1. تعريف العقد الإداري الإلكتروني

كما سبق وتعرفنا في السنوات السابقة فإن العقد الإداري الورقي هو عقد يتم ابرامه بين شخص معنوي عام بقصد إدارة أو تسيير مرفق عمومي مع وجوب أن تظهر فيه نية الإدارة للأخذ بأسلوب القانون العام من خلال ظهور نيتها في تضمين العقد شرطا أو شروطا غير مألوفة في عقود القانون الخاص، ذلك أنه إلى جانب العقود الإدارية تبرم الإدارة العامة في حالات كثيرة عقود مع أشخاص القانون العام والخاص دون أن تظهر من خلالها النية في الأخذ بقواعد القانون العام وفي هذه الحالة لا تعتبر هذه العقود إدارية بل تتعامل من خلالها الإدارة كشخص من أشخاص القانون الخاص، وتخضع العقود لقواعد القانون الخاص.

ومع ظهور تكنولوجيا المعلومات والاتصال وانتقال أغلب الأعمال والمعاملات ليست فقط الإدارية بل وحتى الخاصة من الصورة الورقية إلى الصورة الالكترونية ظهر ما يسمى بالعقد الإداري الالكتروني، الذي يشكل ضرورة لا غنى للإدارة عنها في سبيل تحولها الالكتروني من إدارة ورقية إلى إدارة الكترونية، وكما هو الحال في إطار العقد الورقي فإن العقد الالكتروني المتعامل به في إطار القانون الخاص كان سابقا لظهور العقد الإداري الالكتروني، وذلك لكون نظام التجارة الالكترونية كان سابقا لظهور نظام الإدارة الالكترونية من جهة ولكون الأعمال الإدارية أكثر أهمية وحساسية من الأعمال الخاصة لارتباطها بالمال العام والخزينة العامة والسياسات العامة وهو الأمر الذي يجعل من تطويرها وإدخال مفاهيم جديدة عليها يخضع لدراسات معمقة قبل المخاطرة بالانتقال من نظام إلى آخر.

ويعرف العقد الالكتروني في إطار القانون الخاص بأنه "اتفاق يتلاقى فيه الايجاب والقبول بشأن الأموال والخدمات عبر شبكة دولية للاتصال عن بعد بوسيلة مسموعة ومرئية تتيح التفاعل الحواري بين الموجب والقابل" وهناك من يعرفه بأنه "العقد الذي تتلاقى فيه عروض السلع والخدمات التي يعبر عنها بالوسائط التكنولوجية المتعددة خصوصا شبكة المعلوماتية الدولية، من جانب أشخاص متواجدين في دولة أو دول مختلفة، بقبول يمكن التعبير عنه من خلال ذات الوسائط بإتمام العقد".

وبالربط بين التعريفات السابقة والخصائص التي يميز بها العقد الإداري عن عقود القانون الخاص يمكن تعريف العقد الإداري الالكتروني بأنه "العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام بوسائل الكترونية كليا أو جزئيا بقصد تسيير مرفق عام أو تنظيمه، وتظهر فيه نية الإدارة في الأخذ بأحكام القانون العام" ومن منطلق تعريف العقد الإداري الالكتروني يؤكد الفقه أنه ليس صورة من صور العقود الإدارية وإنما هو ذات العقد الإداري المألوف وإنما اختلف من حيث وسيلة التعاقد فقط، فالعقود الإدارية التقليدية تبرم وفقا للإجراءات والطرق التقليدية التي تعمل بموجبها الإدارة الورقية والتي تستند إلى الوثائق والمستندات الورقية، في حين يتم إبرام العقود الإدارية الالكترونية وفقا للأساليب التكنولوجية المستحدثة بموجب الإدارة الالكترونية وتتم بطرق الكترونية بعيدة عن التبادل المادي للأوراق والوثائق اللازمة لإبرام العقد ودون الحاجة إلى التعامل المباشر بين طرفي العقد.