المحاضرة الرابعة عشر: أدب الطفل في الجزائر " الواقع والآفاق"

  عناصر المحاضرة:

ü    تمهيد

ü    واقع أدب الطفل في الجزائر

ü    شعر الأطفال

ü    سرديات الأطفال

ü    آفاق أدب الطفل

·       تمهيد:

       لقد تأخر ظهور أدب الطفل في الجزائر لعدة عوامل منها الاحتلال الذي كان سببا مباشر في ظهور أدب الطفل، ولكن هذا لا يعني أنه لم يكن موجودا ولكن هناك بعض المحاولات والتي كانت في شكل قصائد وأناشيد وبعض المسرحيات الموجهة للأطفال، وهي نماذج تقترب من من مفهوم أدب الطفل والتي كانت تهدف الى تحقيق غايات مدرسية تعليمية بأسلوب تقريري مباشر، أكثرها كان يخاطب الراشدين من الفئة الشباب أو فئة الشباب المتمدرسين أكثر من مخاطبته فئة الأطفال وخاصة في مراحله الأولى[1]. وفي الحقيقة يعتبر النص الشعري الموجه للأطفال في الجزائر  حديث النشأة فلم يظهر بشكل مستقل ومميز إلا في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات حيث شرع بعض الشعراء في الكتابة مباشرة للأطفال

1  / واقع أدب الطفل في الجزائر:

مرحلة ما قبل الاستقلال:

  لقد حظي أدب الطفل خاصة شعر الأطفال باهتمام كبير  كبداية لهذا الأدب ولان الظروف هي التي ساعدت في ظهوره والاهتمام به كان وسيلة فعالة في تحريك الأمة حيث كان شعر الأطفال حاضرا بقوة في هذه الفترة الحاسمة من تاريخ الجزائر الذي كان شاهدا على الاستعداد للثورة، ولأن الرواد الأوائل كانوا شعراء كما كانوا دعاة إصلاح في المجال الديني الاجتماعي، حيث كانت هذه القصائد تؤخذ في المدرسة لتحقق غاية تربوية وخلقية دينية، ومن أبرزهم " محمد العابد الجيلالي" عندما أخرج مجموعته الشعرية في عام 1939 بعنوان الأناشيد

 المدرسية لأبناء وبنات المدارس الجزائرية" ، ومن هذه الأناشيد

 "الفتى"  و "الحبل"[2]يعتبر الجيلالي أول من وضع ديوانا خاصا بالأطفال، وهذا جعله جديرا بلقب" المعلم المثالي" ، ثم يأتي بعده محمد العيد آل خليفة والذي اعتبره الدارسين لتاريخ أدب الطفل الرائد الفعلي لأدب الأطفال في الجزائر والذي نشر مجموعة من الأعمال نذكر منها: نشيد " كشافة الرجاء" سنة 1936م، و نشيد "الشباب" سنة 1937م، نشيد " كشافة الإقبال" سنة 1937م، و نشيد "كشافة الصباح" من نفس السنة، وانشودة" الوليد" سنة 1938م ونشيد" الاخوان" سنة1939م.

   كما نشر محمد الصالح رمضان ديوان" ألحان الفتوة" وهو عبارة عن أناشيد كشفية ذات طابع وطني وتربوي، ، إضافة إلى أسماء أخرى نذكر: الشيخ أحمد سحنون، محمد اللقاني بن السايح، أبو بكر بن رحمون، عبد الرحمان بلعقون، محمد الهادي السنوسي الزاهري، وغيرهم ممن ساهموا في نشر هذه القصائد التي كانت إصلاحية تربوية أخلاقية دينية للتوجيه نحو الحرية والعدالة وقد تشبعت بها عقول الناشئة من أفكار وأخلاق عالية.

 ومن الصحف التي نشرت الشعر التربوي في الفترة الإصلاحية : صحيفة الشهاب، البصائر، الإصلاح، النجاح، الأمة، هنا الجزائر، المنار، المرصاد وغيرها.

وفي  مرحلة ما بعد الاستقلال[3] وما لحقها من تحولات نتيجة التراجع الكبير الذي خلفه الاستعمار الذي حاول بكل الوسائل محاربة الدين والعقيدة والوطن ، ومن بين هذه التحولات هو انشاء دور نر خاصة بطبع الكتب والمجلات، ونشر الكتاب الموجه للأطفال خاصة الكتاب المدرسي، وكانت على رأسها " المؤسسة الوطنية للكتاب، دار الشروق، المكتبة الخضراء، دار الهدى، دار الشهاب،..وغيرها

 ومن أبرز كتاب شعر الأطفال في تلك الفترة " محمد الأخضر السائحي" صاحب ديوان همسات وصرخات" ، ونجد كذلك " أبو القاسم سعد الله، وعمر البرناوي وغيرهم ، بالإضافة الى مجلة " أمقديش" التي بدأت في الصدور سنة 1969م وهي مجلة مصورة عامة تصدر عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع بالجزائر، كما أطلقت وزارة الثقافة والاتصال مشروع مسابقة وطنية كل سنتين خاصة بأدب الطفل ابتداء من عام 1969م غير أن هذه المبادرة توقفت.

   كما نجد النشاطات التي تقيمها الوزارة سنويا ، تخصيص المكتبة الوطنية جائزة أحسن نص روائي موجه للفئة العمرية ما بين السادسة عشر والثامنة عشر عام 2008م، ونال المبدع أحمد خياط جائزتها عن عمله " مغامرات الماكر"[4]

2/ شعر الأطفال:

    ضمت كتب المقررات المدرسية ومناهج المحفوظات الشعرية ومادة النصوص الأدبية على مجموعة من القصائد والأناشيد والمقطوعات التي كتبت للطفولة العربية وللطفولة الجزائرية بصفة خاصة.

  ومن بين الشعراء الجزائريين الذين كتبوا للأطفال نذكر: محمد الأخضر السائحي، ومحمد عبد القادر السائحي، ومحمد ناصر، ويحي المسعودي، وبوزيد حرزالله، وجمال الطاهري، ومحمد العيد آل خليفة، ومحمد الهادي السنوسي الزاهرين ومحمد بن العابد الجلالي السماتي، ومفدي زكريا صاحب النشيد الوطني الجزائري.

   ومن خلال التدقيق في الموضوعات المقدمة للأطفال فكانت الموضوعات المدرسية والتربوية والأخلاقية غلبت على الأناشيد مرحلة ما قبل الثورة، في حين غلبت الموضوعات الوطنية ولسياسية على أناشيد مرحلة الثورة، أما بقية الموضوعات خاصة الموضوعات الاجتماعية والتربوية فكانت في مرحلة الاستقلال[5].

3/ سرديات الأطفال:

      وفي مجال السرديات ظهرت مجموعة من الأعمال القصصية والروائي والحكائية لكوكبة من الشعراء الجزائريين والذين أبدعوا في هذا المجال من بينهم: رابح خدوسي، جميلة زنير، جيلالي خلاص، محمد الصالح حرزالله، وعبد العزي بوشفيرات، عبد الحميد سقاي، وعبد الوهاب حقي، الذي كتب مئات الأعمال السردية الموجهة للأطفال، وهذه الأعمال لها أبعاد تربوية تعليمية ركزت على الجانب الحكائي الشعبي، واستثمرت من الموروث الشعبي لخرافي والأسطوري، وخاصة قصص الحيوان، إضافة إلى أعمال لها أبعاد اجتماعية وتاريخي ودينية.[6]

 

 

4/ آفاق أدب الطفل:

لقد سخرت مؤسسات الدولة عددا معتبر من الإمكانات المادية، وما بذله المبدعون من الكتاب والشعراء من جهود من أجل الارتقاء بأدب الطفل ومحاولة الاقتراب من الطفل الجزائري بشكل خاص والاهتمام به وبتطلعاته خاصة في المجال الفكري والأدبي والمعرفي إلا أن هذه الإسهامات تبقى قليلة وتحتاج إلى جهود أوسع وأكبر وتحتاج مزيدا من العطاء والاهتمام والاحترافية ، وهذا لبلوغ أعلى المستويات مع ما يتناسب ومستوى الطفل الفكري والمعرفي والأدبي والثقافي.

    ويجب على الكل من مؤسسات الدولة والكتاب والشعراء والنقاد للاهتمام به أكثر فيأخذ هذا النوع الأدبي على أوسع نطاق للوصول به إلى كل المناطق عبر التراب الوطني وان تخصص المسابقات في هذا المجال للرفع من الأعمال والتنويع في المواضيع والبرامج، إضافة إلى الفضاءات  الإعلامية التي تبرز دوره في تهذيب الطفل وإعداده للحياة .

Modifié le: Wednesday 3 April 2024, 15:12