2. المبحث الثاني الرقابة على أعمال المجلس البلدي

2.2. المطلب الثاني/ الإلغـاء

بالإضافة إلى مجموع السلطات التي منحها القانون لجهة الوصاية لأجل ممارسة رقابتها الإدارية على المجالس الشعبية البلدية وذلك من خلال مدى مطابقة أعمال هذه المجالس للقانون والتنظيم، فقد خول لها أيضا حق إلغاء أو إبطال هذه المداولات متى رأت سلطة الوصاية أن هذه القرارات أو المداولات معيبة ومشوبة بعيب عدم المشروعية.

  • ·       مفهومه

يُعرّف الإلغاء على أنه الإجراء الذي يمكن لجهة الوصاية بمقتضاه إلغاء آثار قرار صادر عن جهة لا مركزية لأنه خالف قاعدة قانونية، أي يخالف المشروعية، على أن يستند الإلغاء بالضرورة إلى نص قانوني يُخولها هذه السلطة، وأن يكون ذلك خلال مواعيد محددة وذلك من أجل ضمان إستقرار الأوضاع القانونية.

ويُقصد أيضا بالإلغاء أنه إجراء بمقتضاه تزيل جهة الوصاية قرار صادر عن جهة لا مركزية، كونه مخالف للقانون وفيه مساس بالمصلحة العامة على أن يستند في جميع الحالات إلى نص قانوني يخولها هذه السلطة، وأن يتم ذلك في مواعيد محددة.

وهو وسيلة لاحقة لأن سلطة الوصاية تتدخل بعد إكتمال عناصر القرار، ومن ثمة تعمل على تفحّص عمل المجلس من المداولات فإذا ما رأت أن هذه المداولة تستحق الإلغاء فتلغيها طبقا للقانون.

إذا فرقابة الإلغاء تعتبر من الرقابة الخطيرة التي تمارسها جهة الوصاية وذلك بهدف حماية المصلحة العامة، والتحقق من مدى شرعية هذه المداولات وإلتزامها بالقوانين والتنظيمات المعمول بها، إلا أن هذه الوسيلة ليست مطلقة بل مقيدة بالغرض الذي تهدف إليه، والمتمثل في احترام القانون وإحترام مبدأ المشروعية، فلا يمكن للوالي مثلا إلغاء مداولة المجلس الشعبي البلدي، والتي تكون قد تمت وفقا للقانون محترمة للأشكال والإجراءات والتنظيمات  وتهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، فإن عَمل على إلغائها يكون قد تعسف في إستعمال السلطة مما يجعل قراره عرضة للطعن.

كما لا يجوز لسلطة الوصاية أن تُعدّل في مداولة تم إيداعها لأجل المصادقة عليها، فللوصاية حق الإلغاء من دون التعديل وهذا إحتراما لإستقلالية المجلس، خاصة وأن القضاء عمل على التخفيف من حدة وشدة هذه القاعدة بسن قاعدة عدم جواز التعديل حيث ميز بين التعديل البسيط الذي تدخله جهة الوصاية على قرارات المجلس وهذا في نظر البعض مقبول، وبين التعديل الذي من شأنه أن يُحدث تغييرا جوهريا في القرار وهذا أمر غير مقبول، لأنه مخالف للقواعد القانونية.

وقد ذهب العديد من فقهاء القانون إلى وضع بعض الشروط حتى لا تتعسف جهة الوصاية في استخدام هذه السلطة المتمثلة في الإلغاء والتي هي جد قاسية وصارمة.

ومن بين هذه الشروط هو أن يكون القرار مكتوبا وصريحا ومسببا، مع تحديد آجال قانونية لسلطة الوصاية لأجل إصدار قرارها بشأن هذه المداولات، فإن تجاوزت هذه الآجال ولم تُفصح عن قرارها تصبح المداولة محصنة ضد الإلغاء، وعليه فإذا عمدت جهة الوصاية إلى إلغاء مداولة ما فإنها تلغيها جملة وتفصيلا، فلا تحتفظ بجزء وتلغي الجزء الآخر، لأنه إذا سمح لها بهذا الإجراء فمعنى ذلك أننا اعترفنا لها بحق تعديل قرارات الهيئة المحلية.

ولقد جسّد المشرّع الجزائري لمثل هذا النوع من الرقابة من خلال قانون البلدية (11/10)، كما كان مجسّدا من قبل في قانون (90/08)، وقد ميّز المشرّع بين نوعين من الإلغاء أو كما يسميها في قانون البلدية بالإبطال أو البطلان، حيث يوجد من المداولات ما يكون باطلا بطلانا مطلقا أي بقوة القانون، وما يكون منها باطلا بطلانا نسبيا أي قابلة للإبطال، ومن خلال هذا التمييز نجد أن المشرّع قد كرّس هذه الرقابة من خلال نص المادة (59) و(60) من قانون البلدية (11/10) وسنبين ذلك من خلال:

أولا/ البطلان المطلق

جاء في نص المادة (59): «تبطل بقوة القانون مداولات المجلس الشعبي البلدي:

-       المتخذة خرقا للدستور وغير المطابقة للقوانين والتنظيمات.

-       التي تمس برموز الدولة وشعاراتها.

-       غير المحررة باللغة العربية.

-       يعاين الوالي بطلان المداولة بقرار».

من خلال إستقرائنا لنص المادة المذكورة أعلاه، يتبيّن أن كل مداولة صادرة عن المجلس الشعبي البلدي تكون مخالفة للأحكام الواردة في المادة (59) يكون مصيرها الإلغاء، وتقع باطلة بقوة القانون، وهذا يعكس مدى حرص المشرّع على احترام مداولات المجلس الشعبي البلدي للدستور والقانون والتنظيم.

والجدير بالذكر أن المشرّع في قانون البلدية (11/10)، قد قام ببعض الإسقاطات وعمد إلى بعض الإضافات في المادة 56 مقارنة بالمادة 44 في قانون البلدية (90/08)، حيث اكتفى بإخضاع المداولات المخالفة للدستور وللقوانين والتنظيمات لرقابة الوالي على غرار ما كان عليه الأمر في المادة (44) من قانون البلدية (90/08) حيث خص بالتحديد المواد الدستورية (02) و(03) و(09) وهي المداولات التي تمس بدين الدولة ولغتها الرسمية، أو تلك التي ترسخ الممارسات الإقطاعية والجهوية والمحسوبية وأن تقيم علاقات الإستغلال والتبعية أو أن تمس بالخلق الإسلامي أو قيم ثورة نوفمبر، وهذه الضوابط في مجملها تشكل ثوابت وطنية لا يُلزم المجلس الشعبي البلدي وحده بالتقيد بها بل مختلف الهيئات والمجالس.

ومن هنا يظهر مدى إرادة المشرّع في الحد من مخاطر الإستقلالية التي منحها للهيئات المحلية ومن بينها المجلس الشعبي البلدي، لأن أي عمل من شأنه أن يخرق القاعدة الدستورية يشكل خطرًا على وحدة الدولة سواء السياسية أو الإدارية، لذا أحاطها المشرّع بهذه الأحكام والضوابط حتى يحافظ على وحدة وكيان الدولة.

ومن بين الإضافات أيضا التي لم يتم التنصيص عليها في القانون البلدي السابق، المداولات التي تمس برموز الدولة وشعاراتها وكذلك المداولات التي يتم تحريرها بغير اللغة العربية، وحسنًا فعل المشرّع حتى يتم الحفاظ على رموز الدولة وشعاراتها.

إلا أن المشرّع قام بإسقاط الفقرة الأخيرة التي كانت في المادة (44) من قانون البلدية   (90/08)، وهي المداولات التي تُجرى خارج الاجتماعات الشرعية للمجلس الشعبي البلدي، فكأن بالمشرّع عند إسقاطه لهذه الفقرة في القانون الحالي أراد أن يبين أنه لا طائل من إعادة التنصيص عليها، طالما أن دورات وإجتماعات المجلس الشعبي البلدي منصوصا عليها في قانون البلدية، وأن أي خرق لهذه القواعد هو خرق للقانون يترتّب عليه إلغاء المداولة.

وعليه فأي مداولة خارج أحكام المادة (59) تقع باطلة بطلانا مطلقا، والهدف من ذلك هو احترام مبدأ المشروعية و مبدأ تدرج القواعد القانونية في الدولة.

أما عن الأداة القانونية التي يتم بموجبها إبطال مداولات المجلس الشعبي البلدي، فتكون بقرار من الوالي باعتباره الجهة الوصية على المجلس طبقا لنص المادة (59).

إلا أنه ما يؤخذ على نص المادة (59) أنها جعلت إختصاص الإبطال يعود بصورة نهائية للوالي، وذلك بموجب إصدار قرار الإلغاء من دون أن تلزمه بتسبيب هذا القرار خاصة وأن التسبيب هو ضمانة ضد التعسف، وهذا عكس ما كانت عليه المادة (44) من قانون البلدية (90/08) والتي كانت توجب على الوالي عندما يُصرّح ببطلان مداولة المجلس الشعبي البلدي أن يكون هذا القرار معللاً ومسببًا، إلا أن المشرّع في القانون الحالي تراجع عن إلزامية تسبيب قرار الوالي، ولعل قصد المشرّع بذلك أن المداولة الباطلة تكون مخالفة صريحة للدستور والقوانين والتنظيمات، أي أنها ولدت ميّتة فلا ينتج أثرها، وبالرغم من ذلك كان الأجدر بالمشرّع أن ينص على تسبيب القرار.

وإن كان المشرّع لم ينص صراحة عن المدة القانونية التي يجب على سلطة الوصاية إحترامها لإصدار قرارها بالإلغاء، إلا أنه يفترض في جهة الوصاية والمتمثلة في سلطة الوالي أن تراعي الآجال القانونية وأن يصدر قراره طبقا للمواعيد، غير أنه بالرجوع إلى نص المادة (99) من قانون البلدية (11/10) نجد أنها أرست قاعدة عامة بمقتضاها تعتبر قرارات البلدية المتعلقة بالتنظيمات العامة قابلة للتنفيذ بعد مرور (01) شهر من تاريخ إرسالها إلى الوالي، أي تصبح محصنة ضد الإلغاء من طرف جهة الوصاية المتمثلة في الوالي، بحيث لا يستطيع الوالي أن يبطلها بعد فوات الآجال التي منحها إياه القانون، وهذا ما إستقر عليه القضاء الإداري، والذي جاء في أحد قراراته:«وقد إستقر قضاء الغرف الإدارية بالمحكمة العليا على أنه لا يجوز إبطال المداولات من قبل الوالي متى وقع خارج الآجال القانونية».

ويكمن الهدف من ذلك في استقرار المراكز القانونية في المجتمع، وتتجلى أهمية هذه المواعيد أيضا من خلال نصوص المواد (56) و(57) و(58) من قانون البلدية (11/10).

ثانيا/ البطلان النسبي

يُعتبر البطلان النسبي من بين مظاهر الرقابة الإدارية التي تمارسها السلطة الوصية على أعمال المجلس الشعبي البلدي، حيث أجاز لها المشرّع بموجب قانون البلدية إبطال مداولات المجلس التي تعتريها بعض العيوب، والتي نصّت عليها المادة (60) من قانون البلدية (11/10) حيث جاء فيها: «لا يمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدي أو أي عضو من المجلس في وضعية تعارض مصالحه مع مصالح البلدية، بأسمائهم الشخصية أو أزواجهم أو أصولهم أو فروعهم إلى الدرجة الرابعة أو كوكلاء، حضور المداولة التي تعالج هذا الموضوع وإلا تُعًدُّ هذه المداولة باطلة» يثبت بطلان هذه المداولة بقرار معلل من الوالي.

يتضح من خلال نص المادة المذكورة أعلاه، أن المشرّع قد منح لسلطة الوصاية حق إبطال مداولات المجلس الشعبي البلدي التي يشارك فيها رئيس المجلس أو أي عضو من أعضاء المجلس الشعبي البلدي، وتتعارض مصالحهم مع مصالح البلدية، فالغرض من إنتخاب المجلس الشعبي البلدي هو السهر والعمل على تحقيق المصلحة العامة ورعاية شؤون سكان المنطقة، بالإضافة إلى تحقيق التنمية المحلية، ولا تنصرف مداولاته إلى تحقيق مصالح شخصية لرئيس المجلس وأعضائه على حساب المصلحة العامة، لذا أوجب القانون على سلطة الوصاية عندما ممارستها لرقابتها على هذه المداولات أن تعمل على إبطالها متى ثبت لديها أنه حضر هذه المداولة رئيس المجلس أو أحد أعضاءه وكان موضوع المداولة يعارض مصالحهم سواء بأسمائهم الشخصية أو كوكلاء، ولم يقتصر المشرّع على هذا الحد بل تعدّاه إلى أزواجهم وأصولهم أو فروعهم إلى غاية الدرجة الرابعة.

وحسنا فعل المشرع لأنه قد يُشارك العضو في المداولة ولا تكون له فيها مصلحة مباشرة تتعارض مع مصلحة البلدية ولكن قد تتعارض مصالح زوجه أو أحد أصوله أو فروعه إلى الدرجة الرابعة أو قد يستتر هو وراء هذه المصلحة، لذا تفطّن المشرع لهذا الأمر حتى يسد جميع الأبواب والمنافذ أمام الجميع.

والملاحظ أن قانون البلدية (11/10) من خلال نص المادة (60) منه قد جاء أكثر وضوحا ودقة وتفصيلا من ناحية بيان مدى درجه قرابة العضو خلافا لقانون البلدية (90/08) في نص مادته (45).

ولعل الغاية التي توخاها المشرّع من خلال هذا الإجراء هو المحافظة على شفافية عمل المجلس الشعبي البلدي، ومن جهة أخرى العمل على دعم نزاهة التمثيل الشعبي ومصداقية أعضاء المجلس، وذلك من خلال الإبتعاد عن كل شبهة قد تطال الأعضاء، وحتى تكون الغاية من المداولات هو المصلحة العامة وتحقيق التنمية المحلية.

أما عن أداة إلغاء هذا النوع من المداولات فإنه يتم عن طريق قرار معلل من طرف الوالي، فهو جهة الإختصاص بإعتباره سلطة الوصاية وهذا ما نصّت عليه الفقرة الثانية من نص المادة (60) من قانون البلدية (11/10).

ولعل ما يميز هذه المادة عن سابقاتها أنها فرضت على سلطة الوصاية والمتمثلة في الوالي تسبيب وتعليل قرار الإلغاء، وحسنا فعل المشرّع حتى لا يتعسّف الوالي ويزال الغموض عن قرار الإلغاء.

إلا أنه ما يلاحظ من نص المادة (60) أنها لم تقيد الوالي بمدة زمنية محددة يتم خلالها إلغاء هذه المداولة، وقد يرجع السبب في عدم تقييد الوالي بقيد زمني إلى كون أن جميع مداولات المجلس تحتاج إلى مصادقة ضمنية كانت أو صريحة، ومن ثمة تحتسب الآجال وهي 21 يوما بالنسبة للمداولة التي تعتبر مصادق عليها ضمنيا، و(01) شهر بالنسبة للمداولات التي تحتاج للمصادقة الصريحة.

إلا أنه وبالرجوع إلى قانون البلدية (90/08) ومن خلال نص المادة (45) منه نجدها قد وضعت آجال قانونية لإصدار قرار الإلغاء وحدد هذا الأجل (01) بشهر وهذا ما لم يتم التنصيص عليه في قانون البلدية (11/10) في نص المادة (60) منه.

ويرى الدكتور/ "عمار بوضياف" أن ترك المشرّع الآجال مفتوحة لسلطة الوصاية والممثلة في شخص الوالي، يعود بالدرجة الأولى إلى غلق أبواب الفساد من جميع الجوانب وبكل الوسائل والطرق القانونية.

وما يؤخذ على نص المادة (60) من قانون البلدية أنها أسقطت أكبر ضمانة والتي تتمثل في الرقابة الشعبية من خلال ممارسة المواطن لحق الطعن في هذه القرارات، لأن الفرد في الأول والأخير هو المستفيد أو المتضرر من قرارات المجلس، وهذا خلافا لما كان عليه الوضع في قانون البلدية (90/08) حيث كان يجيز لكل من له مصلحة أن يتقدم بطعن في قرارات المجلس الشعبي البلدي متى رأى أنها غير قانونية وسببت له ضررا.

ضف إلى ذلك أن الرقابة التي يمارسها الوالي على المجلس الشعبي البلدي من خلال نص المادة (60) أنها تعتبر رقابة ملائمة أكثر منها رقابة مشروعية، وهذا خلافا لنص المادة (59) والتي تعتبر فيها رقابة الوالي رقابة مشروعية، إذ أن الوالي بإصداره لقرار الإلغاء يكون بناءً على سلطته التقديرية في مدى وجود تعارض بين مصلحة العضوية مع مصلحة البلدية، إلا أن رقابة الملائمة وإن كانت لابد منها فيجب أن تبقى من الاختصاصات الأصيلة للهيئة اللامركزية التي لا تمتد لها رقابة السلطة المركزية من هذا النوع تأسيسا على أنها هيئات أصلا مستقلة، تتمتع بأهلية تصريف شؤونها بنفسها، ومن ثمة فإن قرار الوالي الذي ينبني على السلطة التقديرية قد يمس بإستقلالية المجلس خاصة وأن هذه المصالح، قد لا تظهر بصورة جلية وواضحة، إلا أن رقابة الملائمة من ناحية أخرى قد تسهم في غلق أبوب الفساد فالذي قد لا تصيبه رقابة المشروعية قد تصيبه رقابة الملائمة.

ولقد خول المشرع للبلدية ممثلة في رئيسها حق الطعن في القرارات الصادرة عن السلطة الوصائية، وهذا بموجب نص المادة (61) من قانون البلدية (11/10)،والتي جاء فيها:

»  يمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدي وفقا للشروط و الأشكال المنصوص عليها قانونا، أن يرفع إما تظلما إداريا، أو دعوى قضائية أمام الجهات المختصة ضد قرار الوالي الذي يثبت بطلان أو رفض المصادقة على المداولة«.

ويستشف من نص المادة المذكورة أعلاه، أن من حق المجالس البلدية اللجوء إلى الطعن في قرارات جهة الوصاية، سواءً عن طريق الطعن الإداري المتمثل في التظلم الإداري والذي هو الطلب أو الشكوى المرفوعة من طرف المتظلم إلى السلطة الإدارية المختصة لفض خلاف أو نزاع ناتج عن عمل قانوني أو مادي إداري.

كما يعرفها الدكتور/ "عمار عوابدي" بأنها الطلبات أو الشكاوى التي يتقدم بها الأفراد ذوي المصلحة والشأن، ويتظلمون من قرار أو عمل إداري غير مشروع قد مس أو أخل بمراكزهم القانونية أو بمصالحهم الجوهرية المعتبرة أو بحقوقهم الثابتة، ويلتمسون أويطلبون من السلطات الإدارية المختصة مراجعة العمل المطعون فيه بتصحيحه أو سحبه أو تعديله أو إلغائه بصورة تجعله أكثر ملائمة لمبادئ ومقتضيات المرافق ومتطلبات الوظيفة الإدارية.

إذا فالتظلم الإداري حسب نص المادة (61) من قانون البلدية (11/10) هو الوسيلة الإدارية التي يلجأ إليها المجلس الشعبي البلدي لأجل جعل جهة الوصاية تراجع قراراتها سواء الصريحة أو الضمنية والعمل على تصحيحها وفق ما يقرره القانون.

وقد يكون هذا التظلم الذي يرفعه رئيس المجلس الشعبي إما رئاسيا أو تدرُّجيا.

كما أجاز المشرع أيضا للمجلس الشعبي البلدي اللجوء إلى القضاء الإداري لأجل مخاصمة جهة الوصاية من خلال رفع طعنه أمام الجهة القضائية المختصة ووفقا للشروط والأشكال المحددة قانونا، عن طريق دعوى إدارية.

إن إقرار المشرع الجزائري لمثل هذا الإجراء، والمتمثل في لجوء المجلس البلدي إلى القضاء والطعن في قرار جهة الوصاية، الهدف منه التخفيف من حدة الرقابة الإدارية ومنع التجاوز والتعسف في إستعمال السلطة من قبل السلطة الوصائية، وتمكين المجلس الشعبي البلدي من تحصين قراراته وتنفيذ برامجه طبقا للقانون، كما تعتبر هذه الرقابة القضائية ضمانة أساسية من الناحية القانونية، إلا أنه من الناحية العملية لم يتم إستعمالها إلا نادرا، ولعل السبب في ذلك يعود إلى أن أغلب الخلافات أو النزاعات قد تسوى وديا عن طريق التظلمات الإدارية لذا نص عليها المشرع في قانون البلدية (11/10)، أضف إلى ذلك أن اللجوء إلى القضاء سوف يزيد من حدة الخلاف ويطيل أمد النزاع، كما يدخل جهة الوصاية والمجلس الشعبي البلدي في صراع تنعكس نتائجه على المواطن.