الزمن الجيولوجي الرابع

     قام علماء الجيولوجيا بدراسة الأرض ونشأتها وتقسيم العصور الجيولوجية التي مرت بها الأرض إلى عدة مراحل، وكان ذلك بالاعتماد على التغيرات الكبرى في العوامل المناخية والباليونتولوجية (اختفاء وظهور كائنات حية جديدة)، وذلك جراء الظواهر الطبيعية المهمة التي عرفتها الأرض منذ الأزمنة الجيولوجية الأولى.

      لقد أجمع الجيولوجيون على تقسيم عمر الأرض إلى أربعة أزمنة، كل زمن منها ينقسم بدوره إلى عدة عصور، ويمتاز كل زمن وكل عصر بمجموعة من الطبقات الصخرية وبحياة حيوانية ونباتية تختص به وتميزه عن غيره، وتم تقسيم عمر الأرض إلى أربعة حقب زمنية رئيسية كبيرة وكل حقبة تشتمل على عدة عصور وكل عصر يتميز عن غيره بتنوع في الكائنات الحية والنباتات والحيوان وتغير في المناخ وظهور قارات وانقراض كائنات، وتتمثل هذه الأزمنة في:

-الزمن الجيولوجي الأول:  امتد من 600 مليون سنة إلى غاية 230 ملين سنة 

-الزمن الجيولوجي الثاني: امتد من 230 مليون سنة إلى غاية 65 ملين سنة .

-الزمن الجيولوجي الثالث: امتد من 65 مليون سنة إلى غاية 2.6 مليون سنة .

-الزمن الجيولوجي الرابع: من 2.6 مليون سنة إلى يومنا الحالي

وقد تمكن العلماء من وضع جدول كامل للتكوينات الرسوبية بحسب الأزمنة والعصور، وهو يهدف إلى ترتيب الأحداث الجيولوجية ترتيبًا زمنيًّا منذ تكوين الأرض إلى عصرنا الحاضر، وقد استعانوا في ذلك بعاملين أساسين هما:
تعاقب الطبقات
هناك قاعدة أساسية تختص بالصخور الرسوبية دون سواها، ومؤداها أن كل طبقة تعتبر أقدم من الطبقة التي تعلوها، وأحدث من الطبقة التي تقع أسفلها، وتسمى هذه القاعدة بقانون تعاقب الطبقات.
الحفريات
هي بقايا الكائنات الحية سواء كانت حيوانية أو نباتية التي يعثر عليها في تكوينات الصخور الرسوبية، وهى تعتبر الدليل المباشر على وجود الكائنات الحية في سالف الزمن، وتتمثل هذه البقايا في أجزاء صلبة مثل المحارات وهياكل المرجان وعظام الحيوانات الفقارية، كما تتمثل في جذوع النبات وأوراقه.
وعلى الرغم من أن هذه الحفريات لا تعطي الصورة الكاملة للكائنات الحية القديمة إلا أن دراسة خصائصها ومميزاتها تساعد مساعدة فعالة في تقسيم التاريخ الجيولوجي للأرض، ولذلك فهي تعرف أحيانًا بالحفريات المرشدة؛ لأنها ترشد الجيولوجي إلى طبيعة الزمن أو العصر الذي عاشت فيه.

    يعتبر علم ما قبل التاريخ من بين العلوم الإنسانية الحديثة التي تبحث في أصل وتطور حضارات إنسان ما قبل التاريخ قبل ظهور الكتابة من خلال دراسة مخلفاته الحضارية التي تركها والتي من شأنها أن تسمح بإعادة تشكيل وتصوُر حياته اليومية ونمط معيشته، وتغطي فترة ما قبل التاريخ جل ماضي البشريّة تقريبا وتشمل فترة ما قبل التاريخ منذ تطور أولى المجتمعات البشريّة في حوالي 2.4 مليون، وهي الفترة التي تزامنت بدايتها مع ظهور الزمن الجيولوجي الرابع.

1-نهاية الزمن الجيولوجي الثالث (البليوسان)

    تعتبر فترة البليوسان أخر مرحلة في الزمن الجيولوجي الثالث، وقد عرفت بالفترة الانتقالية من الزمن الجيولوجي الثالث إلى الزمن الجيولوجي الرابع، وهي فترة مهمة لا يمكن الاستغناء عنها في دراسة وتحليل الظواهر الكبرى التي عرفها عصر ظهور الإنسان، وتتثمل المؤشرات التي خلفتها هذه الحقبة في الترسبات القارية والبحرية، في هذه الفترة عرفن الفارة الإفريقية تراجع في المناخ بحيث عرفت جفافا نسبياـ إلا أن هذه المرحلة عرفت استقرار في التركيبة الحيوانية والنباتية.

تميز المناخ في هذه المرحلة بالدفيء والرطوبة مما أدى إلى تحولات كبرى في عند بعض الأنواع الحيوانية مثل الرخويات والزواحف والثديات كالقردة، إضافة إلى بروز الغطاء النباتي، وسميت الفترة الانتقالية بالفيلافرونشي.

2-تعريف الزمن الجيولوجي الرابع

هو أحدث الأزمة الجيولوجية التي عرفتها الكرة الأرضية ومستمر الى يومنا هذا، وعبارة Quaternaire اقترحت من طرف الباحث ج . دوسنوور jules Desnoyers وكان ذلك سنة 1929 لتسمية ترسبات حوض السين الفرنسي التي بدت له أحدث من ترسبات الزمن الثالث بنفس المنطقة، وهو ما ذهب إليه بعض العلماء الآخرين، أمثال مرسال ديسار (1930) الذي ميز الطبقات الحديثة للقشرة الأرضية، غير أن جذور التسمية تعود لسنة 1839 ، حيث عرف شارل ليل طبقات هذا العصر بفترة البلايستوسان، وفي سنة 1967 أطلق العالم بيار جارفي pierre Gerais مصطلح الهولوسين على الطبقات الحديثة التي تحتوي على بقايا حيوانات ما زالت تعيش إلى وقتنا الحالي، وبعد ذلك أصبحت هذه التسمية معترف بها من طرف اغلب علماء الجيولوجيا. . 

وتعتبر هذه المرحلة من بين الإشكاليات الهامة التي تضاربت فيها آراء العلماء في شأن بداية هذه الفترة، وذبك بالنظر إلى تباين المعطيات الميدانية في مختلف بقاع العالم، إلى أنهم اتفقوا في تحديد بعض النقاط المشتركة في تعريف هده الفترة، وتتمثل هذه النقاط في التغيرات المناخية الكبرى والتي أدت إلى تغيرات جذرية في البيئة وظهور الإنسان كأبرز حدث عرفته هذه المرحلة. ولقد تم تحديد بداية هذه الفترة من طرف الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية بـ 2.6 مليون سنة.

ومن مميزاته:

- ظهور وازدهار الإنسان.

-ذبذبات مناخية هامة جليدية و ما بين جليدية.

-أحداث بيولوجية و حضارية تميزه عن الحقبات الجيولوجية الأخرى.

دراسة الزمن الجيولوجي الرابع هو موضوع متعدد التخصصات تدخل فيه الجيومورفولوجيا - الطباقية - علم الترسيب - الباليونتولوجيا - الانتروبولوجيا - علم النبات القديم - علم ما قبل التاريخ - الأركيوزولوجيا.

3-تقسيمات الزمن الجيولوجي الرابع

في مؤتمر كريس شورش سنة 1973 اتفق العلماء على التمييز بين مرحلتين للزمن الرابع هما : البلايستوسان و الهلوسان والفاصل الزمني بينهما يصادف نهاية آخر عصر جليدي وقبل بداية المناخ الأنسب ( حوالي 12000 قبل الحاضر) .

أ- البلايستوسان- 2.6 م س- 12 ألف سنة.

البلايستوسان هو المرحلة الأولى من الزمن الرابع اكتشف من طرف العالم البريطاني " شارل ليل " سنة 1839، وتنقسم مرحلة البلايستوسان إلى ثلاث مراحل هي:

1-فترة البلايستوسان الأسفل

تمتد من بداية الزمن الجيولوجي الرابع إلى غاية حوالي 0.7 م س أي الانقلاب المغناطيسي القديم المرحلة الموجبة برون.

2-فترة البلايستوسان الأوسط

تبدأ هذه المرحلة مع المرحلة المغناطيسية برون إلى غاية 120 ألف سنة.

3-فترة البلايستوسان الأعلى

البلايستوسان الأعلى فترة تبدأ من 120 ألف سنة إلى غاية حدوث المناخ الأنسب حوالي 12000 سنة ق ح .

ب- فترة الهولوسان- 12 ألف سنة إلى يومنا هذا

تتميز فترة الهولوسان (12 ألف سنة ق م إلى الحالي) بشمال إفريقيا بوصول عدة أنواع من حيوانات أكلات اللحوم من إفريقيا، أوروبا والصحراء، وبتراجع في عدد حيوانات آكلات الأعشاب نظرا لتغير المناخ الذي أعاق تنقل هذه الحيوانات لمسافات بعيدة.

بحدود 11 ألف سنة حتى 5الاف سنة ق،م تم تسجيل فترة مناخية رطبة و غطاء نباتي كثيف و متطور بالمنطقة الغربية للبحر الأبيض المتوسط  أما بحدود 9،5 إلى 5،5 ألف سنة قم تم تسجيل مناخ رطب و حار بمنطقة بحر ايجة.

بحدود 6 آلاف سنة كان المناخ معتدل ورطب وكانت الصحراء ذات غطاء نباتي شبه متوسطي (البحر الأبيض المتوسط) أي كان هناك اتصال بيت الشمال والجنوب ما سمح للحيوانات بالتنقل براحة.

حسب دراسات حبات الطلع والتحاليل الرسوبية والجيومرفولوجية، كان المناخ رطب بإفريقيا ابتداء5.5 آلاف سنة ثم يعود الجفاف إلى المنطقة باستثناء الشرق الأوسط الذي عرف فترة رطبة قصيرة بحدود 1000 سنة ق، م والذي عاد للتدهور من ذلك الوقت إلى وقتنا الحالي.

Modifié le: Wednesday 8 May 2024, 12:07