1. الفرع الأول: المصادر الرسمية

1.2. ثانيا: المصادر الرسمية الأصلية الاحتياطية

هي التي يلجا اليها القاضي إن لم يجد نصا في التشريع ينطبق على النزاع المطروح أمامه وكما رأينا في المادة الأولى من القانون المدني فقد نص المشرع على تلك المصادر بحسب أولويتها وأهميتها .

1-       مبادئ الشريعة الإسلامية

نص المشرع الجزائري من خلال المادة 1 / 1 من القانون المدني الجزائري: "إذ لم يوجد نص تشريعي حكم القاضي بمقتضي مبادئ الشريعة الإسلامية".

ويقصد بالشريعة الإسلامية السمحاء ما شرعه الله سبحانه وتعالى لعباد من الأحكام على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم سواء كان بالقرآن نفسه أو بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومنه فمبادئ الشريعة الاسلامية هي الأصول الكلية التي تتفرع عنها الأحكام التفصيلية فهي المبادئ العامة التي لا تختلف في جوهرها من مذهب لآخر , وإن نصوص الشريعة الاسلامية أتت في القرآن وتركت تفصيلات للاجتهاد في التطبيق بحسب المصالح الزمنية إلا القليل من الأحكام التي تتناولها بالتفصيل كأحكام الميراث .

في حين أن المقصود بالفقه الاسلامي هو الاجتهاد للتوصل الى استنباط الاحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية و وهو الجانب العلمي من الشريعة وقد نشأ تدريجيا منذ عصر الصحابة نظرا لحاجة الناس . وظهرت عدة مذاهب فقهية الى أن انتهى الأمر لوجود أربعة مذاهب: المذهب الشافعي، المذهب المالكي، المذهب الحنبلي، المذهب الحنفي.

ولقد اتفق جمهور علماء المسلمين على أربعة مصادر للأحكام الشريعة : وهي :القرآن الكريم، السنة ، القياس .

 على القاضي إذا لم يجد حكما للتشريع الرجوع لمبادئ الشريعة الاسلامية ويستخلصها منها وذلك باعتبار الشريعة مصدر ثاني بعد التشريع . ونجد أن الاحكام المتعلقة بتكوين الأسرة ونظامها من زواج وطلاق نسب ونفقة الأحوال الشخصية نجد أن المشرع الجزائري قد صاغها في قانون سماه قانون الأسرة الصادر بموجب القانون رقم 84-11 المؤرخ في 9 جوان 1984 والذي تم تعديله بموجب الأمر رقم 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 وأغلب نصوصه مستمدة من الشريعة الإسلامية وتعتبر الشريعة مصدر مادي تاريخي للتشريع يلاحظ في حالات عديدة أن الشريعة الاسلامية تعد مصدرا ماديا للقانون مثل الأحكام الخاصة بتصرفات المريض مرض الموت وكذلك نظرية الظروف الطارئة التي نص عليها القانون المدني مأخوذة من نظرية العذر في الشريعة الاسلامية

2-      العرف

أ‌-        تعريف العرف : ويمكن تعريفه على أنه إطراد أو تكرار سلوك الأشخاص في مسالة معينة بطريقة معينة مع الاعتقاد بإلزاميته.

ب‌-    أركان العرف :من تحليل التعريف السابق يتضح أنه يقوم على ركنين :

  • الركن المادي : يقصد به اعتياد الناس على اتباع مجموعة من التصرفات التي تخص أمور حياتهم في المجتمع أو هو تكرار الناس لسلوك معين في مسالة ما بطريقة معينة, ولتوفر هذا الركن يلزم تحقق الشروط التالية :

-           يلزم أن تكون العادة عامة ومجردة على غرار القاعدة التشريعية, أي أن ينصرف حكمها على الأشخاص بصفاتهم لا بذواتهم ولا يقصد بالعموم هنا أن تخاطب القاعدة العرفية كافة أفراد المجتمع فقد تكون مهنية خاصة بمهنة معينة مثل التجارة .

-           أن تكون قديمة أي مضي على ظهورها مدة تكفي للتأكد من استقرارها في المجتمع و مسألة تحديد المدة اللازمة لاعتبار العادة قديمة هو متروك للسلطة التقديرية للقاضي, وفقا للظروف لأنه يختلف باختلاف موضوع العلاقات التي ينظمها .

-           أن تكون ثابتة" مستمرة " بمعنى أن يكون تكرارها بصفة منتظمة يؤكد استقرار التواتر عليها دون انقطاع .

-           وجوب مطابقة العادة للنظام والآداب العامة, ولكن هناك من يرى أنه لا يمكن التسليم به نظرا لأن العرف يتكون من الجماعة ويأتي متطابقا مع مبادئ المجتمع فلا يتصور مخالفتها للآداب العامة

  •  الركن المعنوي : وهو اعتقاد الناس بإلزامية العادة أي شعور الناس كافة بأنهم ملزمون باتباع هذه العادة أي أصبحت قاعدة قانونية ويتعرضون للجزاء في حالة مخالفتهم لها , وينشئ هذا الشعور أهمية تدريجيا.
  • أنواع العرف :

هناك نوعان للعرف

أ/ العرف المكمل للتشريع ولمبادئ الشريعة الإسلامية :

إن المشرع الجزائري نص صراحة في المادة الأولى من القانون المدني الجزائري على أنه في حالة عدم وجود نص في التشريع يرجع لمبادئ الشريعة فإن لم يوجد فيرجع للعرف ,فإن لم يجد القاضي نصا في التشريع تعين عليه أن يكمل ما في التشريع من نقص بالاستعانة بالقواعد العرفية فالدور الذي يقوم به العرف هو تكميل التشريع , ) نقص التشريع أي عدم وجود قاعدة تشريعية ( وتوجد أعراف مكملة لمختلف فروع القانون بإستثناء القانون الجنائي فلا يعد العرف مصدرا لقواعده اذا تنص المادة الاولى من قانون العقوبات : ' لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ' أي إذا لم يجد القاضي الجنائي نصا يعاقب فانه لا يمكنه الحكم عليه استنادا لمصادر أخرى أما بالنسبة للفروع الأخرى للقانون فيلعب العرف دور مكمل مهم جدا فنجد :

في مجال القانون المدني : مثلا نجد أنه جرى العرف في البيع بالعربون على فقدان المشتري للعربون الذي دفعه في حالة عدوله عن الشراء .

في مجال القانون التجاري : نجد أن الميدان الخصب للقواعد العرفية إذا للعرف أهمية خاصة في العلاقات التجارية وها نظرا لتجدد مطالب الحياة التجارية وسرعتها وتنوعها وتطورها المستمر .

مثال : قاعدة إفتراض التضامن بين المدينين لدين واحد فيستطيع الدائن الرجوع على أي منهم ومطالبته بالوفاء به.

ب/ العرف المساعد للتشريع :

يكون الرجوع اليه ليس بغرض سد النقص الوراد في التشريع, وانما رغبة من المشرع في إخضاع هذه المسائل للعرف لكونه أكثر ملائمة لضمير الجماعة فيستعين القاضي بالعرف لتفسير إرادة المتعاقدين .

مثال : المادة 111 الفقرة 02 من القانون المدني الجزائري : '' إذا كان هناك محل لتأويل العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ , مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة بين المتعاقدين, وفقا للعرف الجاري في المعاملات (

ملاحظة : نجد أن دور ومكانة العرف المكمل أقل بكثير من دور العرف المساعد نظرا لأن المشرع عادة ما يذهب لسن القواعد العرفية المستقرة لقواعد تشريعية.

3-      القانون الطبيعي وقواعد العدالة

عرف الفقهاء والفلاسفة فكرة القانون الطبيعي منذ زمن بعيد وقالوا بوجود قانون أسمى من القوانين الوضعية ومثال أعلى يجب على كل مشرع الاهتداء به عند وضع القوانين الوضعية القانون الطبيعي الذي يتكون من قواعد عامة أبدية صالحة لكل زمان ومكان.

فالقانون الطبيعي بصفة عامة هو مجموعة المبادئ التي يكشف العقل الانساني عنها ويسلم اليها لضبط سلوكه .

و القانون الطبيعي هو مجموعة القواعد الأزلية الأبدية الكفيلة بتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع.

أما قواعد العدالة فهي تكمل فكرة القانون الطبيعي لأنها تتكفل بتطبيق مبادئ القانون الطبيعي في حلول تراعي فيها ظروف كل حالة انفراد فالقاضي فيما يتعلق بقواعد العدالة . مهمته الوصول الى حل يطبقه على النزاع المطروح أمامه ومن الحلول العادية نجد :عند وجود حلول متعددة لحالة واحدة يجب الأخذ بأقربها لاعتبارات انسانية.