مجال علم النفس

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: مجالات العلوم الاجتماعية - المجموعة د - أ.عيبود
Livre: مجال علم النفس
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Tuesday 23 July 2024, 04:53

Description

تخصص علم النفس في الجامعات - سطور

1. تمهيد

    يعتبر علم النفس أحد مجالات المعرفة الانسانية والاجتماعية الحديثة نسبيا، والذي تطور تطورا ملحوظا خلان القرن 19، وهو يبحث في الحياة النفسية للانسان ولازالت المحاولات والأبحاث العلمية تسعى جاهدة لفهم واحدة من أعقد الظواهر ألا وهي ظاهرة السلوك الانساني فهذا العلم يهتم بدراسة السلوك في محاولة لفهم هذا السلوك وتفسيره والتنبؤ به وضبطه.

   وعلم النفس هو واحد من أهم العلوم التي تساعد اليوم في بناء المجتمعات والرقي بها من خلال التركيز على أهم عامل من عوامل التنمية، وهو الانسان وسلوكه وقدراته وملكاته، فالكثير من الأبحاث والنظريات كرست لدراسة القوى الخفية المحركة لهذا المعمل الدائم الحركة، ومحاولة فهم وتعديل مشكلات محددة  أو للمساعدة على اتخاذ قرارات عقلانية قائمة على أسس علمية، فعندما يتطرق الباحث لدراسة موضوع علم النفس فغالبا ما يبدأ بالتساؤل حول مفهوم علم النفس، ما المقصود بالنفس أهي روح الفرد أم أحاسيسه ومشاعره أهي أسراره أم عقله أو أفكاره ومعتقداته، أهي سلوك الفرد، ثم كيف تدرس هذه النفس دراسة علمية لتطوير ما يسمى بعلم النفس.

2. تعريف علم النفس

لقد تعددت التعاريف لعلم النفس وذلك نتيجة تعدد الاتجاهات والنظريات:

 علم النفس يعني بالإنجليزية  psychology وهو مشتق من الكلمة اليونانية القديمة psyche وتعني العقل أو الروح والكلمة logos وتعني دراسة، والكلمتان معا تعني دراسة العقل.

يعرفه  الفيلسوف الأمريكي الشهير " وليام جيمس  في كتابه  " دروس مختصرة في علم النفس " بأنه وصف حالات الشعور وتفسيرها.

كما يعرفه جون بروداس واطسن علم النفس بأنه فرع تجريبي موضوعي من العلم الطبيعي ، هدفه النظري التنبؤ بالسلوك ضبطه.

وكذلك عرفه " وليام فونت " 1889 والذي يعتبر الأب المؤسس لعلم النفس : على أنه العلم الذي يبحث في الخبرة الداخلية للفرد ، أي في الإحساس والمشاعر والإرادة.

كما تم تعريفه " النفس هي جوهر الانسان ومحرك أوجه نشاطه المختلفة، سواء إدراكية أو حركية أو فكرية أو انفعالية أو أخلاقية... سواء أكان ذلك على مستوى الواقع العقلي أم على مستوى الوهم المتخيل علم النفس هو علم فهم  سلوك الانسان وغيره من الكائنات الحية، وذلك بمحاولة الاجابة عن الأسئلة الثلاثة هي:

1-   ما هو سلوك الكائنات الحية.

2-   كيف تسلك هذه الكائنات

3-   لماذا تسلك هذه الكائنات بهذا الشكل.

ويؤدي  فهم السلوك إلى ضبطه والتبؤ به وبالتالي التحكم فيه والمقصود بالسلوك كل أوجه النشاط التي تصدر عن الكائن الحي، سواء أكان هذا السلوك ظاهرا أو غير ظاهر.

من هذه التعريف المقدمة: فعلم النفس يهتم بدراسة جميع أنواع السلوك أو النشاط التي تصدر عن الانسان أثناء تفاعله مع البيئة وتوافقه معها، وأنواع السلوك كثيرة متعددة ومتشعبة مما تضع أمام علماء النفس كثيرا من المشكلات التي تتطلب الدراسة والبحث للعديد من تلك المشكلات خاصة ما يتعلق منها بكل من:

- الادراك الحسي وما للإنسان من أجهزة حسية خاصة يستطيع أن يدرك بها العالم الخارجي.

- دوافع سلوك الانسان وحاجاته المختلفة التي توجه سلوكه تجاه بعض الأهداف الخاصة التي تشبع هذه الحاجات والدوافع.

- انفعالات الانسان الفطرية والمكتسبة، ويدرسون أثر هذه الانفعالات في حياة الناس وسلوكهم وصحتهم.

- النمو الانساني ومراحله المختلفة والعوامل التي تؤثر فيه .

- طبيعة التعلم وطرقه ومبادئه.

- التذكر والنسيان والعوامل التي تساعد الانسان على التركيز والعوامل التي تساعده على النسيان.

- التفكير وقدرة الانسان على أن يستحضر صور الأشياء في تفكيره وأن يجمع في تفكيره بين أشياء كثيرة مختلفة ويقارن بينها أو يؤلف منها شيئا واحداً، وأن يحلل ويركب بين أجزاء مختلفة وقدرته على توقع الأحداث المستقبلية فيستعد لها قبل وقوعها.

- الفروق بين الناس سواء كانت هذه الفروق بدنية أو نفسية وعقلية، فالأشخاص مختلفون فيما بينهم في الوانهم وأطيافهم وأوزانهم وفي قدراتهم البدنية المختلفة، وهم مختلفون أيضا في الذكاء والقدرات العقلية وفي ميولهم ومواهبهم، واستعداداتهم الفنية والعلمية.

- الشخصية والعوامل المهمة التي تؤثر في تكوينها واسباب انحرافها وطرق علاجها.

3. نشأة علم النفس والمدارس النفسية

   يرى الكثير من المفكرين والعلماء أن جذور علم النفس تأتي من موضوعين هما الفلسفة والفسيولوجيا، إذ لاحظ الانسان وجود الظواهر النفسية منذ أقدم العصور، كما أدهشت ظاهرة التعلم والمعرفة عقول الفلاسفة الاغريق في القرنين الثالث والرابع قبل الميلاد، وحاول أفلاطون تفسيرها على أن المعرفة هي عملية تذكر للمعلومات الموجودة أصلا في العقل، ويذهب أرسطو إلى القول بأن المعرفة تأتي عن طريق الحواس، ولقد قدمت الكثير من المحاولات الفلسفية لتفسير السلوك الانساني، غير أن هذه المحاولات لا تعتبر جزءا من علم النفس، وذلك لأنها فلسفية وليست علمية، بمعنى أنها لم تستند إلى تطبيق المنهج العلمي في تطويرها.

وفي القرن التاسع عشر كان معنى علم النفس العلم الذي يدرس الروح أو الذي يدرس العقل وذلك للتمييز بين هذا الاصطلاح وعلم دراسة الجسد، ومنذ بداية القرن الثامن عشر، زاد استعمال هذا الاصطلاح سيكولوجية وأصبح منتشرا.

3.1. مدارس علم النفس

أ‌- المدارس الكلاسيكية:

1-  المدرسة البنائية:  يعتبر علم النفس " وليم فونت " أول من حاول دراسة علم النفس بطريقة علمية وذلك عام 1879 عندما أسس أول مختبر لعلم النفس في العالم في جامعة ليبزج بألمانيا، وكانت الظواهر الأساسية التي حاول فونت دراستها هي ظواهر الحياة العقلية من احساس وإدراك وتذكر، حيث عرف علم النفس في ذلك الوقت:" بأنه العلم الذي يدرس الخبرة الشعورية .

وقد استخدم فونت طريقة الاستبطان أو التامل الذاتي لحل المشكلات وكشف الخبرات الشعورية واطلق عليه علم دراسة الخبرة الشعورية، وكان يعتقد أن علم النفس يجب أن يتصدى إلى تحليل هذه العمليات إلى مكوناتها تماما كما يفعل الكيمائي عندما يحلل المركبات إلى عناصرها المكونة.

2- المدرسة السلوكية: يعتبر واطسون أول من قال بأن السلوك هو الذي يجب أن يهتم به عالم النفس بدل اهتمامه بأفعال الانسان الداخلية، وقد حاول أصحاب هذا الاتجاه تفسير السلوك الانساني عن طريق ما يجري خارج الجسم من أحداث بيئية مشيرين إلى فهم العلاقة النظامية بين هذه الأحداث وبين سلوك الانسان كاف لتفسير السلوك بدل اللجوء إلى الدراسة المعنية للخلايا الدماغية ووصلاتها العصبية المعقدة..

رأى واطسون أن علماء النفس ينبغي أن يتفرغوا لدراسة ما هو ملاحظ وقابل للقياس، ونقصد بذلك السلوك الظاهر. وقد عرف علم النفس بأنه ذلك الفرع من العلوم الطبيعية والذي يتخذ من السلوك، الفعال والأقوال، المتعلم وغير المتعلم، موضوعا..

3-     المدرسة الجشطالتية:  ظهرت هذه الحركة سنة 1912 في ألمانيا في نفس الوقت الذي ظهرت فيه الحركة السلوكية فيس أمريكا، ويعتبر ماكس فيرتهايمر" من اتبرز مؤسسيها، إذ يرون أن الادراك لايمكن أن يجزأ بالطريقة التي ينادي بها البنائيون والسلوكيون، فعندما ندرك شيئا ما فإننا ندركه ككل متكامل لا كمجموعة من الأجزاء.

والمبدأ الذي اشتهرت به هذه المدرسة، الكل أكبر من مجموع أجزائه أي أن مجموع الأجزاء لا يساوي الكل، فالكل يساوي مجموع الأجزاء إضافة إلى التنظيم الذي يعطيها المعنى.

ومن هنا فقد رأى أتباع هذه المدرسة أن الظواهر السيكولوجية يمكن أن تفهم بشكل أفضل عندما ينظر لها على أنها كليات منظمة، أي النظر للظاهرة على أنها كل متكامل لا على أنها مجموعة كبيرة من الأجزاء.

ب‌- المدارس النفسية الحديثة:

1- المدرسة السلوكية: يعتبر مؤسس هذه المدرسة جورج واطسن (1875-1958)، الذي عرف السلوكية بانها توجه نظري قائم على مبدأ علم النفس العلمي، يجب أن يدرس فقط السلوك القابل للملاحظة، وقد اقترح واطسن عام 1913 على علماء النفس أن يتركوا للأبد دراسة الوعي والخبرات الشعورية ، وأن يتم فقط التركيز فقط على السلوكيات التي تستطيع ملاحظتها مباشرة كونها قابلة للملاحظة والقياس والاختبار.

وفيمايلي أهم الخصائص المميزة للمدرسة السلوكية الحديثة:

-      تؤكد على أهمية استخدام المنهج العلمي في البحث العلمي.

-      السلوك الملاحظ هو موضوع علم النفس وذلك لأننا نستطيع دراسته دراسة موضوعية، أما العمليات النفسية الداخلية فلا يجوز دراستها لأننا لا نستطيع وصفها بشكل موضوعي.

-      غالبا ما يشار إلى النظريات السلوكية بنظريات المثير – الاستجابة، وذلك لأنها نظرت إلى السلوك على أنه استجابة لمثيرات  يتعرض لها الكائن.

-  يرون أن السلوك الانساني هو غالبا سلوك مكتسب أو متعلم.

-  يحدث التعلم من خلال تكوين ارتباطات بين مثيرات واستجابات أو بين استجابات وتعزيز أو عقاب.

-  لا تهتم النظرية السلوكية بالعمليات العقلية التي تحدث بين المثير والاستجابة .

-  تنظر هذه المدرسة إلى السلوك المعقد على أنه يتكون من مجموعة من الارتباطات بين مثيرات واستجابات وتعزيز.

ومن هنا فقد نادى أتباع هذه المدرسة بتجزئة السلوك وتحليله.

2- المدرسة المعرفية: ظهرت هذه المدرسة كرد فعل على الحركة السلوكية التي أهملت دور المعرفة والعمليات العقلية في السلوك، فالحركة المعرفية ترى أن الفرد ليس مستجيب سلبي للمثيرات البيئية وإنما هو يفكر ويفسر ويجري العديد من العمليات العقلية قبل أن يستجيب للمثير.

وتتصف المدرسة المعرفية بمايلي :

-  التركيز على أهمية العمليات المعرفية التي تتوسط بين المثير والاستجابة فالفرد ليس مستجيب سلبي، وإنما يقوم بمعالجة أنشطة المعلومات قبل أن يستجيب.

-  الفرد كائن نشط  وليس سلبي فهو يجري هذه العمليات بنشاط عقلي كبير مستعملا سلسلة العمليات المعرفية بدقة وفعالية.

-  يشبه علماء النفس المعرفيون العقل الانساني بجهاز الحاسوب ويرون أن الفرد يتلقى مدخلات ويجري عليها عدداً من المعالجات أو العمليات العقلية.

-  يمكن دراسة العمليات المعرفية دراسة علمية وموضوعية رغم أنها غير ملاحظة دون اللجوء إلى الاستبطان، لكن يمكن دراستها بشكل غير مباشر كاستخدام اختبارات الذاكرة ومهام حل المشكلة.

3- مدرسة التحيل النفسي:

  نشأت مدرسة التحليل النفسي على يد العالم النمساوي "سيجموند فرويد" ( 1856-1939) وهي من أكثر المدارس تأثير لا في علم النفس فقط بل في الفكر الانساني المعاصر بشكل عام.

حيث انطلق فرويد في تفسيره للسلوك الانساني من أسس بيولوجية وافترض بأن سلوك الانسان محكوم بغرائز فطرية لا شعورية في معظمها وهذه القوى  الخفية الني تحكم سلوك الانسان تمثل رغبات طفوليه قوية لم يرض عنها المجتمع فعاقبها عقابا شديدا إلى الدرجة التي ابتعدت فيها عن حيز التفكير الشعوري للفرد إلى مناطق حساسة، أما العمليات اللاشعورية والتي تعمل على الرغم من ذلك على التأثير في سلوكه.( سامي محمد ملحم، 2009، ص 17).

وبالتالي فقد استنتج أن سلوك الفرد يتأثر بالخبرات اللاشعورية المكبوتة عنده، إذ أن الفرد يلجأ إلى كبت الكثير من الخبرات والدوافع والرغبات التي يعاقب عليها المجتمع خاصة  الولدان، وبالتالي لكي نفهم سلوك فرد ما علينا أن نتعرف على طبيعة الخبرات المكبوتة لديه .

ويرى أن شخصية الفرد تتكون من ثلاث أجزاء هي: الهو، الأنا والأنا الأعلى، حيث استخدم فرويد طريقة التحليل النفسي من أجل علاج المشكلات والأمراض النفسية والتحليل النفسي يعني تحليل خبرات الفرد في محاولة للتعرف على الخبرات والدوافع والصراعات اللاشعورية المكبوتة والتي يفترض فرويد أنها السبب الأساسي للاضطراب النفسي والأسلوب الذي استخدمه في الحليل النفسي هو التداعي الحر.

4- المدرسة الانسانية: من روادها ( ماسلو وروجرز).

 تركز هذه المدرسة على جوانب القوة عند الانسان فهي تنظر للإنسان على أنه يتمتع بالإدارة الحرة والقدرة على اتخاذ القرارات وأنه قادر على التحكم في حياته وسلوكه وبالتالي فهو ليس أسيراً للمثيرات البيئية أو الدوافع اللاشعورية، ,ان الدافع الأساسي عند الانسان هو النزعة إلى النمو وتحقيق الذات، فالإنسان دائم البحث عن الأعمال والنشاطات التي تساعده على تحقيق طاقاته إلى أقصى َحدٍ ممكنٍ.

و يمكن تلخيص الملامح الرئيسية للاتجاه الانساني كمايلي:

-وصف الحياة والخبرات الداخلية أكثر من تطوير النظريات لتفسير السلوك والتنبأ به.

-يجب أن يكون الهدف الأساسي لعلماء السلوك تقديم الخدمات ومساعدة الأفراد على فهم أنفسهم والوصول بإمكاناتهم إلى حدها الأقصى.

-يتعين على علماء السلوك دراسة الانسان ككل، بدلا من تقسيمه إلى قطاعات وفئات كالإدراك والتعلم والشخصية.

-لابد أن تكون مشكلات الانسان المهمة هي موضوعات البحوث النفسية.

-يجب أن يركز علماء السلوك على العي الذاتي وكيف يرى الناس خبراتهم الخاصة.

-يتعين الاهتمام بفهم الفرد غير العادي وكذلك النمط العام والشائع بين الناس، وليس الاهتمام باكتشاف القوانين العامة التي تحكم سلوك الانسان.

-لابد أن يوسع علماء النفس من استراتيجياتهم في البحث، في استخدام الطرق الموضوعية، دراسة الحالة، الاستبطان غير شكلي، الانطباعات والمشاعر الذاتية لعلماء النفس أنفسهم.

4. أهداف علم النفس

  لعلم النفس أربعة أهداف والتي سنبينها بالتفصيل فيمايلي:

أولاً: الوصف Description  

الوصف تقرير عن الظواهر القابلة للملاحظة وبيان علاقاتها بعضها ببعض، وهو الهدف الأساسي لأي علم، ففي علم النفس يقوم المتخصصون بجمع الحقائق عن السلوك يمكن تعريف الانحراف بصورة عامة بأنه يمثل عدم الامتثال أو عدم الانصياع لمجموعة من المعايير المقبولة لدى قطاع مهم من الناس في الجماعة أو المجتمع ، ولا يمكن على هذا الأساس أن نضع خطا واضحا وفاصلا في أي مجتمع بين المنحرفين من جهة والممتثلين من جهة أخرى .ولا يمكننا أن نضع على قدم المساواة تصرفات مثل : المعاكسة بالهاتف ، ونشل محفظة أو حقيبة  في الشارع ، وسرقة قلم من ممتلكات مؤسسة ما  ، أو قيادة للتوصل إلى صورة دقيقة ومتماسكة عنه، ويستخدمون في سبيل ذلك كل الوسائل والطرق الفنية التي وصل إليها علمهم، ومنها: الملاحظة والاختبارات والمقابلات الشخصية والاستخبارات وغير ذلك من طرق الفحص التي تهدف إلى الوصف، مثال ذلك وصف السلوك العدواني لدى المراهقين، وسلوك الغيرة بين الأخوة ، والأحداث السارة كما يراها الراشدون ، وسلوك الأمومة لدى المرأة الحامل وغير ذلك كثير.

ثانيا: التفسيرExpalantaion

بعد وصف أنواع السلوك المختلفة وتصنيفها، وهذه خطوة أولى أساسية، يكون هدف علم النفس تفسير الظواهر وجمع الوقائع وتكوين الحقائق والمبادئ العامة التي يمكن فهم السلوك على ضوئها فهما جيدا، تساعدنا على فهم أنفسنا وسلوك الآخرين، مثال ذلك فهم العوامل التي تسير التعلم الجيد بطريقة اقتصادية وتفسيرها، وكذا محاولة تفسير الانحراف والعلل الاجتماعية كالإجرام وانحراف الأحداث والطلاق ، والاجابة عن الأسئلة: لماذا ترتفع معدلات القلق في الوقت الحالي على غرار السنوات الماضية؟، وماهي العوامل التي رفعت من معدلات الاكتئاب في العقدين الأخيرين من هذا القرن؟وهذه الخطوة جامعة لكل من فهم السلوك وتفسيره.

من هنا نرى أن عملية الفهم والتفسير تتم عن طريق الربط وإدراك العلاقات بين الظواهر المراد تفسيرها والأحداث التي تلازمها أو تسبقها، وإذا استطعنا فهم الظاهرة السلوكية، فنحن إذن قادرون على وصف وتفسير تلك الظاهرة وصفا وتفسيرا ينم عن فهم علمي دقيق لظاهرة السلوك هذه.

ثالثا: التنبؤ  prediction

 يؤدي التفسر إلى إمكان التنبؤ الدقيق بالسلوك، مثل التنبؤ باتساع انسان العين أو انقباضه بزيادة شدة التنبيه الضوئي الواقع عليه أو انقباضه، أو التنبؤ بأن شخصا ما سيحالفه النجاح إذا امتهن مهنة التدريس، والتي دلت الاختبارات النفسية على أنه يحوز القدرات والسمات اللازمة للنجاح فيها، وكذالك بالتنبؤ الذي يتوقع علاقة بين نوع التربية في الطفولة والشخصية في الكبر ( التربية الصارمة تؤدي إلى الاضطراب النفسي)، وعند التنبؤ بالسلوك فلا بد من التعرف إلى العلاقات الأساسية بين المنبهات والاستجابات، وكلما تنوعت المنبهات انخفضت دقة التنبؤات. .

فالتنبأ إذن هو إمكانية انطباق القانون أو القاعدة العامة في مواقف أخرى غير تلك التي تنشأ فيها أصلا، حيث يؤدي تفسير ظاهرة ما إلى إمكان التنبؤ الدقيق بالسلوك.

رابعا: الضبط  والتحكم:   Contro  

يحاول عالم النفس التنبؤ بالسلوك على ضوء الظروف المحددة التي تسبقه، أما فيما يخص بضبط السلوك أو التحكم فيه فإن الباحثين يرون أن تعديل السلوك الذي يحتاج إلى تعديل، كتعديل سلوك المريض النفسي بعلاجه، وضبط (تعديل) سلوك المراهق الذي يدأب على قضم أظافره، وكالوالدان يحاولان ضبط سلوك ولدهما، بالثواب إذا قام بسلوك حسن، وتهديده بالعقاب إذا اقترف فعلا سيئا، فإن التوصل إلى ضبط السلوك والتحكم فيه يعني أن عالم النفس قد فهم الشروط المهمة التي يحدث في ظلها هذا السلوك.   

وهناك بعض المصادر التي تساعد على دقة التنبؤ والضبط، فلا بد للمتخصص في علم النفس وهو يحاول التنبؤ بسلوك معين وضبطه، أن يدرس مختلف الجوانب لدى الشخص الذي صدر عنه ذلك السلوك، وهذه بعض الجوانب: .

-  المنبهات البيئية التي قد تسبب السلوك.

-  الدوافع البيولوجية والاجتماعية للسلوك.

-   ادراك الفرد لبيئته.

-   التعلم وتغيير الفرد سلوكه كي يناسب مطالب البيئة الجديدة.

-   تذكر الحوادث السابقة ومدى تأثيره في إدراك الموقف.

-   طريقة الفرد في التفكير وحل المشكلات.

   والأهداف الأربعة لعلم النفس : الوصف والتفسير والتنبؤ والضبط متداخلة متفاعلة، والعلاقة بينها جد وتيقة، وهي سياق لعملية واحدة متكاملة، تمثل مجتمعة أهداف علم النفس، وهذه الأهداف يشترك فيها مع غيره من العلوم.

 

 

5. فروع علم النفس

  لقد قسم المنظرون فروع علم النفس إلى قسمين أساسين من حيث الدراسة والبحث هما فروع نظرية وفروع تطبيقية:

5.1. الفروع النظرية

   والتي تهدف إلى توليد المعرفة واكتشاف القوانين التي تحكم السلوك وتطوير النظريات النفسية ويمكن ادراج عدة فروع منها:

1- علم النفس التجريبي: يعمل الباحثون على إجراء التجارب العلمية  الدقيقة لدراسة سلوك الانسان والحيوان، ويعنى بدراسة كل من القدرات والعمليات الادراكية والحركية، خاصة ما يتعلق منها بالإدراك البصري والسمعي والنطق والعمليات المعرفية خاصة ما يتعلق منها بالتذكر والتعلم والدوافع والانفعالات والانتباه والحالات الشعورية.( سامي محمد ملحم،2009،ص 22).

2- علم النفس الفسيولوجي: ويسمى أيضا علم النفس البيولوجي، والعاملون في هذا المجال ينتمون إلى المدخل العصبي البيولوجي، وهم يهدفون إلى اكتشاف العلاقة بين العمليات البيولوجية والسلوك.( أحمد يحي الزق، 2006،ص 34).

3- علم النفس التطوري: يعمل المختصون في هذا المجال على دراسة مجمل التغيرات التي تطرأ على شخصية الفرد من الاخصاب وحتى الوفاة.

4- علم النفس العام: يهتم بدراسة تارخ علم النفس والتقدم العلمي والمهني فيه، وعلاقته بالمجالات الأخرى من المعرفة الانسانية، والعلاقة بين التخصصات الفرعية لعلم النفس.( سامي محمد ملحم، 2009، ص22).

5- علم النفس الاجتماعي: ويدرس الكيفية التي يتفاعل بها الأفراد مع بعضهم البعض سواء أفراد أو جماعات.

6- علم نفس الشخصية:  ويركز على دراسة السمات والخصائص الثابتة نسبيا عند الفرد، وتلك السمات التي تجعل الفرد يسلك بشكل مختلف نسبياً عن الأخرين ، كذلك كيف تتفاعل هذه السمات مع العوامل الموقفية للتأثير على السلوك.

7- علم نفس الشواذ: يهدف إلى دراسة السلوك غير السوي، فهو يدرس اضطرابات السلوك والشخصية.

5.2. الفروع التطبيقية

1- علم النفس الارشادي: وهو علم يتعامل  مع المشكلات النفسية للأفراد لكن هذه المشكلات من نوع خاص، فهو الفرع الذي يتعامل مع المشكلات النفسية التربوية والاجتماعية والمهنية، وكل مؤسسة تربوية بحاجة إلى مرشد نفسي ليساعد الطلبة على اختيار المهنة التي تناسب قدراتهم وطرق الدراسة الفعالة ورفع تقدير الذات وأساليب التعامل مع مشكلات الحياة اليومية، مثل المشكلات مع الرفاق في السكن الجامعي والمخاوف من ممارسات وطرق التقييم عند بعض أعضاء هيئة التدريس....، وكذلك إحالة الأفراد ذوي المشكلات النفسية الحادة أو المزمنة إلى الأخصائي النفسي الاكلينيكي أو الطبيب النفسي، وهناك الارشاد النفسي الأسري والزواجي الذي يساعد على فهم حاجاتهم ومشاكلهم وطرق التعامل مع هذه المشاكل.

2-  علم النفس التربوي: وهو يهتم بشكل خاص بدراسة العملية التعليمية- التعلمية، وكيفية تاثيرها على الطالب وأساليب تطويرها، فهو مهتم مثلا بكيفية تعلم الأنواع المختلفة من السلوكيات الاجرائية والوجدانية والمعرفية والاجتماعية، وبأساليب فهم الذكاء وطرق تنميته، وبتطوير استراتيجيات تدريسه أفضل واساليب استثارة دافعية المتعلم وبتطوير طرق مختلفة لتقييم أداء المتعلم، وعلم النفس التربوي هو حلقة الوصل بين التربية وعلم النفس، ولذا فعالم النفس التربوي يضع الخطط التربوية لتنمية شخصية الطالب من كافة جوانبها الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية والأخلاقية.

3- علم النفس الصناعي والتنظيمي: يهدف إلى تطبيق الأساليب ونتائج الأبحاث النفسية لحل المشكلات التي تظهر في المجال الصناعي، ففي بدايات هذا المجال كان يتم استخدام اختبارات الذكاء والاستعداد لاختيار العمال ووضعهم في الماكن المناسبة حسب قدراتهم واستعداداتهم وفي الوقت الحالي بدأ علماء النفس الصناعي يشاركون في إجراءات وبرامج التدريب فعالم النفس مثلا يحدد طريقة وحجم ونوع وتوقيت المكافأة للمتدرب ويشارك في تحليل المهمة المعقدة إلى مهام متدرجة في الصعوبة ويختار الوقت المناسب للتدريب والأفراد الذين يستفيدون منه ويحدد طول مدة التدريب ويساهم في تطوير اتجاهات إيجابية عند العمال نحو العمل، كما يعمل على إرشاد العمال وتنمية أخلاقيات المهنة لديهم ويحدد طرق الاتصال التنظيمي الفعالة بين الرؤساء والمرؤوسين ويساهم في تشكيل معدلات فعالة ومناسبة لبيئة العمل.

4- علم النفس الرياضي: ويهدف إلى تطبيق المعرفة النفسية في المجال الرياضي والتدريبي، فعالم النفس الرياضي يدرس دور الدافعية والانفعالات والعوامل الاجتماعية في الموقف الرياضي وهو يطرح أسئلة مثل: هل هناك فروق في الشخصية بين الأفراد الذين يشاركون والذين لا يشاركون في برامج تدريبية رياضية، وهل المشاركة في الألعاب الرياضية يقلل من السلوك العدواني.

5- علم النفس العسكري: ويهتم بالمشكلات والقضايا النفسية في المجال العسكري، مثل اختيار الأفراد للمهام المختلفة وتعينهم وتدريبهم واستثارة دافعيتهم وحالتهم المعنوية وتصميم المعدات العسكرية  والحرب النفسية والتكفل النفسي للمتأثيرين نفسيا وعصبيا جراء الحروب التي خاذوها.

6-  علم النفس البيئي: ويدرس العلاقة بين الطبيعة والمادية وسلوك الأفراد حيث أن سلوك الفرد يتأثر بالبيئة التي يعيش بها فطبيعة المنزل والكثافة السكانية والضوضاء والثلوث والجمال والانسجام في البيئة من العوامل التي تؤثر على سلوك الفرد، وهو يساعدنا على فهم تأثير البيئة الطبيعية على مشاعر الفرد والكيفية التي نسلك بها نحو بعضنا البعض ومقدار الضغوط التي يشعر بها الفرد في المواقف المختلفة.

7-  علم النفس المدرسي: إذ أن المشكلات النفسية كثيرا ما تظهر خلال سنوات الدراسة الأولى، فإن المدارس بحاجة إلى أخصائي للتعامل مع هذه المشكلات لذا فعالم النفس المدرسي يركز على تقييم وعلاج مشكلات أكاديمية وانفعالية، فعالم النفس المدرسي يستخدم المفاهيم والمناهج النفسية لتطوير برامج في محاولة لتحسين ظروف التعلم للمتعلم، وهو يقدم النصح والارشاد للمدرس والمتعلم كما يستخدم التقييم التشخيصي للشخصية وللاستعداد الدراسي انطلاقا من حل المشكلات الأكاديمية ويعمل على تصميم أجواء نفسية ملائمة لتلقي المتعلم تعليما جيدا ومفيدا.

8- علم النفس الإكلينيكي أو العيادي: حيث يتم التركيز على كيفية التعامل مع الأفراد المضطربين وذلك في ضوء ما يفسر عنه علم النفس المرضي وعلم النفس الشخصية من مؤشرات ونتائج ويهتم ذلك الفرع بتشخيص الاضطرابات النفسية والعقلي ة واضطرابات الشخصية والاضطرابات السيكوسوماتية حيث يأخذ التشخيص بعدان، الأول يتمثل في التشخيص التصنيفي، والآخر يهتم بالتشخيص الدينامي للاضطرابات، ففي النوع الأول من التشخيص يعتمد الباحث على جملة من الأعراض المميزة لكل فئة مرضية ، أما النوع الثاني فيعتمد في ه الباحث على دراسة الصراعات الدينامية والأسباب الكامن ة ورا ظهور الأعراض المرضية على هذا النحو أو ذاك ومن ثم البدء في وضع ملامح التشخيص الدينامي لمثل هذه الحالات المرضية.

ويحدد (1975 )" Mackay  خمسة أنماط عريضة من البحوث ذات الطابع الإكلينيكي :

1-  إجراء التجارب السلوكية على الحيوانات بهدف الوصول إلى فروض محددة عن الطبيعة البيولوجية بالاضطرابات النفسية والعقلية .

2-  التحقق من الفروق التي تنم عن الاضطرابات النفسية في مختلف الجماعات والفئات المرضية .

3-  التفحص والتدقيق العلمي في دراسة أيباب الاضطرابات النفسية .

4-  المقارنة بين الأشكال المختلفة من العلاج .

5-  الكشف عن العلامات التي تمكن من الحكم على إمكانية شفاء مريض معين.