نظرية التلقي

تعد نظرية التلقي من أهم النظريات الأدبية اللسانية في العصر الحديث، فقد أعطت إضافة إلى الدرس اللغوي، وقد ركز منظرا هذه النظرية هانس روبرت ياوس وفولفغانغ إيزر على علاقة النص مع المتلقي بعدّ أن العملية التواصلية هي نتاج تفاعل النص مع القارئ (المتلقي)، ولهذا أسس إيزر لمفهوم القارئ الضمني الذي يقوم بإعادة صياغة النص بما يمتلكه من مقومات التأويل، فيقوم بسدّ الفجوات والثغرات في عملية تأويلية للنص، ولاشك أن هذه النظرية تعطي إضافة نوعية إلى الدرس النقدي بل إلى الدرس اللغوي عموماً، وقد اهتم بها الباحثون والنقاد بعد ظهورها، ويكفي أن نعلم أن عدد ما نشر من بحوث ودراسات عن نظرية التلقي بين 1991_2001 يزيد على 3900 بحثاً ، ولعلّ سبب تطور هذه النظرية وانتشارها أنها كانت نتيجة مشروع جماعي متماسك، فقد كان أصحابها يلتقون بانتظام لمناقشة الأفكار وتبادلها، ولعلّ أكثر النظريات اللغوية الحديثة قامت على أساس أنها رد فعل على مرجعية فكرية كانت سائدة في ذلك العصر، سواء بنيت على أساس فكري مخالف ابتداء وأولاً أم كانت ردة فعل على نظرية لغوية بنيت على أساس فكري مخالف، وبقي هذا الأمر حتى منتصف ثمانينات القرن العشرين، إذ اتسمت النظرية اللغوية الأدبية حينها بكثير من الموضوعات الأدبية، فينبغي الحذر حين تطبيق تلك النظريات على تراثنا اللغوي والعربي النابع من أساسيات ومرجعيات مختلفة تماماً عمّا وضعت له تلك النظريات، وإلا فسنقع في منزلق فكري خطير، ولكن نظرية التلقي اتسمت بالموضوعية اللغوية كثيراً، وإن كانت بداياتها رداً على النظرية الماركسية ؛ لأن موضوعها هو النص والقارئ والعلاقة بينهما.

» مسرد ثانوي