مدخل لقانون البيئة
1. تعريف قانون البيئة
أولا: تعريف قانون البيئة
تمهيد:
إن الاهتمام الدولي بالبيئة و بالتحديد حمايتها من التدهور الناجم سواء على نشاطات الإنسان ، أو الانتهاكات الأخرى يكون أساسا من اهتمام الدول الأعضاء في المجتمع الدولي من منظمات دولية أو اقليمية تنشط في إطار حماية البيئة. ومنه كان التفكير الفعلي في إيجاد آليات قانونية مؤسساتية ، أو تشريعية كفيلة بالتصدي لهذه الانتهاكات دون المساس باستمرارية النشاطات التنموية. بمعنى آخر الاهتمام بالتنمية المستدامة في إطار المحافظة على البيئة ، و مراعاة حق الأجيال القادمة في بيئة نظيفة دون المساس بحقهم في التنمية.
وسنتطرق في هذا الموضوع إلى تعريف قانون البيئة من جهة ، و ونتطرق الى فروع هذا القانون من جهة أخرى.
تعريف قانون البيئة
أن التطرق الى تعريف قانون البيئة يقتضي أولا التطرق إلى مفهوم البيئة بشكل عام ثم محاولة الربط بين البيئة والقانون في عنصر موحد.
1ـ مفهوم البيئة
يستخم مصطلح البيئة في العديد من العلوم والمجالات المختلفة ، ويكون تغير المفهوم تبعا لتغير الموضوع الذي يستخدم فيه، فيقال البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية والبيئة الاقتصادية والبيئة السياسية ، وغيرها من المجالات.
أـ تعريف البيئة في اللغة
البيئة في اللغة هي إسم للفعل تبوأ أي نزل أو أقام أو استقر.ويلاحظ المتدبر للقرآن الكريم وجود المصطلح في العديد من الآيات القرآنية ومنها قوله تعالى" وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء" سورة يوسف الآية 56.
أما مصطلح بيئة في اللغة الفرنسية (environnent) فقد ورد في معجم لاروس بأنها مجموعة العناصر الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية سواء كانت طبيعية أو اصطناعية والتي يعيش فيها الإنسان والحيوان والنبات وكل العناصر الأخرى.
ب ـ تعريف البيئة اصطلاحا:
تعرف البيئة بأنها الوسط او المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان بحيث يتأثر ويؤثر فيه بكل ما يستعمله من عناصر طبيعية كالجبال ومسطحات مائية من بحار ومحيطات ، أو بيئة بشرية أسهم الإنسان في وجودها من عمران وشبكات طرق ومصانع وسدود وغيرها.
ج ـ المفهوم القانوني للبيئة
المشرع الجزائري في تعريفه للبيئة قام بحصر مدلول البيئة ضمن العناصر الطبيعية وذلك ضمن القانون الإطار 03ـ10 المؤرخ في 19 جويلية 2003 في نص المادة 03 من هذا القانون ، بأن البيئة تتكون من الموارد الطبيعية الحيوية واللاحيوية مثل الأرض والهواء والماء وباطن الأرض والنبات و الحيوان.
بمعنى أن المشرع الجزائري حصر مدلول البيئة في العناصر الطبيعية دون العناصر التي يدخل الإنسان في وجودها. هذا الذي أدى بنصوص قانونية بسد هذا الفراغ من خلال إدخال العناصر الغير طبيعية بفعل الإنسان في مفهوم البيئة ، وهو ما تجلى في نصوص القانون 90ـ29 المعدل والمتمم المتعلق بالتهيئة والتعمير ، وكذا القانون 98ـ04 المتعلق بحماية التراث الثقافي و قوانين أخرى.
2ـ مفهوم قانون البيئة
لم يكن مصطلح قانون البيئة معروفا في سلم أولويات المجتمع الدولي أو الوطني ، ولكن بدأ يعرف هذا القانون بعد تجلي آثار التدهور البيئي بسبب التقدم الصناعي والانفجار السكاني والحروب وما نتج عنها من تلوث لعناصر البيئة وصولا الى ما أصبح يعرف الاحتباس الحراري العالمي. ومن خلال ذلك يمكن اعتبار بدأ التأريخ لقانون بيئي بإنعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الأول للبيئة سنة 1972 في استوكهولم بالسويد ، ثم قمة الارض في ريو دي جانيرو بالبرازيل سنة 1992 ، وقمة جوهانسبورغ للتنمية المستدامة بجنوب افريقيا سنة 2002 ومن خلال كل هذه المؤتمرات وما تلاها أبرمت العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية البيئية صادقت الدول عليها وأدمجت في تشريعاتها الداخلية و بذلك أسس فعليا للقانون البيئي.
يعرف القانون البيئي بأنه فرع من فروع القانون العام نظامه القانوني مقرر لحماية البيئة والمحافظة عليها فوظيفة هذا القانون تتمحور حول منع الأضرار البيئية في حالة وقوعها، أو باتخاذ تدابير احترازية تمنع وقوع هذه الأضرار.
فالقانون البيئي ينظم الوسائل التي يتم بها توفير الحماية القانونية للبيئة سواء من حيث المؤسسات المسؤولة عن هذه الحماية ، أو النصوص القانونية المقررة لها.وعليه فيكون تعريف القانون البيئي بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تهدف الى حماية البيئة والمحافظة عليها من خلال ادارة وتنظيم نشاط الإنسان ، وتحديد السلوكيات التي تشكل تهديدا للبيئة ومنه تجريم هذه السلوكيات والبحث عن عقوبات لها.كما أن هذا القانون يستند في نصوصه دائما على مجموعة المبادئ المقررة في في المعاهدات والاتفاقيات و الاعلانات الدولية ، و دساتير وتشريعات وأعراف وأحكام قضائية داخلية. ومن أهم هذه المبادئ نذكر مبدأ التنمية المستدامة، مبدأ الحيطة ، مبدأ الملوث يدفع ، مبدأ الإنصاف ... اخ من المبادئ الأخرى.