المقاول الناجح أساس المقاولاتية
المحور الثاني: ماهية المقاول.
لا يمكن الحديث عن المقاولاتية دون ذكر الشخص الذي المبدع صاحب الفكرة وصاحب المشروع ، فهو الذي تعهد وتحمل المخاطر وهو المسؤول عن استغلال الفرصة وو...الخ ، اذن المقاول( l’entrepreneur ) هو الشخص الذي له القدرة على القيادة وهو ربان السفينة التي تمثل المشروع، يتخذ القرار المناسب بشأن الأنشطة المتعلقة بها. وهو المبادر لحل المشكلات التي تصادف مشروعه، كما يتميز المقاول بعدة خصائص ينفرد بها ليكون جديرا بهذا اللقب.
أولا/خصائص المقاول:
من أهم خصائص المقاول ما يلي:
1- التنشئة الاجتماعية قائمة على تعزيز ثقة المقاول المستقبلي بنفسه؛ حيث يؤمن بإمكانية تحقيق أحلامه وآماله.
2- الخصائص النفسية الأخرى مثل: الصبر والانتباه والفطنة والذكاء...الخ، حتى لو لم تجتمع كلها فان البعض منها كفيل بتنمية الخصائص الأخرى أو تطويرها.
3- مهارات التعامل؛ ونقصد بها القدرة على تأليف الأشخاص والأفراد حول فكرة معينة وتشجيعهم على الانخراط فيها، كما تكون له القدرة على الاقناع وتعزيز روح العمل الجماعي.
4- الجدية والانضباط في العمل؛ حيث تجده يحترم المواعيد ويقدر الجهود ويقيسها بمقياس الربح والخسارة، ولا مجال للصدفة لديه.
5- القدرة على الابداع والابتكار والقدرة على التفاعل مع محيطه، فهو في حالة ملاحظة دائمة لبيئته؛ فتجده يبدع في طريقة حله لمشكلاته، فهو يتعامل مع حاجاته بطريقة مبتكرة.
6- المخاطرة والقدرة على المجازفة والمحاولة؛ فالمقاول يحاول دائما ولا يمل ولا يكل، فهو دائم التجريب واقتناص الفرص، فكلما أتيحت له كان مستعدا لها وبالمرصاد.
7- المقاول يؤمن بعملية التدريب والتطوير المستمر-مثل الباحث الذي يؤمن بقيمة التعلم المستمر- فهو يكون نفسه مهنيا واداريا ومهاريا وتكنولوجيا حتى يساير التطور الذي يناسب مشروعه ومؤسسته (مثلا: الاعتماد على تكنولوجيا الاعلام والاتصال TIC).
8- المقاول الناجح يجد البيئة الرشيدة- والمجتمع السند والدولة المرافقة- التي تعينه على تحقيق مشاريعه ولا تعيقه ولا تدفن أحلامه وطموحاته. وبغير ذلك سنقضي على جميع الابتكارات والاختراعات.
9- الشباب: من أهم خصائص المقاولاتية أن القائمين بها يكونون شباب على اعتبار أن هذه الفئة طموحة وهي عماد البلاد: فكريا ذهنيا وجسديا وعلميا، فوجب استغلال هذه الفترة من العمر لإطلاق الطاقات الكامنة فيهم، لأن بعد هذه الفترة ستفتر الهمم والقدرات الشبابية.
10- القيادية: المقاول له نزعة قيادية leadership فهو يميل الى إدارة العلاقات الإنسانية بكفاءة، واتخاذ القرارات الحازمة، والمحاسبة والمقيمة للمشروع.
11- القدرة على مواجهة الفشل واقتراح الحلول لمواجهة أو تغيير أسلوب التفكير، أو التخلي عن الأخطاء الممكن ارتكابها في أثناء انجاز المشروع.
12- تقبل المقاول النقد والتوجيه (الانفتاح الفكري) حتى على الأفكار السلبية القادمة من الغير، وهذا في سبيل نجاح مشروعه الذي يؤمن به.
13- L’essence de l’entrepreneuriat se situe dans la perception et l’exploitation de nouvelles opportunités dans le domaine de l’entreprise [...] cela a toujours à faire avec l’apport d’un usage différent de ressources nationales qui sont soustraites de leur utilisation naturelle et sujettes à de nouvelles combinaisons. (Schumpeter(
وفي هذا الصدد لا يمكن ذكر جميع الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المقاول، لكن يبقى اتصافه بعدد أكبر منها يسمح له بالمضي بمشروعه الى أبعد الحدود، ولا يمكن اغفال دور تنشئة النشأ (الطفولة المبكرة والشباب والطلبة في الجامعات خاصة في برامج التدريس، والانخراط في جمعيات المجتمع المدني، وتطوير المهارات الحياتية... )على الفكر الإبداعي والابتكاري والاعتماد على النفس منذ الصغر، حتى تتكون أجيال عاملة وليست خاملة، تنهض بالدولة وباقتصادها وتنميتها ورفاهيتها. فحيث لا يمكن أن يكون كل المواطنين لهم ثقافة مقاولاتية، فمن المهم أن يكون كل أفراد المجتمع يحبون هذه الثقافة، ويدعمونها بكل السبل، ولا يقفون حجر عثرة ضد من يريد أن يصبح مقاولا مبدعا منتجا للثروة.
وفي الحديث المشهور أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: "والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لَأَنْ يَأْخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلَه، فيَحْتَطِبَ علَى ظَهْرِه؛ خَيْرٌ له مِن أنْ يَأْتيَ رَجُلًا، فيَسْأَلَه، أعْطاهُ أوْ مَنَعَه". وهذا دليل على حث الإسلام على السعي والجد والاجتهاد وعدم سؤال الناس، كما حث في أحاديث أخرى على الفطنة والكياسة واتقان العمل. كما اشتغل النبي في شبابه في التجارة، وما من نبي الا وامتهن مهنة وكان النبي داوود- عليه السلام- يأكل من عمل يده. فهذه الآثار تدل على استحباب العمل والتجارة والابداع والابتكار والسعي والاجتهاد.