1. المبحث الأول: اشخاص الحق

1.1. المطلب الاول: الشخص الطبيعي

الشخص الطبيعي هو الانسان، ويقتضي الامر تفصيل بدء شخصيته القانونية وانتهائها، ثم بيان خصائص الشخصية القانونية للشخص الطبيعي.


الفرع الأول : بدء الشخصية القانونية ونهايتها.

أولا:  بداية الشخصية القانونية للشخص الطبيعي
1- الولادة

تبدأ الشخصية القانونية للإنسان بواقعة قانونية تتمثل في تمام ولادته حيا،أما إذا ما ولد ميتا فلا تثبت له الشخصية القانونية . ويقصد بالميلاد خروج المولود وانفصاله عن أمه إنفصالا تاما.
وتتحقق حياة الجنين وقت الولادة بعلامات مميزة كالبكاء والصراخ، وللقاضي التحقق من ذلك بكافة طرق الإثبات. وقد نصت المادة 26 من القانون المدني على ( تثبت واقعة الميلاد والوفاة بالقيد في السجلات المعدة لذلك. وإذا لم يوجد هذا الدليل أو تبين عدم صحة ما أدرج بالسجلات يجوز الإثبات بأية طريقة حسب الإجراءات التي ينص عليها قانون الحالة المدنية ) [1].   


2- المركز القانوني للجنين

 لقد نصت المادة 2/25  من القانون المدني على : ( الجنين يتمتع بالحقوق المدنية بشرط أن يولد حيا )[2] .
ويثبت للحمل أوالجنين الحق في :
أ/الميراث : (حسب المادة 128 من قانون الأسرة )، فإذا كان الجنين هو الوارث وحده توقف له كل التركة أما إذا كان وارث مع غيره فيوقف له نصيب أيهما أكثر أي الذكر أم الأنثى وقد نصت المادة 173 من قانون الأسرة على : ( يوقف من التركة للحمل الأكثر من حظ ابن واحد أو بنت واحدة إذا كان الحمل يشارك الورثة أو يحجبهم حجب نقصان، فإن كان يحجبهم حجب حرمان يوقف الكل ولا تقسم التركة إلى أن تضع الحامل حملها).
ب/ثبوت نسبه لأبيه : إذا كان الزواج شرعيا أو إذا وضع الحمل خلال 10أشهر من تاريخ الإنفصال أو الوفاة وهذا مانصت عليه المادة 43 من قانون الأسرة.
ج/ الحقوق الملازمة للشخصية : كحقه في الحياة وفي عدم التعرض له مثل الإجهاض.
د/الهبة : إذ نصت المادة 209 قانون الأسرة على ( تصح الهبة للحمل بشرط أن يولد حيا ).

ه/ الوصية : تنص المادة 187من قانون الأسرة على : ( تصح الوصية للحمل بشرط أن يولد حيا ، وإذا ولد توائم يستحقونها بالتساوي ولو اختلف الجنس )[3] .


ثانيا : نهاية الشخصية الطبيعية

أ‌-     الموت الطبيعي

 تنتهي الشخصية القانونية للإنسان بموته فعلا، وهذا ما نصت عليه المادة 25 من القانون المدني . وتثبت الوفاة في السجلات المعدة لذلك وفق قانون الحالة المدنية . وإعمالا للقاعدة الشرعية بألا تركة إلا بعد سداد الديون ، تمتد شخصية الإنسان بعد وفاته إلى أن تصفى ديونه.
ب-  الموت الإعتباري أو الحكمي

 ويتمثل ذلك في حالة ما إذا كانت الوفاة يقينية كما هو الشأن بالنسبة للغائب والمفقود
1- الغائب : حسب المادة 110 من قانون الأسرة فالغائب هو الشخص الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته أو إدارة شؤونه بنفسه أو بواسطة ، مدة سنة ، وتسبب غيابه في ضرر الغير يعتبر كالمفقود [4].
2- المفقود: حسب المادة 109 من قانون الأسرة فالمفقود هو الشخص الغائب الذي لا يعرف مكانه ولا يعرف حياته أو موته ولا يعتبر مفقودا إلا بحكم. وعليه فالمفقود لا يعلم على وجه اليقين أحيا هو أم ميتا، حيث تنقطع أخباره على نحو يرجح وفاته


الآثار التي تترتب على الحكم بالفقدان : إذا صدر حكم بفقدان الشخص، فإنه يعتبر مازال حيا سواء بالنسبة لأمواله أو لزوجته طالما لم يصدر حكم بوفاته.

أ- بالنسبة لأمواله : لا تقسم أمواله بين الورثة. فلا يعتبر المفقود ميتا إلا من تاريخ الحكم بالوفاة وليس من تاريخ الحكم بالفقدان، فالمفقود يرث من مات قبل الحكم بوفاته.

ب‌-بالنسبة للزوجة : تبقى الزوجة على ذمة زوجها لأنه يعتبر حيا، ويجوز لها طلب التطليق وفق المادة 53 من قانون الأسرة : ( يجوز للزوجة أن تطلب التطليق للأسباب التالية : الهجر في المضجع فوق أربعة أشهر، الغيبة بعد مضي سنة بدون عذر ولا نفقة)

حالات الحكم بموت المفقود : تنص المادة 113 من قانون الأسرة على: (  يجوز الحكم بموت المفقود في الحروب والحالات الإستثنائية بمضي أربع سنوات بعد التحري ، وفي الحالات التي تغلب فيها السلامة يفوض الأمر إلى القاضي في تقدير المدة المناسبة بعد مضي أربع سنوات )[5]

الآثار التي تترتب على الحكم بالوفاة :
    أ- بالنسبة لأمواله : يعتبر المفقود بعد الحكم بوفاته ميتا، فتوزع أمواله بين الورثة من تاريخ الحكم بالوفاة.

ب‌- بالنسبة للزوجة : تعتد عدة الوفاة ويجوز لها بعدها أن تتزوج بغيره .

ظهور المفقود حيا بعد صدور الحكم بوفاته :

أ- بالنسبة لأمواله : وفق المادة 151 قانون الأسرة : ( لا يورث المفقود ولا تقسم أمواله إلا بعد صدور الحكم بوفاته، وفي حالة ظهوره حيا يسترجع ما بقي عينا من أمواله أو قيمة ما بيع منها).

 ب- بالنسبة للزوجة : فتكون له إن لم تكن قد تزوجت بغيره ، أما إذا كانت قد تزوجت بغيره وكان الزوج الجديد حسن النية ودخل بها بعد انقضاء عدتها فتبقى للزوج الجديد. أما إذا كان الزوج الجديد يعلم بحياة المفقود، فإنها تعود للزوج الأول.  

  
الفرع الثاني : خصائص الشخصية القانونية للشخص الطبيعي


أولا : الاسم le surnom

 هو الوسيلة التي يتميز بها الشخص عن غيره . وللاسم معنيان معنى ضيق ويقصد به الاسم الشخصي PRENO  والمعنى الثاني يقصد به اللقب أو اسم الأسرة NOM DE FAMILLE OU Patronimique   
وتنص المادة28/1 مدني على : ( يجب أن يكون لكل شخص لقب واسم فاكثر ولقب الشخص يلحق بأولاده).
وهناك أنواع أخرى للاسم يحميها القانون إذا استعملت بصفة مستمرة وحمايتها تكون بقدر حماية الاسم المدني منها: اسم الشهرة والاسم المستعار والاسم التجاري.
اسم الشهرة le surnom :
- وهو اشتهار الشخص باسم آخر بين الناس واسم الشهرة هو من صنع الناس أي غير هو الذي يطلق على الشخص هذا الاسم واسم الشهرة جدير بحماية القانون.
الاسم المستعار :Pseudonyme
ويطلقه الشخص على نفسه بقصد تحقيق عرض معين كإخفاء شخصيته في مناسبة معينة  وقد يكون الغرض سياسيا كتسمية رجال المقاومة بأسماء مستعارة لإخفاء أسمائهم الحقيقية والشخص حر في اختيار هذا الاسم وكذلك هذا الاسم يحميه القانون إذا استعمله صاحبه بصفة مستمرة.
الاسم التجاري :
وهو استخدام التاجر اسما يمارس تحته تجارته ويكون مميزا لمحله التجاري، وعنصرا من عناصره وهو حق مالي قابل للتصرف فيه وفقا للمادة 78 قانون تجاري.

 وسنتعرض فيما يلي للاسم المدني فنبين طريقة اكتسابه ومميزاته وحمايته وفي الأخير طبيعته القانونية[6] .
أولا : الاسم المدني
أ/ كيفية اكتساب الاسم العائلي:
وهو الطريق الطبيعي لاكتساب الاسم ,فينسب الولد لأبيه إذا كان الزواج شرعيا، أما بعد وفاة الزوج أو الطلاق فينسب الولد إلى أبيه إذا ولد خلا ل عشرة اشهر. وكذلك يثبت النسب بالإقرار أي بإقرار البنوة لمجهول النسب ولو تم ذلك الإقرار في مرض الموت .
يقوم ضابط الحالة المدنية باختيار اسم للقيط أوللشخص المولود من أبوين مجهولين. المادة 64/4 من الأمر70-20 المؤرخ في19/20/1970 المتضمن الحالة المدنية[7].
جرت العادة في الدول الغربية على أن تحمل الزوجة لقب زوجها ولا تفقد لقبها العائلي فيصبح لها لقبان تختار بينهما .
ب/كيفية اكتساب الاسم الشخصي
المادة 64 من قانون الحالة المدنية توجب الأب أو الأم أو من بلغ عن ميلاد الشخص إختيار اسم له من الأسماء الجزائرية وقد وضعت الدولة قائمة إسمية معينة للأشخاص .
ثانيا : مميزات الإسم
يمتاز الاسم بأنه غير قابل للتصرف أو النزول عنه كما انه لا يخضع لنظام التقادم المكسب أو المسقط.
ثالثا :حماية الاسم
يحضى الاسم بحماية قانونية أعطاها له المشرع وتكون الحماية على كافة أنواعه دون تمييز وتكون الحماية على إحدى الاعتداءين :
إما الإدعاء بعدم أحقيته بهذا الاسم وإما إشاعة عدم الأحقية بين الناس والحماية هنا هي المطالبة بوقف الاعتداء أو التعويض المادة 48 قانون المدني، و تكون بالحبس من 6 اشهر إلى 5 سنوات أو المتابعة بجناية تزوير وهذا ما نصت عليه المادة249 قانون العقوبات .
رابعا :الطبيعة القانونية للاسم
لقد إختلف الفقهاء حول تحديد الطبيعة القانونية للاسم فهناك من يرى انه مجرد نظام إداري للبوليس المدني وهناك من يرى انه حق ملكية على حق معنوي وهناك من يراه انه حق وواجب في آن واحد وظهر اتجاه آخر يرى انه حق من حقوق الأسرة وهو الرأي الراجح إذ انه في الغالب ما ينتج صدور الاسم من الانتماء الى الأسرة
ثانيا: الحالة
- هي من أهم مميزات الشخصية القانونية فتثبت الحالة السياسية لشخص بانتمائه لدولة وتثبت حالته الدينية من خلال إتباعه لعقيدة معينة [8] .
أنواعها:

1-  الحالة السياسية:

وتعني ارتباط الشخص بالدولة وانتمائه لها ويكون ذلك عن طريق حمل جنسية الدولة ويحملها بطريقتين إما الدم أو الإقليم كما أن جنسية الدم هي جنسية أصلية وفي حالة تعدد الجنسيات يطبق القاضي الجنسية الفعلية آو الحقيقية

2-  الحالة الدينية:
الإسلام دين الدولة ولا وجود في الإسلام لمثل بعض الامتيازات الممنوحة في طوائف معينة كما هو في بعض البلدان ويترتب على كون الشخص مسلما فإنه يخضع لأحكام التعامل بين المسلمين مع غير المسلمين [9].

3-  الحالة العائلية:
- وهي العلاقة التي تربط الشخص بالعائلة وقد تكون هذه الرابطة قرابة نسب أو قرابة مصاهرة
أ/ أنواع القرابة:
قرابة مباشرة: وهي التي تربط بين الأصول والفروع أي التي تربط الجد بأبنائه وحفدته .مثل :الإبن لأبيه درجة أولى ،ابن الإبن لجده درجة ثانية. وهكذا...
قرابة الحواشي : وهي التي تربط بين الأشخاص الذين يجمعهم أصل واحد دون أن يكون أحدهم فرعا للآخر. مثل قرابة ابن الأخ الشقيق بالعم...الخ.وعند ترتيب درجة الحواشي تعد الدرجات صعودا من الفرع للأصل المشترك ثم نزولا منه الى الفرع الآخر الجد ( الأصل ولا تحسب درجة )

قرابة المصاهرة
هي تنتج نتيجة الزواج ، ويحتفظ فيها كل قريب بدرجة قرابته للزوج الآخر.وقد نصت المادة35 مدني:( يعتبر أقارب أحد الزوجين في نفس القرابة والدرجة بالنسبة الى الزوج الآخر) [10].



[1]  محمد الصغير بعلي، المدخل للعلوم القانونية نظرية القانون ونظرية الحق، دار العلوم، 2006 ، ص134 .

[2]  محمدي فريدة زواوي، المدخل للعلوم القانونية لنظرية الحق، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، 2000 ، ص57.

[3]  المرجع نفسه، ص 58.

[4]  محمد الصغير بعلي، المرجع السابق، ص-136.

[5]  محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص-61.

[6]  اسحاق ابراهيم منصور ،نظريتا القانون والحق وتطبيقاتهما في القوانين الجزائرية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،1999 .ص:221.220

[7]  محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص-64 .

[8]  محمدي فريدة زواوي، المرجع السابق، ص69.

[9]  المرجع نفسه، ص70.

[10]  المرجع نفسه ص73.