الحركات الاجتماعية

نظريات الحركة الإجتماعية

بالرغم من جدة التعاطي العملي مع موضوع الحركات الاجتماعية ، فقد تمكن من الباحثين من بناء نظريات قائمة الذات والسؤال للتفكير فيها وتقديم خلاصات بشأنها وفي هذا السياق يمكن التمييز بين النظريات الأربع التالية :

  • نظرية السلوك الجماعي ، وهي تعود إلي سنوات البدء في دراسة وتحليل الحركات الإجتماعية ، أي إلي سنوات الأربعينيات والخمسينات من القرن العشرين ( etiene (et al ) ) وتدين هذه النظرية بالكثير لمدرسة شيكاكو

(NEVEU ) ( 41 ، وأساسا لبارك ( PARK ) ومن بعده بلومر ، كما تدين لبعض الوظفيين من أمثال سمسلر ( SMELSER ) وبعض الباحثين القريبين من علم النفس الإجتماعي ، مثل غوك ( GURR ) وتستند في تفسيرها للحركات الإجتماعية إلي خلاصات علم النفس الإجتماعي وسيكولوجية الجماهير . وتربط هذه النظرية ميلاد الحركات الإجتماعية بحدوث مظاهرات وأشكال من الهستريا الجماعية ، حيث تنتقل العدوي الجماعية التي تجعل الفرد منساباً مع السلوك الاندفاعي ، بمعني أن الحركات الاجتماعية ، وفقاً لهذا الفهم ، تنطوي علي ردود أفعال ليست بالضرورة منطقية تماما في مواجهة ظروف غير طبيعة من التوتر الهيكلي بين المؤسسات الإجتماعية الأساسية ويؤكد أنصار هذه النظرية المسار الأنحرافي الذي قد يسير فيه الحركة الإجتماعية ، أي من الممكن أن تحتمل في مستقبلها ملامح الخطورة تماما كما هو الأمر بالنسبة إلي الحركات الفاشية في ألمانيا وإيطاليا . كما يصرون علي اعتبارها انعكسا لمجتمع مريض ، حيث لا تحتاج المجتمعات الصحية إلي حركات اجتماعية بل تتضمن أشكالاً من المشاركة السياسية والاجتماعية .

  • نظرية تعبئة الموارد ، التي تبلورت في الستينيات من القرن الفائت ارتكانا علي فهم خاص يبحث في انبناء الحركات الإجتماعية وآليات تدبيرها وتشكلها بواسطة الموراد الاقتصادية والسياسية والتواصلية ، التي تتوافر للأفراد والجماعة المنخرطة في الفعل الاحتجاجي ، بدون إغفال القدرة علي استعمال هذه الموارد . وقد ظهرت الإرهاصات الأولي لهذه النظرية في أمريكا ([1]) في سياق البحث عن إطار تحليلي للحركات الإجتماعية ، خصوصاً مع تنامي الحركات النسائية وحركات السود والمدافعين عن البيئة . ويعد أوبرشال

( Oberschal ) وغامسون ( Gamson ) وتيلي وماركاثي زالد

( M.zaid ) من ابرز منظري هذه الاتجاه ( neveu,2002:52 ) ويعتقد أصحاب هذه النظرية أن الحركات الإجتماعية هي إستجابات منطقية لمواقف وإمكانيات طرأت حديثاً في المجتمع ، وعليه لا يتوجب إعتبارها مؤشرات للإختلال الإجتماعي ، بل هي مظهر من مظاهر الفاعلية الإجتماعية ومكون بنيوي من العملية السياسية . لهذا تعير هذه النظرية جنباً كبيراً من الإهتمام للعلائق القائمة بين هذه الحركات والقضايا السياسية المثارة في النسق المجتمعي لإكتشاف جدول التأثير والتأثر بين الإحتجاجي والسياسي .

  • نظرية الحركة الإجتماعية الجديدة : لقد تم تأصيل هذه النظرية في أوربا لتبرير مجموعة من الحركات الجديدة ([2]) التي عرفتها الستينات والسبعينات من القرن الماضي كما أنها طورت مع فريق ([3]) آلان تورين في فرنسا ،والبرتو ميلوتسي ( A.melluci ) في إيطاليا ، وكلوس أوف ( C.offe) في ألمانيا ، وكريسي ( kriesi ) في سويسرا ، وكلانديرمانس

( klandermans ) وتارد رايتشمان ( T.Reichman ) وكوبمانس

( Koopmans ) وفرنانديز ( Fernandez) في أسبانيا

( Neve ,2002:66 ) وتتمثل هذه النظرية الحركات الإجتماعية كفعل اجتماعي عاكس لتناقضات المجتمع الحديث بسبب العولمة النيوليبرالية والبيروقراطية المفرطة ، كما أنها أيضا تختزن الحلول الممكنة لجميع هذه الإعطاب والتناقضات . ويتم التشديد دوما في إطار هذه النظرية علي الاختلافات القائمة بين الحركات الإجتماعية القديمة والأخرى الجديدة ، التي تؤشر علي الانتقال من الدفاع عن المصالح الطبقية إلي الدفاع عن المصالح الغير طبقية المتعلقة بالصالح الإنسانية الكونية وهو ما يعتبر ، حسب منظري هذه المقاربة ، عن أن هذه الحركات الإجتماعية الجديدة تهتم أكثر بتطوير الهوية الجماعية والمراهنة عن الطبقة المتوسطة بدلاً من الطبقة العاملة .

  • براديغم الفعل / الهوية : تعتبر هذه النظرية الحركات الإجتماعية ديناميات اجتماعية حائلة دون الركود أو الثبات الإجتماعي ؛ فهي أفعال احتجاجية تروم التغيير ومقاومة جميع إمكانيات التكريس وإعادة إنتاج القائم من الأوضاع ، وهو ما يجعل منها ممارسات ضد الهيمنة . فأنصار هذه النظرية يؤكدون أن المجتمعات البشرية سائرة علي درب الانتقال من الشكل القديم للرأسمالية الصناعية إلي مجتمع مرحلة ما بعد التصنيع القائم علي " البرمجة " حيث يسيطر التكنوقراط وتنامي عناصر الهيمنة والتوجيه . وعليه ، يلح أنصار هذه النظرية علي أن المجتمع المبرمج والموجه من جانب التكنوقراط يبخس دور الطبقة العاملة ويحد من فعاليتها في صناعة التغيير لهذا ينبغي ، وفقا لهذا البراديغم النظري فهم الحركة الإجتماعية كفعل ضد الهيمنة من أجل تحسين الهوية .

السابقالسابقالتالي التالي 
استقبالاستقبالطبع طبع  الدكتور علي شبيطة استاذ بجامعة سطيف القطب الجامعي الهضاب تم إنجازه بسيناري Scenari (نافذة جديدة)