سنحاول في هذا المحور الحديث عن مفهوم العرض عند بعض أعمدة المقاربة النسقية وبالتالي فهم وجهة نظرهم للاضطراب النفسي من وجهة نظر علائقية والتي ستكون مرجعنا في كل العمل التي سنقوم به.
- " إن مصطلح العرض هو مشتق من عبارة طبية والتي تعني: ظاهرة مرئية والتي تسمح بوضع تشخيص للفرد من شيء غير مرئي(Amiguer et julier,2004, p30)
إذن فما هو العرض؟
- بالنسبة لـ جاي هالي :J , Hally فهو يتحدث عن العرض كطريقة للتفاوض مع الآخر، إنها تكتيك علائقي ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ( حسب الكاتب دائما ) هو معرفة هل من الممكن منع ظهور هذا العرض؟
فالكاتب يقول انه عند الحديث عن التكتيك العلائقي فإننا نتصور أنه من الممكن الحديث جزء من الوعي الشخصي للفرد.... وأنه على عكس ذلك فالعرض يمكن أن يكون اتجاه غير شعوري بحيث يصبح الفرد نفسه ميسرا بهذه الظاهرة وليس له التحكم في زمام الأمور.( J , Hally,1963 ,p 20 ) إذن فجاي هالي يسلم بأن العرض هو تكتيك علائقي من أجل التفاوض داخل نسق أسري لكنه يبقى يطرح التساؤل حول هل أن هذا التكتيك شعوري يتحكم فيه الفرد أم أنه خارج عن سيطرته وبالتالي يصبح الفرد هو نفسه في قلب العرض أو ( الظاهرة ).
- · مدرسة بالو آلتوEcole pallo alto: أرادت مدرسة بالو آلتو القضاء على العرض باللعبحول تقنية الوصف المتناقض للعرضlaprescription paradoxalأوبالعمل مع العرض، حيث ترى هذه المدرسة أنه ومع ظهور العرض، فالكل يركز حوله ويتمركزون حوله مع الإرادة في التخلص منه في أسرع وقت ممكن، متناسين في ذلك أن الفرد الحامل للعرض يصبح الموضوع المركزي الذي يحركويجعل الجميع مستعدا كما أنه يزعج الجميع وهذا في آن واحد، لكن التساؤل المركزي الذي طرحته المدرسة هو كيف نستطيع التأثير خارجيا في شيء لا نتحكم فيه؟
في هذا السياق ترى مدرسة بالوآلتو أنه ليسمن الواجب التركيز على أسباب العرض ولا حتى التدقيق في العرض في حد ذاته وإنما المهم هنا هو حل المشكلة.
أي ليس من المهم تغييرما كان السبب في الأصل والذي سهل ظهور العرض ولكن المهم هو إيجاد اتجاهات وسلوكيات جديدة من أجل علاج أفضل ومن هنا جاء التساؤل الآخر لبالو آلتو هل التكفل بالعرض يكون في الأسرة لوحدها فقط؟ أم يجب العودة إلى هياكل أخرى؟ وهل العرض جاء ليحافظ على شيء ما أم جاء ليغير شيء ما؟
في هذا المنحى جاءت السيبرنيطيقا1erecybernétique، حيث كان المعالج يستكشف النسق من خارجه أي كملاحظ خارجي ويحاول تطبيق حيادية فعالة قدر الإمكان لكن دائما من خارج النسق ومن هنا جاءت فكرة أن العرض يفهم" كآلية علائقية" وأصبح بعد ذلك الحديث عن مصطلح"le passion désigne" أي بمعنى آخر العميل الحامل للعرض.
إذن فالمنطق كان يعني بأن نعالج الفرد المعني مباشرة وهذا في الرؤية الخطية لكن في المقارنة النسقية فالاهتمام ينصب على العلاقات البين أسرية وعلى مختلف التفاعلات وعلى ماذا يجري داخل هذا النسق الأسري، بعد ذلك نستطيع أن نلاحظ أن العرض ينتمي إلى هذه اللعبة العلائقية والتي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار(M , hairman,1999,p39)
- جاي أوسلوسGay Ausloos:بالنسبة له فإن الفرد الحامل للعرض هو الفرد الذي قبل دورإنتاج العرض والذي يسمح بتوازن كافي لكامل النسق.... وبالتالي وجب اعتبارهالفرد الأكثر كفاءة في الأسرة، إن هذا الأمر حسب" أوسلوس" ضروري ومنطقي بالنسبة للأسرة وبالتاليمن المهم أن يستمر هذا العرض لكن في عوض أن يكون الفرد ضحية يصبح شريك.
كما أن"أوسلوس"لا يعتبر العرض كاضطراب، ولكن كرسالة خاصة، شكل من أشكال الاتصال مهم لكل النسق والذي لا يأخذ معناه إلا ضمنقراءةللتفاعلات الأسرية.
كما أنه يضيفبأنه لا يجب القضاء على العرض ولكن الحفاظ عليه مادامتوظيفة هذا العرض لازمة لاتزان الأسرة.(G, ausloos, 2005,p19)
- أندولفيAndolfi: بالنسبة له فإنالعرض هو إشارة والتي تمثل الابنية الجامدة (bigide ) للعلاقات الأسرية، إنه يحمي التوازن الذي خلق حول وضعية صراعية، وعوض تصنيف هذا السلوك الفردي فالأحرى هو تفكيك وتحليل هذا العرض وإعطاؤه معنى في ظل الوظيفة والإطار الذي ظهر فيهما وبالتالي يقولأوندولفيفإن التشخيص يجب أن يتحول إلى تقييم وظيفة هذا العرض داخل النسق الأسري.
كما أنأوندولفي يرى بأنه عوض اعتبار العرض مشكلة الفرد لوحده فإن هذاالسلوك المرضي يجب أن يصبح مشكلة جميع أفراد الأسرة ويجب أن يُدرك ضمن واقعية علائقية معقدة، وهذا بعد أن نصل إلى مفهوم أن العرض له وظيفة الحفاظ على النسق الأسري ككل ( Andolfi,Amiguer,1985, p50)
- كاييCaillé: بالنسبة له فإن العرض يعكس صورة لحالة أزمة لكن مع تحليل جد متقدم، فالمقصود هنا هو المحاولة الدائمة لحل الأزمة أو إضعاف شدتها، فالعرض يعطي للفرد الحق في خلق اتصال مع المعالج.
إذنالعرض حسبCailléيشكل سببا كافيا لخلق هذه العلاقة، كما أن مصداقيته العرض تكون في قدرته على إعادة الظهور دون القدرة على منعه
(Amiguer et julier,2004, p30)
- ايفان ناجي Ivan nagy: يتحدث ناجيعن الروابط التي تجمع أفراد الأسرة والتي تشكل مسرح العلاقات ويُعد الولاءLoyautéLaقوة معدلة للأنساق، إنها تأتي من قرابة الدموالأبوة، كما يضيف ناجي بأنه حتى تكون علاقة سليمة فلا بد من وجود عدالة علائقية ( équitérelationel)، عدالة في التبادلات، بحيث تكون إمكانية الأخذ والعطاء موجودة.
وعندما يكون اختلال في هذه العناصر، يكون هناك محاولات لإعادة الأشياء إلى نصابها وبالتالي فالعرض ليس إلا اختلال في هذه العناصر.(M hairman,1999,p59)
- · نوبارجيNeuberger :من ناحيته هو يطرح إشكاليتان متى يكون الفرد هو العرض أوهو حامل للعرض ( ( être ou avoir le symptômeبحيث يرى نوبارجي بأن وظيفةحمل العرض يعني أن المقصود هنا هو البنية الشخصية للفرد هي المسؤولة عن العرض، أما أن يكون الفرد هو العرضفهذا ما يؤشر على وجود خلل في النسق العائلي.
نوبارجيبرأيه أن وظيفة العرض تؤدي بنا إلى مفهوم المجموعة كما أنها تؤدي بنا إلى الفرد والذي يعطي معنى للعرض ككل.
كما يضيف نوبارجيأن أمر حامل العرض أمر مهم لأنه يُدخل مفهوم المسؤولية الفردية عند المجموعة. (neuberger,1987,p 50)
- · موني الكاييم M , Elkaim: بالنسبة لـالكاييم فهو يتحدث عن الأنساق البعيدة عن التوازن (Prigogine ): أي عندما نبتعد عن المعيار يتشكل بشكل قوي إعادة انتظام جديدة، إذن فالعرض يصبح ذو وظيفةأوميوتستاتيكيةوفي مرات أخرى ذو وظيفة تأزيمية( crise ) بحيث يصبح التغيير لابد منه.
كما أنموني الكاييم يتحدث عن العرض بوظائف أخرى كما مأزم للوضع وهنا فعلى المعالج أن لا يحصر تفكيره في أن العرض ينحصر في الأسرة فقط ولكن يمكن أن يبتعد الأمر إلى أنساق أخرى بحيث تكون هذه الأنساق مشاركة في الأسرة (كالمدرسة مثلا).
إذن فالنسق الأسري ليسالوحيد الذي لديه تفسير العرض فالعرض قد يكون ذو معنى عند التقاء نسقين في وقت ما، فالمطلوب هنا كما يضيفالكاييم لا يصبح إيجاد توازن بقدرما يصبح العمل على خلق منظومات جديدة أمرا غاية في الأهمية. (M, alkaim,1995,p29)