1. الفرع الثاني: المصادر التفسیریة

1.1. أولا: القضاء

وھي السلطة القضائیة التي تتولى تطبیق القاعدة القانونیة وتتمثل في مختلف المحاكم ویقصد به أیضا الأحكام والقرارات الصادرة عن مختلف درجات المحاكم وھو المفھوم الذي یھمنا باعتباره مصدرا تفسیریا -القضاء لا ینشىء القاعدة القانونیة بل یطبقھا .

-القاعدة القانونیة والاجتھادات القضائیة لا تلزم إلا القاضي الذي عمل بھا لكن لا تلزمه في جمیع القضایا فیمكنه أن یعمل بھا في قضیة ویتركھا في أخرى حسب خصوصیات كل قضیة وھي لا تلزم كل المحاكم الأخرى بل لا تلزم حتى كل المحكمة التي یعمل بھا، لكن في بریطانیا مثلا تعتبر الأحكام الصادرة ملزمة لباقي المحاكم من درجتھا أو أقل منھا في القضایا المماثلة.

أ‌-        تعريف القضاء

تطلق كلمة القضاء على الجهاز الذي يتكون من مجموع المحاكم، المحاكم الإدارية، المجالس القضائية، المحكمة العليا، ومجلس الدولة، المختصة بالفصل في المنازعات بموجب ما يصدر عنها من أحكام وقرارات.

يعني أيضا بالقضاء مجموع المبادئ القانونية التي تستخلص من أحكام المحاكم عند تطبيقها للقانون على ما يطرح عليها من منازعات للفصل فيها، أي الأحكام التي تتضمن مبادئ قانونية توصل إليها القضاء بعد إعمال ال أ ري وبذل الجهد العقلي، خاصة في الأمور التي لا يوجد فيها نصوص قانونية قاطعة، والتي تكون محل خلاف، وهذا التعريف الثاني هو الذي يهمنا في صدد دراسة مصادر القانون.

ب‌-     دور القضاء في تكوين القانون

  • ·          دور القضاء في الأنظمة الأنجلوسكسونية

إن الدول الأنجلوسكسونية مثل بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، تعتبر وتأخذ من القضاء كمصدر رسمي من Les antécédents مصادر القانون، حيث أن القانون لديها قائم أساسا وبصفة رئيسية على السوابق القضائية القاعدة التي أخذ بها القاضي في أحد أحكامه تكون ملزمة له، ويتعين عليه إحترامها في المنازعات المماثلة التي ترفع إليه. 

إن إهتمام الدول الأنجلوسكسونية بالسابقة القضائية يعود إلى كون القانون هذه الدول غير مقنن وغير مكتوب، وإنما نشأ من العرف، وإستقر وتطور بفضل أحكام القضاء منذ الق رن الثالث عشر، حتي أصبح لديهم ثروة ضخمة من السوابق القضائية.

  • ·         دور القضاء في الأنظمة اللاتنية

إن الدول التي تأخذ بالنظام اللاتيني، وعلى أ رسها فرنسا، بلجيكا، والذي تأثرت به أيضا الج ا زئر، لا تعتبر القضاء كمصدر رسمي للقانون، مثلما هو الحال بالنسبة للدول الأنجلوسكسونية، فالنظام اللاتيني يعتمد على التشريع كمصدر رسمي وأصلى للقانون، أما دور القاضي فينحصر فقط في تطبيق القانون، دون أن يكون له الإختصاص في خلقه أو صنعه، وذلك احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات الذي يفرض أن يكون دور السلطة التشريعية هو سن القانون، ود ور القضاء هو تطبيقه.

إن القضاء في الأنظمة اللاتنية ليس من المصادر الرسمية للقانون، بل هو من المصادر التفسيرية له فقط، فدوراالمحاكم العليا في هذه البلدان يتمثل في الرقابة على مدى تطبيق القضاة للقانون تطبيقا صحيحا، فإذا إعتبرت أنه فعلا قد تم تطبيق صحيح القانون، فإن الطعن المرفوع إليها يرفض، أما إذا اعتبرت أنه لم يتم تطبيق صحيح القانون نقضت الحكم محل الطعن، ليتم بعد ذلك بإرجاعه إلى نفس الجهة التي أصدرته ليتم إعادة النظر فيه، بعد أن تبين مختلف الأوجه المثارة، والنقائص التي تشوبها.

تجدر الإشارة إلى أنه عادة ما يلجأ قضاة الدرجة الأولى بالأخذ بالمبادئ التي تتضمنها ق ا ر ا رت المحكمة العليا، للعمل بها على سبيل الإستئناس، وذلك لإعتبارات أدبية، نظرا لطول الخبرة التي يتمتع بها قضاة المحكمة العليا، وكذلك لإعتبارات عملية، كون أنهم يعلمون أن أحكامهم يمكن أن تكون محل طعن أمام هذه الهيئة وبالتالي إمكانية نقضها وإلغائها.