3. تاريخ تطور الأنثربولوجيا
3.1. الأنثروبولوجيا في العصر القديم
يجمع معظم علماء الاجتماع والأنثربولوجيا ، على أن الرحلة التي قام بها المصريون القدماء في عام 1493 قبل الميلاد إلى بلاد بونت ( الصومال حاليا) بهدف التبادل التجاري، تعد من أقدم الرحلات التاريخية في التعرف بين الشعوب.
وذلك بهدف تسويق بضائعهم النفيسة التي شملت البخور والعطور، ونتج عن هذه الرحلة اتصال المصريين بأقزام افريقيا، وتأكيداً لإقامة علاقات معهم فيما بعد، فقد صورت النقوش في معبد الدير البحري، استقبال ملك وملكة بلاد بونت لمبعوث مصري.
أما عند الاغريق اليونان فيعد المؤرخ الاغريقي هيرودوتس Herodotus ، الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد أول من صور أحلام الشعوب وعاداتهم وطرح فكرة وجود تنوع وفوارق فيما بينهم، من حيث النواحي السلالية والثقافية واللغوية والدينية، حيث قام بوصف ثقافات الشعوب وحياتهم وبعض نظمهم الاجتماعية، ينطوي على بعض أساسيات المنهج (الاثنوجرافي) المتعارف عليه في العصر الحاضر باسم (علم الشعوب).
أما عند الرومان امتد عصر الامبراطورية الرومانية حوالي ستة قرون، تابع خلالها الرومان ما طرحه اليونانيون من مسائل وأفكار حول بناء المجتمعات الانسانية وطبيعتها ، وتفسير التباين والاختلاف فيما بينها، ووجهوا دراساتهم نحو الواقع الملموس والمحسوس.
وقد استطاع المؤرخ الروماني لوكرتيوس أن يتصور مسار البشرية في عصور حجرية ثم برونزية، ثم حديدية، وذلك من حيث رؤية التقدم والانتقال من مرحلة إلى أخرى، في إطار حدوث طفرات مادية، وإن كان مدرها في النهاية إلى عمليات وابتكارات عقلية.
أما عند الصينين القدماء: لم يخل تاريخهم من بعض الكتابات الوصفية لعادات الجماعات البربرية والتي كانت تتسم بالازدراء والاحتقار، لذلك اهتم فلاسفة الصين القدماء، بالأخلاق وشؤون المجتمعات البشرية، من خلال الاتجاهات الواقعية العملية في دراسة أمور الحياة الانسانية ومعالجتها، لأن معرفة الأنماط السلوكية التي ترتبط بالبناء الاجتماعي في أي مجتمع، تسهم في تقديم الدليل الواضح على التراث الثقافي لهذا المجتمع والذي يكشف بالتالي عن طرائق التعامل فيما بينهم من جهة، ويحدد أفضل الطرائق للتعامل معهم من جهة أخرى.