ملخص المحاضرة الأولى: المدينة عند ماكس فيبر
بربط هذا المفهوم بنظريته حول العصرنة أو الحداثة (La Modernité)

    بصدد حديثه عن المجتمع المحلي الحضري وجد فيبر أن ما قدم قبله من تفسيرات كانت عبارة عن تصورات جزئية للمدينة، فالمدينة بالمعني الاقتصادي أو بمعني كحامية عسكرية أو كجهاز إداري سياسي لا تكون مجتمعاً حضرياً كاملاً إلا إذا كانت يمثل نوعاً من السيطرة أو غلبة للعلاقات التجارية.
    ولهذا كان هدفه وضع تصور لنموذج شامل وموجز، والذي من شأنه أن يحدد العناصر الأساسية التي تشكل المدينة. وبعد النظر في مجموعة متنوعة من الخصائص تم العثور على أن المدن مترابطة تاريخيا، وصل إلى الصيغة التالية:
    يشكل المجتمع الحضري الكامل تسوية يجب أن تعرض الغلبة النسبية لعلاقات التبادل التجاري مع التسوية ككل عرض الميزات التالية:
1. تحصينات.
2. السوق.
3. محكمة من تلقاء نفسها، وعلى الأقل مستقلة جزئيا القانون؛
4. بأحد أشكال تكوين الجمعيات؛
5. الحكم الذاتي الجزئي على الأقل،
وبالتالي أيضا إدارة من قبل السلطات البرجوازية التي شاركت في الانتخابات. في حين أن بعض من هذه المعايير، مثل وجود سوق والتنظيم البلدي، تبدو من المناسب تماما لبناء نموذج عام، ولكن كمعيار إغناء يبدو عفا عليه الزمن.
    ومن ثم ففي نموذجه، قدم فيبر المدينة مزيج من القلعة والسوق بشكل منهجي بمكونات متشابكة، من المجتمع الحضري الكامل. وبهذا المعنى فيبر أدرج فكرة تحصين في نموذجه. الى جانب أن وسط المدينة يمكن أن يكون بالتناوب كسوق أو كمجال للعمل. وبالعبارة الخاصة لفيبر، "القلعة ذات الطابع السياسي والموجه نحو السوق من الناحية الاقتصادية... في كثير من الأحيان تقف في ثنائية بجانب بعضها بعضا ".
    يترتب على ذلك أن التسوية التي تتشكل يجب أن تكون واعية. وبسبب هذا نظر فيبر إلى تضمين المعيار الثالث والرابع ( "محكمة من تلقاء نفسها وقانون الحكم الذاتي على الأقل جزئيا") والمعيار الخامس (السياسي أو على الأقل التوجيه الذاتي يكون جزئيا) في قائمته. لأنه في مجال وضع السياسات أو إدارة الإيرادات والنفقات، فضلا عن تنظيم الظروف التي يتم فيها تنفيذ الإنتاج والتبادل في السوق، بموجبها من وكلاء المدينة، والتي تشكل ما يعترف عادة "بالسلطة الحضرية"، ومن ثم أي مفهوم للمدينة يجب أن يأخذ هذا في الاعتبار.
    المعيار المتبقي للنظر، هو "الشكل المتعلق بتكوين الجمعيات،" وهو متصل بالمكونات الأخرى لتعريف فيبر. ما كان يبحث عنه هنا هو عناصر التنظيم الاجتماعي التي تتميز بها المدينة. وأعرب عن اعتقاده بأن ظهور طبقة ساكنة كبيرة، وهي قوية سياسيا ومتميزة، المواطنين، والتجار، وغيرها من الشرائح السكانية التي كانت قادرة على إدراك مصالحها واتخاذ الإجراءات اللازمة، كان سمة هذه المجتمعات الحضرية صحيح. فتشكيل التجار والحرفيين وما إلى ذلك من "المنظمات الحضرية"، مثل النقابات، هو مثال واحد من هذا الشكل الحضري المميز من المجتمع.
    ونخلص الى أن فيبر عرف المدينة في ضوء الترتيبات الاجتماعية التي تسمح بالتطور الكامل للقدرات الفردية والتجديد الاجتماعي. وكل ذلك من خلال بعدين أساسيين هما: البعد الاقتصادي، باعتبار المدينة وحدة اقتصادية، تنتج وتسلع، تبادلات تجارية وعقارية وخدماتية، وكذلك تنتج موارد بشرية ومالية، وفق منطق عقلاني ورشيد. وبعد سياسي، باعتبار أن المدينة وحدة سياسية، توجد في تفاعل دائم مع الجانب الاقتصادي من خلال تنظيم التبادل والإنتاج، وهي من هذا المنطلق تتوفر على استقلالية ترابية وإدارية. في ظل التنافس على السلطة بين الفاعليين السياسيين.
الكلمات المفتاحية: النموذج المثالي، التسوية، خصائص المدينة، السلطة الحضرية.