سوف نتطرق في فرع أول للتعريف التشريعي الذي قدمه المشرع الجزائري للعقد، و بعدها نعرج للتعريفات الفقهية التي قدمها فقهاء المدني.
الفرع الأول: التعريف التشريعي
عرف المشرع الجزائري العقد في نص المادة 54 من القانون المدني بنصه: " العقد اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو عدة أشخاص اتجاه شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل."
غير أن هذا هذا التعريف قد لقي انتقادات لاذعة من بينها أنه عرف العقد بأنه اتفاق و هو بهذا يعتبر العقد نوعا و الاتفاق جنسا، فالاتفاق أوسع من العقد لأن هذا الأخير لا يقوم إلا بإنشاء الالتزام بينما الاتفاق ينشئ الالتزام و ينقله و يعدله و ينهيه، و بالتالي فكل اتفاق عقد و ليس كل عقد اتفاق. غير أن أغلب فقهاء القانون المدني لا يرون أي أهمية عملية للتفرقة بين لفظي العقد و الاتفاق بل يعتبرونهما مجرد مترادفين يؤديان إلى نفس المعنى.
كما انتقد هذا التعريف أيضا لأنه أخلط بين العقد و الالتزام و شتان بين المصطلحين لأن العقد بمثابة مصدر للالتزام و هذا الأخير هو الأثر المترتب على إبرام عقد صحيح.
الفرع الثاني: التعريف الفقهي
من خلال الانتقادات الموجهة للتعريف الذي قدمه المشرع الجزائري و كذا بعض التشريعات المقارنة، فقد قدم الفقه تعريفا تفادى به النقائص التي اعترت تعريف المشرع، فالعقد حسبهم " هو توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين سواء تمثل هذا الأثر في إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه."
و يتبين من خلال هذا التعريف أنه يلزم لقيام العقد توافر عنصرين أساسيينهما:
1- توافق إرادتين أو أكثر: فلا يقوم العقد بوجود إرادة وحيدة حتى لو اتجهت هذه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني معين، فقد تتجه ارادة شخص الى الايصاء بماله لشخص اخر بعد وفاته، فلا يكون ذلك عقدا و إنما نكون أمام تصرف قانوني بإرادة منفردة، أما إذا اتفق شخص مع آخر على أن يبيعه شيئا يملكه مقابل ثمن نقدي فهنا نجد إرادتين متطابقتين قد اتجهتا لغحداث أثر قانوني معين هو نقل الملكية للمشتري و دفع الثمن للبائع فنكون بصدد عقد بيع.
2- أما العنصر الثاني فهو وجوب انصراف الارادتين إلى إحداث أثر قانوني معين، أي أثر يعتد به القانون و يفرض احترامه و يرتب جزاءا معينا على مخالفته.
واليكم الفيديو الموالي لتعميق معارفكم أكثر