أولا: في السيرورة والأهمية والمعاني:
قبل الخوض في دلالة البرامج الإرشادية المدرسية والمهنية، وجب علينا في البداية تسليط الضوء عن أهمية الفعل الإرشادي ومتطلباته في القرن الواحد والعشرين، بالنسبة للمتعلم، المدرسة والمجتمع، فقد أفضت سيرورة التحولات المجتمعية الناجمة عن تحديات التّدفق الثقافي(Culture Flows Challenges) التي طرحتها عولمة التربية (Globalization of Education) منذ عقود في إطار ما أصطلح عليه تشكيل الإنسان العالمي الموّحد، والذي تم أجرأته كهدف مؤسساتي ضمن مفهوم عالمية التعليم العالي والذي يتيح للمؤسسات الجامعية والمراكز الثقافية ووحدات ومخابر البحث حرية التبادل الطلابي والشراكة الثقافية والتعاون، والذي برز عنه نموذج المتعلم العالمي (The Universal Learner) والذي من بين خصائصه أن يكون مستوفيا للمهارات الأكاديمية المنبثقة عن تطور المعرفة العالمة وتقنياتها والمهارات الإجتماعية المنبثقة عن مفهوم لنحن الجماعية في إطار نشر فلسفة الانفتاح والتعارف والتسامح بين الأفراد والمجتمعات (The Open Societies)، والمهارات النفسية المنبثقة عن السعي التحقيق الكفاءة النفسية للطالب، وهي جميعها تعبّر عن حاجات جوهرية في النموذج المؤسساتي المعاصر، فمن الناحية النفسية مثلا نذكر أنه من بين المهام الرئيسية في الفعل التربوي في التربية الحديثة هي مساعدة المتعلمين في جميع مراحلهم التعليمية المختلفة على الشعور بأهميتهم، وتعزيز رفاهيتهم النفسية، وزيادة ثقتهم بأنفسهم من خلال التركيز على المشاعر التي يمرون بها، وتقديم الخدمات التوجيهية المناسبة والمستمرة وتشجيع الإمكانيات والرغبة في بذل الجهد، وإزالة العوائق، وإشراكهم في أنشطة التعلم وتقويم الأهداف ليصبحوا أكثر رضا وانخراطا نحو هذه الأنشطة المفهومة والمحددة، قبل أن يتمكن هؤلاء المتعلمين من تحقيق مستويات معينة من النمو والإبداع، وكل هذا لا يتحقق إلا في ضوء تدعيم الفعل التربوي بخدمات وبرامج ارشادية نوعية مهمتها الوصول بالمتعلم إلى الاستقلالية(Independency) والذي تعني قدرة الطالب على الاعتماد على الذات في جميع مناحي الحياة. من خلال السعي لتحقيق العافية الكلية للمتعلم وتدريبه على اكتساب المهارات والكفاءات المطلوبة، وهي مهارات حياتية وجب توظيفها في الزمان والمكان بهدف حل مشكلاته في أسرع وقت ممكن. وهذا ما يوضحه الشكل أدناه.
شكل رقم1: يوضح أهمية البرامج الإرشادية الشاملة (اعداد المؤلف).
وإذا ما تفحصنا مفهوم الإرشاد النفسي، ففي عام 1997، عرّفت لجنة الاعتراف بالكفاءات والتخصصات في علم النفس المهني الإرشاد النفسي بأنه تسهيل الأداء الشخصي بين الأفراد عبر مدى الحياة مع التركيز على المنظور الفردي والعائلي والجماعي والأنظمة والتنظيمية (Blaum, 2005).
وعليه، فإن مفهوم التوجيه والإرشاد يعبر عن مجمل الخدمات المقدمة للطلاب لتطوير إمكاناتهم على النحو الأمثل وتتطلب هذه الخدمات أداء مستشارين أكفاء ومهنيين حتى تتمكن الخدمات المقدمة من تحقيق الهدف المرغوب، وذلك من خلال العمل على إشباع حاجات الطلاب في مختلف المجالات، وتشمل المجالات الشخصية والاجتماعية والتعليمية والمهنية، فتنفيذ خدمات الإرشاد يجب أن يتم بطريقة مخططة ومنهجية للخدمة المعنية عند تصميم برامج التوجيه والإرشاد.
وبالحديث عن مفهوم البرامج الإرشادية فقد عرّف رودريغيز وآخرون (Rodriguez et,.al)برامج الإرشاد المدرسي الشامل (CPSCP) بأنها عملية تطويرية وتنمويًة ومنهجيًة، ومتسلسلة، ومحددة بوضوح، وخاضعة للمساءلة (Accountability)، ويتم تنفيذها بواسطة المرشدين في المدرسة بدعم من المعلمين والإداريين والطلاب وأولياء الأمور وهم الأطراف الفاعلة(Stakeholders)، كما تعتبر البرامج الإرشادية المدرسية الشاملة (CPSCPs) بما في ذلك المناهج الإرشادية والخدمات سريعة الاستجابة والتخطيط الفردي للطلاب ودعم النظام، أمرًا حيويًا لتحقيق التميز في التعليم لجميع الطلاب وهي جزء لا يتجزأ من البرنامج التعليمي الكلي لكل مدرسة. (Rodriguez, Joshua , & Jennifer , 2018).
- ووفقًا ل باور وهايتش (Bower & Hatch) فإنه يمكن وصف برنامج التوجيه والإرشاد على أنها مجموعة من خطط العمل أو أنشطة التوجيه والإرشاد التي يتم ترتيبها بشكل منهجي وقابل للقياس وجدولتها بناءً على معايير كفاءة معينة لمساعدة جميع الطلاب على النجاح في الجانب الأكاديمي والمهني والشخصي والاجتماعي (Atie, Suherman, & Nandang, 2021)
- كما تعرف بوردرز ودرايري (Borders & Drury) البرنامج الإرشادي بأنه مخطط شامل وهادف ومتسلسل مثل البرامج التعليمية الأخرى، يرتكز منهجه على بيان فلسفة أو رسالة معينة، ويكون متوافقا مع مستوى المدرسة، ويتضمن كفاءات طلابية محددة وكذا أهداف البرنامج التي تم تسطيرها، وتدخلات لمساعدة الطلاب في تحقيق هذه الأهداف وتوظيف للوسائل والموارد المتنوعة، والمهنيين المؤهلين، ونظام التقييم المستمر. (Borders & Drury, 1992).
ومن خلال هذه التعاريف يمكن استخلاص ما يلي:
- أن برامج الإرشاد المدرسي هي برامج مخططة ومنظمة وموجهة لجميع الطلاب بشكل منهجي، وهي أفضل بكثير من الخدمات التفاعلية العشوائية.
- عند البدء في تصميم البرامج الإرشادية الشاملة يجب أخذ بعين الاعتبار رسالة البرنامج، وهي القاعدة والأساس بحيث تزودنا بالرؤية الواضحة والنظرة العامة الشاملة نحو تحقيق الأهداف المرجوة.
- أن يتضمن البرنامج الإرشادي إطارا نظريا فلسفيا ابيستمولوجيا الهدف منه اعتماد المحتوى والتقنيات المناسبة لممارسة العملية الإرشادية في ضوءه.
- أن يتشارك الأفراد الفاعلين في دعم تخطيط وتنفيذ وتقويم البرامج الإرشادية داخل مكتب الإرشاد أو في المدرسة أو خارجها.
- أن المحتوى النظري للبرامج الإرشادية أثناء مرحلة التخطيط يوّجه المحتوى في التطبيق أثناء مرحلتي التنفيذ والتقويم، وأن المحتوى في التطبيق يصحّح المحتوى النظري. إذن فهو دوري.
- أن الهدف من تعزيز البرامج الارشادية هو مساعدة الطلاب على أن يكونوا قادرين على معرفة وفهم قدراتهم ونقاط ضعفهم وكذلك إمكانية تطورهم.
وتنشط مصطلحات قريبة ومرتبطة بالبرامج الإرشادية المدرسية، ومع أنه يتعذر علينا رصدها جميعا في هذا المقام، إلا أنه يمكن المرور على البعض من هذه المصطلحات وهي: التصميم (Design)، الشمولية (Comprehensiveness) المساءلة (Accountability)، وتقويم البرامج (Program Evaluation).
فعن مفهوم التصميم (Design) فيعرّفه دانلز (Dannels ,2010) بأنه خطة توفر إطارًا لدمج جميع عناصر الدراسة التجريبية بحيث تكون النتائج موثوقة وغير متحيزة وقابلة للتعميم (Ato & Benavente, 2013).
كما ورد عن كينتر وآخرون (Kettner et.,al) أن مرحلة التصميم تتمثل في تجميع تلك الخدمة أو مجموعة الخدمات التي يبدو أنها تتمتع بأفضل فرصة ممكنة لتحقيق أهداف البرنامج، ويتضمن تصميم البرنامج دراسة متأنية للموارد اللازمة لتلبية حاجات العملاء والاهتمام بالطرق التي سيتم بها تنظيم هذه الموارد، وبذلك يعتبر نقطة حاسمة في تخطيط وإدارة البرامج (Kettner, Moroney, & Martin, 2017)
وعن مفهوم الشمولية (Comprehensiveness) فهو يشير إلى أن البرامج الإرشادية شاملة النطاق لجميع حاجات المتعلمين المتنوعة ويجب العمل على إشباعاها من خلال المعارف والمهارات التي يتضمنها محتوى البرنامج، تسعى للتحسين لتحقيق مستوى أفضل من الصحة النفسية وتوليد مشاعر إيجابية.
إلى جانب ذلك فمن المهم جدا التمييز بين تقييم البرنامج الإرشادي (Counseling Program Evaluation) والمساءلة (Accountability) لأن العديد من المهنيين يستخدمون المصطلحات بالتبادل وأحيانًا كمرادفات.
- وعن المساءلة، ففي التعليم الأمريكي تشير إلى عملية يتم من خلالها تحميل المعلمين المسؤولية عن الأداء الأكاديمي لطلابهم، من خلال تقييم أداء الطلاب بمرور الوقت، كما تعني أيضا تتبع المدارس إحصائيًا من خلال مدى فعاليتها في تعليم جميع طلابها بغض النظر عن العرق والجنس والوضع الاجتماعي والاقتصادي، وتستلزم المساءلة وضع الأهداف وتحديدها وجمع البيانات لرصد التقدم. (Blaum, 2005)
- كما تشير المساءلة أيضا إلى تحمل المسؤولية عن الأنشطة والتدخلات التي تهدف إلى تحسين الأداء الأكاديمي، والرفاهية الاجتماعية والعاطفية، أو الاستعداد الوظيفي لأي فرد داخل النظام المدرسي، بما في ذلك الطلاب وأولياء الأمور والموظفين.
- ويشير أستراموفيتش (Astramovich,2016) أن مفهوم المساءلة في العمل الإرشادي يعبر عن عملية توفير المعلومات المستندة إلى البيانات - نتيجة وفعالية خدمات التوجيه والإرشاد في المدرسة- لأصحاب المصلحة من خلال التركيز على تأثير هذا البرنامج على الطالب. وبناء على ذلك، من المهم جدا أن يتمتع المستشارون بالكفاءات والمهارات اللازمة لتقييم برنامج الإرشاد المدرسي بشكل فعال (Riswani, 2021).
- وفي المقابل، قدّم ويلر ولوش (Wheeler & Loesch) تعريف تقييم البرنامج على أنه طريقة لتوفير معلومات مفيدة لصانعي القرار للمساعدة في تخصيص الموارد والمساعدة في احداث التغييرات المطلوبة (Wheeler & Loesch, 1981). وعليه، من المهم جدا إذن التمييز بين تقييم البرنامج (Program Evaluation) والمساءلة (Accountability)حيث ينظر إلى تقييم البرنامج على أنه نوع من المساءلة يركز بشكل أساسي على فعالية البرنامج وتحسينه، وهو ما يشير إلى أن تقييم برنامج الإرشاد يسبق المساءلة، وهي الخطوة الهامة التي تمهّد لعملية تحقيق المساءلة (Astramovich & Coker, 2007).
ثانيا. أسئلة الانطلاق ومراحل التصميم:
- حول أسئلة الانطلاق:) من؟ ماذا؟ متى؟ أين؟ وكيف؟ ( Who? What? When ? Where? and How?/
بحسب كل من براون وتريستي (Brown & Trusty) تمثل الأهداف خارطة الطريق للمستشارين في برامج الإرشاد المدرسي الشامل، ولتفسير خارطة الطريق هذه يضع المرشدون الأهداف بناءً على حاجات الطلاب، حيث تنطلق هذه الأهداف من خلال طرح الأسئلة التالية: أين؟، ومن؟، وماذا؟، ومتى؟، وكيف؟ حيث أن: من تشير إلى الطلاب المستهدفين. أما أين فتشير إلى المكان (Venue)، حيث أنه غالبا ما يتم تنفيذ العديد من جوانب البرنامج في مكتب الارشاد، وجوانب أخرى من البرنامج قد تحدث في الفصول الدراسية وفي المجتمع. أما عن ماذا فيشير إلى الحاجات التي يجب معالجتها ويحدد النتائج المرجوة نتيجة للإجراء المتخذ. متى يشير إلى الخط الزمني أو الوقت الذي سيتم فيه تحقيق الهدف. كيف تحدد طبيعة مكونات أهداف برنامج الإرشاد المدرسي بالتفصيل (Brown & Trusty, 2005)
ثالثا: حول مراحل التصميم:
تتكون برنامج الإرشاد المدرسي الشامل من خدمات الإرشاد والاستشارة والتنسيق والتقييم المقدمة استجابة لحاجات المسترشدين وللأهداف للمدرسة والمجتمع. هذه الخدمات تحدث كسلسلة من العمليات التي تشمل تخطيط الإجراءات وتنظيمها وتنفيذها وتقييمها. وأن أول مرحلتي تصميم البرامج الإرشادية هما التخطيط والتنظيم، تسيران جنبًا إلى جنب لتحديد ووصف برامج الإرشاد المدرسي (Schmidt, 2014).
1- التخطيط (Planning): إن تخطيط برامج التوجيه والإرشاد التي يتم إعدادها من قبل مستشاري التوجيه المدرسي والمهني يتم بناءً على تحليل حاجات المتعلم (Learner’s Needs Analysis) بحيث يحتاج المستشار إلى إجراء تحليل الحاجات ثم في خطوة ثانية يعمل على تقدير هذه الحاجات (Assessment Needs). كما يمكن أن تساعد المعلومات التي تم جمعها من خطوة تحليل الحاجات المستشارين في تحديد حاجات الطلاب، حيث تعتبر نتائج تقييم الحاجة كأساس لتطوير برامج التوجيه والإرشاد الشاملة، وعليه فإن تنفيذ برنامج التوجيه والإرشاد تقوم على التخطيط الجيد لهذه البرامج (Supriyanto & Handaka, 2017).
وبذلك تتميز مرحلة التخطيط برصد مشكلات الطلاب، وتحليل ظروف المدرسة، وتحديد الأهداف، وفهم واختيار المواد وتحديد الزمان والمكان، وتحديد المرافق، واختيار فلسفة البرنامج، وتحديد نوع الإرشاد فرديا كان أم جماعيا، مع توضيح المبادئ العامة التي سوف يقوم عليها البرنامج الإرشادي، وتحديد نوع التصميم التجريبي، وأن يصاحب ذلك تحديد الميزانية التي من المتوقع أن تدعم تنفيذ البرنامج مع العلم بمقدار الأموال التي تخصصها المدارس لدعم أداء برنامج التوجيه الإرشادي. فهو أشبه بدراسة جدوى.
-2-1-2- تحديد أهداف ومواضيع الجلسات الإرشادية:
أما بالنسبة لوضع الأهداف العامة والخاصة وبالخصوص ما تعلق منها بالبحوث السببية، فقط طرح دوران (Doran) سؤالا نقديا لأجل الوصول إلى صياغة أهداف فعالة (Effective Objectives) تمثل فحواه فيما يلي:
(How do You Write Meaningful Objectives ?) كيف تكتب أهداف ذات مغزى؟ وتم الإجابة علية من خلال التفكير في المختصر (S.M.A.R.T) وعليه فالهدف، يجب أن:
1- يكون محددا (Specific): بمعنى أن يستهدف منطقة معينة للتحسين.
2- يكون قابل للقياس (Measurable): تحديد أو على الأقل اقتراح مؤشر للتقدم.
3- يكون قابل للتخصيص (Assignable): حدد من سيفعل ذلك.
4- يكون واقعيا (Realistic): اذكر النتائج التي يمكن تحقيقها بشكل واقعي، مع توفير الموارد المتاحة.
5- يكون مرتبط بالوقت (Time related): تحديد متى يمكن تحقيق النتائج المرجوة (Doran, 1981).
وفي ضوء ما قيل أعلاه، عند الانتهاء من مرحلة تقدير الحاجات يلجأ واضعي البرامج الإرشادية إلى أسلوب تحديد الأولويات(Prioritization Method) كخطوة موالية، وتعني اختيار الحاجات الجوهرية والملحة والمفيدة من مجموع الحاجات الكلية التي تم تقديرها، وهي من الناحية الكمية تعني التركيز على الحاجات الأكثر تكرارا التي صرّح بها الأفراد، كما أنها تعني أيضا بأن المرشد ليس باستطاعته تصميم برنامج إرشادي يلبى جميع حاجات المسترشدين من خلال العمل على إشباع كل هذه الحاجات المقدرة وأخذها بعين الاعتبار وهذا راجع لعوامل ذاتية وموضوعية تتعلق بالوقت والجهد والتكلفة، وأنه يمكن للمرشد من خلال هذه الخطوة ترجمة هذه الحاجات ذات الأولوية إلى أهداف خاصة تسعى لتحقيق الهدف العام للبرنامج المزمع تنفيذه، كما يمكنه أيضا ترجمة هذه الأهداف الخاصة إلى مواضيع مقترحة للجلسات الإرشادية، وتبعا لذلك أيضا يمكن لنا أن نشير بأن عدد الجلسات الإرشادية يتحدد بعدد الأهداف وبمواضيع البرنامج الإرشادي المقترح، وكل هذه الإجراءات المتبعة هي محصلة لعملية تقدير الحاجات.
-2-2- التنظيم (Orgnization): أما عن التنظيم فهو استمرار لعملية التخطيط ويتضمن اختيار الأهداف والغايات الرئيسية، وتحديد الخدمات التي يمكن أن تعالج هذه الأهداف وتحققها بشكل أفضل. ويستلزم تنظيم البرنامج أيضًا تعيينات وجداول زمنية لتنفيذ أنشطة محددة، وتساعد هذه المهام والجداول الزمنية المدرسة في تحديد المسؤول عن الخدمات ومتى سيتم تنفيذها، ذلك أن فشل مستشاري التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني في التخطيط والتنظيم بشكل مناسب سوف يؤدي بلا شك الى الفشل في تحقيق أهداف المرحلة القادمة وهي التنفيذ.
-2-3- التنفيذ (Implementation): أما عن التنفيذ فهو يتم من خلال الأنشطة التي تم التخطيط لها بشكل جيد، عندما يقوم المرشدون والمعلمون وغيرهم بتقديم الخدمات التي تشكل البرنامج، ويمكن القول أيضا إن التنفيذ هو المرحلة الوحيدة التي يمكن ملاحظتها بسهولة. إن مستشاري التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني الذين ينطلقون في تنفيذ برنامج خالٍ من الأهداف والغايات الواضحة، بدون توجيه واضح، يشبه قيادة طائرة بدون خطة طيران فهم يميلون إلى تنفيذ الخدمات التي تصطدم بشكل عشوائي وتفوت القضايا الجوهرية والحاجات الحقيقية للطلاب وأولياء الأمور والمعلمين، ففي الغالب تكون عملية تقديم يد العون عرضية ولا يحتمل تكرارها.
-2-4- التقويم (Evaluation): إن عملية التقويم تتكون من إجراءات تمكن المستشارين من تحديد نجاح خدمات البرنامج وتحديد نقاط الضعف الظاهرة، والتوصية بالتغييرات المستقبلية، هذه المرحلة من برنامج الإرشاد المدرسي الشامل مهمة لتحديد هوية المستشار ومصداقيته، كما تتكون برامج الإرشاد المدرسي الجيدة من المشاركة المخطط لها لجميع موظفي المدرسة، والتنظيم والتخصيص المناسب للمسؤوليات، وتقديم الخدمات المختصة، والقياس الدقيق للنتائج. إن برنامج الإرشاد المدرسي الفعال حقًا هو الذي يحدث فرقًا في حياة الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين. من خلال إحداث الفرق، ينشئ مستشاري التوجيه المدرسي والمهني هوية واضحة ويعززون قيمتها في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية. كما أن تقييم البرنامج المناسب والدقيق يمكّن المستشارين من العودة إلى الأهداف والغايات الأولية للبرنامج وتقييم التغييرات، إن وجدت، التي يجب إجراؤها. وبهذه الطريقة، يكون برنامج الإرشاد المدرسي الشامل دوريًا بطبيعته (Schmidt, 2014). فلكي يتم تنفيذ برنامج التوجيه والإرشاد بشكل مناسب، يجب أن يتبع دورة إدارية شاملة، وهي إحدى الطرق في إنشاء خدمات إرشادية واضحة ومنظمة ومعقولة. تبدأ بالتخطيط والتنظيم والتنفيذ والتقييم