1. مدى خضوع الفعل لأسباب الإباحة

1.1. تعريف أسباب الإباحة

تعريف أسباب الإباحة :هي عبارة عن ظروف مادية أو موضوعية تلحق لسبب من أسباب الإباحة يعد فعلا مشروعا ويترتب على ذلك اعتبار كل مساهم في الجريمة بصفة فاعل أصلي أو شريك بريئا لسريان هاته الأسباب عليه للاستفادة أكثر انظر

غالبية الفقه يرى بأن أسباب التبرير هي قيود ترد على نص التجريم فتعطل مفعوله ، ولهذا فهي تنعكس على الركن الشرعي للجريمة فتبطله ،إذ تخرج الواقائع من دائرة التجريم إلى دائرة الإباحة.
فإذا كان الأصل في الأفعال هو الإباحة فإن التجريم استثناء على هذا الأصل ، وتأتي أسباب التبرير كاستثناء على هذا الاستثناء لترد الفعل إلى أصله من المشروعية بعد أن كان مجرما. وعلة ذلك ، كما يرى أنصار هذا الرأي تكمن في انتفاء علة التجريم فقد لا يحمل الفعل معنى العدوان إذا ما ارتكب في ظروف معينة ــ كالجراحة للتطبيب ــ مما يبرر إباحته ، وقد يراعى القانون حقا أقوى من الحق المعتدى عليه ويراه أجدر بالرعاية فيجيز الفعل ويبطل نص التجريم كما في حالة القتل للدفاع الشرعي .

تقسيم أسباب الإباحة :
-1 تقسيم أسباب الإباحة تبعا لموضوعها الى أسباب عامة وأسباب خاصة:
أسباب الإباحة العامة : هي التي تنتج أثرها بالنسبة الى جميع أنواع الجرائم اي أنها تبيح ارتكاب جميع الجرائم مثل استعمال الحق وأداء الواجب.
أسباب الإباحة الخاصة : هي الأسباب التي لا تبيح الا جرائم معينة منها حق الدفاع أمام المحاكم حيث لا يبيح الا جرائم القذف والسب. 
2 -تقسيم أسباب الإباحة تبعا لآثارها الى أسباب إباحة مطلقة وأسباب إباحة نسبية:
أسباب الإباحة المطلقة : هي التي يمكن ان يستفيد منها اي شخص بصرف النظر عن صفته، ومثالها حق الدفاع الشرعي.
أسباب الإباحة النسبية : هي التي يستفيد منها أشخاص معينون لتوافر صفات خاصة فيهم مثل مباشرة الطبيب للأعمال الطبية والجراحية فلا يستفيد منها الا الطبيب
– حكم الجهل بالإباحة و الغلط فيها :
-1 الجهل بالإباحة :
يقصد بالجهل بالإباحة ان يقوم شخص بارتكاب فعل وهو يعتقد ان القانون يعاقب عليه، بينما يكون هناك سبب من أسباب الإباحة يجهله ولما كانت أسباب الإباحة ذات طبيعة موضوعية فهي تنتج أثرها وترفع عن الفعل الصفة الإجرامية سواء علم الجاني بتوافرها او جهل وجودها.
-2 الغلط في الإباحة : قد يعتقد الشخص على خلاف الحقيقة توافر الوقائع او الظروف التي يقوم عليها سبب من أسباب الإباحة، في حين ان هذا السبب غير قائم في الحقيقة والواقع مثال ذلك ان يعتقد الشخص ان هناك خطر يتهدده في نفسه او في ماله.
ولما كانت أسباب الإباحة ذات طابع موضوعي وكان الغلط في الإباحة يتعلق بالموقف النفسي للجاني، فانه لا يعدل الإباحة وإنما يؤثر في الركن المعنوي للجريمة فينفي القصد الجنائي الذي يقوم على العلم بعناصر الجريمة وإرادة ارتكابها، لان الغلط في الوقائع ينفي ذلك العلم الا انه يجوز مساءلة الجاني عن جريمة غير عمدية اذا كان القانون يعاقب عليها بهذا الوصف وثبت إهمال الجاني في التثبت والتحري عن الظروف التي أحاطت بفعله وأدت به الى الغلط،أما اذا ثبت انه بذل القدر اللازم من التثبت والتحري ومع ذلك وقع في الغلط، فانه لا ينسب اليه الخطأ وتنتفي مسئوليته الجنائية،وجدير بالملاحظة ان الغلط في الإباحة هو الذي ينصب على الوقائع التي أحاطت بالفعل او على قانون اخر غير قانون العقوبات، أما الغلط في قانون العقوبات فلا ينفي المسئولية عن الجريمة.

مصـــادر الإباحة :
لا تنحصر مصادر الإباحة في قانون العقوبات ، كما هو الشأن في نصوص التجريم أو تقرير العقوبات ، كما هو الشأن في نصوص التجريم أو تقرير أو بيان أنواع التدابير ، ففي الإباحة يجوز القياس وليس في ذلك تعطيل لمبدأ الشرعية حيث أننا لا نجرم فعلا مباحا . وزيادة على ذلك يجوز فيها الاستناد إلى قواعد العرف أو الشريعة الإسلامية أو إلى نصوص القوانين الوضعية الأخرى لتقرير وجود سبب إباحة. وهذا ما جعل أحد الفقهاء يقول بأن أسباب التبرير تكون قد وردت في قانون العقوبات على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر .
على أن أغلبية الفقهاء يرون أن أسباب الإباحة قد وردت في قانون العقوبات على سبيل الحصر لا المثال وإن جاز فيها الأخذ بالقياس أو العرف أو ما تقره القوانين الأخرى .
ونرى أن قانون العقوبات قد حصر مواضيع أسباب الإباحة في نصوصه ، وعطل النص التجريمي عن العمل في كل فعل يدخل ضمن هذه المواضيع في القوانين الأخرى واعتد حتى بالعرف ،وحتى لا يجري المشرع وراء نصوص متناثرة،هنا وهناك لا يمكن حصرها .آثر أن يحصرها بمواضيعها فحسب .فإذا ما وجدنا نصا في القانون يبيح فعلا معينا وجب علينا رده إلى أحد المواضيع التي حددها النص في قانون العقوبات .
وإذا أخذنا قانون العقوبات الجزائري على سبيل المثال نجد أنه حدد أسباب التبرير في كل فعل يأمر أو يأذن به القانون أو في حالة الدفاع الشرعي (المادتين 39.40) وعليه ، فلا يجوز إضافة أي سبب آخر لهذه الأسباب التي وردت على سبيل الحصر لا المثال . ففي البحث عن أي فعل يثور حوله التساؤل عما إذا كان من الأفعال التي تخضع لأسباب الإباحة أم لا،يجب أن نحدد ما إذا كان الفعل يدخل ضمن ما حدده القانون كأسباب للإباحة ، أي أن يكون الفعل في نطاق ما يأمر أو يأذن به القانون 
أو حالة الدفاع الشرعي، إذ في نطاق هاتين الحالتين فقط تكون الأفعال مبررة ويخرج منها ما تعدى هاتين الحالتين ، وعليه فلا يجوز القول بأن حالة الضرورة مثلا هي سبب من أسباب الإباحة إذ لا تدخل ضمن نطاق هاتين الحالتين .

أنواع أسباب الإباحة وآثارها 
1- أنـــــواعهــا : 
أ‌- بالنظر إلى تعدد المساهميــن : وتنقسم إلى أسباب مطلقة وأسباب نسبية :
أسباب مطلقـــــة : يستفيد منها الجميع دون استثناء، أي كل من يكون في حالة دفاع شرعي حيث يستفيد منها المدافع والفاعل وشركاؤه .
أسباب نسبية : لا يستفيد منها الكافة ، إنما يستفيد منها الأشخاص الذين يحددهم القانون .مثل عملية تأذيب الزوجة فيستفيد منها الزوج دون غيره .
ب‌- بالنظر إلى نوع الجريمة : وتنقسم إلى عامة وخـــاصة :
أسباب عامة : تبيح كل الجرائم ومن ذلك الدفاع الشرعي ، فالقانون هنا يحدد وسيلة معينة للدفاع عن النفس ولكن إذا استلزم الدفاع القتل ، فإنه يبيح ذلك .
أسباب خــاصة : لا تبيح كل الجرائم مثل عمليه تأديب الزوجة فهو مباح ولكن ضمن الشروط المقيدة بالغاية ، والخروج عن هذه الشروط يعتبر الفعل غير مشروع وكذلك ، الصحافة والمحامين تباح لهم إلا الجرائم القولية والخروج عن الجرائم التي حددها القانون فيعتبر الفعل غير مشروع أيضا .

2- آثـــر الإبــاحة :
يعد الفعل الذي يخضع لسبب من أسباب التبرير فعلا مشروعا .
ويترتب على ذلك اعتبار كل من ساهم فيه كفاعل أصلي أو شريك ،بريء باعتباره قد ساهم في عمل مشروع أو مبرر .
فأسباب الإباحة ظروف موضوعية تمحو عن الفعل صفته التجريمية وتنحصر في الظروف المادية للفعل لا الظروف الشخصية للفاعل .وينجر عن ذلك عدم الاعتداد بالجهل بالإباحة ، كما ينحصر تأثير الغلط في الركن المعنوي للجريمة لا الركن القانوني لها .

ثانيا:التفرقة بين أسباب الإباحة وما يشتبه بها:

- التمييز بين أسباب الإباحة وموانع المسؤولية الجنائية: 
الأولى تتعلق بالركن الشرعي للجريمة وتؤثر في وجود هاته الأخيرة، في حين أن الثانية تتعلق بالركن المعنوي لها ولا تؤثر في وجودها فتقوم الجريمة الجنائية حتى بوجودها غير أنه لا تقوم المسؤولية الجنائية ولا يستفيد منها إلا من توافرت فيه مع إمكانية قيام المسؤولية المدنية في الأضرار التي سببتها الجريمة.
2 - التمييز بين أسباب الإباحة وموانع العقاب:
وتعرف بأسباب الإعفاء من العقاب وهي لا تتعلق بأركان الجريمة حيث يقتصر أثرها على إعفاء الجاني من العقوبة فقط.                                                                                           موانع العقاب شخصية أي تمس من توافرت فيه فقط دون أن يسري أثره على الشركاء.  

 في الموانع العقاب تبقى الجريمة قائمة بأركانها ولكن يعفى الشخص من العقوبة فقط ويمكن تطبيق عليه التدابير.