2. النظرية السلوكية في الإرشاد
النظرية السلوكية (Behavior theory):
تعود جذور النظرية السلوكية إلى العالم الفسيولوجي الروسي إيفان بافلوف(Ivan Pavlov) صاحب نظرية الإشراط الكلاسيكي من خلال تجاربه على الكلاب. كما يرتبط اسم هذه النظرية باسم كل من العلماء: واطسن، سكنر، ثورندايك، جون دولارد، نيل وميللر، روتر، وبندورا ووالتر...، فقد حاول هؤلاء تفسير السلوك، وكيفية حدوث التعلم، فسلوك الإنسان من وجهة نظرهم متعلم، وأن لدى الفرد دوافع فسيولوجية هي الأساس في سلوك الإنسان، وعن طريق التعلم يكتسب الفرد دوافع جديدة تستند إلى الدوافع الفسيولوجية وتسمى بالدوافع الثانوية، وهذه الدوافع هي التي توجه سلوك الإنسان للوصول إلى أهدافه( الزعبي، 2004، 61)
2-1- تفسير الاضطرابات النفسية:
يرى السلوكيون أن الاضطرابات النفسية، والمشكلات السلوكية، ما هي إلا عادات متعلمة خاطئة، أو سلوكيات غير متكيفة، يحتفظ بها الفرد لفاعليتها كوسيلة دفاعية لتجنب مواقف غير مرغوبة، أو ليقلل من قلقه وتوتراته، مما جعلها ترتبط شرطيا بالموقف الذي أدى إليه(الزعبي، 2004، 63)
إن الشخصية السوية في نظر السلوكيين رهن بتعلم عادات صحيحة وسليمة، وتجنب اكتساب عادات سلوكية غير صحيحة، وتتحدد الصحة والسلامة بناء على المعايير الاجتماعية السائدة بالفرد، وبذلك فإن مظاهر الشخصية السوية عند السلوكيين هي أن يأتي الفرد بالسلوك المناسب في كل موقف بحسب ما تحدده الثقافة التي يعيش في ظلها(الخطيب، 2009، 371)
2-2- المفاهیم الأساسیة في هذه النظریة:
-1 سلوك الإنسان متعلم: أي أن الفرد یتعلم السلوك السوي ویتعلم السلوك غیر السوي وأن السلوك المتعلم یمكن تعدیله.
-2 المثیر والاستجابة: بموجب النظریة السلوكیة فإن كل سلوك أو استجابة له مثیر وإذا كانت الأمور سلیمة یكون السلوك سویا، ففي الإرشاد التربوي لا بد من دراسة المثیر والاستجابة وما یتخلل من عوامل الشخصیة جسمیا وعقلیا واجتماعیا وانفعالیا.
-3 الدافعیة: لا یوجد هناك تعلم بدون دافع، والدافع طاقة كامنة قویة بدرجة كافیة تدفع الفرد وتحركه إلى السلوك، ووظیفة الدوافع في عملیة التعلم ثلاث هي:
- یحرر الطاقة الكامنة الانفعالیة في الفرد.
- یملي على الفرد أن یستجیب ویهتم لموقف معین ویمهل المواقف الأخرى.
- یوجه السلوك وجهة معینة لیشبع حاجة معینة عند الفرد.
-4 الشخصیة: هي التنظیمات السلوكیة المتعلمة الثابتة نسبیا التي تمیز الفرد عن غیره من الناس.
-5 التعزیز: هو التقویة والتدعیم والتثبیت بالإثابة والسلوك یتعلم ویقوى ویدعم ویثبت إذا تم تعزیزه.
-6 الانطفاء: وهو ضعف وتضاؤل وخمود واختفاء السلوك المتعلم إذا لم یمارس ویعزز أو إذا ارتبط شرطیا بالعقاب بدل الثواب.
-7العادة: والعادة هي رابطة تكاد تكون وثیقة بین مثیر واستجابة، وتتكون العادة عن طریق التعلم وتكرار الممارسة ووجود رابطة قویة بین المثیر والاستجابة وهي في معظمها مكتسبة ولیست موروثة.
-8التعمیم: إذا تعلم الفرد استجابة، وتكرار الموقف فإن الفرد ینزع لإلى تعمیم الاستجابة المتعلمة على استجابات أخرى تشبه الاستجابة المتعلمة، وإذا مر الفرد بخبرات في مواقف محدودة فإنه یمیل إلى تعمیم حكم یطبقه على المواقف الأخرى بصفة عامة.
-9التعلم ومحو التعلم وإعادة التعلم: التعلم و تغییر السلوك نتیجة للخبرة والممارسة، ومحو التعلم یتم عن طریق الانطفاء، وإعادة التعلم تحدث بعد الانطفاء بتعلم سلوك جدید، وهذه سلسلة من عملیات التعلم تحث في التربیة والإرشاد والعلاج النفسي، بمعنى محاولة محو ما تعلمه الفرد ثم إعادة تعلیم من جدید(منسي ومنسي، ، 179-180).
2-3- أهمیة النظریة السلوكیة في المؤسسات التعلیمیة
تفسر النظریة السلوكیة المشكلات السلوكیة بأنها أنماط من الاستجابات الخاطئة أو غیر السویة المتعلمة بارتباطها بمثیرات منفرة، ویحتفظ بها الفرد في تجنب مواقف أو خبرات غیر مرغوب فیها. ویركز الإرشاد النفسي على ما یلي:
-تعزیز السلوك السوي المتوافق.
- مساعدة الطالب في تعلم سلوك جدید مرغوب والتخلص من سلوك غیر مرغوب ومساعدته في أن الظروف الأصلیة قد تغیرت بحیث تصبح الاستجابات غیر المرغوبة غیر ضروریة لتجنب المواقف غیر السارة التي سبق أن ارتبطت بها.
- تغیر السلوك غیر السوي أو غیر المتوافق وذلك بتحدید السلوك المراد تغییره والظروف والشروط التي یظهر فیها والعوامل التي تكتنفه وتخطیط مواقف یتم فیها تعلم ومحو تعلم لتحقیق التغیر المنشود، من خلال إعادة تنظیم الظروف البیئیة.
- ضرب المثل الطیب والقدوة الحسنة سلوكیا أمام العمیل عله یتعلم أنماط مفیدة من السلوك عن طریق محاكاة المرشد خلال الجلسات الإرشادیة المتكررة
2-4- نقد النظرية السلوكية
من الانتقادات الموجهة للإرشاد السلوكي ما يلي:
- الإرشاد السلوكي لا يعالج الأسباب، وإنما يتعامل وبصورة سطحية مع الأعراض.
- لا يمكن استخدام الإرشاد السلوكي مع الأفراد الذين لديهم مستوى ثقافي مرتفع، لأنه يهتم فقط بمستوى القدرة على التحمل، فالأفراد الذين يبحثون عن معنى في الحياة، أو الوصول بطاقاتهم إلى أعلى حد، فإن الإرشاد السلوكي لا يمكن أن يساعدهم في ذلك.
- إن حرية المسترشد ومسؤوليته قد تقل، لأن المرشد ينظر إلى نفسه على أنه مهندس لسلوك المسترشد، مما يعني سيطرته عليه.
- قد يغير الإرشاد السلوكي سلوك المسترشد، لكنه لا يغير مشاعره، وهناك من يرى أنه لا بد أن يتغير الشعور إذا أردنا تغير السلوك.
- لا يزود الإرشاد السلوكي المسترشد بالقدرة على التبصر الداخلي.
- يتجاهل الإرشاد السلوكي الأسباب التاريخية للسلوك الحالي(الخطيب،2009، 384)