الدرس
النظرية الاتصالية
تعتبر النظرية الاتصالية من أهم نظريات التكامل وهي تركز على التفاعلات بين الوحدات المتكاملة كمدخل لتحقيق التكامل ويعتبر كارل دويتش من أبرز رواد هذه المدرسة وقد أوضح دويتش أن غاية التكامل هي تكوين "مجتمع" أمن يضم الوحدات المتكاملة وتختفي فيه احتمالات نشوب حرب فيما بينها بسبب ما ينشأ بينها من كثافة في الاعتماد المتبادل وما تتبناه من آليات وإجراءات لفض منازعاتها سلمياً وإحلال التعاون محل الصراع.
يربط دويتش بين الاتصال وتحقيق الاندماج بين المجتمعات السياسية فيقول:"ان الاقطاب او الدول ليست إلا حشودا من الافراد، تتحد فيما بينها نتيجة تدفق الاتصالات ونظم النقل بينها، وتنفصل عن بعضها البعض بأراض قليلة السكان او خالية الى حد ما. والشعوب تحقق وحدتها كلما اتسعت الموضوعات التي تتصل فيما بينها من خلالها. ولذا فان الحدود تمثل المناطق التي تتناقص فيها الكثافة السكانية والاتصالات بشكل كبير. وحتى يمكن لنا ان نطلق مصطلح بلد او دولة، فانه لا بد من وجود اعتماد متبادل ومباشر في قطاع واسع من السلع والخدمات المختلفة بين الأفراد".
وقد ركز دويتش على قيمة الأمن كغاية للتكامل على اعتبار أن الأمن " هو الحالة الأساسية التي يمكن في ظلها التمتع بمعظم القيم الأخرى " وعرف الأمن بأنه قيام السلم وتدعيمه كما أعطاه مضامين أخرى مثل تأمين الثروة والملكية والمؤسسات والرموز والمراكز الطبقية والعادات والأيديولوجية والثقافة واحترام الذات وغيرها من القيم التي تبدو جديرة بالدفاع عنها بالنسبة لمعظم الناس وحيث أن الدول قد أظهرت عدم كفايتها لحماية هذه القيم فإن الناس يلقون آمالهم على المنظمات الدولية لحماية هذه القيم ولقد استقرأ كارل دويتش مهام التكامل وشروطه وعوامل تفككه وأنواعه من خلال دراسة لأربع عشر حالة تكاملية في العالم.
وخلص دويتش إلى القول بأن التكامل ينهض بأربع مهام رئيسة وهي:
حفظ السلام
التوصل إلى إمكانيات كبيرة متعددة الأغراض
إنجاز بعض المهام المحددة تحقيق الذات
ودور الشخصية بصورة أكثر جدية
والجدير بالذكر هنا أن دويتش قد أوضح بعض المؤشرات الإجرائية للتيقن من تحقق هذه المهام فمثلاً حفظ السلام يمكن قياسه من خلال غياب أو ندرة الاستعدادات العسكرية في الدول المتكاملة وبيانات تعبئة القوات والمنشآت العسكرية وبيانات الميزانية واستطلاعات الرأي. ويتم قياس التوصل إلى إمكانيات متعددة الأغراض عن طريق مؤشرات الناتج القومي الإجمالي والناتج القومي الكلي بالنسبة لكل فرد ومجال معاملاته التجارية وتنوعها. ويتضح ما إذا كان المجتمع يحقق مهاماً معينة عن طريق وجود وظائف مشتركة ومؤسسات مشتركة وموارد مشتركة. أما قياس تحقيق الذات ودور الشخصية فيتضح من تكرار استخدام رموز مشتركة وخلق واتباع رموز جديدة
الجماعة الأمنية عند كارل دوتش:
عبارة عن مجموعة من الافراد المندمجين مع بعضهم البعض والاندماج يعني بلوغ ذلك الإحساس بالجماعة، من اجل ان ترتفع حالات السلم.
أنواعها:
يتم التمييز بين النوعين مجتمع الأمن المندمج ومجتمع الأمن المتعدد على أساس الهدف من التكامل فإذا كان الهدف الرئيس للتكامل ليس مجرد المحافظة على السلام بين الوحدات السياسية المتكاملة وإنما اكتساب قوة أكبر لتحقيق الأغراض العامة المعينة أو اكتساب تطابق مشترك للأدوار أو خليط من ذلك كله فإن من الفضل تكوين ما يسمى بمجتمع سياسي مندمج ذي حكومة مشتركة وإذا كان الهدف الرئيس هو السلام فيكفي تكوين مجتمع أمن متعدد وفي الواقع سيكون تحقيقه أسهل.