1. أركان الحق

1.1. أشخاص الحق

لا يمكن تصور أي حق إلا منسوباً إلى شخص من الأشخاص. و شخص الحق هو كل كائن تتوافر في الإرادة لأن يكون صاحب حق أو مكلفاً بالتزام. و لكن صاحب الحق ليس من الضروري أن يكون إنساناً في نظر القانون. فالشركة أو الجمعية شخص بالمعنى القانوني و لكنها ليست إنساناً و مع ذلك تصلح لأن تكون صاحب حق. فالشخص نوعان: (شخص طبيعي) و (شخص معنوي أو اعتباري أو حكمي).

الفرع الأول: الشخص الطبيعي (Personne Physique/Natural person)    

الشخص الطبيعي هو الإنسان الذي له إرادة الذي يصلح أن يتمتع بالحقوق و يلتزم بالواجبات. أي تثبت له الشخصية القانونية باعتباره كائنا اجتماعياً متميزاً تشرع القواعد القانونية لتنظيم شؤونه. فهو علة وجود القانون و الغاية منه، و تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حياً و تنتهي بموته، فشخصية الإنسان القانونية تبدأ بولادته حياً، مع تقرير الحقوق المدنية للجنين بشرط أن يولد حياً[1]، خصائص الشخص الطبيعي: أهلية: بالرغم من اعتبار الإنسان شخصاً من أشخاص القانون إلا أن ذلك لا يعني أن لكل إنسان أهلية كاملة[2]،

و لهذا يجب التفرقة بين الشخصية في وجودها (أهلية الوجوب)[3]و الشخصية في نشاطها القانوني (أهلية الأداء)[4] وهذه الأخيرة وحدها هي التي تشترط فيها الإرادة، بحيث يصبح أهلا للقيام بالتصرفات القانونية و التقاضي عند تمام سن الرشد (19) سنة كاملة، بشرط أن لا يتعرض لعارض من عوارض الأهلية و هي: فقدان التمييز [5]لصغر في السن، أو عته، أو جنون (هنا نكون أمام فقدان الأهلية)، يكون (ناقص الأهلية) كل من بلغ سن التمييز[6] ولم يبلغ سن الرشد و كل من بلغ سن الرشد و كان سفيها أو ذا غفلة.

الذمة المالية: لكل شخص طبيعي ذمة مالية وهي عبارة عن مجموع ما للشخص و ما عليه من حقوق والتزامات مالية في الحال أو في المستقبل. و تتضمن عنصرين: مجموع الحقوق المالية (الأموال) و مجموع الالتزامات المالية (الديون).

الاسم: لكل شخص طبيعي اسم شخصي و لقب عائلي يتميز بهما عن سائر الأشخاص و يلحق لقبه بأسماء أولاده بحكم القانون و هو من الصفات الملازمة لشخصية الإنسان. كما يتمتعبالجنسية و الحالة تؤثر في حياته القانونية لأنه تترتب عليها حقوق وواجبات لا يستطيع الفرد التحلل منها إلا بطرق القانونية، من حيث انتسابه لأسرة معينة و يتمتع بجنسية دولة معينة.

الموطن: الموطن هو المحل الذي يوجد فيه سكن الشخص الرئيسي، و عند عدم وجود سكنى يقوم محل الإقامة العادي مقام المواطن، كما لا يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد في نفس الوقت. 

الفرع الثاني: الشخص المعنوي أو الاعتباري

شخص الحق لا يقصد به الإنسان فقط بل يشمل الشخص الاعتباري أيضا رغم اختلافه عن الشخص الطبيعي من حيث أن لهذا الأخير حياة طبيعية و إرادة محسوسة منبثقة من هذه الحياة، في حين أن إرادة وحياة الشخص المعنوي اعتبارية غير محسوسة أوجدت لضرورتها في المجتمع تحقيقا لأوجه النشاط القانوني المفيد لمجموعة من الأشخاص أو الأموال. فالشخص الاعتباري هو مجموعة من الأشخاص (الشركات أو الجمعيات: تتوحد جهودهم في سبيل غاية من الغايات التي قد تكون مادية ربحية أو غير ربحي) أو الأموال (الوقف[7]، أو المؤسسة (Fondation/Foundation التي ترمي إلى تحقيق غرض معين مادي أو غير مادي و يمنحها القانون الشخصية القانونية بالقدر اللازم لتحقيق هذا الغرض. فالقانون هو الذي ينظم كيفية منح الشخصية الاعتبارية لهذه المجموعات من الأشخاص و الأموال، و الأشخاص الاعتبارية أنواع (على سبيل المثال لا الحصر) و هي: الدولة، الولاية، البلدية، المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، الشركات المدنية و التجارية، الجمعيات و المؤسسات، الوقف.

كما تتمتع الأشخاص الاعتبارية بجميع الحقوق التي يتمتع بها الشخص الطبيعي إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان و يكون لها خصوصا: ذمة مالية، أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقررها القانون، موطن وهو المكان الذي يوجد في مركز إدارتها، نائب يعبر عن إرادتها، و حق التقاضي.



[1] و الولادة لا بد من أن تكون تامة بأن ينفصل المولود عن رحم والدته انفصالا تاما و يخرج حياً.

[2] الأهلية عبارة عن صلاحية الإنسان لأن تكون له حقوق و عليه التزامات و تصدر عنه تصرفات مشروعة على وجه يعتد به القانون و يحميه عندما يباشر حقوقه و يستعملها.

[3]  أهلية الوجوب: و هي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق و الو[3]اجبات المشروعة له أو عليه دون حق التصرف فيها و التي تثبت لكل إنسان من وقت ميلاده حياً.

[4] أهلية الأداء: و هي صلاحية الإنسان لصدور العمل القانوني منه على وجه يعتد به القانون و يحميه، و بهذا تختلف أهلية الأداء عن أهلية الوجوب. فأهلية الوجوب هي صلاحية الإنسان لثبوت الحقوق و الواجبات له أو عليه، ولذلك فهي تكتسب بمجرد الميلاد و حتى قبل الميلاد بالنسبة للجنين.

[5] الشخص الطبيعي الذي لم يبلغ ثلاث عشر سنة أي لم يبلغ سن التمييز.

[6] يعتبر مميز كل من بلغ سن ثلاث عشرة سنة و لم يبلغ سن الرشد 19 سنة.

[7] الوقف ليس ملكا للأشخاص الطبيعيين و لا الاعتباريين، و يتمتع بالشخصية المعنوية و تسهر الدولة على احترام إرادة الواقف و تنفيذها، و الوقف هو حبس العين (الأملاك العقارية عادة) عن التملك على وجه التأبيد و التصدق بالمنفعة على الفقراء أو على وجه من وجوه البر و الخير (المادة 3 و 5 من القانون رقم 91-10 المؤرخ في 27 أفريل 1991، يتعلق بالأوقاف).