أسباب الادمان
Conditions d’achèvement
تجدون في هذا الكتاب أسباب الادمان
2. الأسباب التي تعود إلى الاسرة و المجتمع لتعاطي المخدرات
1-الأسباب التي تعود إلى الأسرة: تعتبرُ الأسرة الخلية الأولى في المجتمع، وهي التي ينطلقُ منها الفردُ إلى العالم الذي حوله بتربية معينة وعاداتٍ وتقاليد اكتسبها من الأسرة التي تربها فيها، لذا يبقى الحرصُ عليها شديداً والاهتمام بسلامتها هدفاً يبتغى، لأن الطفل الذي يعيش في أسرةً رصينةٍ متماسكة يبقى وثيق العرى، رصيناً أمام كل المغريات والانحرافات السلوكية.وقد أظهرت نتائج تعاطي المخدرات أن تغلغل الاستقرار في جوّ الأسرة، متمثلاً في انخفاض مستوى الوفاق بين الوالدين، وتأزم الخلافات بينهما إلى درجةٍ من الهجرِ والطلاق، يولد أحياناً شعوراً غالباً لدى الفرد بعدم اهتمام والديه به. ومن الأسباب التي تعود للأسرة وتساهم في تعاطي المخدرات:
- القدوة السيئة من قبل الوالدين:يعتبرُ هذا العامل من أهم العوامل التي تدفعُ بالشباب إلى تعاطي المخدرات، ويرجع إلى ذلك التصرفات المخجلة من قبل الوالدين أمام أبنائهم، وما يسببه ذلك من صدمةٍ نفسية عنيفة للأبناء تدفعهم إلى محاولة تقليدهم فيما يقومون به من تصرفاتٍ سيئة.
- إدمان احد الوالدين:يشكلُ تعاطي المخدرات أو الإدمان عليها في محيط الأسرة مشكلة خطيرة تهدد حياة الأسرة وأمنها واستقرارها، حيثُ أن تعاطي الأب للمخدرات يسبب مشاكل وتحديات اجتماعية واقتصادية وقيمية تواجه جميع أفراد الأسرة مجتمعين ومنفردين، وتنعكس سلبياً على مقومات تماسكها وترابطها وتآلفها، وفي حالة تعاطي الأم للمخدرات تصبح الصورة أكثر قتامةً وتشويشاً أمام الأبناء،حيثُ يصبح الوضع في هذه الحالة مأساوياً ومزرياً سلوكاً وتعاملاً،لأن تقليد سلوك الأم ومحاكاتها في تصرفاتها أقرب عند الأطفال من غيرهم، وأكثر قبولاً واستساغةً وممارسةً
- انشغال الوالدين عن الأبناء:إن انشغال أحد الوالدين عن تربيتهما لأبنائهما خاصةً في مراحل زمنية مبكرة بدوافع السفر للخارج، او تحقيق العائد المادي فلن يجلب لهما سوى الضياع والوقوع في مهاوى الإدمان، وما يترتبُ على ذلك من أضرارٍ جسيمةٍ تلحق بالأبناء كالإدمان، والانهيار الخلقُي وغيرها من المشكلات النفسية التي تلحق بهما نتيجة غياب التنشئة السليمة لهما من قبل والديهما. فضلاً عن حالات غياب الأم عن البيت لفترات متباينة قصيرة أو طويلة، فإن الأطفال في هذه الحالة لا يجدون سوى الشارع لقضاء أوقاتهم،دون تمييزٍ بما يحمله أمثالهم وغيرهم من قيمٍ وسلوكياتٍ سلبية تصبحُ السمة الغالبة فيهم يمارسونها عن قصد أو غير قصد
- كثرة تناول الوالدين للأدوية والعقاقير: إن تعاطي المخدرات والإدمان عليها بشكلٍ مستمر من قبل الوالدين أمام الأبناء بصورةٍ علنية، وتوفرها في المنزل على مرآى الأبناء صغاراً وكباراً تخلقُ لديهم شعوراً إيجابياً نحو تعاطيها،وتتولد لديهم قناعاتٍ بعدم ضررها، ويغرس في نفوسهم مفهوماً بإباحيتها وعدم تحريمها. لأن التجربة ماثلةً أمامهم توحي بأن التصرفات التي يقوم بها أحد أعضاء الأسرة صحيحة ولا يشوبها أيّ لغطٍ أو ضررٍ، وبالتالي تصبح شرعية تناول الأبناء العقاقير والمواد المخدرة أمراً مباحاً لا يستوجب العقاب أو التوبيخ من قبل الوالدين ما دامت الأسرة تتصرف بهذا الشكل فلا ضير على الأبناء أن يقوموا بهذا الفعل أمام أسرتهم أو في مكان آخر.
- القسوة الزائدة على الأبناء:يعتمدُ هذا الأسلوب على استعمال عبارات قاسيةٍ جداً من الوعيد والترهيب والتأنيب والصراخ، وقد يكون هذا الأسلوب معتمداً على القهر الجسدي من ضربٍ وتعذيبٍ، وإساءة مادية، ويحدث ذلك أحياناً عندما يفشل الكلام اللفظي في الوصول إلى الهدف. وهذا الأسلوب في التربية يخلقُ في الأبناء النفور والهروب من الواقع المعاش، ويؤول بهم إلى الشعور بالنقص والارتباك، مما يسهل انقيادهم إلى الإنحراف والدفع بهم إلى طريق الفساد وتعاطي المخدرات.
2- الأسباب التي تعود إلى المجتمع:
- وجود بعض أماكن اللهو في بعض المجتمعات:تحرصُ بعض المجتمعات على أن تكون أماكن اللهو مناطق ترفيهية يزورها أفراد المجتمع للترويح عن أنفسهم من ضغوط الحياة وتعقيداتها المستمرة، لكن يحرصُ بعض القائمين عليها أحياناً إلى تشويها عبر إدخال المسكرات وبعض العقاقير المخدرة بهدف تحقيق أكبر قدرٍ ممكن من الإرباح الطائلة على حساب توفير الراحة النفسية للبشر، فضلاً عن استغلالهم بشتى الوسائل والطرق تحت ذرائع وهمية وحججٍ لا يستطيعُ العقل البشري تحملها أو استيعابها، فمن يريدُ أن يفسد عقول البشر والاتجار بهم فهو لا يسعى إلى توفير الراحة لهم.
- العمالة الأجنبية وتعاطي المخدرات:آدى استقدام الأيدي العاملة الإجنبية خاصةً من مختلف البلدان الآسيوية إلى دول الخليج خلال السنوات العشر الأخيرة إلى جلب العديد من السلوكيات المنحرفة كان أبرزها عادة تعاطي المخدرات بمختلف أنواعها وأساليبها.أظهرت نتائج الدراسة التي آجراها الباحث محمد العتيبي بعنوان:” دور العمالة الوافدة في ترويج المخدرات من وجهة نظر العاملين في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات” إلى أن أكثر الجنسيات من العمالةِ الوافدة ترويجاً للمخدرات ، إضافةً إلى بعض الطرق والأساليب التي اعتمدت عليها العمالة الوافدة في ترويجها للمخدرات كإخفاء المواد المخدرة في آماكن آمنة، وتجنيد بعض ضعاف النفوس لمساعدتهم في بيعها وترويجها، فضلاً عن استئجار الشقق واستعمالها كأوكار لبيع وترويج المخدرات، والتركيز على بعض سائقي الأجرة والشاحنات في نقل المواد المخدرة والترويج لها، ومن أكثر المواد المخدرة التي يروجّ لها الوافدون هي الحشيش، الكبتاجون*، الهيرويين، القات.
- وسائل الإيصال:يرى العديد من الباحثين أن بعض وسائل الإعلام كالإذاعة والتلفزيون والسينما، قد تؤدي أحياناً من خلال ما تقدم أو تعرض من أفلامٍ أو مسلسلاتٍ إلى الانخراط في دائرة الإدمان، وخاصةً تلك الأفلام التي يركز مضمونها على تعاطي المخدرات أو على الاتجار فيها أكثر من التركيز على إبراز الجوانب السلبية التي غالباً ما يقوم بها شخصيةً أو شخصياتٍ لها جماهيرية لدى المشاهد، فضلاً عن نوعية الأفلام والمسلسلات التي تسرف في إظهار حياة الرفاهية والبذخ على حساب القيم والأخلاق ممّا يخلق تناقضاً بين تطلعات الشباب وعدم توافر الوسائل اللازمة التي تمكنهم من تحقيق هذه التطلعات، بما يؤدي إلى تمرد الشباب وميلهم إلى العدوانية والعنف وآخيراً الإدمان. لا ننسى الإعلانات المعروضة على وسائل الإعلام مثل: التلفاز، وغيرها من وسائل الإعلام التي ساهمت بشكلٍ أو بأخر في تشجيع الاتجاهات نحو تعاطي المخدرات كالإعلان عن الكحول والتوباكو، من أجل تحقيق الأهداف المعروضة من وراء طرح الإعلان إلا وهي هدم العنصر الأساسي من عناصر القوة والتنمية إلا وهي الشباب.
- الموروث الثقافي:تعتبر نظرة المجتمع إلى المواد المخدرة وكيفية تعاملها معه من الأسباب المؤدية إلى الإدمان. ففي الوقت الذي يعتبرُ تناول المخدرات والكحول في المجتمعات والدول الأوروبية نوعاً من الموروث الثقافي وأحد مظاهر التلاقي الاجتماعي، فإن الوضع في المجتمع العربي والإسلامي يكون خلاف ذلك حيثُ أن الإكثار من شرب التدخين وتناول القهوة والشاي الأكثر تداولاً يعود في ذلك إلى طبيعة المجتمع الملتزمة والتي ترفض تناول أيّ مواد مخدرة من شأنها الإضرار بأفراد المجتمع، إلا ان الشيء المهم على سبيل المثال في شرب التدخين وهو أن تأثيراته السلبية وأعراضه لا تظهر على المريض إلا بعد عقدٍ أو عقدين من الزمن وهو بذلك يتلاقى في تأثيراته مع المواد المخدرة في حجم الأضرار والنتائج السلبية المتوخاه بفعل التعاطي المستمر من قبل المدمنين عليه من أفراد المجتمع.
- المدرسة:تعتبر المدرسة مؤسسه تربوية اجتماعية، لكنها قد تفشل في تحقيق وظائفها، وقد يرجع ذلك إلى عوامل متعددة قد ترجع إلى الحدث أو ترجع إلى المدرسة أو ترجع إلى الاثنين معاً، إلا ان سوء معاملة المدرسين وقسوتهم، قد تجعلُ من المدرسة مثيراً شرطياً للألم والعقاب، ويجد الطفلُ في الهروب من المدرسة الوسيلة المناسبة لخفض التوتر والقلق، وتصبح المدرسة في هذه الحالة أقل جاذبية لبعض التلاميذ، الذين يجدون في البيئة الخارجية للمدرسة أكثر أمتاعاً لتحقيق رغباتهم، فيهربون من المدرسة إلى المناطق الجاذبة، مما يسهل تعرضهم للإنحراف خاصةً إذا اجتمعوا مع أصدقاء السوء بالمدرسة وخارجها والمدرسة كمؤسسة اجتماعية لا تعمل وحدها، ولكنها جزءٌ من الثقافة العامة للمجتمع الذي تعملُ فيه، ظروفها هي ظروف ذلك المجتمع، فإن هي وجدت في مجتمعٍ جانح متفكك، وفي أحياء خربة فاسدة، فإنها بلا شك لا تجد من حولها من يحميها من أثر هذه الظروف الاجتماعية غير الملائمة، وبالتالي فهي اعجز من أن تحمي أطفالها من التعرض إلى تلك الأنماط السلوكية الجانحة التي تشيع حولهم لا يقتصر دور المدرسة تحقيق التكامل والتساند الوظيفي بين آدوار العاملين بالمدرسة بل تقديم مناهح غنيةٍ واسعةٍ ومشوقة، كما يجب أن يكون ذلك البيت الهادئ المريح الذي تتفتح بين جدرانه طاقات الفرد وكفاءاته، وعليها أن توفر المدرسين الإكفاء المتخصصين في شؤون تربية المتعاطين، والقادرين على التعامل معهم بروحٍ أبوية تنفذ إلى أعماقهم.