5. موضوع فلسفة العلم وغايته
تتناول فلسفة العلم بالدراسة والتحليل والنقد عدة موضوعات،يمكن تلخيصها فيما يلي:
أ-المعرفة وأنواعها:أمثال المعرفة الحسية والمعرفة العقلية والمعرفة التجريبية والمعرفة الحدسية وغيرها من المعارف العلمية لبيان درجة اليقين فيها وحدودها ومدى قدرتها من الوصول إلى الحقيقة والموضوعات التي تتعامل معها هذه المعارف،ومدى إمكان تحقيق اليقين فيها،وبيان الشروط المنطقية الصحيحة لها.
ب-مناهج البحث العلمي:أي دراسة مختلف الطرق المنطقية التي تعتمدها هذا المناهج في الوصول إلى الحقيقة وبهذا تتجه بالمناقشة والتحليل لموضوعات مثل القياس ،الاستقراء،الاستدلال وبيان درجة اليقين فيها لتحقيق درجة عالية من الصدق والدقة في تركيبها وتكوينها.
-المفاهيم العلمية:حيث تقوم فلسفة العلم بتحليل ونقد هذه المفاهيم للوقوف على الشروط المنطقية في تعريف هذه المفاهيم وعلاقة بعضها مع البعض الآخر[1].
-نقد جملة من الافتراضات التي يقوم عليها الفكر العلمي أو ينطلق منها في بناء نظرياته وتقديم تفسيرات لتنبؤاته،بالإضافة إلى نقد الواقع المعرفي للعلوم من حيث نسقه ومستوى تقدمه وطبيعة البناء الذي يضعه العلم أيا كان موضوعه ومنهجه ونتائجه[2].
-كما تعمل على الاستفادة من نتائج العلم وتوظيفها لخدمة الإنسان والإنسانية.
لذا فإن القيمة الابستمولوجية لهذا الميدان تكمن بما ينتجه من أفكار ومبادئ في تكوين بنية الفكر العلمي والفلسفي على حد سواء،يقول نيلز بوهرN.Bohr بخصوص هذه القيمة:"إن الفلسفة تتيح الفرصة للعلماء بأن تنبههم إلى إعادة النظر في مفاهيمهم العقلية وتنقيحها،وذلك بعد أن كشفت دراسة التركيب الذري للمادة عن تصور واضح في مفاهيم الفيزياء الكلاسيكية،لذلك فمراجعة الأسس الغامضة لمفاهيمنا الأولية مسألة حتمية"[3].
يمكن حصر غاية فلسفة العلم في محاولة عقد الصلة بين الفلسفة والعلم،التقريب بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية وتوحيد البناء الداخلي للإنسان الذي تشكلت بداخله ثقافتان متمايزتان:علمية وأخرى نفسية إنسانية،ومن ثمة توحيدهما في بوتقة واحدة وثقافة واحدة سواء على الصعيد الإجتماعي أو البناء الفكري،كما تساهم فلسفة العلوم في توحيد جميع الاتجاهات الفلسفية والعلمية تحت راية الحقيقة ووحدتها العلمية،وإيجاد منطق عام تنطوي تحت لوائه كل العلوم وتستمد منه الشروط المنطقية في التعامل مع موضوعاتها مما يؤدي إلى وحدة العلوم[4].
[1] محمد عابد الجابري:مدخل إلى فلسفة العلوم:المرجع السابق، ص،ص135،136.
[2] عبد العزيز بو الشعير:مقالات في الدرس الابستمولوجي،مرجع سابق،ص ص22،23.
[3] N.Bohr :atomic,physics and human knowledge
نقلا عن عبد العزيز بو الشعير:مقالات في الدرس الإبستمولوجي،مرجع سابق،ص27.
[4] روبير بلانشيه:نظرية المعرفة،ص ص 35،37.