3. أهم مبادئ النسبية العامة
3.3. االكون المتصل منحنى مقفل
يتألف الكون عند أينشتاين من المكان والزمان الكتلة والمجال ،لكن ما طبيعة هذا الكون؟
ففي الوقت الذي يذهب فيه قدماء المدرسة الذرية أن الكون غير محدود والمكان لا متناه،ووافقهم نيوتن معتبرين أن الكون غير محدود وإنما لانهائي لا أول له ولاآخر،وهذا يعود إلى إيمانهم بهندسة إقليدس وأن كل علاقات الكون يجب أن تُبنى من خلال هذه الهندسة المستوية والتي تعتمد في كل نظرياتها وتركيباتها على الخطوط المستقيمة ومسلمة التوازي والتسليم بأن مجموع زوايا المثلث يساوي 180°.
لكن أينشتاين رفض هذا الرأي معتبرا أن الهندسة الإقليدية خاطئة إذا أردنا أن نفسّر بها علاقات الكون الرحيب أو حتى علاقات الكرة ،فلو حاولنا أن نبحث عن أقصر الخطوط بين لندن ونيورك،فسنجد أنه خط دائري،والسبب أن سطح الأرض كروي والسطوح الكروية لا تتناسب ولا تنطبق مع الهندسة المستوية الإقليدية،والكون شأنه شأن الأرض لأنه ليس نظاما مسطحا[1].
لذا فإن النظرية النسبية ترى أن كل جسم يوجد في مكان وزمان يخلق حوله مجالا،وأن الفضاء حول هذا الجسم ينجذب وينحني بمقتضى خطوط هذا المجال،ومعنى هذا أن كل مادة توجد في فضاء
الكون تؤدي إلى تحدب وانحناء في سطح هذا الفضاء ،ومعنى هذا أننا لو أردنا أن نعرف مقدار المادة الكلية في فضاء الكون لأمكن أن نعرف مقدار التحدب والانحناء فيه وشكل مجاله العام بمقتضى معادلات النسبية.
ومن هنا يكون الكون متناه ولكنه غير محدود،وأفضل تفسير لهذه العبارة أن نتصور الكون لا كسطح مستو،ولكن كسطح كروي مقفل،فلو أننا واصلنا السير في فضاء اينشتاين باتجاه واحد فلن نخرج إلى اللانهاية،بل ستعود إلى نقطة ابتدائك،وستكون حينئذ قد قمت بدوران حول الكون دون أن تصل إلى الحافة،فليس للكون حواف أو حدود،وبهذا التفسير يكون اينشتاين قد تخلص من فكرة اللامتناهي بكل ما تحمله من صعوبات علمية وفلسفية[2].
أما فيما يخص طبيعة الكون ،فلقد ذهب أينشتاين إلى القول أن الكون في مجموعه ثابت،وأن أجزائه هي التي تتحرّك بالنسبة لبعضها البعض،أما ككل فهو ساكن ،،لكنه سرعان ما وافق رأي الأرصاد الفلكية التي أجمعت أن الكون يتضخم،وأن ما فيه نجوم وكواكب وشموس تنفجر في أقطاره الأربعة متباعدة عن بعضها تخلخلا مع زمن ،وأنه يبرد وتنطفئ نجومه وتفنى مادتها،وتتحول إلى إشعاع يضيع في فضاء الكون الشائع،وبعد بلايين النسبية ،تكون جميع النجوم قد انطفأت فلا يعود هنا تبادل حرارة ولا أثر للضوء لأن دليلنا على اتجاه الزمن هو الحركة والطاقة وبدون حركة لا يوجد زمن وهذا ما يعني أن الكون له نهاية وله بداية.[3]
[1] عبد الفتاح غنيمة:فلسفة العلوم الطبيعية،مرجع سابق،ص139.
[2] صلاح عثمان:الاتصال والاتناهي بين العلم والفلسفة،مرجع سابق،ص211.
عبد الفتاح غنيمة:فلسفة العلوم الطبيعية،مرجع سابق،ص141.[3]