أولا - شروط اكتساب صفة التاجر
يتضح من نص المادة الأولى أن المشرع الجزائري اشترط شرطان أساسيان لاكتساب صفة التاجر هما: احتراف الاعمال التجارية، • مباشرة الشخص لأعمال تجارية.• اتخاذها مهنة معتادة له، ويجب أن يُضاف إلى هذين الشرطين شرط ثالث يؤخذ من المواد( 4 و 5) وهو أن يكون هذا الشخص مؤهلا لممارسة التجارة، وسوف نفصل ذلك في الآتي.
01- احتراف الأعمال التجارية
احتراف الأعمال التجارية هو الشرط الجوهري الذي يكسب المحترف صفة التاجر، إذا ما كان مؤهلا لمزاولة النشاط التجاري، و نظرًا لأهمية الاحتراف في تحديد مركز الشخص من النظام القانوني للتجارة فإننا سوف نتكلم عن ما يلي: معنى الاحتراف، عناصر الحرفة التجارية، موضوع الحرفة التجارية، نهاية الاحتراف.
أ- معنى الاحتراف
استعمل المشرع الجزائري كلمة (مهنة) للتعبير عن شرط الاحتراف غير أن استعماله لهذا التعبير يعني أن الشخص يمتهن التجارة ويتخذها مصدرًا للكسب ومن ثم العيش من جراء ما يجنيه من أرباح من تلك المهنة المذكورة. ويقصد بالمهنة "ممارسة النشاط بصورة منتظمة ومستمرة وعلى سبيل الاستقلال".
ب- عناصر الحرفة
مهما كانت الآراء حول تعريف الاحتراف فالمستقر عليه فقها وقضاء أن للحرفة التجارية عناصر ثلاث هي:
-الاعتياد: وهو بمثابة العنصر المادي للحرفة و معناه تكرار القيام بالعمل التجاري من وقت لآخر، كما يمكن أن يعد الخطوة الأولى للدخول في عالم الاحتراف التجاري، والاعتياد يختلف عن الاحتراف في كون الاعتياد لا يصل ولا يرتقي إلى درجة الاستمرار والتنظيم، وعلى هذا الأساس فمن يقوم باعتياد الأعمال التجارية لا يلزم أن يكون تاجرًا، و لا يُعد القيام بالعمل التجاري العارض أو المتقطع أساسًا لاكتساب صفة التاجر، وتقرير حالة الاعتياد أو الاحتراف مسألة موضوعية يقدرها القاضي.
-القصد: وهو العنصر المعنوي للحرفة، فيجب أن يكون الاعتياد بقصد خلق حالة أو وضع معين وهو الظهور بمظهر صاحب الحرفة.
-الاستقلال في العمل التجاري :لا يكفي لاكتساب صفة التاجر أن يكون الاعتياد بقصد الظهور بمظهر صاحب الحرفة بل ينبغي أيضًا أن يقع ذلك على وجه الاستقلال، فيمارس الشخص العمل التجاري باسمه ولحسابه الخاص لا لحساب غيره، لأن التجارة تقوم على الائتمان، والائتمان ذو طبيعة شخصية، يقضي تحمل المسؤولية، وعلى ذلك فالموظفون والعمال في المحلات التجارية لا يعتبرون تجارًا لأنهم أجراء يقومون بالأعمال التجارية باسم و لحساب صاحب العمل و ينقصهم ركن الاستقلال في إدارة العمل أو المشروع وهي من مميزات صفة التاجر .
جـ- موضوع الحرفة التجارية
لا تكون الحرفة تجارية إلا إذا كان لها موضوعها عم ً لا من الأعمال التجارية التي نصت عنها المواد ( 2،3،4) من القانون التجاري الجزائري، و يجب أن يكون موضوع الحرفة التجارية عملا مشروعًا )يخدم التاجر من جهة والمجتمع من جهة أخرى. فمن يحترف تجارة ممنوعة أو مخالفة للنظام العام والآداب العامة لا يكتسب صفة التاجر إنما يُعد مخالفًا للقانون.
د-نهاية الاحتراف
ينتهي الاحتراف في الحالات الآتية: الوفاة، الاعتزال التام للتجارة، هلاك أموال التاجر، علمًا أن صفة التاجر لا تنتقل إلى الورثة، ولكن إذا استمر الورثة في مباشرة التجارة التي آلت إليهم فإنهم يكتسبوا صفة التاجر لا على أساس أنهم ورثة بل على أساس الاحتراف.
02- الأهلية التجارية
سبق و أن قلنا أنه يجب لاكتساب الشخص صفة التاجر أن يقوم بالأعمال التجارية و يتخذها مهنة معتادة له وهو ما نصت عليه المادة الأولى من القانون التجاري الجزائري. وفضلا عن ذلك يجب أن يكون مؤهلا لممارسة العمل التجاري، فإذا لم تثبت للشخص أهلية الاتجار فلا يكتسب صفة التاجر مهما كان احترافه، إذن فالأهلية شرط لاكتساب صفة التاجر.
والمقصود بالأهلية التجارية هي صلاحية الشخص لممارسة حرفة تجارية تستوجب إخضاعه للالتزامات التي يفرضها القانون على التجار، وهي مسألة لها أهمية بالغة بالنسبة للدولة التي تحصل الممارسة التجارية على إقليمها، و تختلف في ذلك الأهلية التجارية عن الأهلية المدنية التي تكون إما أهلية وجوب أو أهلية أداء، فأهلية الوجوب هي صلاحية الشخص للتمتع بالحقوق والتحمل بالالتزامات. أما أهلية الأداء فهي صلاحية الشخص لمباشرة التصرفات القانونية الصحيحة. وهي مسألة تستوجب حماية القاصر من نفسه أو من استغلال الغير له، والمشرع الجزائري لم ينص في القانون التجاري على الأهلية اللازمة كي يمارس العمل التجاري حيث ترك أحكامها إلى القواعد العامة في القانون المدني. إلا انه تعرض لأهلية القاصر المأذون له بالتجارة في المادة الخامسة من القانون التجاري الجزائري. كما تعرض أيضًا في المادتين ( 6 و 7) لأحكام خاصة بأهلية المرأة المتزوجة فيما عدا ذلك يستوجب الرجوع إلى القواعد العامة.
و قبل التفصيل في هذا الموضوع تجدر الإشارة هنا إلى أن المادة ( 50 ) من القانون المدني الجزائري قد تكلمت هي كذلك عن أهلية الشخص الاعتباري و نصت على أن يكون للشخص الاعتباري أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائه أو التي يقررها القانون. فهي أهلية محدودة بالغرض الذي أنشأت من أجله و لا يمكنها أن تتعداه أبدًا، واستنادًا إلى ما سبق سوف نتكلم عن أهلية الشخص الطبيعي.
أ – الراشدون
سبق القول أن المشرع التجاري لم ينص عن حكم يحدد فيه سن الراشد التجاري و عليه يستوجب الرجوع إلى القاعدة العامة التي وردت في المادة ( 40 ) من القانون المدني و التي حددت سن الرشد بتسعة عشر( 19 ) سنة كاملة، و لا يختلف في ذلك سن الرشد المدني عن سن الرشد التجاري، وحسب النص من بلغ التسعة عشر سنة كاملة ولكن أصيب بعارض من عوارض امتنع عليه مباشرة التجارة، ومنه فلن يكتسب صفة التاجر، والمقصود بعوارض الأهلية ما أوردته المواد ( 42 و 44 ) من القانون المدني، فتنص المادة ( 42 ) ق م ج[1][1] على ما يلي: "" لا يكون أه ً لا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون. يعتبر غير ميز من لم يبلغ السادسة عشر سنة>>. وتنص المادة ( 44 ) من نفس القانون على ما يلي: " يخضع فاقد الأهلية و ناقصها بحسب الأحوال لأحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة ضمن الشروط ووفقًا للقواعد المقررة في القانون"، يفهم مما سبق أن من بلغ سن 19 سنة كاملة دون أن تكون أهليته مصابة بعارض من العوارض التي ذكرتها المادة فإنه يستطيع ممارسة العمل التجاري و يكتسب هذه الصفة. غير أنه قد يتعطل عن اكتسابها إذا ما أصيب بعارض حينئذ تنتقل الصلاحية والتصرف والممارسة من حوزتهم. المادة ( 44 ) مدني.
ب- الممنوعون من الممارسة التجارية
الموظفون العموميون والمحامون والأطباء تنظمهم قوانين خاصة لاعتبارات تقتضيها المصلحة العامة، هؤلاء رغم بلوغهم سن الرشد إلا أنهم ممنوعون من مباشرة التجارة فإن باشروها اكتسبوا صفة التاجر وتظل أعمالهم التجارية صحيحة و تنشأ آثارها و يتحملون هذه الآثار، أما جزاء مخالفة هذا المنع فينحصر في فرض العقوبات التأديبية التي ينص عليها قانون المهنة التي يخضع لها الشخص المخالف، والهدف من ذلك يعود إلى حماية الجمهور المتعامل معهم. و على ذلك فيخضعون لأحكام القانون التجاري ويلزمون بالتزاماته.
جـ - الأجانب
استنادًا إلى نصوص القانون المدني نستنتج انه يمكن للأجنبي الموجود على مستوى تراب الجمهورية الجزائرية أن يمارس العمل التجاري إذا كان قد بلغ سن 19 سنة كاملة دون أن تصاب أهليته بعارض من العوارض، بالإضافة الى حصوله على رخصة بذلك.
د- القصر
تنص المادة الخامسة من القانون التجاري الجزائري على أنه " لا يجوز للقاصر المرشد ذكرًا أم أنثى البالغ من العمر ثمانية عشر ( 18 ) سنة كاملة والذي يريد مزاولة التجارة أن يبدأ العمليات التجارية، كما لا يمكن اعتباره راشدًا بالنسبة للتعهدات التي يبرمها عن أعمال تجارية إذا لم يكن قد حصل مسبقًا على إذن والده أو أمه أو على قرار من مجلس العائلة مصادق عليه من المحكمة فيما إذا كان والده متوفيًا أو غائبًا أو سقطت عنه سلطته الأبوية أو استحال عليه مباشرتها أو في حالة انعدام الأب والأم"، ويفهم من نص المادة ( 5) أن ممارسة العمل التجاري بالنسبة للقاصر مربوطة بشروط :
أولا: الإذن من الولي الشرعي.
ثانيًا: المصادقة على الإذن من طرف المحكمة التي يريد القاصر ممارسة العمل التجاري في إطار اختصاصها.
ثالثًا: أن يكون الإذن العائلي مرفقًا بطلب التسجيل في السجل التجاري.
هـ- المرأة المتزوجة
المشرع الجزائري سوى بين الرجل و المرأة في ممارسة العمل التجاري واكتساب صفة التاجر، فقط أن تحترف المرأة الأعمال التجارية وأن تتخذ منها مهنة معتادة لها وأن تكون مؤهلة لممارسة العمل التجاري. وقد أكدت المادة ( 8) من القانون التجاري الجزائري هذه الواقعة بقولها: << تلتزم المرأة التاجرة شخصيًا بالأعمال التي تقوم بها لحاجات تجارتها. .....>>. إلا أن المادة ( 7) نصت على أن: " لا تعتبر المرأة المتزوجة تاجرة إذا كان عملها ينحصر في البيع بالتجزئة للبضاعة التابعة لتجارة زوجها "، يفهم من ذلك أن المساعدة أو التطوع من طرف الزوجة لا يكسبها الصفة التجارية لأنها تعمل لمصلحة زوجها، إلا أن ذلك لا يمنع من اكتساب صفة العاملة و تخضع في ذلك لأحكام قانون العمل وتتمتع بكافة الحقوق التي يرتبها هذا القانون.
و- طرق أخرى لاكتساب صفة التاجر دون احتراف العمل التجاري
يمكن طرح السؤال التالي، هل هناك طريق آخر يكتسب به الشخص التاجر غير الطريق المحددة في نص المادة الأولى وهو احتراف الأعمال التجارية ؟.
بالفعل لقد أضاف القانون التجاري الجزائري طريق آخر يمكن به الشخص أن يكتسب صفة التاجر حتى ولو لم يمتهن الأعمال التجارية استنادا للمادة الأولى منه، ذلك أنه برجوعنا إلى نص المادة 21 من القانون التجاري الجزائري التي تنص على أنه:» كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري يعد مكتسبا صفة التاجر إزاء القوانين المعمول بها، ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه الصفة«.
معنى ذلك أن الطريقة الثانية لاكتساب صفة التاجر هو الحصول على السجل التجاري (القيد في السجل التجاري) حتى ولو لم يكن هذا الشخص يمتهن الأعمال التجارية، ويعتبر في نظر القانون مكتسب صفة التاجر خاصة بعد نص المادة حيث أصبح القيد في السجل التجاري قرينة قاطعة اكتساب صفة التاجر لا تقبل إثبات العكس.