1. مسؤولية الإدارة المشروطة بوجود الخطأ

1.2. خطأ الإدارة نتيجة عدم توفير أسباب الوقاية اللازمة لحماية البيئة

يتطلب قيام الإدارة بواجبها اتجاه البيئة ومن ثم وقايتها من الأضرار التي تصيبها ، أن تتخذ جملة من الإجراءات القانونية والمادية اللازمة لحماية البيئة ، فإذا لم تقم بتلك الواجبات المقررة عليها قانونا قامت مسؤوليتها الإدارية وحق عليها تعويض المتضررين من ذلك . فهي صورة الخطأ السلبي المرتب للمسؤولية الإدارية ، أين تمتنع الإدارة عن القيام بممارسة نشاطها الإداري الضبطي الذي تستلزمه قواعد القانون البيئي.

ومنه تتجلى حالات امتناع الإدارة عن اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية البيئة في عدة صور نتعرض لأهمها على النحو التالي :

أ /عدم اتخاذ الإدارة القرارات الإدارية اللازمة لوقاية البيئة :جزء الجزء 1إن امتناع الإدارة البيئية عن إصدار الأوامر والقرارات الإدارية في مجال حماية البيئة ووقايتها من الأضرار والأخطار ، على الرغم من وجود ما ينبئ عن ذلك ، كأن تكون الوقائع والأسباب القانونية والواقعية موجودة وتستلزم تدخل الإدارة لمنع حدوث تلوث في البيئة من خلال إصدارها لقرارات إدارية محددة ، فإنها تكون قد أخطأت ويمكن إثارة مسؤوليتها الإدارية عند عدم تدخلها .

        ومثال ذلك كأن تمتنع سلطات الضبط الإداري البيئي عن اتخاذ القرارات الإدارية التنظيمية والفردية أو استعمال القوة المادية لأجل حماية النظام العام البيئي ، كما في حال عدم اتخاذها لقرارات وتدابير توقي وتحمي الأفراد من مخاطر الفيضانات التي تلحق أضرارا فادحة بالأراضي الزراعية ومنتجاتها ، أو في حال امتناع الهيئات الإدارية المكلفة بحماية الصحة العامة عن إصدار قرارات لمصادرة المواد الغذائية الفاسدة وإتلافها ، أو في حال عدم قيام الهيئات الإدارية المختصة بإصدار قرار لضبط وسائل ومعدات وغلق الأماكن التي تقلق راحة المواطنين وتضر بسكينتهم[1] .

        ب /امتناع المرفق عن أداء عمله : جزء الجزء 2 قد تتخذ إدارة المرفق موقفا سلبيا بامتناعها عن القيام بعمل أو تقديم الخدمة المطلوبة منه والتي يجب عليها القيام به ، إذ أن هذا الامتناع يشكل خطأ مرفقيا تسأل عنه الإدارة لتعويض الأضرار الناجمة عنه ، ويطبق هذا الأمر على الاختصاصات المقيدة وكذا التقديرية للإدارة . وقد اعتبر البعض ترتيب المسؤولية الإدارية عن عدم قيام المرفق بأداء الخدمة يأتي بمثابة تقدم مجلس الدولة الفرنسي خطوة أخرى في اجتهاده القضائي[2] .

مثال : تبرز هذه الصورة بجلاء في الأعمال المادية للإدارة ولاسيما في الأضرار الناجمة عن الأشغال العامة ، ومن أمثلتها قرر مجلس الدولة الفرنسي مسؤولية الإدارة عن عدم إنشاء حواجز وقائية تمنع سقوط المارة فوق طريق مرتفع ، أو عدم إزالتها لقطع الحديد والأنقاض التي ألقيت في أحد الأنهار مما أدى إلى اصطدام سفينة بها، أو إحجام الإدارة عن صيانة إحدى الطرق العمومية مما أدى إلى تهدمها بشكل كبير وأدى إلى انقلاب مركبة وإصابة ركابها بأضرار،أو نسيت الإدارة أن تنشئ حاجزا يمنع سقوط المارة من المرتفع ...

ج/ عدم قيام الإدارة بالرقابة والتوجيه: جزء الجزء 3 إن السلطات التي تتمتع بها الإدارة المستمدة من أحكام القانون العام ليست امتيازا معقودا لمصلحة الإدارة كي تمارسها كيفما تشاء ومتى تريد ، بل هي واجب على الإدارة وموظفيها الضلوع بها بكل أمانة وحرص عند قيام موجباتها وإنها ليست مقررة لمصلحة الإدارة فحسب ، بل لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم ولضمان تحقيق الصالح العام ، ولعل واجب الإدارة في الرقابة والإشراف والتوجيه يعد أحد أهم أوجه الامتيازات التي تمارسها الإدارة وكل إخلال بممارستها أو عدم القيام بها يثير مسؤولية الإدارة على أساس الخطأ المرفقي أو الشخصي[3] .

مثال   كما لو أهملت إدارة مستشفى الأمراض العقلية في رقابة المجانين فتمكن أحدهم من الهرب وأشعل حريقة وألحق أضرارا بالبيئة والممتلكات،أوصب مادة سامة وملوثة في خزان مائي فتعرض الناس للتسمم والضرر.



[1] د/ علي خطار شطناوي، مسؤولية الإدارة العامة عن أعمالها الضارة ، دار وائل للنشر، الطبعة الأولى، 2008 ، ص  195 .

[2] د/ علي خطار شطناوي، نفس المرجع ، ص 195 .

[3] د/ عارف صالح مخلف ، نفس المرجع ، ص 356 .