6. البعثات الدائمة لدى المنظمات الدولية

تمتاز غالباً بطابع الديمومة والاستمرارية عبر بعثات الدول الدائمة لدى المنظمات الدولية. وهي تخضع لقواعد ثابتة مستمدة من القانون الأساسي للمنظمة واللوائح الداخلية لهيأتها العامة وتقاليد العمل فيها.

وهي تمارس داخل إطار ثابت في مقر المنظمة الدولية بمعاونة الأمانة العامة الدائمة. وأحياناً تكون ذات طابع مؤقت عبر دعوة إحدى المنظمات الدولية لمؤتمر لبحث قضايا دولية محددة. وتمتاز دبلوماسية المنظمات الدولية بعلاقاتها الواسعة مع أشخاص دوليين آخرين مثل علاقاتها ببعضها البعض أو علاقاتها مع دول أعضاء وغير أعضاء فيها، وكذلك مع حركات تحرير وطنية ( عضوية مراقب ) وأخيراً مع منظمات دولية خاصة (وضع استشاري ). وتتم ممارسة المنظمة الدولية لعلاقاتها الخارجية بواسطة مجموعة من موظفيها، يسمون بالموظفين الدوليين، ويتمتعون بوضعية خاصة بهم، منصوص عليها في دستور المنظمة،أو بروتوكول ملحق بالاتفاقية الإنشائية أو من خلال اتفاقية المقر. وهذه الأخيرة الهدف منها تنظيم العلاقات ما بين المنظمة والدولة المقيمة على أرضها.

ونشير هنا إلى اتفاقية فينا لعام (1975) الخاصة بالعلاقات ما بين الدول والمنظمات الدولية ذات الصفة العالمية، ( الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة التابعة لها )، والقصد منها تنظيم هذا الشكل من الممارسة الدبلوماسية، من حيث أنها تطبق على البعثات الدائمة للدول المعتمدة لدى أو في المنظمات الدولية أو حتى على الوفود المشاركة في اجتماعات أو مؤتمرات المنظمة الدولية.

ومن الظواهر المعروفة في دبلوماسية المنظمات الدولية ظاهرة التصويت الكتلي ( وهي تقابل التصويت الحزبي في البرلمانات الوطنية)، فالجمعية العامة للأمم المتحدة تنقسم عادة إلى كتل سياسية تقوم الدول الكبرى بدور بالغ الأهمية في قيادتها، وفي الواقع أن أحد أسس دبلوماسية المنظمات الدولية قائم على أن الدولة التي ليس لها مصالح عالمية توكل الدولة الكبرى التي لها مصالح عالمية مباشرة في مقابل امتيازات ومساعدات تحصل عليها من الدولة الكبرى، كما أن هناك ما يسمى بالوزن الأدبي لصوت الدولة الكبرى، ومصدره الإشعاع الثقافي والدبلوماسي والإعلامي للدولة الكبرى الذي يؤثر على الدولة الصغرى ويجعلها تستجيب لرغبات الدولة الكبرى حتى دون أن تطلب منها ذلك، ويظهر دور الكتل السياسية بوضوح في الحالات التي يتبع فيها التنظيم الدولي قاعدة الأغلبية الخاصة كأعضاء الثلثين، ويترتب على ذلك أن أية كتلة يصل عدد أعضائها إلى الثلث تستطيع أن تحول دون صدور القرار بالتصويت ضده، وحتى تستطيع المنظمة الدولية أن تصدر القرار فقد تجري مفاوضات بين هذه الكتل للوصول إلى حل يحقق الأغلبية المطلوبة.