لقد تعددت التعريفات المقدّمة للتقويم في الأدبيات التربوية بتعدّد النظرة إلى العنصر أو المكوّن الذي تهتم به، حيث أن كل مكون من مكونات العملية التعليمية، وكل عنصر من عناصرها تخضع لعملية التقويم، فكما يتم تقويم تعلم الطلاب، يتم أيضاً تقويم المعلم، وتقويم المنهاج، وتقويم المحتوى، وتقويم الوسائل التعليمية، وتقويم الكتب المدرسية، وتقويم المدرسة، وتقويم التقويم في حدّ ذاته. وتتركز معظم الكتابات التربوية على تقويم التعلم باعتبار أن الطالب عنصر أساسي في العملية التعليمية، وأن التقويم الجيّد لأدائه ونجاح العملية يعدّ نجاحاً لمختلف العناصر والمكونات الأخرى.

فعل قوّم وفقاً لمعجم المصطلحات المفتاحية في التربية يشير إلى إعطاء قيمة لشيء معين أو ظاهرة أو وضعية أو فرد أو منتوج(Raynal & Rieunier, 1997) . وهذا التعريف يشير إلى استخراج قيمة معينة، بحيث لا تنتج هذه القيمة بطريقة عشوائية، وإنما من عملية القياس التي تسبق إعطاء قيمة دون استثناء العلميات الفرعية الأخرى:

التقويم = القياس + التقدير + إصدار حكم

يُعرّف علام (2006) التقويم بشكل عام بأنّه عملية منهجية تتطلب جمع بيانات موضوعية، ومعلومات صادقة، باستخدام أدوات قياس متنوعة في ضوء مجموعة من المستويات المتوقعة أو الأهداف المحددة، لغرض التوصل إلى تقديرات كمية وأدلة كيفية يستند إليها في إصدار أحكام أو اتخاذ قرارات مناسبة تتعلق بالطلاب أو بعملية التعليم، وذلك لتحسين نوعية الأداء، ورفع درجة الكفاءة، بما يساعد في تحقيق هذه المستويات أو الأهداف.

ويُعرّف دوكيتيل (1993) De Ketele التقويم التربوي بأنه عملية جمع معلومات تتميَز بالملاءمة والثبات والصدق بما فيه الكفاية، وفحص درجة أو مدى ملاءمة هذه المعلومات لمجموعة المعايير المحددة للأهداف أو المعدَلة أثناء العملية، بهدف اتخاذ قرار معين.

كما يعرّف Nitko & Brookhart (2014) التقويم بأنه عملية الحصول على المعلومات المستخدمة في اتخاذ القرارات بشأن الطلاب والمناهج والبرامج والسياسة التعليمية، أو هو عملية إصدار أحكام ذات قيمة حول قيمة منتج الطالب أو أدائه.

يتميّز هذه التعريفات بالعمومية والشمولية لأنها تركزان على تقويم مختلف مكونات أو عناصر العملية التربوية بغض النظر عن تقويم الطلاب، وبهذا فهي تتناسب مع مختلف العمليات المنظمة التي تسمح بجمع المعلومات التي يُشترط أن تكون ملائمة، وصادقة، وثابتة لغرض إصدار أحكام أو اتخاذ قرارات صائبة عن عملية التعليم.

وهناك تعريفات أُخرى تركز على تقويم تعلّم الطلاب، حيث يُعرّف ميلر ولين وجرونولد Miller, Linn & Gronlund (2009) التقويم التربوي بأنه مصطلح عام يتضمن مجموعة واسعة من العمليات المستخدمة للحصول على المعلومات حول تعلم الطلاب (الملاحظات، تقديرات الأداء أو المشاريع، اختبارات الورقة والقلم) وتكوين أحكام قيمية تتعلق بتقدم التعلم، أو هو أي نوع من العمليات المستخدمة للحصول على المعلومات حول أداء الطالب، وتتضمن اختبارات الورقة والقلم التقليدية وكذا الاجابات الطويلة (مثلا: المقالات)، وأداء المهمات الواقعية (مثلا: التجارب المخبرية)، وملاحظات المعلم، أو التقارير الذاتية للطالب.

في السياق المدرسي التقويم هو عملية منظمة للبحث عن المعلومات حول موضوع تعلم الطالب وتكوين حكم حول التقدم المنجز، وهذا التعريف يضع العلاقة بشكل ضيق بين تعلم الطالب والحكم الصادر من قبل المعلم بالنظر إلى تقدمه، وكذلك التقويم عملية منظمة لجمع المعلومات التي تؤدي بالمعلم إلى إصدار حكم على التعلمات المنجزة من طرف الطالب. ومن وجهة نظر علم الامتحان يرتبط التقويم بجمع ومعالجة المعلومات النوعية و/أو الكمية التي تهدف إلى تقدير مستويات التعلم المحققة من طرف الطالب بالنظر إلى الأهداف لغرض الحكم على المسلك السابق واتخاذ قرارات أفضل حوله المسلك. هذين التعريفين يعتبران التقويم كعملية تتضمن أفعال تتصل بمسعى، ويعرف التقويم كعملية تتضمن جمع المعلومات حول التعلم المحقق من طرف الطالب، وتفسيره بهدف اتخاذ قرارات مُثلى حول جودة التعليم ومستوى تعلم التلميذ. وبالتالي تقويم التعلمات عملية تقوم على مسعى جمع ومعالجة المعلومات بغرض تقدير مستويات التعلم المنجزة من طرف التلميذ من أجل إصدار حكم واتخاذ قرار (Leroux, 2010) .

وفي التقويم يجب على المعلمين اتخاذ قرارات مهمة حول ما تعلمه الطلاب ومقدار ما تعلموه، فالتقويم الدقيق والمناسب للطلاب يقدّم معلومات لمساعدة المعلمين على اتخاذ قرارات أفضل، وفي السياق الدراسي التقويم الصفي يقوم بجمع وتفسير واستخدام أدلة تعلّم الطلاب لتدعيم اتخاذ قرارات المعلم بعدّة طرق لتشخيص نقاط القوة والضعف وسوء الفهم وأخطاء التعلم لدى الطلاب، ومراقبة جهود الطلاب والتقدّم نحو الكفاءة، وتوثيق تعلمهم، وتحسين تعلمهم ودافعيتهم، ومهاراتهم ورغباتهم، ووضع العلامات، وتقديم تغذية راجعة للأولياء، وتحسين التدريس (McMillan, 2018).

وتتلخّص وفقاً لكثير من الكتابات التربوية عملية التقويم في أربع خطوات وأربع فترات؛ 1) تحديد غرض وفترة التقويم، 2) القياس الذي يتضمن جمع وتفسير المعلومات، 3) إصدار الحكم، 3) اتخاذ القرار، وكل خطوة من عملية التقويم تستند إلى مجموعة من الأسئلة، والخيارات، والقرارات التي يجب على المعلم اتخاذها بغرض جمع ومعالجة المعلومات لغرض تقدير مستويات التعلم المحققة من طرف الطالب من أجل إصدار حكم واتخاذ قرار (Leroux, 2010).

Last modified: Tuesday, 8 October 2024, 10:14 PM