المحاضرة الثانية

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: مقياس فلسفة العلوم
كتاب: المحاضرة الثانية
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Wednesday، 3 July 2024، 12:22 PM

1. تمهيد

تعتبر الرياضيات أكثر العلوم دقة وأسبقها اكتمالا ونضجا،ولا مراء في أنه تعتبر نموذج اليقين والصدق والمعيار الذي تحاول كل العلوم الحذو وفقها والسير على خطاها،فلقد ظل العلم الرياضي منذ أن وجد ولا يزال العلم المثالي للتفكير الإنساني والنموذج الأكمل للمعقولية والدقة واليقين،وهذا يعود إلى طبيعة لغتها المضبوطة من جهة ،وصرامة منهجها الذي تقوم عليه من جهة أخرى،هذا الأخير الذي اعتبره ديكارت المنهج الأنسب والأمثل للبحث عن الحقيقة وأراد من خلاله إقامة مشروعه المعرفي لبناء علم شامل ينزع إلى تحصيل الحقائق في صورة واضحة ومتميزة.

  ولقد عرفت الرياضيات في تطورها عدة مراحل ساهمت في تقدمها من جهة وانبثاق الكثير من المفاهيم والأفكار الفلسفية من جهة ثانية ،ما أدى إلى ضرورة دراسة نقدية لهذا التطور وما نتج عنه،فولدت بذلك فلسفة الرياضيات.

   تعرف فلسفة الرياضيات على أنها دراسة تحليلية نقدية للمفاهيم والطرق المعرفية والمنطقية فيها،ولمنهج البحث الذي تعتمده،ومن هنا يتوضح الفرق بين الرياضيات وبين فلسفة الرياضيات من ناحية التحليل الذي تقوم به هذه الفلسفة على موضوعات العلم الرياضي،فعملية التحليل لقضية رياضية هي إجراء يقع خارج حدود العلم الرياضي إلا أنه متعلّق به،فهي فلسفة له[1].

  يمكن التمييز في الرياضيات بين مرحلتين:إحداهما كلاسيكية والأخرى معاصرة،تتميز كل مرحلة منهما بجملة من الخصائص والمميزات وظهور جملة من المقولات والأفكار تختلف عن المرحلة الأخرى،إلا أنهما ساهمتا في تطور الفكر الرياضي وتقدمه بشكل أو بآخر،حيث تعتبر المرحلة الكلاسيكية القاعدة التي بنيت عليها المرحلة الحديثة في الرياضيات،ولا يمكن فهم مسار هذا التطور إلا بتحليل الضوء عليها،لذا فالإشكال المطروح:ما خصائص العلم الرياضي الكلاسيكي؟وكيف ساهمت في تطور الفكر الرياضي بمختلف مراحله؟



[1]  فلسفة العلم ومنطق البحث العلمي:ص147.

2. خصائص الرياضيات في الحضارات الشرقية القديمة:

 لا مراء في أن الرياضيات بوصفها علما نظريا محضا إنما ظهرت واكتملت مع اليونان خاصة مع فيثاغورس ومدرسته في القرن السادس قبل الميلاد،لكن الأساس الذي بني عليه هذا الصرح إنما يعود إلى الحضارات الشرقية القديمة مثل المصرية والبابلية خاصة،فعند المصريين تطورت الرياضيات تحت ضغط الحاجات العملية الاقتصادية والاجتماعية،ولأن ما يميز هذه الحضارة توسط نهر النيل لأراضيها مما جعل أفرادها يبتكرون طرقا وأساليب هندسية لتحديد مساحة الحقول وتنظيم الزراعة والري ،كما أن اهتمامهم ببناء الأهرامات جعلهم يتقدمون حثيثا في استعمال الخطوط والحسابات،فكانوا يحسبون مساحات بعض الأشكال الهندسية مثل مساحة نصف الكرة،المثلث المتساوي الساقين،كما أنهم استعملوا الكسور واستخدموا العمليات الأربع،وتمكنوا من حل المعادلات من الدرجة الأولى[1].

  أما البابليين فقد استعملوا الحساب والهندسة في دراسة حركات الكواكب والنجوم وقياس الزمن وتنظيم الفلاحة والملاحة وشؤون الري،وقاموا بحل معادلات من الدرجة الثانية.

 

   لكن رغم تطور الفكر الرياضي عند هذه الحضارات إلا أنه لم يصلنا إلا القليل،مما يوحي أنهم بحثوا في المجال التطبيقي أكثر من المجال النظري،مما نتج عنه تصور كلاسيكي للعلم الرياضي قائم على التطبيقات العملية والحاجات الاجتماعية  أكثر من التصورات النظرية المجردة التي نجدها عند اليونان بعدهم،وهذا نظرا لما تمليه عليهم الظروف الاجتماعية والجغرافية وبالتالي لم يتمكنوا من إنشاء علم الهندسة كعلم نظري له قواعده وقوانينه ونظرياته ،وبالتالي كان عصر هؤلاء بمثابة مقدمة للرياضيات ومنهجها الذي اكتمل في العصر اليوناني [2]،وإن كان هذا لايمنع  وجود بعض من البحوث النظرية لديهم



[1]  محمد عابد الجابري:مدخل إلى فلسفة العلوم،مرجع سابق،ص57.

[2]  كامل محمد محمد عويضة:إقليدس بين الفلسفة والمنهج الرياضي،دار الكتب العلمية،لبنان،ط1،1994،ص ص18،19.

3. خصائص الرياضيات عند اليونان

  قام اليونان بنقل الإرث الرياضي من الحضارات الشرقية القديمة وذلك بعد زيارة كل من فيثاغورس وأفلاطون وقبلهما طاليس المالطي بلاد الشرق،لكنهم طوّروها-الرياضيات- أكثر مما كانت عليه،فأصبحت بذلك رياضيات نظرية مجردة  بعد أن كانت عملية تطبيقية مرتبطة بالحاجة اليومية ،والدليل على هذا اكتشاف اليونان لمفاهيم رياضية جديدة خاصة التجريد ،التعميم،التحليل والتركيب..الخ،يقول أفلاطون:"ليست مهمة العلم الرياضي خدمة التجارة في عمليات البيع والشراء كما يعتقد الجهال،بل تيسير طريق النفس في انتقالها من دائرة الأشياء الفانية إلى تأمل الحقيقة الثابتة الخالدة"[1].

   لقد أصبح موضوع الرياضيات الماهيات الذهنية التي تتمتع بوجود موضوعي مستقل وكامل مثلما هو الحال في عالم المثل عند أفلاطون،فكما أن العدد تصور ذهني خالص من الصعب ربطه بالمحسوسات فكذلك الأشكال الهندسية يجب أن تكون هي الأخرى تصورات ذهنية خالصة أي ماهيات عقلية،إذن فالأشكال الهندسية ماهي إلا رسوم تقريبية تحاول أن تحاكي الحقائق الهندسية  الكاملة الموجودة في عالم المثال.

  لكن اليونان اقتصروا في أبحاثهم على الهندسة المستوية فقط دون الهندسة الفراغية،لأن هدفهم تشييد صروح بسيطة ومنتظمة قائمة على التناسق والكمال والجمال،وذهبوا إلى اعتبار هذه الأشكال الهندسية من صنع الالهة،فالالهة في نظر أفلاطون هي من صنعت العالم بواسطة العناصر الأربعة وفق الأشكال الهندسية المنتظمة.

 كما اهتم اليونان في خواص الأعداد:كالأعداد المتحابة والمتكاملة،فمثلا العدد المتكامل هو ذلك العدد الذي يساوي مجموع قواسمه مثل العدد28 والذي يساوي قواسمه(1،2،4،7،14)،أما الأعداد المتحابة فهي تلك الأعداد التي يساوي كل منها مجموع قواسم العدد الآخر،مثل العددين220و280 فهما متحابان لأن مجموع قواسمهما متساويان.

  إذن ما نلحظه أن الرياضيات الاغريقية  في بدايتها ابتعدت عن التطبيقات والأهداف العملية ورفضوا كل ارتباط بين الواقع والرياضيات،مهتمين فقط بالمجال الذهني النظري المجرد بحثا عن المفاهيم والأفكار البسيطة.

  لكن مع أرسطو (384-322 ق م) وإقليدس اكتست الرياضيات طابعا منطقيا حيث تم تشييد البناء الرياضي وفق البرهنة الرياضية القائمة على قواعد منطقية صارمة:فلا توجد قضية رياضية إلا ويبرهن عليها منطقيا إما البرهان المباشر أو البرهان بالخلف بالاعتماد على مجموعة من المنطلقات والتي أسماها بالأصول وأقام النسق الاستنباطي المنطقي وفقا لتعاليم أستاذه أرسطو الذي يعتبر الرياضيات من العلوم البرهانية.



[1]  المرجع نفسه،ص57.

3.1. خصائص الهندسة الإقليدية:

قبل أن نعرف خصائص هندسة إقليدس لابد أن نتعرف عن مفهوم النسق الاستنباطي ،حيث يقصد به"أن يحوي العلم ذو الطبيعة الصورية مجموعة من القضايا الأولية توضع صريحة واضحة  منذ البدء ،نسلم بصدقها دون برهان وتستنبط منها قضايا أخرى هي نظريات ذلك العلم"[1] ،وهذه القضايا  الأولية هي ما يقصده أرسطو بقوله"إن كل نسق يبدأ بثلاثة عناصر:تعريفات،مبادئ وفروض،يبدأ بها كل برهان،لكنها ذاتها لا تقبل البرهان"[2]،بالإضافة إلى اعتماد هذا العلم البرهاني على مبادئ منطقية هي:مبدأ الهوية،مبدأ عدم التناقض،مبدأ الثالث المرفوع.

  يتميز النسق الإقليدي بأنه نسق يقيني استنتاجي،حيث أن المقدمات التي يستند إليها هذا النسق هي يقينية أي مطابقة للواقع الخارجي ،ومن هنا تكون القضايا المشتقة عنها يقينية أيضا،وأول من طبّق هذا المفهوم الرياضي اليوناني إقليدس.



[1]  حسين علي:مبادئ المنطق الرمزي،ص124.

[2]  محمد ثابت الفندي:فلسفة الرياضيات،ص44.

3.2. أسس ومبادئ الهندسة الإقليدية

تعد الهندسة الإقليدية أقدم نموذج علمي ذو منهج واضح للمعرفة الرياضية،ويعتبر إقليدس أول من قام بدراسة نسقية للنظريات الهندسية التي كانت سائدة في عصره في الفترة الممتدة من القرن 6إلى القرن 3 ق م في كتابه المشهور باسم "الأصول" وهو الكتاب الذي ظل منذ ذلك الوقت وحتى القرن الماضي (ق 19م)أساسا للدراسات الهندسية[1].

  ويرجع نجاح كتاب الأصول غلى ذلك المنهج المتبع في عرض النظريات المبعثرة التي كانت موجودة عند الفيثاغوريين،ونظّمها في نسق علمي موحد محكم يتوقف فيها برهان كل نظرية لاحقة على نظريات أو مبرهنات أخرى سبق إثبات صحتها،وتستند جميع القضايا إلى أسس ومقدمات وأصول محددة قليلة العدد وثيقة الصلة"[2].

  وعلى أساس هذا المنهج ،عُرفت هذه الهندسة بأنها نموذج النسق الاستنباطي اليقيني والذي يقوم على مجموعة من المعطيات الأولية توضع قبل بداية كل برهنة،يتوقف عليها صدق كل نظرية وفق قواعد منطقية صارمة ولذلك سميت هذه المعطيات بالمبادئ،



 محمد عابد الجابري:مدخل إلى فلسفة العلوم،مرجع سابق،ص74.[1]

[2]  محمد محمد قاسم:نظريات المنطق الرمزي،بحث في الحساب التحليلي والمصطلح،دنيا الطباعة والنشر،مصر،ص142.

3.3. مبادئ النسق الإقليدي

أ-البديهيات Axiomes:

 يعرف لالاند البديهيات في معجمه الفلسفي على أنه قضايا بينة بذاتها لمجرد أن نسمع كلامها[1]،تتميز البديهيات عادة ببساطتها إلى درجة أنها لا يمكن أن تتأدى منها إلى ماهو أدنى منها،سماها إقليدس بالأفكار العامة،وسمّاها أرسطو بالمبادئ لأن إنكارها يؤدي إلى تناقض،لقد أراد إقليدس أن يبين أنها أفكار مستمدة من الخبرة الحسية فإنها تصدق على طبيعة المكان الفيزيائي،أي أنه مستمدة من الواقع ونحن ندرك مضمونها بالحدس[2].ومن أمثلة هذه البديهيات نجد:

 -الأشياء المساوية لشيء واحد متساوية.

 -إذا أضفنا أشياء متساوية إلى أشياء متساوية،فالنواتج الكلية تكون متساوية.

 -إذا طرحنا أشياء متساوية من أشياء متساوية،فبواقي الطرح تكون متساوية.

 -الكل أكبر من أجزائه.

 -المقادير التي ينطبق أحدها على الآخر متساوية.

ب-المسلمات:

  قضايا أقل وضوحا من البديهيات ومن ثمة تتطلب برهانا ،ولكن إقليدس يطالب بالتسليم بها دون برهان،لأن محاولة البرهنة عليها تعيق تقدم العلم،ويمكننا أن نستنبط منها قضايا لا تتناقض معها ولا تتنافى معها.

 من أهم هذه المسلمات نجد:

 -من الممكن رسم مستقيم بين نقطتين.

 -من الممكن رسم  دائرة من أي مركز.

   ويذكر العديد من المؤرخين أن إقليدس لم يذكر إلا هذه المسلمات في"الأصول"، " إلا أن بعض الرياضيين قد نقلوا ثلاثة من بديهيات إقليدس وأضافوها إلى مسلماته اعتمادا على بعض المخطوطات "(3)، وهذه المسلمات هي:

1-          المستقيمان لا يحددان مكانا.

2-          إذا قابل مستقيم مستقيمين وكون معها من ناحية واحدة زاويتين داخليتين مجموعهما أقل من قائمتين، فإن المستقيمين إذا امتدا يتقاطعان في النهاية من الجهة التي تكون فيها مجموع الزاويتين أقل من قائمتين (مسلمة التوازي).

 ج- التعريفات Définitions:

" وهي تشمل على تعريف الألفاظ المستخدمة في الهندسة، كالنقطة والخط والمربع، ولكن هذه التعريفات ليست قضايا، ومن ثمة لا توصف بصدق أو كذب، وإنما أرادنا إقليدس على البدء بها وقبولها "(1) إذ يبدأ إقليدس كتاب الأصول بسلسلة من التعريفات باعتبارها مبادئ لا تعبر عن جواهر الأشياء أو ماهيتها بل " هي تعريفات اسمية وليست واقعية وقد وضعت بغرض الوصول إلى أقصى درجة من الوضوح اللغوي مقترنة بذلك من المعطيات الأولية "(2).

ومن الملاحظ أن تعريفات إقليدس عكس تعريفات أرسطو، كونها أفكارا عامة مستخلصة من استقراء الجزئيات ثم يقوم بتركيبها ومن أهم تعريفاته نذكر:

  • النقطة هي ما ليس له أجزاء أو ما ليس له مقدار.
  • الخط طول دون عرض.
  •  نهاية الخط نقطتان.
  •  الخط المستقيم هو الذي يقع باعتدال بين نقطتي النهاية.
  •  السطح هو الذي له طول وعرض.
  •  المثلث المتساوي الساقين هو المثلث الذي له ضلعان متساويان.


[1]  أندريه لالاند:المعجم الفلسفي،ج1،منشورات دار عويدات،بيروت،ط2،2001 ،ص ص 125،126.

[2]  محمد فتحي عبد الله:معجم مصطلحات المنطق وفلسفة العلوم،دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر،مصر،2002،ص322.

(3)  كامل محمد محمد عويضة، مرجع سابق، ص 74.

(1)  محمد فتحي عبد الله: مرجع سابق، ص 322.

(2)  كامل محمد محمد عويضة، مرجع سابق، ص 72-73.

4. مميزات الهندسة الإقليدية

ومن هنا أمكن إقامة النسق الاستنباطي في ميدان علم الهندسة، ولعل هذا ما قصده F.Laurcat حين قال:وبالتالي فإن الهندسة في نظره تتميز بمظهرين مرتبطين لبعضهما البعض رغم اختلافهما.أولهما يتمثل في المضمون وهو مجموعة الخصائص الهندسية للفضاء ذو الأبعاد الثلاثة، والسطح ذو البعدين، وهي لا تزال مستخدمة ومهمة إلى أيامنا الحالية في العديد من النظريات ومجالات العمل،وثانيهما هو شكلها كنموذج لعدة أنواع من الاستدلال والذي لعب دورا معتبرا في تطوير الرياضيات(1).

    ومن هنا أصبح كتاب الأصول لإقليدس دائرة معارف للرياضة مدة قرون طويلة، كونه يلعب دورا مزدوجا في آن واحد، دور الغاية والوسيلة فهذه الأصول والمبادئ " غاية لأنها تفترض النظريات الهندسية الهامة والأكثر جمالا، وهي وسيلة لأن الحلول الجاهزة التي تقدمها إلينا هي أدوات نستطيع بها أن نقيم برهان على نظريات جديدة، فمصدرا جمال البرهان قد اجتمعا في عمل واحد بعينه "(2)، وهذا ما جعل باشلار ينعته بأنه كان " أساس العقل البشري "(3) آنذاك.

ومن هنا أصبحت الحقيقة الرياضية والهندسية خصوصا حقيقة يقينية ومطلقة كونها تقوم على الوضوح الذاتي لمبادئها وكذا المطابقة الخارجية للواقع، ومن ثمة " كانت هذه الهندسة نموذجا لعمل يمكن إقامة الدليل عليه مثلما نراه في كتاب الأخلاق لسبينوزا (Spinoza 1632-1677م) الذي استخدم فيه المنهج الهندسي للدلالة على أنه لا يقدم في هذا الكتاب إلا ما يراه متفقا مع البداهة واليقين أو الاستدلال والبرهان العقلي " (4)وقد حكم عليها كانط (Kant 1724-1804م)(*) بأنها الوحيدة الممكنة للإنسان لأن قضاياها ضرورية ومن ثمة فلا يمكن أن نقدم هندسة أخرى غير هذه الهندسة، فهي الهندسة بالذات كون ضرورتها مفروضة علينا لطبيعة التركيب الذهني، لأن العيان الخالص للمكان هو أساس علم الهندسة ومن هنا أقام عليها – كانط – نسقه الفلسفي وأحكامه التركيبية القبلية خاصة تلك المتعلقة بقبلية الزمان والمكان، وقبله كان ديكارت(Descartes1596-1650م) يعتبر أن الهندسة ككل مرشد للفلسفة ومن ثمة ظهر المعيار الديكارتي للحقيقة القائم على معرفة الشيء بوضوح، وأن تكون المبادئ العامة لأي علم جلية أو معروفة جوهريا، وهو ما نسعى به إلى البحث عن منهج يقوم على هذا المعيار يكون واحدا وموحدا بين كافة العلم مثلما نجده في كتابه " مقال في الطريقة ".



(1) François Lurçat :l’authorité dela science les éditions du Cerf,Paris,1995, p 147.

(2)  كامل محمد محمد عويضة، مرجع سابق، ص 76.

 (3) غاستون باشلار: الفكر العلمي الجديد، ترجمة: عادل العوا، ط4، 1996، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، دت، ص 14.

(4)  حسين علي: فلسفة العلم عند هانز راستنباخ، مرجع سابق، ص 170.

 (*)  فيلسوف ألماني، صاحب المذهب النقدي، من أهم مؤلفاته: نقد العقل المحض 1787.

5. خلاصة

-الرياضيات(الهندسة)بدأت تجريبة عملية قديما لترتقي إلى نظرية عقلانية صورية.

-تتميز الهندسة الإقليدية على مبدأ الازدواج في طبيعتها،إذ تمزج بين الحدس التجريبي وبين النسق المنطقي الصوري.

-تقوم الهندسة على مجموعة من المنطلقات تتميز بدرجة الوضوح الذاتي والضرورة المنطقية واليقين المطلق.

-الحقيقة الهندسية حقيقة مطلقة تقوم على تطابق النتائج للمكان ،كونها مستوحاة منه فهي قائمة على منهج يقيني استنباطي.

-تعتمد الهندسة الإقليدية على الصدق المادي مقارنة بالصدق الصوري.