ماهية العقد
المواد من 54 إلى 123 من القانون المدني.
مما لا يختلف عليه اثنان أن العقد هو رابطة بين طرفين أو أكثر بتراض منهما لتحقيق غرض معين يتفقان عليه ولكن هذا لا يعتبر إلا مفهوم بمنظار عام للعقد إذ لا يمكنه أن يفسر القوة الإلزامية التي تنشاها العقود بل وتفرض احترامها على طرفيه حيث يلتزم المدين بقضاء التزامه أو حتى أن يضمن حقوق الدائن أو يكيف العقود و من هنا فرضت أهمية البحث عن تصميم مفهوم شامل للعقود و تحديد جوانبه وتصنيف أنواعه، و عليه فما هو المفهوم الأصوب والأشمل للعقد وما هي أقسامه
أولا- تعريف العقد:
العقد هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين، سواء كان هذا الأثر هو إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهاءه. ومن خلال هذا التعريف يتبين أن العقد يقوم على أمرين رئيسيين هما:
1-العقد توافق إرادتين أو أكثر: فالالتزام العقدي لا ينشأ الا عن إرادتين متطابقتين فأكثر ، بحيث تعجز الإرادة الواحدة والمنفردة عن إنشاء العقد، وعليه العقد تصرف قانوني صادر عن جانبين.
2-الغرض من العقد هو إنشاء الالتزام او تعديله أو نقله أو إلغائه، أي يتمخض على إنشاء علاقة قانونية ملزمة، بحيث لا يكفي توافق الإرادتين لقيام العقد بل لابد أن تتجه الإرادتين إلى إحداث أثار قانونية،، وبالمقابل إذا لم تتجه الإرادة إلى ذلك فلا تكون بصدد عقد بالمعنى القانوني كما هو الحال عند توافق الإرادتين على حضور وليمة غداء...
تعرّف المادة 54 من القانون المدني الجزائري العقد بأنه: "اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص نحو شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح أو فعل أو عدم فعل شيء ما". |
ما نلاحظه على هذا التعريف :
- المشرع يميز بين العقد و الاتفاق: فيجعل دور العقد مقصورا فقط على انشاء الالتزام دون تعديله أو نقله أو انهائه، كما هو الحال بالنسبة للاتفاق.
- المشرع من خلال نص المادة 54 لا يعرف العقد وإنما يعرف الالتزام من خلال أحد مصادره وهو العقد.
-استعمل المشرع مصطلحات " منح و فعل أو عدم فعل شيء ما" وهي مصطلحات تقليدية لا تبرز بدقة جوهر مضمون الالتزام، مما ترتب عليه سوء في صياغة نص المادة 54.
ثانيا- مجال العقد
يتحدد مجال العقد بالاتفاقات المنشئة للالتزامات بين أشخاص القانون الخاص، فتخرج من مجاله الاتفاقات المتعلقة بفروع القانون العام كالمعاهدة وهي اتفاق بين دولة ودولة أخرى وتحكمها قواعد القانون الدولي، والنيابة وهي اتفاق بين النائب وناخبيه وتحكمها قواعد القانون الدستوري. وتخرج كذلك من مجال العقد الاتفاقات التي تبرمها الدولة باعتبارها صاحبة سلطة تمثل المصلحة العامة مع الأفراد، فهذه العقود الإدارية تخرج من مجال نظرية العقد وتخضع للقانون والقضاء الإداريين.
غير أنه حتى في مجال القانون الخاص تقتصر منطقة العقد على الاتفاقات المتعلقة بالذمة المالية، فنستبعد من مجاله الاتفاقات المتعلقة بروابط الأحوال الشخصية كالزواج، لأن الزواج ولو أنه، اتفاق بين الزوجين، إلاّ أن القانون وحده هو الذي يحدد آثاره، ولذا لا يعتبر عقداً بالمعنى الصحيح.