إن الحديث عن التيارات النسقية يقودنا إلى الحديث عن نموذجين كبيرين بحيث وكما أشرنا في بداية الفصل تأثرت النسقية بجهتين هما الشرق والغرب، جهة الشرق هم" النسقيون" الذين كانت لهم ميول تحليلية وهم القادمون من أوربا وجهة الغرب وهم مجموعة" بالوآلتو" والذين كانت تسيطر عليهم النظرة البراغماتية وهذان النموذجان هما النموذج المتزامن(synchronique) والنموذج التعاقبي أو التطوري(diachronique)
1 – النموذج المتزامن في المقاربة النسقية: هذا النموذج يضم مختلف وجهات النظر النسقية والتي تضع العرض في بعده العرضي (transversale ) بمعنى آخر في وقته الحاضر أي أن قيمته تفهم هنا والآن ici et maintenant أي لا وجود لعلاقة تاريخية بين الفرد أو بالعائلة،بالنسبة للمقاربة النسقية المتزامنةفالأسرة هي نسق يتشكل من مجموعة من الأفراد في حالة تفاعل بحيث أن الاتصال هو الضابط في هذا النسق.(Inserm ,2004)
إن الهدف العلاجي من هذا التدخل النسقي هو تغيير الإطار التفاعلي العلائقي والاتصالي داخل الأسرة التي تطور فيها العرض، أما التدخلات العلاجية فهي تختلف بحسب الهدف المراد بلوغه وبالتالي هناك عدة نماذج فرعية:
1– 1 العلاج الاتصالي النسقي: كما تسمى هذه المقاربة بالعلاج التفاعلي المختصر أو السيبرنيتيكي النسقي حيث تضع صلب اهتمامها سوء التوظيف في النظام الاتصالي عند الأسرة، طور هذا النموذج من طرف مجموعة بالو آلتوPalo Alto( باتسونBeteson، د.جاكسونD , Jacksson، هيليHally، ويكلاندwikland )1956 كما توبعت هذه الأعمال في 1958 بأعمال فاتزلافيك وفيشFish وكانت طريقة علاجهم مستوحاة من نظريات الاتصال والمعلومة ونظرية الأنماط المنطقية والسيبرنطيقا، درست هذه النظرية السيرورات الاتصالية والتغيرات التي تحدث في عائلات المدمنين والفصاميين.
(Nguimfack,2008,p258)
في هذا المنحىلاحظباتسون ومعاونوه 1956 أن هذه الأسر لها الميل إلى عدم التغير لأنه مهما كانت الصعوبات التي تواجهها(التوتر) داخلية أو خارجية فهي تضع آليات للمقاومة وعدم التغير وبالتالي الحفاظ على التوازن، إن هذه الأسر ترجع في كل مرة إلى العرض كآلية للمقاومة.
إن مجموعة بالو آلتوPalo Altoأكدت أنالأسر التي يُظهر أحد أفرادها اضطرابا تظهر اضطرابات على مستوى أنماط التواصل الحالية، فمفهوم الرابطة المزدوجة أو الأوامر المتناقضة طُوِرَ ليوضح نمطا من الاتصال غير وظيفي عند أفراد الأسرة الواحدة .
فهذا النوع من الاتصال امراضيحيث يحمل رسالتين متناقضتين في نفس الوقت،فمجموعة بالو آلتو افترضت أنه عند وجود الطفل رسالتين أو أمرين متناقضين فالطفل يجد نفسه في وضعية لا يمكن فهمها، فمهما كانت ردة فعله فسوف يعاقب، ولهذا فإن أسلوس2005يقول بأنه في هذه الحالات فان الطفل يتفاعل عن طريق المرور إلى الفعل ( G, Ausloos, 2005, p20)
كما أن هذه المقاربة تعتبر أن الفرد الذي يطور العرض يُفهم من قبل المعالج كسلوك تكيفي لهذا الإطار الاتصالي، هنا الفرد سيعتبر العضو في الأسرة الذي لديه درجت ردات فعل عاطفية مرتفعة لانه هو الأكثر تأثرا لحالة عدم الاتزان الأسري إنه لا يحمل معه إلا المشكلة التي تعانيها الأسرة وبالتالي يصبح هو العميل المخول " patient désigné "، عمليا إن التدخلات تكون ممركزة على الاتصال هنا والآن إن المهم في هذه المقاربة هو تحديد المشكلة وتحديد السلوكيات التي تؤطرمن جديد القيم الإطارية للعرض وليس اقتراح تأويلات.( Inser ,2004 )
إن هذه المقاربة تعتمد على وصف العرض" prescription dusymptôme "هذه التقنية التي يستعملها المعالج يستخدمها عن طريقالتمظهرle semblantوهي ما تسمى كذلك doublebindethérapeutique فالفرد يتغير قام أم لم يقم بالأمر المطلوب منه،والمبدأ أنهبما أن الفرد يعاني من عراقيل مرضيةcontraintepathologique أوdoublebindeالرسالة ونقيضها، فالعلاج يعتمد هنا على النقيض أي أنه لو كانت لدينا فتاة لها فقدان الشهية العصبي فالمعالج سيطلب منها أن توقف الأكل وأن هذا الأمر لن يضر أحدا في الأسرة وهي بالتالي ستقع في تناقض إن لم تأكل وإن حتى أكلت لأنها تصرح في البداية أنها لا تستطيع أن تأكل حتى ولو حاولت إذن فالتناقض حله التناقض.
(j,p,watslawick,1966,p 150).
إن وصف العرض يؤدي إلى تغيير الإطار أو الوضعية بمصطلح آخر إن هذه التقنية تؤثر على علاقة العميل مع الوضعية أو الإطار.