مجال علم الفلسفة
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | مجالات العلوم الاجتماعية - المجموعة د - أ.عيبود |
Livre: | مجال علم الفلسفة |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Monday 25 November 2024, 10:35 |
Description
1. تمهيد
فكر الإنسان منذ ظهوره على الأرض في كيفية إشباع حاجاته . وكان تفكيره في أول أمره تفكيرا محصورا ساذجا في كيفية الحصول على غذائه وكيف ينجو من أعدائه حتى يحافظ على حياته ،
وعندما حرر الإنسان حاجاته اتجه بفكره إلى هذا الكون الذى يحيط به حيث أدهشته ظواهره العديدة (ظاهرة البرق والرعد ، ظاهرة النمو ، ظاهرة الموت ، ظاهرة تغير الأشياء .. إلخ ) . وسأل الإنسان نفسه : لماذا تحدث هذا الأشياء ؟ ولماذا حدث هذا التغيير ؟ وإلى أين تنتهي هذه الأشياء كلها ؟ سأل الإنسان نفسه هذه الأسئلة وحاول الإجابة عنها ببساطة وفي حدود تفكيره.
هذه الأسئلة التي ترتبت على دهشة الإنسان من ظواهر الكون ، وتلك الإجابات التي حاول الإنسان أن يبررها ، يمكن اعتبارها بداية لنشأة علم الفلسفة ولعل هذا ما قصده المفكر اليوناني ” أرسطو“ بقوله : " إن الدهشة هي الأم التي انجبت الفلسفة " .
2. مفهوم الفلسفة
الفلسفة " لغة " كلمة يونانية معربة ، ولبيان أصل الكلمة نشير في إجمال إلى تاريخ استعمال الإغريق لها ، فقد كان فيهم فلاسفة دائمي التأمل في الكون محاولين فهم أصول الأشياء، ومصادرها الأولى، وأسبابها البعيدة.
وكلمة الفلسفة تتكون من كلمتين فيلو أي محب أو راغب وصوفيا أي حكمة أو معرفة، وتعني
"محب الحكمة " أو الراغب في المعرفة،
والفلسفة إذن هي (محبة الحكمة) وهي إعمال العقل في الكون والوجود
هناك عدة مفكرين وفلاسفة أعطوا عدة تعريفات للفلسفة يعرفه أبونصرالفارابي "بأنها العلم بالموجودات بما هو موجودة"
بينما يعرفها "الكندي" بأنها هي علم الأشياء بحقائقها الكلية.
عرّفها الفيلسوف "أفلاطون" بأنه الشخص يسعى للوصول الى معرفة الأمور الأزلية وحقائق الأشياء.
3. الغاية من دراسة الفلسفة
من المتفق عليه أن الفلسفة ما هي إلّا السعي وراء المعرفة، لذلك لا يكتفي الإنسان بملاحظة الوقائع وبما يدور حوله فقط، بل غالباً ما يثير الكثير من التساؤلات والجدل لكي يحصل على إجابة واضحة ومنطقية والوصول الى حقائق موضوعية، وهذا جلّ العلم الفلسفي فمن هنا ننطلق لأهداف هذا العلم والغاية منه:
- إن هدف الفلسفة الاستنارة والتنوير، وتبديد الوهم الظلامي والتحرر من كل الأفكار التي تنال من حياة الإنسان، لأن هدفها الإنسان ومكانته في العالم، ولهذا فهي أساس تشكيل روح التسامح لدى أفراد المجتمع.
- هدف الفلسفة هو خلق الوعي الصحيح عبر محاولات الإجابة المنطقية عن هذا النوع من الأسئلة. فتزود الناس بالمعرفة ومنهج المعرفة. وطرق الوصول للمعرفة بعامة والمعرفة العلمية بخاصة ليست وقفاً على الاستقراء والاستدلال، والتجربة وشروطها فقط، بل إن الفلسفة تزود المعرفة العلمية بمناهج البحث العامة كالمنهج التاريخي والمنهج البنيوي والمنهج الديالكتيكي والمنهج الفنومينولوجي.
- تدافع عن الحق والخير والجمال تزود الإنسان بأجمل القيم الضرورية لحياته، وتخلق طقوس الحوار، بعيداً عن الصراعات.
- تنمّي وتقّوي دراسة المهارات والقدرات العقلية من مثل التذكّر، الحفظ، الإقناع، اتخاذ القرار.
- تعطي العقل البشري طريقة منظمة لفهم ما يدور حول الفرد من ظواهر وحقائق
- توقظ الفكر المنطقي للوصول الى حقيقة موضوعية ومتسلسلة وذلك بالاستدلال الصحيح والفهم والتركيب والتنظيم والتحليل والتصنيف وبالتالي النتيجة
- تعزز القدرة اللغوية عند الفرد من خلال التعبير الدقيق والصارم خلال الحوار الفلسفي والتفكير بما يدور حوله من وقائع.
- تعزز ثقافة الفرد من خلال زيادة القراءة للوقائع التي تدور حوله للإجابة عن الأسئلة التي تدور في نفسه أو مع غيره من الأشخاص.
- تساعد الفرد على مواجهة مشاكله وإيجاد الحلول وإثباتها وبالتالي اتخاذ القرار.
- تساعد الفرد على معرفة الإرث الفلسفي وما حمل من أفكار وقيم فيأخذ منها ما هو إيجابي، وتوجيه ما هو سلبي نحو صلاحه وصلاح مجتمعه والذي بدوره يؤدي الى وصول الفرد الى التكيف الذي يحتاجه ويطلبه.
- الكل يمارس الفلسفة، بوعي أو بغير وعي في أساس كل النظريات الفلسفية، هناك أسئلة شرعية وأساسية، أسئلة يطرحها الجميع على أنفسهم وتنشأ عن حاجة حقيقية للوعي البشري.
- تزوّد المجتمع بمبادئ، وأصول، وغايات النظام الاجتماعي والتربوي اللذين يحكمان المجمتع، والحياة الاجتماعية فيه.
4. موضوعات الدراسة في الفلسفة
يمكن تصنيف الأسئلة الفلسفية في فئات. تسمح هذه التصنيفات للفلاسفة بالتركيز على مجموعة من الموضوعات المتشابهة هذه التصنيفات ليست شاملة وليست متبادلة، علاوة على ذلك، تتداخل هذه الموضوعات الفلسفية في بعض الأحيان مع بعضها البعض ومع استفسارات أخرى ويمكن تبيانها فيمايلي:
1-الميتافيزيقيا (ماوراء الطبيعة):
هي دراسة لأكثر السمات العامة للواقع، مثل الوجود، والوقت، والأشياء وخصائصها، وأجزائها، والأحداث والعمليات والسببية والعلاقة بين العقل والجسم. تشمل الميتافيزيقيا علم الكونيات، دراسة العالم برمته وعلم الوجود، ودراسة الوجود.
هناك نقطة رئيسية للنقاش بين الواقعية، التي تنص على أن هناك كيانات موجودة بشكل مستقل عن إدراكها العقلي ومُثُلها، والتي تؤكد أن الواقع مبني عقلياً أو غير مهم، تتناول الميتافيزيقيا موضوع الهوية، الجوهر هو مجموعة من السمات التي تجعل الكائن ما هو عليه بشكل أساسي وبدونه يفقد هويته بينما يكون الحادث خاصية لها الكائن، والتي بدونها لا يزال بإمكان الكائن الاحتفاظ بهويته، التفاصيل هي كائنات يُقال إنها موجودة في المكان والزمان، على عكس الكائنات المجردة، مثل الأرقام والعامة، وهي خصائص تحتفظ بها تفاصيل متعددة، مثل الاحمرار أو الجنس. نوع الوجود، إن وجد، للأجسام العالمية والأشياء المجردة هو موضوع نقاش.
2- علم الوجود
الأنطولوجيا أو علم الوجود أو علم تجريد الوجود، هو أحد الأفرع الأكثر أصالة وأهمية في الميتافيزيقيا يدرس هذا العلم في البحث في كشف طبيعة الوجود غير المادي في القضايا الميتافيزيقية المترتبة على التصورات أو المفاهيم والقوانين العلمية، مثل المادة والطاقة والزمان والمكان والكم والكيف والعلة والقانون والوجود الذهني وغيرها الكينونة أو الوجود إضافة إلى أصناف الوجود في محاولة لتحديد وإيجاد أي كيان أو الكينونة وأي أنماط لهذه الكينونات الموجودة في الحياة. ومع كل هذا فإن الأنطولوجيا ذات علاقة وثيقة بمصطلحات دراسة الواقع.
3- نظرية المعرفة:
هي دراسة المعرفة وطرق الوصول إليها.يدرس علماء المعرفة المصادر المفترضة للمعرفة، بما في ذلك الحدس، والسبب المسبق، والذاكرة، والمعرفة الإدراكية، والمعرفة الذاتية والشهادة. يسألون أيضًا: ما هي الحقيقة؟ هل المعرفة مبررة الإيمان الحقيقي؟ هل هناك أي معتقدات لها ما يبررها؟ تشمل المعرفة المفترضة المعرفة الافتتاحية (معرفة أن هناك شيئًا ما)، والدراية (معرفة كيفية عمل شيء ما) والتعارف (الإلمام بشخص ما أو شيء ما). يفحص علماء المعرفة هذه ويسألون عما إذا كانت المعرفة ممكنة حقًا.
الشك هو الموقف الذي يشك في ادعاءات المعرفة. حجة الانحدار، وهي مسألة أساسية في نظرية المعرفة، تحدث عندما يحتاج إثبات أي بيان إلى تبريرها في حد ذاته بمبرر آخر من أجل إثبات أي بيان. يمكن أن تستمر هذه السلسلة إلى الأبد، والتي تسمى اللانهائية، ويمكن أن تعتمد في نهاية المطاف على المعتقدات الأساسية التي بقيت غير مثبتة، أو ما يسمى بالتأسيسية، أو يمكن أن تستمر في دائرة بحيث يتم تضمين عبارة في سلسلة التبرير الخاصة بها، والتي تسمى التماسك.
العقلانية هي التركيز على التفكير كمصدر للمعرفة. يرتبط مع معرفة مسبقة، مستقلة عن التجربة، مثل الرياضيات والاستنباط المنطقي. التجريبية هي التركيز على الأدلة الرصدية عبر التجربة الحسية
4-المنطق
المنطق الدراسة المنهجية لشكل الاستدلال الصحيح. الحجة هي «سلسلة متصلة من البيانات تهدف إلى إنشاء اقتراح». سلسلة البيانات المرتبطة «تدعى المقدمة» والاقتراح هو الاستنتاج. فمثلا:
- كل البشر يموتون. (فرضية)
- سقراط من البشر.(فرضية)
-لذلك، سقراط سيموت.(نتيجة)
الاستنتاج المنطقي يكون عند الاستنتاجات الضمنية بشكل لا مفر منه، بالنظر إلى بعض الأسباب. تُستخدم قواعد الاستدلال لاستنتاج. لأن التفكير المنطقي هو عنصر أساسي في جميع العلوم.
العلوم الاجتماعية وتخصصات العلوم الإنسانية، أصبح المنطق علمًا رسميًا فيها. تشمل الحقول الفرعية المنطق الرياضي والمنطق الفلسفي والمنطق الشرطي والمنطق الحسابي والمنطق غير الكلاسيكي. والسؤال الرئيسي في فلسفة الرياضيات هو ما إذا كانت الكيانات الرياضية موضوعية ومكتسبة، تسمى الواقعية الرياضية، أو التي اخترعت، وتسمى لاواقعية رياضية.
5- علم الأخلاق
الأخلاق، أو «الفلسفة الأخلاقية»، تدرس ما هو السلوك الجيد والسيئ، والقيم الصحيحة والخاطئة، والخير والشر، تتضمن التحقيقات الأولية كيفية العيش حياة جيدة وتحديد معايير الأخلاق ويشمل أيضًا التحقيقات الفوقية حول وجود أفضل طريقة للعيش أو المعايير ذات الصلة الفروع الرئيسية للأخلاقيات هي الأخلاق المعيارية، الأخلاقيات الفوقية والأخلاقيات التطبيقية.يتضمن مجال النقاش الرئيسي التبعية، حيث يتم الحكم على الإجراءات من خلال النتائج المحتملة للفعل، مثل زيادة السعادة إلى أقصى حد، وتسمى المنفعة، وعلم الأخلاق، والتي يتم فيها الحكم على الإجراءات من خلال التزامها بالمبادئ ، بغض النظر عن الغايات السلبية.
5. مباحث الفلسفة
ميدان الفلسفة واسع ، وتقسيماته متعددة ،ونلاحظ ان هناك شبه اتفاق على أن مجالات الفلسفة يمكن تحديدها في ثلاثة مباحث رئيسية هي : مبحث الوجود ، ومبحث المعرفة ، ومبحث القيم ، وفيما يلي بيان موجز لمضمونات هذه المباحث:
أولا– مبحث الوجود
تهتم الفلسفة في هذا المبحث بـدراسة الوجود كوحدة مجردة من المادة ، ومن هذا نتبين أن موضوع علم الفلسفة الأول هو دراسة الوجود اللامادي بأهم معانيه وهو يشمل نوعين من الوجود، وهما :
- الوجود الروحي : كوجود الله ، ووجود النفس البشرية .
- الوجود غير المادي : الذي ينتزعه العقل من الوجود المادي المحسوس مثل وجود الخير ، والحرية والعدالة .. إلخ .
وتحاول الفلسفة في هذه المباحث معرفة حقيقة الوجود أو طبيعة الكون من خلال طرح عدد من التساؤلات مثل :
- هل العالم وجد بذاته أو أن هناك علة أوجدته ؟ فيحاول مبحث الوجود الكشف عن هذه العلة ليهتدي إلى خالق الكون ومن ثم التعرف إلى طبيعة الألوهية وصفاتها .
- ما الأصل الذي انبعثت عنه الكائنات أو الموجودات ؟ هل هو مادة أم روح ؟ أم مزيج منهما؟
- هل وراء الظواهر الكونية المتغيرة شيء ثابت ال يتغير ؟
وعندما تحاول الفلسفة البحث في الوجود ككل ويبحث في خصائصه إنما يحاول الكشف عن القوانين الكلية الثابتة التي تفسر حقيقة الوجود وتكشف عن جوهره.
ثانياً : مبحث المعرفة
يسمـى هذا المبحث أيضا بنظرية المعرفة، وفي هذا المبحث يحاول علم الفلسفة البحث في العلم الانساني ، والمعرفة الانسانية بصفة عامة ، وذلك من خلال طرح عدد من التساؤلات مثل :
1- هل يستطيع الانسان معرفة حقيقة الأشياء أو الموجودات ، وأن يطمئن إلى تلك المعرفة ؟
2- إذا كان باستطاعة الانسان معرفة حقيقة الأشياء ، فما وسيلة معرفته لها : الحس أم العقل أم الحدس ؟
3- وإذا استطاع الانسان معرفة حقيقة الأشياء بإحدى وسائل المعرفة ، فهل للمعرفة الانسانية حدود ؟ أم ليس لها حدود تقف عندها ؟
ثالثا: مبحث القيم
يهتم علم الفلسفة في هذا المبحث بدراسة المثل العليا للكشف عن ماهيات القيم المطلقة التي يسعى الإنسان لتحقيقها في حياتهم، ولكن ماذا يقصد علماء الفلسفة بالقيم المطلقة ؟ لقد ميز علماء الفلسفة بين نوعين من القيم هما : القيم النسبية، والقيم المطلقة .
- القيم النسبية : تعتبر وسائل لتحقيق غايات أبعد منها (مثل الاجتهاد الذي يؤدي إلى النجاح ، ومثل النجاح الذي يؤدي إلى السعادة )، والقيم النسبية متغيرة في الزمان مثل: تغير قيمة الفحم الحجري كوقود بعد اكتشاف النفط ، وفي الزمان مثل: تغير قيمة السلع في مناطق إنتاجها عن مناطق استيرادها ، وحسب حالات الشخص الواحد (مثل تغير قيمة الدواء للشخص في حالة الصحة عنها في حالة المرض).
- القيم المطلقة : تعتبر غايات في ذاتها ،إذ يطلبها الإنسان لذاتها ولا يلتمسها في ذاته لأغراض يبتغيها من ورائها (مثل السعادة التي تعتبر خيرا في ذاتها) والقيم المطلقة ثابته بمعنى أنها لا تتغير في الزمان، أو في المكان، أو في جميع الأحوال، وهي في غنى عن دليل أو برهان .
وقد حصر علماء الفلسفة القيم المطلقة في ثلاثة قيم هي :
1- قيمة الحق : التي يدرسها ( علم المنطق ) الذي يساعدنا على التزام الصواب وتجنب الخطأ بتحديده لشروط التفكير السليم ، وتمييزه لصحيح الاستدلال من فاسده .
2- قيمة الخير : التي يدرسها (علم الأخلاق ) الذي يساعدنا علي توجيه سلوكنا بتحديده لمعاني الخير والشر وتمييزه لمعايير الفضيلة والرذيلة، وشرحه لمفاهيم الضمير، والمسؤولية والواجب، والسعادة ، واللذة ..إلخ
3- قيمة الجمال : التي يدرسها(علم الجمال ) الذي يبحث في قيمة الجمال بتحديده لمعاني الانسجام ، والنظام ، والتنسيق ، والرشاقة في موضوعات الطبيعة والفن كما يبحث في موضوعات الإبداع والتذوق ، والحكم الجمالي وما إلى ذلك مما يساعدنا على ترقية الذوق ومما يجعل الحياة أكثر بهجة ومتعة.