرها وتسعى لمجموعة من الاهداف التي لخصها الباحثين في مجموعة ، كما ان هذا العلم تطور بالتدريج عبر مراحل تاريخية وفي كل مرحلة تميز ت بخصائص وهذا ما يتم عرضه من خلال العناصر الاتية:

من الناحية اللغوية يشتق مصطلح الانثروبولوجيا  Anthropology 

من كلمة انجليزية من اصل يوناني مكونة من مقطعين :

 Anthropos أي الانسان وlocos  تعني علم  هو علم دراسة الانسان

تعرف من الناحية الاصطلاحية بأنها:"علم الاناسة أي العلم الذي يدرس الإنسان كمخلوق ينتمي إلى العالم الحيواني من جهة ، ومن جهة أخرى انه الوحيد من الأنواع الحيوانية كلها، الذي يصنع الثقافة ويبدعها والمخلوق الذي يتميز عنها جميعا."

وهذا التعريف الذي كان شائعا عنها قبل تطور اهتماماتها ومواضيعها حول الانسان ومن التعاريف الشاملة لهذا العلم:

تعريف بيرتي ج بيلتو حيث يقول:" ان الانثربولوجيا هي دراسة الانسان وأعماله "

وتعريف الدكتورعلي مكاوي حيث يعرفها: " بأنها العلم الذي يهتم بدراسة الانسان وحضارته وجسمه ومجتمعه و وسائل الاتصال بين الشعوب وكل ما ينتجونه سواء مادة، علاقة اجتماعية ، فكرة ، ثقافة.

*مخطط توضيحي لتعريف الانثروبولوجيا:


وبعد عرض التعريف والشرح التفصيلي في المخطط له يمكن تحديد طبيعة الانثربولوجيا من خلال تحديد استخدام المصطلح لدى الشعوب كما يوضحه العنصر الموالي:

ويستخدم المصطلح بعدة مسميات :( علم الإنسان، علم الأناسة، علم دراسة الانسان) فالشعوب الناطقة باللغة الانجليزية جميعها تطلق على الانثروبولوجيا علم الانسان وأعماله فانجلترا مثلا: يطلق مصطلح على دراسة الشعوب وكياناتها الاجتماعية بالتأكيد على دراسة الشعوب البدائية.

أما أمريكا فيرى العلماء أن الانثروبولوجيا هي علم دراسة الثقافات البشرية البدائية والمعاصرة.

والشعوب غير ناطقة بالانجليزية في البلدان الأوروبية تطلق على دراسة الخصائص الجسمية للإنسان.

مثلا علماء فرنسا يعنون بالمصطلح دراسة الانسان من الناحية الطبيعية أو العضوية.

وتذهب الباحثة الانثربولوجية "مرغريت ميد" عن طبيعة الانثربولوجيا وأبعادها بقولها:" اننا نصنف الخصائص الانسانية للجنس البشري ( البيولوجية والثقافية) كأنساق مترابطة ومتغيرة وذلك عن طريق نماذج ومقاييس ومناهج متطورة، كما تهتم بوصف النظم الاجتماعية والتكنولوجية وتحليلها، بالإضافة إلى البحث في الادراك العقلي للانسان وابتكاراته ومعتقداته ووسائل اتصالاته ...."

ومنه فطبيعة الانثروبولوجيا تتحدد من خلال دراستها لركيزتين أساسيتين للانسان:

*       تجمع الانثروبولوجيا في علم واحد الجوانب البيولوجية والاجتماعية والثقافية للإنسان ومن ثم فهي اشمل من باقي العلوم لأنها تدرس كل ما يتعلق بالإنسان.

*       كان الفضل للانثربولوجيا بشكل كبير في تطوير مفهوم الثقافة الذي لم يكن معروفا ومضبوطا من قبل.

*       تعتمد الانثروبولوجيا على الدراسات الحقلية أو الميدانية فهي تجريبية تعتمد على معايشة الواقع ،وتقوم بالوصف والمقارنة .

*       تتميز الانثروبولوجيا أيضا بأنها تشارك العلوم الأخرى اهتماماتها ومواضيعها،حيث نجد  أن الكثير من التخصصات الأخرى تحتاج أثناء دراساتها المختلفة لمساندة الباحثين الانثروبولوجيين.

*       تهتم الانثروبولوجيا بدراسة الحياة البدائية والحياة المعاصرة للإنسان أي تهتم بالحاضر والماضي وتسعى للتنبؤ بمستقبل الإنسان معتمدة في ذلك على تطوره عبر التاريخ الإنساني الطويل.

*       تهتم الانثروبولوجيا بدراسة الإنسان ككائن اجتماعي وليس ككائن وحيد بذاته.

***مخطط توضيحي لخصائص الانثروبولوجيا:

بعد عرض الخصائص نجد ان الانثروبولوجيا تسعى الى مجموعة من الاهداف من خلال البحث الحقلي والمتمثلة في:

يهدف البحث الانثروبولوجي للوصول إلى تحقيق العمليات الاتية:

·       الوصف: ويعني تقديم وصفا دقيقا وشاملا لمظاهر الحياة البشرية من خلال طرق العيش والتفكير وطبيعة الاتصال والثقافة وغيرها من المظاهر المادية من انماط البناء الوسائل والمظاهر المعنوية من وصف السلوك وطبيعة الشخصيات وغيرها.

ما الهدف من التصنيف ؟ وذلك من اجل الوصول الى:

·       التصنيف والترتيب: تصنيف مظاهر الحياة البشرية بعد دراستها دراسة واقعية من اجل الوصول الى انماط انسانية عاملة في سياق الترتيب التطور الحضاري العام للإنسان والحضارات مثل تصنيف الحضارات وترتيبها والأجناس عبر العصور مثل ما فعل العلم لينو عام 1750م ،الذي يعد اول من حاول ان يصنف الاجناس البشرية المختلفة الى اربع مجموعات ( الاوروبيين البيض، الاسيويين الصفر، الامريكيين الحمر، الافريقيين السود ). لماذا هذا الخطوة ؟ وذلك من اجل:

·       تحديد اصول التغير التي تحدث للإنسان وأسباب هذا التغير وعملياته وقوانينه التي تحكمه والوصول الى تفسيرات له من خلال الدراسات الحقلية لماضي الانسان وحاضره وذلك من اجل:

·       استنتاج المؤشرات والتوقعات لاتجاه التغير المحتمل في الظواهر الانسانية التي تم دراستها ، وبالتالي فهي تسعى للتنبؤ بها مستقبلا.

 مخطط توضيحي لأهداف البحث الانثروبولوجي:

إن الارتباط الوثيق بين  الانثروبولوجيا و الحركة الاستعمارية خاصة الاوروبية والأمريكية التي استخدمتها كوسيلة للسيطرة على الشعوب والتوسع عبر دول العالم الثالث واعتبارها مستعمرات لها وذلك من خلال الدراسات الانثربولوجية التي كانت تجرى حولها وحياتها وطرق عيشها وأساليب تفكيرها وثقافتها وكل شيء متعلق بها وبمواردها ليسهل اختراقها وتنفيذ مشاريعها وسياساتها الاستعمارية باعتبارها مشروع استعماري او كما تم اصطلاحها " عسكرة الانثروبولوجيا" الذي اعتمده الجيش الامريكي على سبيل المثال في حروب العراق وأفغنستان تحت  ما يسمى اقحام علماء الانثربولوجيا في ميدان الحروب والنزاعات وكما يقول جيرار لكلرك في كتابه: " الانثروبولوجيا والاستعمار" :" إن موقف الانثربولوجيا الاستعماري لم يتوضح بالفعل إلا بعد أن بدأت مرحلة إنهاء الاستعمار في العالم الثالث....وبعد تحليل تاريخي للخطاب الانثربولوجي الذي اقتصر على افريقيا بما له من دلالة علمية وانطلاقا من الحدث الأساسي الذي شكله الاستعمار بالنسبة له يمكن القول أن الامبريالية الاستعمارية المعاصرة تتوافق زمنيا مع الانثربولوجيا المعاصرة فكلتاهما تعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر............." 

ومنه تشكلت اتجاهات مختلفة نحو هذا العلم خاصة الشعوب التي تعرضت للأطماع الاستعمارية وحسب الدكتور "خواجة عبد العزيز بن محمد" الذي حدد المواقف في ثلاث مراحل متدرجة والمتمثلة في:

المرحلة الأولى- الرفض: هناك من الدول من رفضت تدريس هذا العلم في مناهجها في بدايته باعتباره أداة استعمارية والتشكيك في كونه علم.

المرحلة الثانية- التقبل التدريجي:  وجدت أنه من الضروري التركيز على الجانب العلمي لهذا العلم والتغاضي عن أبعاده الايديولوجية واعتبار تلك المرحلة السابقة من توظيفه من قبل الاستعمار مرحلة تاريخية يمكن تجاوزها.

المرحلة الثالثة- التسليم به والاعتراف به: بعد التراكمية الذي تميز بها هذا العلم نتيجة تنوع الدراسات والأبحاث فيه واعتبار المراحل المختلفة تراكما لا يجب إغفاله، كان لا بد بالاعتراف به لضرورته العلمية واعتماد تدريسه في كل جامعات العالم، رغم كون الدول المتطورة مازالت تستفيد منه إلى اليوم للتحكم في الشعوب الضعيفة خاصة في عملية التسويق والتكنولوجيا.