1. المطلب الثاني : مصادر القروض.

1.1. المطلب الثالث: أنواع القروض البنكية

  نتطرق في هذا المطلب إلى أنواع القروض التي تم تصنيفها إلى ثلاثة أنواع: قروض موجهة لتمويل نشاطات الاستغلال, قروض موجهة لتمويل نشاطات الاستثمار, وكذا قروض موجهة لتمويل التجارة الخارجية.

الفرع الأول: القروض الموجهة لتمويل نشاطات الاستغلال
إن القروض الموجهة لتمويل هذا النوع من النشاط هي قصيرة من حيث المدة الزمنية ولا تتعدى في الغالب ثمانية عشرة (18) شهرا, وتتبع البنوك عدة طرق لتمويل هذه الأنشطة, و ذلك حسب طبيعة النشاط ذاته أو حسب الطبيعة المالية للمؤسسة أو الغاية من القروض ,و ترتبط هذه القروض بصفة عامة بحركات الصندوق الخاص بالمؤسسة الذي يكون مرة مدينا و مرة دائنا. و ذلك حسب وتيرة النشاط في المؤسسات و قدرها على تحصيل ديونها من الغير, و يمكننا بصفة إجمالية إن نصنف هذه القروض إلى صنفين رئيسيين: القروض العامة, و القروض الخاصة ,إضافة إلى القرض بالإلزام و قروض الأفراد.

أولا: القروض العامة: سميت بالقروض العامة لكونها موجهة لتمويل الأصول المتداولة بصفة إجمالية وليست موجهة لأصل بعينه وتلجأ المؤسسات عادة إلى مثل هذه القروض لمواجهة صعوبات مالية مؤقتة ويمكن إجمال هذه القروض فيما يلي:

1- تسهيلات الصندوق: هي عبارة عن قروض معطاة لتخفيف صعوبات السيولة المؤقتة أو القصيرة جدا, التي يواجهها الزبون و الناجمة عن تأخر الإرادات عن النفقات. ويتم اللجوء إلى مثل هذه القروض في فترات معينة كنهاية الشهر مثلا, حيث تكثر نفقات الزبون نتيجة لقيامه بنشاطات مختلفة ,فيقوم البنك حينها بتقديم هذا النوع من القروض و ينبغي على البنك إن يتابع عن قرب استعمال هذه القروض من طرف الزبون.
2- المكشوفهو عبارة عن قرض بنكي لفائدة الزبون الذي يسجل نقصا في الخزينة ناجم عن عدم كفاية رأس المال العامل, ويتجسد ماديا في إمكانية ترك حساب الزبون لكي يكون مدينا في حدود مبلغ معين ولفترة أطول نسبيا قد تصل إلى سنة كاملة و يستعمل المكشوف لتمويل نشاط المؤسسة وذلك الاستفادة من الظروف التي يتيحها السوق كانخفاض سعر سلعة معينة أو لتجنب بعض الصعوبات الناجمة عن عدم الانتظام في توريد سلعة معينة .ونظرا لمبلغ القرض ومدته وكذلك النشاطات التي يقدم من اجل تمويلها فهناك خطر حقيقي يمكن إن يتعرض له البنك ويتمثل هذا الخطر في تجميد أموالي لفترة معينة و هو ما يؤثر على السيولة و مقدرته على القيام بعمليات قرض أخرى وأمام كل هذه الصعوبات يجد البنك نفسه مضطرا إلى القيام بدراسة جيدة عند قيامي بمنح القرض تمكنه إلى حد كبير من استزاد القرض في الوقت المناسب و لتقليل من مخاطر التجميد.
3- قرض الموسمهو نوع خاص من القروض البنكية وينشا عندما يقوم البنك بتمويل نشاط موسمي الأحد زبائنه فالكثير من المؤسسات نشاطاتها غير منتظمة وغير ممتدة على طول دورة الاستغلال بل إن دورة الإنتاج أو دورة البيع موسمية فالمؤسسة تقوم بإجراء النفقات خلال فترة معينة يحصل أثناءها الإنتاج وتقوم ببيع هذا الإنتاج في فترة خاصة ولكن قبل الإقدام على منح هذا النوع من القروض فان الزبون مطالب بان يقوم البنك مخطط للتمويل, يبين زمنيا نفقات النشاط و عائداته على أساس هذا المخطط يقوم البنك بتقديم القرض و يقوم الزبون أثناء تصريف الإنتاج بتسديد هذا القرض وفقا لمخطط استهلاك موضوع مسبقا.
4- قروض الربط: هو عبارة عن قرض يمنح إلى الزبون لمواجهة الحاجة إلى السيولة المطلوبة لتمويل العملية المالية في الغالب تحققها شبه مؤكد, ولكنه مؤجل فقط لأسباب خارجية و يقرر البنك مثل هذا النوع من القروض عندما يكون هناك شبه تأكد من تحقق العملية محل التمويل,ولكن هناك فقط أسباب معينة أخرت تحقيقها.                                           ثانيا: القروض الخاصة: هذه القروض غير موجهة لتمويل الأصول المتداولة بصفة عامة ,وإنما توجه لتمويل أصل معين من بين هذه الأصول, وتتعرض في هذا المجال إلى دراسة ثلاثة أنواع من القروض الخاصة.
1- التسبيقات على البضائعهي عبارة عن قرض يقدم إلى الزبون لتمويل مخزون معين والحصول مقابل ذلك على بضائع كضمان للمقرض وينبغي على البنك أثناء هذه العملية التأكد من وجود البضاعة وطبيعتها ومواصفاتها ومبلغها إلى غير ذلك من الخصائص المرتبطة بها، وقد أثبتت الوقائع أن هذا النوع من القروض يمنح خاصة لتمويل الموارد الأساسية، ويستعمل في الجزائر لتمويل السلع المصنعة ونصف المصنعة.

2- تسبيقات على الصفقات العمومية: هي عبارة عن اتفاقيات للشراء وتنفيذ أشغال لفائدة السلطات العمومية, تقام بين هذه الأخيرة ممثلة في الإدارة المركزية(الوزارات),أو الجماعات المحلية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري من جهة والمقاولين أو الموردين من جهة أخرى, ونظرا لطبيعة الأعمال التي تقوم بها السلطات العمومية وخاصة من حيث أهمية المشاريع و حجمها وطرق الدفع التي تعتبر ثقيلة نسبيا يجد المقاول المكلف بالإنجاز نفسه في حاجة إلى أموال ضخمة غير متاحة في الحال لدى هذه السلطات ,ولذلك يضطر إلى اللجوء إلى البنك للحصول على هذه الأموال من اجل تمويل انجاز هذه الأشغال ,وتسمى هذه القروض التي تمنحها البنوك للمقاولين من اجل انجاز الأشغال لفائدة السلطات العمومية بالتسبيقات على الصفقات العمومية.

 و يمكن للبنوك إن تمنح نوعين من القروض لتمويل الصفقات العمومية
أ- منح كفالات لصالح المقاولين: تمنح هذه الكفالات من طرف البنك للمكتتبين في الصفقة, وذلك لضمانهم أمام السلطات العمومية (صاحبة المشروع) ,وتمنح عادة هذه الكفالات لمواجهة أربع حالات ممكنة: كفالة الدخول إلى المناقصة ,كفالة التنفيذ, كفالة اقتطاع الضمان, و أخيرا كفالة التسبيق.                                                                                               ب- منح قروض فعلية:  توجد ثلاثة أنواع من القروض التي يمكن أن تمنحها البنوك لتمويل الصفقات العمومية, و هي كمايلي:
- قروض التمويل المسبق: و يعطي هذا النوع من القروض عند انطلاق المشروع وعندما لا يتوفر مقابل للأموال الكافية للانطلاق في الانجاز, ويعتبر من طرف البنك قرض على بياض لنقص الضمانات.
- التسبيقات على الديون الناشئة و غير المسجلة: عندما يكون المقابل قد أنجز نسبة مهمة من الأشغال ,ولكن الدارة لم تسجل بعد ذلك رسميا و لكن تم ملاحظة ذلك ,يمكنه أن يطلب من البنك تعبئة هذه الديون (منحه قرض) بناءا على الوضعية التقديرية للأشغال المنجزة دون أن يتأكد من أن الإدارة سوف تقبل بالمبالغ المدفوعة.
- تسبيقات على الديون الناشئة و المسجلة: تمنح هذه التسبيقات عندما تصادق الإدارة على الوثائق الخاصة التي تسجل انتهاء الانجاز, و يتدخل البنك لمنح هذه القروض للزبون لكون الدفع يتأخر عن الانتهاء من الأشغال.
3- الخصم التجاريهو شكل من إشكال القروض التي يمنحها البنك للزبون, و تتمثل عملية الخصم التجاري في قيام البنك بشراء الورقة التجارية من حاملها قبل تاريخ الاستحقاق, ويحل محل هذا الشخص في الدائنية إلى غاية هذا التاريخ. فالبنك يقوم إذن بإعطاء سيولة لصاحب الورقة قبل أن يحين اجل تسديدها, و تعتبر عملية الخصم قرضا باعتبار أن البنك يعطي مالا إلى حاملها و ينتظر تاريخ الاستحقاق لتحصيل هذا الدين, و يستفيد البنك مقابل هذه العملية من ثمن يسمى سعر الخصم ,و يطبق هذا المعدل على مدة الانتظار أي مدة القرض , و هي عبارة عن الفترة التي تفصل بين تقديم الورقة للخصم و تاريخ الاستحقاق.
ثالثا: القرض بالالتزام: القرض بالالتزام أو بالتوقيع لا يتجسد في إعطاء أموال حقيقية من البنك للزبون, وإنما يتمثل في الضمان الذي يقدمه له لتمكينه من الحصول على أموال من جهة أخرى, أي هنا البنك لا يعطي نقود و لكن يعطي ثقة فقط , و يكون مضطرا إلى
إعطاء النقود إذا عجز الزبون على الوفاء بالتزاماته. و في هذا النوع من القروض يمكن أن نميز بين ثلاثة أشكال رئيسية و هي:
1- الضمان الاحتياطي: هو عبارة عن التزام يمنحه شخص يكون في العادة بنك, يضمن بموجبه تنفيذ الالتزامات التي قبل بها احد مديني الأوراق التجارية, و عليه فان الضمان الاحتياطي هو عبارة عن تعهد لضمان القروض الناجمة عن خصم الأوراق التجارية.
2- الكفالة: هي عبارة عن التزام مكتوب من طرف البنك, يتعهد بموجبه تسديد الدين الموجود على عاتق زبونه في حالة عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته, وتحدد في هذا الالتزام
مدة الكفالة و مبلغها, و يستفيد هذا الزبون من الكفالة في علاقته مع الجمارك و إدارة الضرائب ,وفي حالة النشاطات الخاصة بالصفقات العمومية.
3- القبول:في هذا النوع من القروض يلتزم البنك بالتسديد للدائن و ليس لزبونه , و يمكن التمييز بين عدة أشكال لهذا النوع من القروض :
- القبول الممنوح لضمان ملاءة الزبون الأمر الذي يعفيه من تقديم الضمانات.
- القبول المقدم بهدف تعبئة الورقة التجارية.
- القبول الممنوح للزبون من اجل مساعدته للحصول على مساعدة للخزينة
- القبول المقدم للتجارة الخارجية.

رابعا: القروض المقدمة للأفراد بإمكان البنك إن يمنح قروض من نوع أخر هي ذات طابع شخصي بشكل عام, و هدفها تمويل نفقات الاستهلاك الخاصة بالأفراد(الزبائن) , ومن بين هذه القروض: بطاقات القرض, و القروض المقدمة عادة للأشخاص ذوي الدخول الثابتة. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من القروض لا يزال في بدايته في الجزائر , ولم تستطع البنوك بعد أن تطور استعمال هذا النوع من القروض لكي يرقى إلى درجة الممارسة التقليدية الشاملة.


الفرع الثاني: القروض المقدمة لتمويل نشاطات الاستثمار:
تختلف عمليات الاستثمار جوهريا عن عمليات الاستغلال , من حيث موضوعها و مدتها و طبيعتها و لذلك فان العمليات تتطلب إشكالا و طرق أخرى للتمويل تتلاءم و هذه المميزات العامة. فنشاطات الاستثمار هي تلك العمليات التي تقوم بها المؤسسات لفترات طويلة, وهي تهدف للحصول إما على وسائل إنتاج و معداته, و إما عقارات و عليه فالاستثمار هو عبارة عن إنفاق حالي ينتظر من ورائه عائدا اكبر في المستقبل ,ويعتبر تحقيق الأرباح من وراء هذا الاستثمار من الضمانات الأساسية التي تسهل عملية التسديد فيما بعد, وعندما تقوم المؤسسة بالاستثمار فهي بذلك تتخذ قرار يمكن أن يرهن مستقبلها إذا لم يكن صائبا. وعليه تتطلب هذه العملية القيام بدراسات معمقة للمشروع حتى يمكنها ذلك من التقليص من احتمالات عدم التأكد ,وبالتالي التقليص من المخاطر الناجمة عن الاستثمار و تأثيراتها على وضع المؤسسة ووضع البنك الممول للعملية.
أولا: عمليات القرض الكلاسيكية لتمويل الاستثمارات:
يتم التمييز في هذا الصدد بين نوعين من الطرق الكلاسيكية للتمويل الخارجي للاستثمارات , و يرتبط كل نوع منها بطبيعة الاستثمار ذاته.
1- قروض متوسطة الأجل: توجه هذه القروض لتمويل الاستثمارات التي لا يتجاوز عمر استعمالها سبع سنوات, و نظرا لطول هذه المدة فان البنك يكون معرضا لخطر تجميد الأموال إضافة إلى المخاطر المتعلقة باحتمالات عدم السداد التي يمكن أن تحدث تبعا للتغيرات التي تحدث على مستوى المركز المالي للمقترض. ويمكن التمييز بين نوعين من القروض متوسطة الأجل, و يتعلق الأمر بالقروض القابلة للتعبئة لدى مؤسسة مالية أخرى أو لدى معهد الإصدار, والقروض غير القابلة للتعبئة.
ففيما يتعلق بالنوع فيعني أن البنك المقرض بإمكانه إعادة خصم القروض لدى مؤسسة مالية أخرى أو لدى البنك المركزي, وإما فيما يتعلق بالقروض غير القابلة للتعبئة فمعناه أن البنك لا يتوفر على إمكانية إعادة خصم هذه القروض و بالتالي فانه يكون مجبرا على انتظار سداد المقترض لهذا القرض.
2- قروض طويلة الأجل: تلجا المؤسسات التي تقوم باستثمارات طويلة إلى البنوك لتمويل هذه العمليات نظرا للمبالغ الكبيرة التي لا يمكن أن تعبئها لوحدها, كذلك نظرا لمدو الاستثمار و فترات الانتظار الطويلة قبل البدء في الحصول على العوائد .والقروض الموجهة لهذا النوع من الاستثمارات تفوق في الغالب سبع سنوات, ويمكن أن تمتد أحيانا إلى غاية عشرين سنة, ونظرا لطبيعة هذه القروض ( المبلغ الضخم, والمدة الطويلة) تقوم بها المؤسسات متخصصة لاعتمادها بتعبئة الأموال اللازمة لذلك على مصادر ادخارية طويلة لا تقوى البنوك التجارية عادة على جمعها. ورغم كل هذه المصاعب تبقى صيغ التمويل الكلاسيكي من بين الطرق المستعملة بشكل شائع في تمويل الاستثمارات, و لكن ذلك لم يمنع النظام البنكي من تطوير وسائل التمويل بشكل يسمح له بتجاوز عوائق و مصاعب هذه الأنواع من القروض.
ثانيا: القرض الايجاري: يعتبر القرض الايجاري فكرة حديثة للتجديد في طرق التمويل, وان كانت هذه الطريقة لا تزال تحتفظ بفكرة القرض فإنها قد أدخلت تغييرا جوهريا في طبيعة العلاقة التمويلية بين المؤسسة المقرضة و المؤسسة المقترضة, ورغم حداثة هذه الطريقة فإنها تسجل توسعا سريعا في الاستعمال لإقدام المستثمرين عليها بالنظر إلى المزايا العديدة التي تقدمها لها.
1- تعريف القرض الايجاري و خصائصه: هو عملية يقوم بموجبها بنكا أو مؤسسة مالية أو شركة تأجير مؤهلة قانونا لذلك بوضع آلات أو معدات أو أي أصول مادية أخرى, بحوزة مؤسسة مستعملة على سبيل الإيجار مع إمكانية التنازل عنها في نهاية الفترة المتعاقد عليها, ويتم التسديد على أقساط يتفق بشأنها تسمى ثمن الإيجار*.
ومن خلال التعريف يمكننا استنتاج خصائص الإيجار الأساسية و هي كالتالي:
- إن المؤسسة المستأجرة غير مطالبة بإنفاق المبلغ الكلي للاستثمار مرة واحدة ,وإنما
تقوم بالدفع على أقساط تسمى ثمن الإيجار.
- إن ملكية الأصل أو الاستثمار أثناء فترة العقد تعود إلى المؤسسة المؤجرة وليس إلى المؤسسة المستأجرة, وتستفيد هذه الأخيرة من حق استعمال فقط.
- في نهاية فترة تتاح للمؤسسة المستأجرة ثلاث خيارات:
 - طلب تجديد العقد وفق شروط يتفق بشأنها مجددا دون تغيير ملكية هذا الأصل .
 - شراء نهائي لهذا الأصل بالقيمة المتبقية المنصوص عليها في العقد, مع نقل ملكية الأصل وحق الاستعمال إلى المؤسسة المستأجرة.
 -الامتناع عن تجديد العقد أو شراء الأصل و بالتالي إرجاع الأصل إلى المؤسسة المؤجرة.
-  تقييم عملية القرض الايجاري علاقة بين ثلاثة أطراف: المؤسسة المستأجرة, المؤسسة المؤجرة, المؤسسة الموردة لهذا العقد الائتمان لابد أن تتم , و عمليات تفاوض تحدث و إجراءات وخطوات محددة يجب أن تحدد ,و متطلبات عالية يجب أن تتوافر لمنح القروض و تطوير دائم تعمل البنوك التجارية على أحداثه عند إدارتها للقروض المصرفية.