4. علاقة الاقتصاد السياسي بالعلوم الاجتماعية الأخرى

النشاط الاقتصادي لا يكون مستقلا تماما عن الجوانب الاجتماعية الأخرى ، فالاقتصادي يجمع بين التجريد النظري الذي تقوم عليه الدراسة الاقتصادية كأداة فكرية و بين المعرفة بالسلوكات الانسانية الأخرى ، وهذا ما يستدعينا  البحث في حقيقة علاقته بالعلوم الاجتماعية الأخرى في ما يلي : [1]
1- الاقتصاد السياسي و الفلسفة:

   الاقتصاد السياسي هو علم فلسفي لأن مناهج التحليل التي يعتمدها تخضع لقواعد المنطق و الاستنباط و الاستقراء كما اشرنا سابقا و كلها مناهج فلسفية يعتمدها الاقتصاديون لأن الخيارات الاقتصادية على الرغم من كونها مادية في غالبيتها فانها تعتمد ايضا على عوامل فكرية و نفسية.
- الاقتصاد السياسي و علم الاجتماع :

   لقد بين شومبيتر العلاقة القائمة بين الاقتصاد السياسي و علم الاجتماع فقال: "ان التحليل الاقتصادي يهتم بمعرفة كيفية تصرف البشر و ما هي الآثار المترتبة على تصرفهم هذا ، بينما يهتم علم الاجتماع بمعرفة السبب الذي يدفع الأفراد الى التصرف على الشكل الذي اختارونه.
فالاقتصاد يتولى دراسة الناس كجماعات و لهذا يهتم عالم الاقتصاد بمعرفة انماط التجمعات البشرية (مهن،طبقات،امم) لأن الظواهر الاقتصادية تنشا و تتطور في اوساط محددة.
2- الاقتصاد السياسي و الديموغرافيــا:

  الديموغرافيا هي فرع من فروع المعرفة يهتم بدراسة السكان حالتها و حركتها عبر الزمن،و انطلاقا من التعاريف السابقة لعلم الاقتصاد السياسي راينا ان الانسان هو العامل الأساسي في النشاط الاقتصادي ، فالعوامل الديموغرافبة تؤثر على النشاط الاقتصادي اذ هي تحدد له شروطه الأساسية: اليد العاملة كما و كيفا و كذلك مدى الحاجات التي يمثل اشباعها الهدف النهائي للنشاط الاقتصادي.

كذلك فان العوامل الاقتصادية تؤثر هي الأخرى على كيفية التوزيع الجغرافي للسكان كميا و كيفيا سواءا بالنسبة للكثافة السكانية او على أشكال التجمعات البشرية ، وهي تؤثر كذلك على معدلات الانجاب و تحديد الشروط المادية للحياة بالنسبة للمواليد والوفيات ومتوسط العمر.
3- الاقتصاد السياسي و الجغرافيــــا:

  إن النقطة التي يلتقي عندها الاقتصاد السياسي بالجغرافيا هي تلك الخاصة بتوطن النشاط الاقتصادي حيث يزودنا علم الجغرافيا بالمعلومات المتعلقة بالشروط الطبيعية (مصادر الطاقة،مصادر المواد الأولية) و البشرية (التجمعات السكانية مصدر اليد العاملة) للنشاط الاقتصادي ، و يمكن للجغرافي أن يهتم بالحياة الاقتصادية من خلال ما يسمى "بالجغرافيا الاقتصادية" و لكن يبقى في مستوى وصف الأحجام و الواقع و لا يهتم بدراسة أسرار التطور الاقتصادي .
4- الاقتصاد السياسي و التاريخ :

  تقدم البحوث التاريخية خدمات هامة للاقتصادي لأنها تساعده على معرفة الوقائع و الفعاليات الاقتصادية ، فلا يمكن للاقتصادي أن يستغنى عن التاريخ الذي يعينه في فهم التطور و تعاقب الأنظمة الاقتصادية المختلفة و بالتالي تساعده في فهم الحاضر . فبالعودة الى التاريخ يمكننا معرفة عوامل ولادة و نمو و تطور و فناء الأنظمة الاقتصادية المتعاقبة .
يمكننا ربط تطور الأفكار الاقتصادية مع تطور الوقائع .

5-علاقة الاقتصاد السياسي بعلم النفس:

  يهتم علم النفس بالدوافع التي تحدد سلوك الأشخاص وتدفعهم الى تصرف معين، و هناك علاقة وثيقة بين علم الاقتصاد وعلم النفس، فالاقتصاديون الكلاسيك يعتمدون على التحليل النفسي بشكل أساسي في فهم التصرفات الاقتصادية و فهم سلوك الأفراد لأنهم يعتقدون أن المنفعة الشخصية هي الدافع و المحرك الأساسي لسلوك الفرد.

و تعد  عملية  التسويق التي  تقوم  على التحليل النفسي لتوجيه المستهلكين من خلال الدعاية و الاشهار و غيرها أكبر دليل .

6- الاقتصاد السياسي و القانون :

  القانون هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات المختلفة بين الافراد و السلطة العامة و اجهزة الدولة و الدول الاجنبية  ، لذلك من غير المعقول التعرض الى الانشطة الاقتصادية  أي نوع كانت بدون تحديد الاطار القانوني لها ، من جانب أخر نجد أن التطورات الاقتصادية تؤثر بشكل كبير على القوانين بحيث تدفعها لتغيير لتتناسب معها .


7- الاقتصاد السياســي و السياسة:

   تبحث العلوم السياسية في طبيعة السلطات العامة و وظائفها و العلاقات بينها و طرق الحكم المختلفة ، و رغم هذا الاختلاف الظاهر بين الموضوعات التي تدرسها هذه العلوم و الموضوعات التي يدرسها الاقتصاد ، الا أن الواقع و التاريخ يوضحان لنا مدى ارتباط السياسة بالاقتصاد ، لأن كل قرار سياسي يحمل في طياته نتائج اقتصادية معينة بل أن القرار السياسي ليس الا تركيزا لمصالح اقتصادية معينة .
فقرار الحرب و السلم لهما حساباتهما الاقتصادية و اقامة علاقة خارجية مع دولة أجنبية لها حساباتها الاقتصادية أيضا.
ومن الضرورة بمكان ذكر دور الدولة كفاعل سياسي في تسيير الاقتصاد
فمع ازدياد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية أصبح للاقتصاد صفة سياسية، فقد أصبح يهتم بالمشكلات السياسية و الاجتماعية، و خاصة مشكلات العدالة الاجتماعية و الرفاهية القومية، و أصبح من غير المتصور فصل الحياة الاقتصادية عن الحياة السياسية، ليصبح تعبير الاقتصاد السياسي مبررا.

 

 

 

 

 

 

 



[1]

 محمد أرمين كربيت ، الاقتصاد السياسي : مفهوم ، الجذور ، مبادئ ,..، يوم 19-12-2019 ساعة 15:35 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=621377&r=0