إن الوظيفة الأساسية للدولة هي العمل على تحقيق القانون من خلال الوظائف الثلاث. و قد ثار تساؤل: هل الأفضل تركيز هذه السلطات في يد شخص واحد أو من الأحسن توزيعها على أكثر من هيئة واحدة؟! و قد تبيّن تاريخيا أن تركيز السلطة في يد شخص واحد قد أدّى في غالب الأحيان إلى قيام أنظمة استبدادية. لهذا ناد معظم الفقهاء و على رأسهم الفقيه"مونتسكيو" بتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات الذي يهدف إلى: منع الاستبداد و صيانة الحريات العامة من خلال الرقابة المتبادلة ما بين السلطات. تحقيق مشروعية الدولة من خلال ضمان حيادية و عمومية القاعدة و بالتالي كفالة تطبيقها تطبيقا سليما. تقسيم العمل و إتقانه و تقسيم الوظائف بين الهيئات الثلاثة يؤدي إلى تخصص كل واحدة بالمهام الموكلة إليها و هذا يؤدي بدوره إلى إتقان كل سلطة لعملها. و قد حاول بعض الفقهاء انتقاد هذا المبدأ على أساس أنه حاليا فقد أهميته و أنه يصعب تحقيقه في الواقع العملي فإنه يتعارض مع فكرة عدم تجزئة السيادة إلاّ أن هذه الانتقادات تستند إلى الفهم الخاطئ لمبدأ الفصل بين السلطات و إنما هو قاعدة من القواعد التي تمليها الحكمة السياسية. و من خلال هذا المبدأ تم بناء الأنظمة السياسية المقارنة التي اختلفت في تفسيرها لمبدأ الفصل بين السلطات فمنهم من أخذ به على إطلاقه و منهم من تم تقييده، و عليه السؤال المطروح ماهي أنواع ألأنظمة السياسية المعاصرة؟ ماهي طبيعة النظام السياسي الجزائري؟ و ماهي المبادئ التي تقوم عليها هذه الأنظمة؟

* ما يجب التنبيه إليه أن هذا المقياس هو موجه إلي طلبة السنة الأولي حقوق السداسي الثاني، و بالتالي كي يتمكن الطالب من دراسة هذا المقياس ، من المفروض انه قد اكتسب في السداسي الأول بعض المفاهيم و المبادئ القانونية المتعلقة بالقانون الدستوري عند دراسته لنظرية الدولة و الدستور، و هذا لكي يتسنى له متابعة السداسي الثاني المتعلق بالأنظمة السياسية.