1. المبحث الأول: إيداع ملف الاعتماد ودراسته من وزارة الداخلية

1.2. المطلب الثاني: رد وزارة الداخلية على ملف طلب الاعتماد

بعد دراسة الملف خلال المدة الممنوحة لوزارة الداخلية، وهي ستين (60) يوما، يمكن أن نتصور رد الوزارة في ثلاث مواقف:

 

الفرع الأول: قبول اعتماد الحزب السياسي

   إذا ما تأكدت وزارة الداخلية من مطابقة ملف طلب الاعتماد للشروط القانونية، يسلم وزير الداخلية الاعتماد للحزب المعني وذلك بنشره لهذا الاعتماد في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية بعد تبليغه للهيئة القيادية للحزب، وهو ما يجعل هذا الحزب يكتسب الشخصية المعنوية والأهلية القانونية، وهو ما نصت عليه المادتان 31 و32 من القانون العضوي 12-04، حيث جاء في المادة 31 على أنه: «يعتمد الحزب السياسي بقرار صادر عن الوزير المكلف بالداخلية ويبلغه إلى الهيئة القيادية للحزب السياسي وينشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية». كما أضافت المادة 32 من ذات القانون العضوي على أنه: «يخول الاعتماد الحزب السياسي الشخصية المعنوية والأهلية القانونية ابتداء من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية».

    لكن التساؤل الذي يطرح في هذا المقام هو لماذا أوجب القانون العضوي أن يكون النشر في هذه الحالة، حالة منح الاعتماد، لوزير الداخلية وفي الجريدة الرسمية بدلا من أن يكون النشر من الأعضاء المؤسسين وفي جرائد يومية كما كان عليه الحال في المرحلة الأولى، مرحلة التأسيس؟

   إن الإجابة الأقرب إلى المنطق بهذا الخصوص هي أن منح الاعتماد لحزب سياسي أمر مهم جدا في أي دولة، لأن علم العامة والخاصة بتأسيس حزب سياسي سيرتب آثارا هامة في التعامل معه قانونيا وواقعيا، داخليا وخارجيا. فالحزب السياسي مرآة للدولة ومدى ديمقراطيتها. كما أن النشر في الجريدة الرسمية يعد دليلا على قانونيته ووجوده، لذلك لا يعذر أي شخص، معنوي أو طبيعي، بجهل ما يرد في الجريدة الرسمية باعتباره كأنه قانون يستوجب معرفته، ولو أن الاطلاع على الجريدة الرسمية لن يكون متاحا للعامة عكس الجرائد اليومية.

الفرع الثاني: رفض اعتماد الحزب السياسي

   يحق لوزير الداخلية رفض منح الاعتماد للحزب السياسي إذا ما تأكد عدم مطابقة الملف المقدم إليه ولأحكام القانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، وذلك بموجب قرار إداري معللا تعليلا قانونيا خلال الآجال الواردة في المادة 29 من القانون العضوي ذاته، أي الستين يوما، وهذا وفقا للمادة 30 من هذا القانون العضوي التي جاء فيها: "يمنح الوزير المكلف بالداخلية الاعتماد أو يرفضه، بعد دراسة الملف المودع، وفقا لأحكام هذا القانون العضوي. ويجب أن يكون قرار الرفض معللا تعليلا قانونيا للآجال المحددة في المادة 29 أعلاه..."

    ويكون قرار الوزير المكلف بالداخلية قابلا للطعن أمام مجلس الدولة وفقا للفقرة الثانية من المادة 30 ذاتها، في أجل شهرين من تبليغ قرار الرفض طبقا للمادة 33 من القانون العضوي نفسه التي نصت على أنه: «يكون قرار رفض الاعتماد المعلل الصادر عن الوزير المكلف بالداخلية قابلا للطعن أمام مجلس الدولة من قبل الأعضاء المؤسسين خلال شهرين (2) من تاريخ تبليغه».

      وإذا ما تم قبول الطعن من مجلس الدولة، فإن هذا القبول يعد منحا للاعتماد للحزب السياسي، ويسلم الاعتماد فورا بقرار من الوزير المكلف بالداخلية ويبلغ للحزب السياسي، وهو ما يعد اعتمادا قضائيا بموجب قرار إداري، وهو ما أكدت عليه الفقرة الثانية من المادة 33 التي جاء فيها: «... يعد قبول مجلس الدولة الطعن المقدم من قبل الأعضاء المؤسسين للحزب السياسي بمثابة اعتماد. ويسلم الاعتماد فورا بقرار من الوزير المكلف بالداخلية ويبلغ للحزب السياسي المعني».

الفرع الثالث: سكوت الإدارة وعدم الرد على طلب الاعتماد

    في حالة انقضاء مدة الستين (60) يوما الممنوحة لوزارة الداخلية لدراسة ملف طلب الاعتماد، ولم يكن هناك ردا إيجابيا أو سلبيا، فإن المادة 34 من القانون العضوي 12-04 اعتبرت هذا السكوت بمثابة قبول للاعتماد، ويبلغ هذا الاعتماد للحزب السياسي ضمن شروط المادة 31 من ذات القانون العضوي أي النشر في الجريدة الرسمية.

   لكن التساؤل المطروح في هذه النقطة بالذات هو ماذا لو لم ترد الإدارة خلال الستين يوما، ولم تقم بنشر الاعتماد الممنوح ضمنيا كما أجبرتها المادة 34 من القانون العضوي 12-04؟  كيف يتصرف الحزب الذي أودع ملف الاعتماد خاصة أن ليس له قرار يطعن فيه؟ وهل يستطيع ممارسة النشاطات السياسية؟ هذه الأسئلة لم يجب عليها القانون العضــــــوي 12-04.