الوجيز في الاجراءات الجزائية

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: محاضرات في قانون الإجراءات الجزائية
Livre: الوجيز في الاجراءات الجزائية
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Wednesday 24 April 2024, 14:20

1. الفصل الأول

التعريف بإلإجراءات الجزائية والنظم الإجرائية
أولا: التعريف بقانون الإجراءات الجزائية:
تعتبر الإجراءات الجزائية مجموعة من القواعد الشكلية التي تهدف إلى قمع الجريمة ومتابعة المجرمين. وتهتم بالبحث ومعاينة الجريمة، وجمع الأدلة حولها، كما تهدف إلى تنظيم السلطات والمحاكم الجزائية وتبيان الأشكال
والطرق الواجب اتخاذها أمام هذه السلطات والجهات القضائية 1 .
فهي تبين كيفيات السير في الدعوى الجزائية ابتداء من وقوع الجريمة إلى غاية صدور الحكم الجزائي وطرق
الطعن فيه.
ومن هنا فإن الإجراءات الجزائية تحتل مركزاً هاماً في النظام القانوني ويبين ذلك من ميزتين أساسيتين:
-1 إن الإجراءات الجزائية لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة لقانون العقوبات فالمجرم لا يمكن
أن تطبق بشأنه أي عقوبة بشكل تلقائي لمجرد أنه ارتكب الجريمة. بل يقتضي الأمر إتباع إجراءات محددة
منصوص عليها في القانون للحكم بإدانته.
-2 على خلاف الإجراءات المدنية التي غالباً ما يتضمن موضوع النزاع المطالبة بتعويضات
مالية، فإن موضوع النزاع في الإجراءات الجزائية يتعلق بمصلحة المجتمع التي مس بارتكا الجريمة من جهة
وبشرف وحرية وأحياناً حياة الفرد من جهة أخرى.
إذاً فقانون الإجراءات الجزائية يرعى مصلحتين: مصلحة المجتمع في معاقبة المجرم نظراً لاعتدائه على أمن
واستقرار المجتمع، ومصلحة المتهم في ضمان حقه في الدفاع عن نفسه حتى يتمكن من إثبات براءته. وهو
بذلك يهدف للوصول إلى الحقيقة، دون التعدي على الحرية الفدية للإنسان وفي هذا المعنى يقال. بأن قانون
العقوبات هو قانون المجرمين بينما قانون الإجراءات قانون الشرفاء.
ثاني اا: الأنظمة المختلفة للإجراءات الجزائية:
عرف الإجراءات الجزائية منذ نشأتها تطوراً بتطور الحياة الاجتماعية والسياسية داخل الدولة باعتبار هذه
الإجراءات ذات صلة وثيقة بالأمن والنظام في الدولة وحرية الأفراد.
وفي هذا الصدد فقد ظهر نظامان أساسيان في الإجراءات الجزائية هما: النظام الاتهامي ونظام التحري
والتنقيب 2 .
1 مولاي ملياني بغدادي ، الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ، المؤسسة الوطنية للكتا ،الجزائر ، 1992 ، ص 9
2 محمد صبحي محمد نجم ، شرح قانون الإجراءات الجزائية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر، 1988 ،ص 3
3
-1 النظام التهامي) resystème accusatoi :)
يعتبر هذا النظام أقدم الأنظمة التي عرفتها البشرية في عصورها الأولى فقد كان سائدا في العديد من
التشريعات القديمة كالشريعة الفرعونية و البونانية و الرومانية و الجرمانية 1، ويمتاز هذا النظام بأن الدعوى فيه
منافسة بين خصمين هما المدعي والمدعى عليه، إذ كان هو الاتهام حقاً خالصاً للمضرور من الجريمة يباشره
بنفسه ولا يباشره عنه غيره. ويمتاز هذا النظام بالخصائص التالية:
أ عبء الاتهام للمجني عليه أو المضرور من الجريمة أو لمن شاهد الجريمة، فا تتدخل -
السلطات العامة في الاتهام وجمع الأدلة، إذ لم تكن النيابة العامة موجودة.
يفصل في الخصومة الجنائية قاضي يعد بمثابة حكم يختاره الطرفان في بعض الأحيان أو -
يترك أمر اختياره لتقاليد معينة في أح وال أخرى. ويوصف دور القاضي في الدعوى في هذا النظام بانه على
الحياد يمثل في إدارة الجلسة و تلخيص موضوع الدعوى، و من ثمة يعد دور القاضي دوراً سلبي اً إذ يكتفي
بالموازنة بين الإدانة المقدمة من طرف الأطراف فقط.
ج يغلب على إجراءات الدعوى طابع الشفهية والعلنية والحضو رية في مواجهة الخصوم، كما يكفل هذا -
النظام ضمانات الحماية وحرية الدفاع للمتهم. فهناك تساو تام بين الدفاع والاتهام 2 .
إن آثار النظام الاتهامي لا تزال قائمة إلى اليوم في بعض الشرائع الجزائية المعاصرة، خاصة في تشريعات
الولايات المتحدة الأمريكية، و إنجلترا.
ففي إنجلترا مثلا يقع على المجني عليه عبء تحريك الدعوى الجنائية، غير أنه يوجد مع ذلك نائب عام يمثل
المجتمع في مباشره الدعوى كما ينو عنه وكيل الدعاوي العام، لكنه لا يتدخل إلا في القضايا الخطيرة. أو
تلك التي يتخلى عنها المجني عليه لأسبا مادية.
وبهذا تفادى النظام الإنجليزي عيب النظام الاتهامي الذي يترك أمر رفع الاتهام لمطلق حرية الفرد الذي قد
يتخلى عن ذلك لكونه ضعيف الجانب كما أن عملية البحث عن الأدلة عمليه دقيقة و شاقة ليس من حسن
السياسة تركها في يد المجني عليه.
1 رؤوف عبيد ،مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري،دار الجيل للطباعة،مصر،الطبعة 17 ، 1989 ،ص 17 .
2 مأمون محمد سلامة ،الإجراءات الجنائية في التشريع المصري،الجزء ا؟لأول، دار النهضة العربية ،القاهرة ، مصر ،ص 15
4
-2 نظام التنقيب والتحري) toireinquisisystème :)
يعد هذا النظام أحدث من سابقه، ويرجع أصله إلى عهد الإمبراطورية الرومانية وكان هذا النظام يقتصر تطبيقه
في بداية الأمر على فئة المتهمين العبيد فقد كان يمتاز بالقسوة والشدة.
وقد ارتبط ظهور هذا النظام بظهور الدولة وتزايد قوتها ومن مظاهرها بروز ما يسمى باحق الاتهام التلقائي
والقضائي حيث يمكن للقاضي من متابعة المجرم بنفسه بمجرد علمه بارتكابه الجريمة وهذا ما أدى إلى ظهور
نظام الاتهام العام فيما بعد ويتمي زهذا النظام ببعض المميزات منها:
أ إن المبادرة بالاتهام تكون دائماً لسلطة عامةّ، التي تمثل السلطة المركزية فهي التي تتهم -
وتبحث عن الأدلة و لا يترك ذلك للأفراد، فليس للفرد في هذا النظام إلا دوراً ثانوياً في تحريك الدعوى، وينتج
عن هذا عدم توازن في الحقوق بين الاتهام والدفاع وهذا تغلبيا لمصلحة المجتمع على حسا مصلحة الفرد.
يغلب على هذا النظام طابع الأدلة القانونية - 1 ، خاصة في بداية نشوئه، فكان مثلاً الإعدام لاينطق في جرائم
معينة إلا إذا ت وافر اعتراف المتهم. كما ان التعذيب كان يعد وسيلة مشروعة للوصول إليه.
ج يفصل في الخصومة قاض تعينه السلطات العامة، لا إلى حكم يختاره أطراف الدعوى خلافا لما كان -
عليه الوضع في النظام الاتهامي.
د كان الإجراءات فيه كتابية، وكما اشتهر هذا النظام بالسرية في مباشرة إجراءات الدعوى حيث تمتد -
هذه السرية لتشمل حتى الخصوم انفسهم ، حيث يظل التحقيق سرياً إلى نهاية المحاكمة، وهذا ما يشكل
انتهاكا و مساسا و إهدا را للمصلحة الفردية.
وقد أدخل على هذا النظام عدة تعديلات منها جواز الطعن في أحكام القاضي أمام المحاكم الأعلى درجة.
غير أنه لم يكن يحقق ضمانات جدية للمتهمين، بل يفتح البا للتنكيل بخصوم الحاكم السياسين، و ذلك
للسرية التي كان تميز الإجراءات فيه حتى على أصحا القضية، فضلا على اعتماد مشروعية التعذيبفي
الوصول الى الحقيقة .
1 خلافا لما كان عليه الأمر في السابق ، يسود اليوم غالبية التشريعات الجزائية الحديثة و منها التشريع الإجرائي الجزائري نظام
الأدلة المعنوية) نظام الأدلة الحر( و هذا كقاغدة عامة مع بعض الاستثناءات الصيقة حيث يفرض المشرع فيها ضرورة توافر
أدلة معينة بذاتها لاثبات الجريمة و يعد هذا الاستثناء أعمالا و تطبيقا لظام الأدلة القانونية و منها ما كرسة المشرع الجزائري
من صرورة توافر الأدلة التي نص عليها المادة 341 من قانون العقوبات الجزائري في جريمة الزنا .
5
-3 النظام المختلط:
حاول هذا النظام تفادي عيو الأنظمة الإجرائية السابقة، مفضلا الإبقاء على الإيجابيات التي كان
تطبعهما و تميزهما، فلا يوجد اليوم تشريع إجرائي يوصف بأنه اتهامي محض، أو تنقيب وتحري محض، بل كلها
بين بين، أو نظاماً مختلطاً مع تغليب جانب على آخر.
ومن ملامح هذا النظام المختلط هو الفصل بين سلطة الادعاء وسلطة الحكم، ومن التحقيق الابتدائي إلى
التحقيق النهائي. وبصفة عامة فإن النظام المختلط يحاول احترام ضمانات الحرية الشخصية، كما يكفل حق
المجتمع في ذات الوق . وقد أخذت معظم التشريعات المعاصرة به.
ثالثا: موقف المشرع الجزائري:
تأثر المشرع الجزائري بهذه الأنظمة الإجرائية السالفة الذكر، إلا أنه ركز على إيجابيات كلامنهما وتبنى
نظاماً إجرائياً مختلطاً وبالرغم من ذلك فقد سار على نفس نهج المشرع الفرنسي في الإجراءات الجزائية.ويتضح
ذلك مما يلي:
أ تتولى النيابة العامة مهمة الإتهام والمتابعة الجزائية حيث نص المادة الأولى من قانون الإجراءات الجزائية -
الجزائري على أنه:" الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات يحركها و يباشرها رجال القضاء أو الموظفين أو
المعهود إليهم بها بمقتضى القانون.."، وقد نص المادة 29 من نفس القانون على مايلي "تباشر النيابة
العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع...".
غير أن النيابة العامة لا تستأثر كلية بتحريك الدعوى العامة بل يمكن للفرد المتضرر من الجريمة أن تحرك الدع وى
وهذا ما أكدته المادة الأولى الفقرة الثانية من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري:"...كما يمكن للطرف
المضرور أن يحرك هذه الدعوى أيضا طبقاً للشروط المحددة في هذا القانون" وهذا ما يعتبر أثر من آثار النظام
الاتهامي الذي كان يتسم برفع الاتهام الفردي.
وقد تأثر المشرع الجزائري بنظام التحقيق ) التنتقيب و التحري(بشكل جلي في أحوال اخرى، فالتحقيق كتابي
كول الإجراءات فيه مدونة من استجوا للمتهم وسماع الشهود... و هذا ملا بتولاه كاتب التحقيق
الذي يرافق قاضي التحقيق و يدون كل الإجراءات التي يقوم بها، كما ان التحقيق غير علني للجمهور إذ يمتنع
عليه الاطلاع على سير التحقيق ، كما ان القرارات و الأوامر التي يصدرها قضاة التحقيق ليس علنية بل
تصدر في غرفة المشورة كما نص المادة 184 من ق إج ج كما أن المادة 11 من ق إ ج ج نص على انه
:"تكون إجراءات التحري والتحقيق سرية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ودون إضرار بحق الدفاع، كما
أن التحقيق الابتدائي ليس وجاهياً".
6
ويغلب على التشريع الجزائي الجزائري في مرحلة المحاكمة الطابع الاتهامي، فالإجراءات فيه شفافية بحسب
الأصل، وعلنية للجمهور وحض و يرة للخصوم لا يمكن أن تقرر سريتها عنهم مهما كان الظروف. وييمكن أن
تقرر سريتها عن الجمهور فقط لاعتبارات تتعلق بالنظام العام والأد العامة كما هو الحال في بعص الجرائم
الماسة بالأخلاق و غيرها . وفقا لأحكام المادة 285 . من قانون الإجراءات الجزائية .
ومن ثمة فالنظام الإجرائي الجزائري يمكن اعتباره نظاماً مختلطاً أخذ نسبة متفاوتة من النظامين وفي صور شتى.
وقد صدر قانون الإجراءات الجزائية الجزائري بموجب الأمر رقم 66 / 155 المؤرخ في 08 جوان 1966 ، حيث
تضمن 729 مادة موزعة في شكل كتب وعددها سبعة ) 07 ( وتحتوي هذه الكتب على ما يلي:
- الكتاب الأول: و تضمن المواد من ) 1 - 211 (، ويحتوي على مباشرة الدعوى وإجراءات التحقيق
والبحث والتحري عن الجرائم، الشرطة القضائية، النيابة العامة، قاضي التحقيق.
- الكتاب الثاني: و تضمن المواد من ) 212 - 441 ( و فيها جهات الحكم، الأحكام المشتركة، طرق
الإثبات والادعاء المدني، محكمة الجنايات والمداولة، وطرق الطعن العادية.
- الكتاب الثالث:و تضمن المواد من ) 442 - 494 ( و فيه المنحرفون الأحداث
- الكتاب الرابع: و تضمن المواد ) 495 - 531 ( و قيه طرق الطعن غير العادية، قرارات المحكمة
العليا، ترك الخصومة، إعادة السير في الدعوى، الطعن لصالح القانون، التماس إعادة النظر.
- الكتاب الخامس: و تضمن المواد من ) 532 - 591 ( وفيه الإجراءات الخاصة بالتزوير، انتفاء بعض
أوراق الإجراءات،شهادة أعضاء الحكومة وممثلي الدول الأجنبية، تنازع الاختصاص بين القضاة،
الإحالة من محكمة إلى أخرى رد القضاة،جرائم القضاة وبعض الموظفين، الجرائم المرتكبة في الخارج.
- الكتاب السادس: و تضمن المواد ) 592 - 693 ( يتضمن بعض إجراءات التنفيذ، إيقاف التنفيذ،
التحقق من هوية الأشخاص المحكوم عليهم،الإكراه البدني،تقادم العقوبة، صحيفة الس وابق
العدلية،فهرس الشركات، صحيفة مخالفات المرور، رد الاعتبار.
- الكتاب السابع: و تضمن المواد ) 694 - 729 ( و فيه العلاقات بين السلطات الأجنبية، تسليم
المجرمين في العبور،الانابات القضائية وفي تبليغ الأوراق والأحكام، إرسال الأوراق والمستندات.

2. الفصل الثاني

الدعاوى التي تنشأ عن الجريمة:
مقدمة:
ينشأ عن ارتكا أي جريمة ضرر عام يسمح للسلطة العامة بالتدخل والمطالبة بتوقيع العقا المقرر لها،
وينشئ لها حق تباشر بواسطة ما يسمى بالدعوى العمومية أو الدعوى الجنائية- -action publique وقد ينشأ عن نفس الجريمة المرتكبة أيضاً ضرر خاص يصيب أحد أفراد المجتمع وقد يكون هذا الضرر مادياً أو
معنوياً وينشئ للمتضرر حق في إقامة دعوى يطلب فيها تعويض هذا الضرر، وحقه هذا يباشره عن طريق ما
يسمى بالدعوى المدنية action civile 1 .غير ان الدعوى الجنائية أو الدعوى العمومية تختلف عن الدعوى
المدنية من عدة أوجه يمكن ذكرها كما يلي:
-1 من حيث الأشخاص: يتكون من أطراف الخصومة في الدعوى الجنائية من ممثل النيابة
العامة حيث يمثل الادعاء العام،فهي المختصة بتحريك الدعوى العمومية ولو لم ينشأ أي ضرر مادي. أما في
الدعوى المدنية فيكون المدعى هو الشخص الذي يحق لحقه ضرر من الفعل المرتكب. والخصم الثاني في
الدعوى ا لعامة هو المتهم، ويكون هو المطالب بالتعويض في الدعوى المدنية.
-2 من حيث الموضوع: يتعلق موضوع الدعوى الجنائية دائماً بالمطالبة بتوقيع العقا الجزائي
على المتهم نتيجة لما اقترفه من جرم، وتكون النيابة العامة هي المختصة بطلب ذلك، فالدعوى الجنائية في
طبيعتها تتعلق بالنظام العام ذلك أن النيابة العامة لا يحق لها التنازل أو التصالح بشأنها مع المتهم . أما
الدعوى المدنية فموضوعها يتعلق بطلب التعويضات المالية عن الأضرار التي ألحقها المدعى عليه بالمدعي، فهي
مرتبطة بالمصلحة الخاصة.للصحية أو المجني عليه ولذلك فله الحرية المطلقة في التنازل عنها أو التصالح
بشأنها مع المدعى عليه
-3 من حيث السبب: إن سبب الدعوى الجنائية هو الضرر الذي ألحقه بالمتهم بالمجتمع
جراء ارتكابه للأفعال المجرّمة، فالجريمة هي سبب أساسي لنشوء الدعوى الجنائية، أما سبب نشوء الدعوى
المدنية فهو الضرر الذي ألحقه بشخص المتضرر فإذا أنتفى الضرر انتف معه الدعوى المدنية وهذا على خلاف
الدعوى الجنائية التي تنشأ بمجرد مخالفة القانون الجنائي ولو لم ينشأ معه أي ض رر مادي 2
1 محمد صبحي محمد نجم ، شرح قانون الإجراءات الجزائية ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر، 1988 ،ص 13
2 و مثال ذلك حمل سلاح غير مرخض به دون استعماله او إلحاق الأذى بواسطته فالجريمة تنشأ رغم عدم اصابه أي شخص
بصرر مادي .....
8
هذا كما أن الدعوى الجنائية تخضع لقانون الإجراءات الجزائية الذي قد تخضع إليه الدعوى المدنية إذ ارتبط
بها وتنظر من طرف القضاء الجنائي معاً غير أنه إذا انفصل الدعوى المدنية عنها فإنها تخضع لقانون
الإجراءات المدنية وتنظر من طرف القضاء المدني باعتيباره الجهة الأصلية بالنظر في النزعات المدنية .
أول ا: الدعوى الجنائية:
يقصد بالدعوى الجنائية ذلك الطلب الذي تتقدم به النيابة العامة للجهات القضائية باسم المجتمع بتسليط
العقا على المتهم.ذلك أن النيابة العامة أضح في الدولة المعاصرة هي الجهة المؤهلة أصلاً بإقامة الدعوى
الجنائية أي بتحريكها. وهذا ما نص عليه أحكام المادة الأولى ق إ ج ج حيث جاء فيها:" الدعوى العمومية
لتطبيق العقوبات يحركها ويباشرها رجال القضاء والموظفون المعهود إليهم بها بمقتضى القانون " كما أكدت
أيضاً المادة 29 من ق إ ج ج:" تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع و تطالب بتطبيق القانون
و هي تمثل أمام كل جهة قضائية ".
فالتشريع الجزائري جعل من النبابة العامة السلطة المخول لها تحريك الدعوى العمومية بما منحها بإجراءات
كفيلة بالحفاظ على أمن واستقرار المجتمع والدفاع عنه ضد كل الأفعال المجرّمة التي نصّ عليها قانون العقوبات
وهكذا قاعدة عامة، إلا أنه يشاركها في تحريك الدعوى العمومية في بعض الحالات الاستثنائية الطرف المتضرر
من الجريمة وهذا ما أشارت إيه المادة 1 / 2:" كما تجوز للطرف المضرور أن يحرك هذه الدعوى طبقاً للشروط
المحددة في هذا القانون"ومع ذلك فإن حق مباشرة الدعوى العمومية يرجع دائماً للنيابة العامة ولو حركها
الطرف المتضرر، فالنيابة العامة هي التي تتولى مباشرة جميع الأعمال للوصول إلى الحكم على مرتكب الجريمة
مثل طلب فتح التحقيق في الجريمة المرتكبة، وتقديم الأدلة والطعن في الحكم بعد صدوره وتنفيذ الأحكام... إلخ
وهذا ما يستدعي دراسة نظام النيابة العامة من حيث اختصاصها و خصائصها وذلك كما لي:
-1 النيابة العامة:
تعتبر النيابة العامة الجهة المختصة كقاعدة عامة حسب قانون الإجراءات الجزائية الجزائري بتحريك الدعوى
العمومية، وقد تشاركها جهات أخرى لكنها تبقى الجهة الوحيدة المختصة بمباشرة الدعوى، فهناك فرق بين
تحريك الدعوى ومباشرتها.
9
فتحريك الدعوى أو ما يصطلح عليه أحياناً برفعها أو إقامتها ويقصد بداية السير فيها أو تقديمها
للمحكمة، فتحريك الدعوى هي المرحلة الأولى في الإجراءات الجزائية الخاصة بالدعوى.
أما مباشرة الدعوى أو استعمالها فهي ذات مدلول أوسع من التحريك فهو يتضمن تحريك الدعوى كما
يتضمن حق متابعتها والسير فيها غبر مختلف مراحل الدعوى العمومية إلى غاية الحكم فيها بحكم نهائي، وقد
أكدت ذلك المادة 29 من ق إ ج ج السابقة الذكر.
أ تشكيل النيابة العامة: -
يوجد في جميع المحاكم على مستوى الترا الجزائري ممثل عن النيابة العامة فلا يمكن تصور إنعقاد محاكمة
جزائية دون حضور عضو من أعضاء النيابة العامة تطبيقا لنص المادة 29 من ق إ ج ج.إذ يمثل النيابة العامة
لدى المجالس القضائية، النائب العام ويساعده في أداء مهامه نائب عام مساعد، وواحد أو أكثر من مساعدي
النائب العام، وهذا ما أكدته المادة 33 و 34 من ق إ ج ج.
ويمثل وكيل الجمهورية النائب العام لدى المحكمة بنفسه أو بواسطة مساعديه وهو يباشر الدعوى العمومية في
دائرة المحكمة التي بها مقر عمله)م 35 من ق إ ج ج(.
كما يمثل النائب العام لدى المحكمة العليا النيابة العامة ويساعده في ذلك عدد من أعضاء النيابة العامة.
ويتلقى النائب العام للمحكمة العليا والنائب العام لدى المجلس القضائي تعليمات كتابية من وزير العدل
حافظ الأختام لتطبيقها إن دع الضرورة لذلك وهذا ما أكدته م 30 و 530 من ق إ ج ج 1 . وبصفة
عامة فإن قضاة النيابة العامة يوضعون تح إدا رة وإشراف وزير العدل حامل الأختام.
خصائص النيابة العامة: -
تتميز النيابة العامة بخصائص تفرقها عن باقي الجهات الأخرى في الدولة وهذه الخثائص كالآتي:
-1 التبعية التدريجية:
يخضع أعضاء النيابة العامة لقاعدة تدرج السلطة أو ما يسمى بنظام التبعية التدريجية وهذا على خلاف قضاء
الحكم. ويعني ذلك أن تكون للرئيس على المرؤوس سلطة كافية من الإشراف والرقابة الإدارية ويأتي وزير
1 تنص المادة 30 من ق إ ج ج على مايلي :) يسوغ لوزير العدل أن يخطر النائب العام بالجرائم المعلقة بقانون العقوبات،
كما يسوغ له فضلاً عن ذلك أن يكلفه كتابة بأن يباشر أو يعهد إاليه بمباشرة متابعات أو يخطر الجهة القضائية المختصة بما
يراه ملازماً من طلبات كتابية( كما تنص المادة 530 من ق إ ج ج )....و اذا رفع النائب العام الى المحكمة العليا بناء
على تعليمات وزير العدل أعمالا قضائية أو أحكاما صادرة من المحاكم او المجدالس القضائية مخالفة للقانون جاز للمحكمة
العليا القضاء ببطلانها (
10
العدل حامل الأختام على هرم هذه السلطة الإدارية إذ يمكن لوزير العدل أن تخطر النائب العام لجميع الجرائم
المرتكبة)م 30 ق إ ج ج( كما يمكن له إصدار تعليمات كتابية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، فوزير
العدل ليس ممثلاً للنيابة العامة أمام القضاء، كما أنه ليس عضواً من أعضاء النيابة العامة، غير أنه يملك سلطة
إخبار النائب العام بالجرائم المتعلقة مخالفة قانون العقوبات أو يكلفه كتابه بما يراه ملازماً من طلبات كتابية 1 .
وهذا ما أشارت إليه صراحة أحكام المادة 06 من الأمر 69 / 27 المؤرخ في 13 ماي 1969 إذ جاء فيها:"
يوضع قضاة النيابة العامة تح إدارة ومراقبة رؤسائهم السلمين وتح سلطة وزير العدل حامل الأختام".
وبالرغم من خضوع النائب العام و كولائه للتعليمات الكتابيبة الصادرة إليه من رؤسائه، إلا أنه في الجلسة
يصبح مطلق الحرية لا رقيب عليه إلا ضميره وشرفه وهذا إنسجاما مع القاعدة المعروفة:" إذ كان القلم مقيداا
فاللسان طليق".
فقضاة النيابة العاملة يخضعون بصفة قانونية إلى رؤسائهم فوكيل الجمهورية يخضع إلى النائب العام لدى المجلس
والمساعدون يخضعون له أيضاً،والنائب العام يخضع إلى وزير العدل حامل الأختام.
أما قضاة الحكم فيختلفون عن قضاة النيابة العامة، فلا يرتبطون بنظام التبعية التدريجية، فهم لا يخضعون لأي
نوع من الرقابة الفنية، بل يخضعون فقط لرقابة ضمائرهم وللقانون لبا ينص عليه من قواعد يقتضي احترامها و
الوقوف عندها.
-2 عدم تجزئة النيابة العامة:
تعتبر قاعدة عدم تجزئة النيابة العامة قاعدة قديمة نشأت مع نشوء النظام نفسه، وهي تعني أن أعضاء النيابة
العامة يشكلون وحدة لا تتجزأ، ذلك أن التصرفات التي يقومون بها ترفع في الأخير إلى الوكالة عن أصل واحد
هو المجتمع وبغض النظر عن صاحب الإجراء، فأي تصرف يقوم به أي عضو لا ينسب إليه وحده، كما أن
أي عضو من النيابة العامة يمكنه أن يحل محل أي عضو آخر في التصرفات القانونية التي يقوم بها، فقد يمكن
أن يرفع الدعوى الجنائية عضو معين، وقد يشرف عن التحقيق عضو آخر، كما قد يرافع عضو ثالث أثناء
المحاكمة وهكذا دواليك دون أن يؤثر ذلك على سير الدعوى الجزائية والإجراءات فيها.فأعضاء النيابة العامة
هم شركاء في شركة تضامن فأي إجراء يصدر من أحدهم كأنه صادر منهم جميعاً على حد تعبير احد
الفقهاء.
1 مولاي ملياني بغدادي ،الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتا ،الجزائر، 1992 ، ص 101 .
11
وبالرغم من ذلك فإن خاصية عدم تجزئة النيابة العامة ليس مطلقة فهي مرتبطة بقواعد الاختصاص النوعي
والمحلي وإلا كان الإجراء الصادر في هذه الحالة باطلاً.
وخلافاً لذلك فإن قضاة الحكم لا يرتبطون بهذه القاعدة التي تمتاز بها النيابة العامة، بل أن مقتضى العمل
القضائي أن القاضي الذي يحكم في الدع وى يجب أن يكون هو نفسه الذي باشر جميع إجراءات التحقيق
النهائي في الجلسة. وإن حدث أن تغير هذا القاضي فعلى القاضي الذي يخلفه أن يعيد إجراءات المحاكمة منذ
البداية وإلا كان ذلك باطلاً.
-3 استقلال النيابة العامة: تتمتع النيابة العامة أثناء أداء مهامها بالاستقلالية المطلقة تجاه المحاكم والمتقاضين،
فهي هيئة عامة تمثل المصلحة العامة للمجتمع من خلال الدعوى الجزائية، ولها في سبيل الحفاظ على المجتمع أن
تمتع بالحرية عن باقي المؤسسات داخل الدولة، وكما أنها لا تتلقى أي لوم أو ملاحظات من طرف قضاة
الحكم، كما أنها مستقلة عن السلطة التشريعية ولا تملك المحاكم والمجالس القضائية إلا أن تعلم النائب العام
بسوء تصرفات أعضاء النيابة العامة إذا صدرت منهم و التي من شأنها ان تؤثر بشكل سلبي على سير الدعوى
العمومية) 1 .)
-4 عدم مسؤولية النيابة العامة: تقضى القاعدة العامة في التقاضي بالنسبة للطرف المدني، أن الذي يخسر
دعواه أو شكواه يتحمل بالمصاريف، أما بالنسبة للنيابة العامة فلا تسري في حقها هذه القاعدة فلا يمكن
مطالبتها بأ تعويض أو مصاريف من طرف المتهم الذي يصدر في حقه حكماً بالبراءة كان قدمته للاتهام ،
بل فأنه في مثل هذه الحالات فإن الخزينة العمومية هي التي تتحمل بالمصاريف القضائية . فلا تسأل النيابة
العامة مدنياً وجزائياً عن نتيجة أعمالها مع المتهم أو الشهود فاعتبا را للمصلحة العامة التي يمثلونها أعفاءهم
القانون من تحمل تبعة أعمالهم.
غير أن هذه القاعدة ليس مطلقة، بل أن أعضاء النيابة العامة إذا صدرت منهم أخطاء جسمية أثناء
الدعوى، أو صدر منهم غش أو تدليس أو غدر فإنهم يسألون طبقاً لذلك ويتحملون المسؤولية التامة عن
أعمالهم. وفي هذه الحالة يحق للمتقاضي أن يقاضي عضو النيابة العامة بطرق مخاصمة القضاة.
1 ليس لمحكمة الجنايات الحق في وصغ النيابة العامة بانها "أسرف في الإتهام" و "أسرف في حشد التهم..."حيث أمرت
محكمة النفض المصرية بحذف هاتين العبارتين .
12
-5 عدم جواز رد أعضاء النيابة العامة : تعد النيابة العامة في الدعوى العمومية خصماً للمتهم،
وعيه فلا تسري عليها أحكام الرد و التنحي التي تجري على القضاة، فقد نص المادة 555 من ق إ ج
ج:" ل يجوز رد القضاة أعضاء النيابة العامة".كما أنه لا يجوز للخصم أن يرد خصمه طبقاً للقاعدة
المعروفة، ومع ذلك فإذا كان لا يمكن رد النيابة العامة إذا كان طرفاً أساسي اً وأصلياً في الدعوى كما هو
الحال في القضايا الجزائية ، فإنه يجوز ردها إذا كان طرفاً منضماً في الدعوى، وذلك في الدعاوي المدنية أو
التجارية والأحوال الشخصية، ذلك أنها في هذه الحالة ليس خصماً لأحد بل هي طرف محايد يطلب رايها
في القضية المعروضة و إذا خيف أن يكون رأيها منحازا لطرف دون آخر،أو أكان رأياً مشوباً بالدافع
الشخصي جاز ردها كما هو الحال بالنسبة للقضاة.
ج اختصاصات النيابة العامة: -
يمكننا التعرف على اختصاصات النيابة العامة وذلك من خلال قانون الإجراءات الجزائية حيث حدد
صلاحيات كل عضو من أعضاء النيابة العامة وذلك على النحو التالي:
-1 النائب العام لدى المحكمة العليا: حدد قانون الإجراءات الجزائية الجزائري صلاحيات النائب العام لدى
المحكمة العليا باعتباره يمثل النيابة العامة. ويتضح ذلك من خلال ذلك منحه إمكانية الطعن لصالح
القانون في الاحكام النهائية الصادرة من المحاكم والمجالس القضائية المخالفة للقانون ولم يطعن أحد من
الخصوم، فلنائب العام حق الطعن فيها سواء تصرف من تلقاء نفسه أو بناء على تعليمات وزير العدل
وهذا ما أشارت إليه المادة 530 من ق إ ج، كما تتضح أيضاً اختصاصات النائب العام من خلال الطعن
باعادة النظر في الأحكام متصرفاً بناء على تعليمات وزير العدل)المادة 531 ق إ ج(.
-2 النائب العام لدى المجلس القضائي::يمتد الاختصاص الإقليمي لعمل النائب العام بدائرة المجلس
القضائي، أما الاختصاص النوعي فيتمثل فيما يلي:
يتلقى النائب العام إخطارات من وزير العدل حول الجرائم المرتكبة حسب قانون العقوبات المادة -
30 / 1 . ق إ ج.
يقوم بالمتابعات الجزائية إما بناء على تكليف من وزير العدل، أو يعهد مباشرة بذلك لأعضاء -
النيابة العامة المادة - 30 / 2 . ق إ ج ج.
13
يتولى النائب العام مهام الإشراف والرقابة على عمل أعضاء النيابة العامة بالمجلس القضائي، كما انه -
يشرف على الضبطية القضائية و هذ 1 ا نص عليه المادة 31 ق إ ج.
-3 وكيل الجمهورية: يعتبر وكيل الجمهورية العنصر الفعال في النيابة العامة نظراً لما أناط به القانون من
صلاحيات مهمة تجعله في وضع المتعامل المباشر مع الدعوى الجزائية. وقد بين قانون الإجراءات
الجزائية الاختصاص المحلي والنوعي لوكيل الجمهورية وذلك وفقاٌ لمايلي:
-1.3 الختصاص المحلي لوكيل الجمهورية: وضع المشرع الجزائري ثلاثة معايير يتحدد بها
الاختصاص الإقليمي لوكيل الجمهورية وذلك طبقاً لنص المادة 37 من ق إ ج ج كما يلي:
- بمكان وقوع الجريمة.
- بمحل إقامة احد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في ارتكا الجريمة.
- بالمكان الذي تم في دائرة القيض على أحد هؤلاء الأشخاص ولو وقع القبض لسبب آخر.
غير انه كما يجوز توسيع الاختصاص المحلي للسيد وكيل الجمهورية الى دائرة إختصاص محاكم أخرى -
و ذلك في جرائم المخدرات و الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية و الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية
للمعطيات و جرائم تبييض الأموال و الإرها و جرائم الصرف.
-2.3 الختصاص النوعي: نص المادة 35 من ق إ ج على اختصاصات وكيل الجمهورية وتتمثل في
الآتي:
- يباشر سواء بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية واللازمة للبحث والتحري وبق رر ما يتخذ
بشانها.
- يتلقى المحاضر والشكاوي ويقرر ما يتخذ بشأنها.
- يبلغ الجهات القضائية المختصة بالتحقيق أو المحاكمة التي تفصل فيها أو يأمر بحفظها بقرار قابل
دائماً للإلغاء.
- يبدي رأيه أمام الجهات القضائية المختلفة حيث يقدم ما يشاء من طلبات،كما أنه يطعن بمختلف
طرق الطعن القانونية في كافة القرارات ولأحكام القضائية .
- يقوم وكيل الجمهورية باعتباره ممثلاً للنيابة العامة بتنفيذ كافة القرارات والأحكام التي تصدرها
السلطات القضائية سواء سلطة التحقيق او الحكم.
14
3.3 اختصاصات وكيل الجمهورية في القبض على الأشخاص والحبس المؤقت و الوفاة -
المشبوهة:
يمكن لوكيل الجمهورية أن يتخذ إجراءات تتعلق بالقبض على الأشخاص أو إيداعهم الحبس المؤق وذلك في
حالات الجريمة المتلبس بها. تعتبر الجريمة متلبساً بها في الحالات التي تنص عليها المادة 41 من قانون
الإجراءات الجزائية حصراً وهي:
- إذا كان الجريمة مرتكبة في الحال أو عقب ارتكابها.
- إذا كان الشخص المشتبه في ارتكابه الجريمة في وق قريب جداً من وقوع الجريمة قد تبعه العامة
بالصياح.
- إذا وجدت في حيازته أشياء أو وجدت آثار أو دلائل تدعوا إلى افتراض مساهمته في الجناية أو
الجنحة.
- كذلك توصف بأنها جريمة في حالة تلبس إذا ارتكب في منزل وكشف صاحب المنزل عنها عقب
وقوعها وبادر في الحال باستدعاء أحد ضباط الشرطة القضائية لإثباتها.
فإذا وقع الجريمة متلبساً بها حسب الحالات السالفة الذكر، فإن اختصاصات وكيل الجمهورية تتوسع في مجالي
القبض على الأشخاص والحبس المؤق وذلك كما يلي:
-1 القبض على الأشخاص: إذ لم يكن قاض التحقيق قد أخطر بالجريمة المتلبس بها فأنه يجوز لوكيل
الجمهورية إصدار أمر بالقبض و باحضار كل شخص يشتبه في مساهمته في الجريمة و ذلط طبقا لما
نص عليه المادة 58 من ق إ ج.
-2 الحبس المؤقت: إذ لم يقدم المشتبه في ارتكابه الجريمة المتلبس بها)جنحة( ضمانات كافية للحضور
شريطة أن تكون الجنحة معاقب عليها بالحبس، ولم يكن قاض التحقيق قد أخطر بالفعل، فإنه يجوز
إيداع المشتبه فيه الحبس المؤق بشرط إحالته على المحكمة في أجل لا يتجاوز ثمانية أيام من يوم صدور
أمر الحبس)م 59 / 2(، وتجدر الإشارة إلى أن وكيل الجمهورية لا يستطيع إيداع المشتبه فيه الحبس المؤق
في الجنحة المتلبس بها إذا كان هذه الجنحة تتصف بما يلي:
15
- جنحة ذات طابع سياسي.
- جنحة الصحافة.
- جنحة تخضع لإجراءات تحقيق خاصة.
- جنحة فيها أشخاص لم يكملوا 18 سنة.
-3 سلطة وكيل الجمهورية في الوفاة المشبوهة:
إذا وقع وفاة تشتبه فيها سواء كان مرتكبة من طرف مجهول أو تم باستعمال العنف أو من دونه، فإن
وكيل الجمهورية يتصل بمكان الحادث بعد إعلامه من طرف الضبطية القضائية، ويقوم بإجراء البحث
والتحريات الأولية عن سبب الحادث، ويستعين بالخبراء في ذلك لتحديد ما إذا كان الوفاة طبيعية أو بسبب
ارتكا جريمة و هذا وفقا لنص المادة ) 62 ق إ ج(.
-4 سلطة وكيل الجمهورية على الضبطية القضائية:يقوم وكيل الجمهورية بالإشراف على ضباط الش رطة
القضائية العاملين في مقر دائرة اختصاصه الذي يتحدد باختصاص المحكمة )م 12 ق إ ج ج(.

2.1. تحريك الدعوى العمومية والقيود الواردة عليها


مقدمة:
يعود للنيابة العامة الحق في تحريك الدعوى العمومية باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل بذلك فهي
تملك سلطة الملائمة في تحريكها من عدمه. وهذا ما أكدته المادة 36 من ق إ ج:" يقوم وكيل الجمهورية
بتلقي المحاضر والشكاوي والبلاغات ويقرر ما يتخذ بشأنها..." إلاّ أنهّ واستناءاً من ذلك يمكن لجهات أخرى
مشاركة النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية، كما أنهّ ترد بعض القيود على حرية النيابة العامة في تحريك
الدعوى العمومية عليها و ذلك بصفة مؤقتة، نقلاً على أنّه قد ترد عوامل تجعل من تحريك الدعوى غير ممكنة
و ذلك بصفة مؤبدة وما هي ما تطلق عليها بأسبا انقضاء الدعوى العمومية، وذلك ما سنعرفه فيما يلي:
أوّل ا: الجهات التّي تشارك النيابة العامة في التحريك:
خلافاً للأصل العام الذّي يجعل النيابة العامة السلطة الوحيدة المختصة بتحريك الدعوى العمومية، فإنّه
استناءاً من ذلك حوّل قانون الإجراءات الجزائية الجزائري هذا الحق لجهات المحاكمة، وكذا للطرف المتضرر من
الج ريمة وذلك على التوالي:
أ جهةةة المحاكمةةة: حيث يمكن لجهات الحكم استناءاً من الأصل العام أن تحرك الدعوى العمومية في -
جرائم الجلسات، فإن وقع أن قام أحد الحاضرين في إحدى الجلسات المنعقدة بالهيئات القضائية ببعض
التصرفات التّي تخل بنظام الجلسة وهيبة القضاء، فإنهّ يحق للرئيس أن يصدر أمراً بإيداعه الحبس ويحكم عليه
بالحبس من شهرين إلى سنتين إذ لم يتمثل لأوامر المحكمة بالتزام الهدوء والانضباط داخل الجلسة وهذا ما
نص عليه المادة 295 من ق إ ج إذ جاء فيها " إذ حدث بالجلسة أن أخل أحد الحاضرين بالنّظام بأية
طريقة كان فللرئيس أن يأمر بإبعاده من قاعة الجلسات وإن حدث في خلال تنفيذ هذا الأمر أن لم يمثل له
أو أحدث شفوياً صدر في الحال أمر بإيداعه السجن وحوكم وعوقب بالسجن من شهرين إلى سنتين دون
إخلال بالعقوبات الواردة بقانون العقوبات ضد مرتكبي جرائم الإهانة والتعدي على رجال القضاء".
هذا بالإضافة إلى أنّه قد تقوم جهات الحكم بتحريك الدعوى الجنائية في حالة ارتكا جرائم داخل مقر
المحكمة أو مجلس محكمة الجنايات.فإذا حدث ذلك فإننا نميز بين ما يلي:
17
حالة ارتكا مخالفة أو جنحة داخل المجلس القضائي: إذا ارتكب جريمة ذات وصف جنحة أو -
مخالفة وحدث ذلك أثناء جلسات المجلس القضائي، فإنّه طبقاً لنص المادة 568 من قانون الإجراءات
الجزائية يأمر الرئيس بتحرير محضر عنها ويرسله إلى وكيل الجمهورية، فإذا كان الجنحة المرتكبة عقوبتها أكثر
من ستة أشهر فإنّه يمكن للرئيس أن يأمر بالقبض على المتهم وي رسله فوراً إلى وكيل الجمهورية.
حالة ارتكا جنحة أو مخالفة داخل جلسة المحكمة: فإذا ارتكب الفاعل مخالفة أو جنحة لكن -
داخل جلسة محكمة تنظر في جرائم الجنح والمخالفات، فإنّ الرئيس يأمر بتحرير محضر عنها ويقضي فيها في
الحال بعد سماع أقوال المتهم والشهود والنيابة والدفاع عند الضرورة وهذا ما أكدته نص المادة 569 من قانون
الإجراءات الجزائية 1 .
حالة ارتكا جنحة أو مخالفة داخل جلسة محكمة الجنايات: -
تتبع في هذه الحالة نفس الإجراءات المتخذة و التّي نصّ عليها المادة 569 قانون الإجراءات
الجزائية السابق ذكرها و هذا ما قررته المادة 570 من نفس القانون. وذلك أخذا بعين الاعتبار
بالعبارة المعروفة أنّ "من يملك الأكثر يملك الأقل".
حالة ارتكا جناية في جلسة محكمة أو مجلس قضائي: -
إذا ارتكب جريمة ذات وصف جناية سواء داخل جلسة المحكمة أو المجلس القضائي فإنّ الرئيس يحرّر
محضر عنها ويستوجب الجاني و يحليه مع أوراق الدعوى إلى وكيل الجمهورية الذّي يقوم بتقديم طلب افتتاحي
لفتح تحقيق قضائي وهذا ما أكدته أحكام المادة 571 من قانون الإجراءات الجزائية و باعتبار ان التحقيق في
الجنايات إجباري طبقا لنص المادة 66 من قانون الإجراءات الجزائية.
الطرف المتضرّر: -
نص المادة الأولى من ق إ ج على مايلي::" ....كما يجوز للطرف المضرور أن يحرك هذه الدعوى طبقاً
للشروط المحدّدة في هذا القانون" من خلال هذا النّص يتضح أنّ للطرف الذّي أصابه ضرر من الجريمة المرتكبة
أن تحريك الدعوى وهذا ما يصطلح على نسميته بالإدعاء المدني أو الادعاء المباشر. إذا يهدف هذا
1 جاء في المادة 569 من ق ا ج ج ما يلي) اذا ارتكب جنحة أو مخالفة في جلسة مجكمة تنظر في جرائم الجنح والمخالفات،
أمر الرئيس بتحرير محضر عنها وقضي فيها في الحال بعد سماع أقوال المتهم والشهود والنيابة والدفاع عند الإقتضاء(
18
الادعاء من جانب المضرور لأمرين اثنين : هما عقاب الجاني، وتع ويض المجنةي علية في نفس الوق . ويتم
الادعاء المدني عن طريق تقديم شك وى وهذا ما نص عليه المادة 72 من ق ا ج ح إذ جاء منها:" يجوز لكل
شخص يدعي أنهّ مصا ريمة أن يدعى مدنياً بأن يتقدم شكواه أمام قاضي التحقيق المختص"، فالمتضرر
مدنياً يقدم ادّعاءه أمام قاضي التحقيق الذي يعرض بدورة هذا الادّعاء على وكيل الجمهورية ليبدي طلباته
بخصوصه في أجل 5 أيام من يوم تبليغه بهذا الادّعاء و هذا طبقا لنص المادة 73 من قانون الإجراءات الجزائية،
ولا يمكن لوكيل الجمهورية أن يطلب من السيد قاضي التحقيق عدم التحقيق في الشكوى.
اما إذا رفض قاضي التحقيق الشكوى فإنه يصدر أمراً مسبب بذلك ، أما إذا قبلها ولم يكن المدعى المدني قد
تحصل على المساعدة القّ ضائية 1 فإنّه يتعين عليه إيداع مبلغ مالي و هو ما يسمى عادة في الحياة العملية
)بالكفالةة( 2 و التي تضمن مصاريف الدّعوى والاكان ادّعاءه باطلاً)المادة 75 ق ا ج ح( علما أن المدعي
المدني يمكنه استرداد مبلغ الكفاله المدفوع بعد صدرو حكم نهائي في القضية لصالحه بناء على طلب يقدمه
للجهات القضائية المختصة.
1 تعتبر المساعدة القضائية نظاما يمنح للأشخاص غير المقتدرين ماليا حيث يعين لهم محامين يدافعون عنهم مجانا و يتقاضون
أتعايهم من الدولة.
2 لايقصد بالكفالة في هذا المقام ذلك الميلغ المالي الذي يقدمة المحبوس مؤقتا نظير الإفراج عنه ، اذ لايعتمد المشرع الجزائري
نظام الكفالة لقاء الإفراج إلا بالنسبة للأجنبي .
19
ثاني اا: القيود الوا ردة على حرية النيابة في تحريك الدّعوى العمومية :
تحرك النيابة العامة عادة الدعوى العمومية اذا تحقق من وقوع الجريمة تلقائيا بدون حاجة الى أي إجراء
يحد من ح ريتها تلك غير انه و استثناء من هذه القاعدة العامة فإنة ترد بعض القيود على تلك الحرية في
تحريك الدّع وى العمومية بحيث لا يمكنها ذلك إلا بورود شكوى أو إذن أو طلب، تر تسترد حقها في مباشرة
الدّعوى الجنائية وتتمثل هذه القيود فيما يلي:
أ الشكوى: يقصد بالشكوى ذلك البلاغ الذي يتقدم به المجنى عليه للسلطات العامة المختصة طالباً فيها -
تحريك الدّعوى العمومية بهدف عقا الجاني و تعويضه عن الضرر الذي لحق به، وقد نص المشرع الجزائري
على الحالات التي يعلق فيها تحريك الدّعوى العمومية على شكوى و التي يمك ايراد بعضها في الجرائم
الآنية:
أ- 1 جريمة الزّنا: إذا ارتكب أحد الزوجين ج ريمة الزّنا اضرارا بالزوج الآخر فلا يمكن للنيابة العامة أن –
نحرك الدّعوى العمومية إلا بعد تقديم شكوى من الز وح المتضرر، إذا نص المادة 339 من قانون العقوبات
الجزائري" ... ل تتخةا الإجةراءات إل بنةاء علةى شةكوى الةزوج المضة ر ور...(. كما أنّ صفح الزوج لو بعد
تقديم الشكوى يضع حدّاً للمتابعة الجزائية التي اتخذت ضد زوجه مرتكب الجريمة وفقا لنص نفس المادة اذ
قررت )... و إن صفح هاا الأخير يضع حدا لكل متابعةة(. وما نلاحظه في هذه الجريمة أن المشرع الجزائري
قصر مفهوم جريمة الزّنا في الفعل الذي يصدر من الزّوجين او من احدهما فقط. وهذا على خلاف لما قررته
أحكام الشريعة الإسلامية التي تأخذ بفكرة الوط ء المحرم بغضّ النظر عن مرتكبيه وتعتبره زنا.
أ- 2 جريمة السّرقة: إذ أن السّرقات التي تقع بين الأقار والحواشي و الأصهار لغاية الدّرجة الرابعة لا -
تملك للنيابة العامة فيها حق تحريك الدّعوى العمومية إلا بناء على شكوى من المجنى عليه، فضلاً على أنّ
التنا زل عنها يضح حدّاً للملاحقة و المتابعة الجزائية، و هذا ما كرسته أحكام المادة 369 / 1 من قانون
العقوبات الجزائري 1 .
1 ويجب التنبيه على ان هذا الأمر لا ينطبق على السرقات التي تقع من الأصول اضرارا بفروعهم أو من الفروع اضرا را
باصولهم ، او من أحد الزوجين اضرارا بالزوج الآخر ، ذلك ان ل عقاب جزائي إطلاقا في هاه الحالة و لا تخول
للمتضرر في هذه الجريمة إلا المطالبة بالتعويض المدني و هذا ما قرره المشرع بمقتضى المادة 368 من قانون العقوبات
الجزائري .
20
أ- 3 جريمةة هجةرة الأسةرة: فقد نص على هذه الحالة المادة - 330 من قانون العقوبات ، فإذا قام
أحد الزّوجين بترك مقر الزوجية عمدا وبدون سبب جدي لمدة تتجاوز شهرين و تخلى عن كافة الإلتزامات
المالية و المعنوية المفروضة عليه قانونا تجاه أسرته أو زوجته الحامل ...الخ فإنه يعد م رتكباً بذلك جريمة ترك
الأسرة، و بالرغم من ذلك فلا تتخذ إجراءات المتابعة إلا بعد ورود الشكوى من الزوج المتضرر الذي يبقى
بمقر الزوجية كما أن الصفح عن هذه الجريمة بوقف جميع اجراءات المتابعة و يضع حدا لها 1 .
أ- 4 جريمة خطف القاصرة: اذا قام الجاني بابعاد القاصرة التي يقل سنها عن الثامنة عشرة سنة و قام -
بخطفها او شرع في ذلك بدون عنف تر تزوج بها فلا يمكن اتخاذ اجراءات المتابعة ضده إلا بموجب شكوى
يقدمها من له صفة في طلب ابطال هذا الزواج و عادة ما يكون الولي في هذه الحالة و لا يمكن الحكم عليه
بالعقوبات الجزائية التي نص عليها المادة 326 من قانون العقوبات الجزائري إلا بعد القضاء ببطلان عقد
الزواج 2 و هو ما كرسته المحكمة العليا في بعض قراراتها 3 .
وما يلاحظ على هذه الجرائم التي علّق فيها المشرع تحريك الدّع وى العمومية على شرط الشّكوى أنهّ أخذ
بعين الاعتبار، الروابط الأسرية وتضامن العائلة، ومصلحتها. وترك لها حرية تقدير مصلحتها بنفسها.
غير انه اشترط أن يتم تقديم الشكوى من طرف المتضرر شخصي اً ، هذا بالإضافة إلى أنّ المشرع لم يحدد
طريقة معينة لتقديم الشكوى فقد تكون كتابية أو شفوية. و الأفضل أن تقدم كتابة إما لضابط الشّ رطة
القضائية أو النيابة العامة)وكيل الجمهورية( أو قاضي التحقيق.
و ما يمكن ملاحظت بالنسبة للمشرع الجزائري انه بدا يميل الى الأخذ أكثر بفكرة ضرورة تقديم الشكوى
و جعلها كشرط في بعض الجرائم حتى تستطيع النيابة العامة تحريك الدعوى العمومية كما هو الحال مثلا
في مخالفات المرور اذ لا تتحرك الدعوى العمومية إلا بناء على شكوى من شخص الضحية كما أن صفح
هذا الأخير يضع حدا لكل متابعة وهذا ما كرسته المادة 442 من قانون العقوبات الجزائري الذي عدل
بموجب القانون 23 / 06 المؤرخ في 20 ديسمير 2006 ، و كذا الحال بالنسبة لبعض الجرائم البسيطة مثل
السب و الشتم و غيرها .
1 طبقا لنص المادة 330 ق ع يعاقب الزوج مرتكب جريمة ترك الأسرة بالحبس من شهرين الى سنة و غرامة مالية من
25.000 دج الى 100.000 دج
2 علما ان الجاني يعاقب على ارتكابه هذه الجريمة في حالة ادانته بها بالحبس من سنة الى خمس سنوات و غرامة مالية من
20.000 دج الى 100.000 دج
3 غ ج م 26 / 04 / 2006 ملف 313712 المجلة القضائية ، 2006 ،العدد 1، ص 597
21
و يبدو ان المشرع الجرائري قد إقتنع بضرورة إدخال فكةةرة الصةةلح في المواد الجزائية و جعلها كوسيلة من
الوسائل الحديثة و الفعالة في حل النزاعات الجزائية لاسيما في الجرائم البسيطة و التي لها علاقة مباشرة بمصلحة
الشخص و هذا من شأنه ان يشيع الأمن و الإستقرار و التآخي بين افراد المجتمع و تفصيل العفو و
المسامحة عن المتابعة القضائية كما يخفف عن كاهل القضاء العديد من النتزاعات التي يمكن حلها باللج وء الى
الصلح . و هذا ما تهدف جل التشريعات المعاصرة .
أثار تقديم الشكوى: لا تملك النيابة العامة في الجرائم الآنفة ال ذكر حقّ تحريك الدّعوى العمومية او الجزائية
إلا بعد تقديم الشّك وى من الطّرف المتضرر. ولو قام بذلك دون تقديم الشكوى لاعتبرت كل الإجراءات
التي قام بها باطلة بطلاناً مطلقاً. أما إذا قدم المتضرر شكواه للنيابة العامة فإنها تسترد حريتها في الدعوى
العمومية وتقوم بمباشرتها وفقا للمصلحة التي تراها ملاءمة.
غيرأنه إذا تنازل الطرف المتضرر عن شكواه فإنّ إجراءات الملاحقة الج ا زئية تتوقف ولا يكون ذلك إلا من
طرف المتضرر نفسه، ويمكن أن يكون التنازل كتابياً أو شفاهيا. غيرً أنّه لا يجوز الرجوع عن التنازل عن
الشكوى بعد صدوره صحيحاً وهذا بهدف حمايةً المراكز القانونية واستقرارها وأن لا يكون ذلك وسيلةً
تهديدية في يد المتضرر يستعملها متى شاء.
ب الإذن: نص القانون على بعض الحالات التي يمنع تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة، إلا -
بعد الحصول على إذن مسبق.وذلك في حالة ارتكا بعض الجرائم من طرف بعض الأشخاص الذين
يتمتعون بصفة معينة.ومثال ذلك اعضاء البرلمان بغرفيتة ) المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة( إذا لا يجوز
متابعتهم إلاّ بعد الحصول على إذن من المجلس الشعبي الوطني ومجلس لأمة وهذا ما أكّدته المواد 139 ، 109
110 ، 111 من الدستور الجزائري .
فلا يمكن متابعة أو إيقاف النائب في المجلس الشعبي ومجلس الأمة، كما أنّه لا يجوز رفع دعوى مدنيةً أو
جزائية ضده بسبب ما عبر عنه من آراء أو تكفظ من كلام أو سبب تصويتهم.....)م 109 من الدستور(.
كما انهّ لا يمكن متابعة النائب في ال برلمان بسب ما ارتكبه من جريمة سواء كان جناية او جنحة إلا إذا -
تنازل هو سخصيا عنه ذلك، أو بإذن من المجلس الشعبي الوطني أومن مجلس الأمة الذي يقرر رفع الحصانه
ال برلمانية المشارإليها سابقاً. وما يلاحظ بالنسبة لأ حكام الإذن ما يلي:
أنه لا يجوز التنازل عنه بعد صدوره. -
ي رتبط بشخص المتهم فلا يتعدى للعير. -
يصدر من هيئة عامة ويكون مكتوباً. -
22
تملك النيابة العمومية اتخاذ كافه إجراءات التحري ماعدا ما تعلق منها بحرمة مسكن المتهم وحريته........ -
و نخلص مما سبق ان النائب في البرلمان اذا ارتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانونالعقوبات فانه لا
يمكن متابعته جزائية إلا باتباع إجراءات معينة و ياتي على رأسها رفع الحصانة البرلمانية عنه ، فهذا مانع إجرائي
يحول دون متابعة النائب .أما بالنسبة للاعمال سوء كان اراء او كلام أو تصوي أو انتقاد التي تدخل في
صميم عمله الرقابي على الههيئة التانفيذية فانه لا يجوز اطلاقا متابعته بسبها طبقا لأحكام الدستور.
ج الطلب: قيد المشرع الجزائي الجزائري في بعض الجرائم حق تحريك الدعوى العمومية على طلب يصدر -
من الجهة المتضررة. وقد نص المواد 161 إلى 164 من قانون العقوبات الجزائري . على هذه الجرائم. فقد
نص المادة 164 من قانون العقوبات )) لا يجوز تحريك الدعوى العمومية يشأن الجرائم التي ترتكب من
متعهدي التوريدات والمقاولات للجيش الشعبي الوطني والمتعلقة بإخلالهم بالقيام بالتعهدات إلا بناء على
شكوى من وزير الدفاع".
وما يلاحظ على هذه المادة أنّها استعمل عبارة غير سليمة وهي الشكوى بدلاً من الطلب، ذلك أنّ
الشكوى تصدر من شخص متضرر بنفسه وليس من هيئة عمومية.
ولا بد أن يقدم الطلب بشكل كتابي ، و موقعً من صاحب السلطة المختصة . كما أنّ الطلب لا يسقط
بوفاة الموظف الذي له سلطة تقديمه، لأنّه متعلق بوظيفته وليس بشخصه.

2.2. انقضاء الدّعوى العمومية


تنقضى الدّعوى العمومية انقضاءً طبيعياً بصدور حكم نهائي فيها، و مع ذلك توجد أسبا أخرى
تنقضي بها الدعوى ، و هي ما نسميه بالموانع المؤبدة للدعوى العمومية .وقد نص على هذه الأسبا المادة
6 من قانون الإجراءات الجزائية إذا جاء منها:" تنقضى الدّعوى العمومية الرامية إلى تطبيق العقوبة بوفةةاة
المتهم، وبالتقادم والعفو لشامل، و بإلغاء قانون العقوبات و بصدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي".
كما أضاف الفقرة الأخيرة من نفس المادة "..... تنقضى الدعوى العمومية في حالة سةحب الشةكوى إذا
كان هذه شرطاً لازماً للمتابعة. كما يجوز ان تنقضى الدّع وى العمومية بالمصةالحة إذا كان القانون يجيزها
صراحة".
فإذا تواف رت هذه الأسبا إمتنع على النيابة العامة من تحريك الدّعوى العمومية بصفة نهائية. وتقسم
أسبا القضاء الدّعوى العمومية إلى أسبا عامة، و أخرى خاصة وذلك كما يلي:
-1 الأسةةباب العامةةة: تتمثل هذه الأسبا فيما نص عليه الفترة الأولى من المادة 6 من ق إ ج
السّالفة الذكر
1 - 1 وفاة المتهم: يترتب على وفاة المتهم انقضاء الدعوى العمومية، مالم تكن قد انقض بسبب آخر -
فإذا حدث الوناة قبل تحريك الدّعوى العمومية امتنع رفعها.وهذا لا يؤثر في أمر النيابة العامة بمصادرة الأشياء
المضبوطة و المستعملة في ارتكا الج ريمة، أما إذا حدث الوفاة بعد رفع الدّعوى العمومية وجب على المحكمة
أن تحكم بانقضاء الدّعوى دون التطرق للموضوع. أما إذا حدث الوفاة بعد صدور حكم ابتدائي فلا تملك
النيابة العامة، ولا الو رثة حق الطعن فيه.و اذا صدر الحكم بتوقيع العقوبة الجزائية فلا يمكن تنفيذها إلا
كان مصادرة .
إما إذا توفى المتهم بعد صدور الحكم النهائي فتنقضى الدع وى الجنائية في هذه الحاتلة بهذا الحكم لا بالوفاة،
وتكون العقوبة واجبة التنفيذ اذا كان ذات طبيعة مالية،و ذلك على تركة المتوفي باعتبارها دنيا عليه و تخرج
قبل تقسيم التركة 1 .
وإذا توفى المتهم بعد رفع الطغن بالاستثناف أو النقض، فإنّه ينبغي على المحكمة ان تصرح بانقضاء الدّعوى
العمومية. غير أنّه تجدر الملاحظة إلى أنّ انقضاء الدّعوى العمومية بوفاة المتهم، لا يؤثر على سيرها
1 اصطلح الفقهاء على وضع عبارة )تدوم ( للتعبير عن كيفية توزيع التركة حسب الأولوية ) فالتاء تعني التجهيز أية تجهيز
المي و تكفينه من ماله ، و الدال للديون المتعلقة بالتركة ، أما الواو فللوصايا ، و أخيرا الميم التي يقصد بها الميراث (
24
بالنسبة للمساهمين في الجريمة بل تستمر ضدهم إلى غاية صدور حكم نهائي في الدّعوى.كما لا تؤثر وفاة
المتهم على الدّعوى المدنية بل للمدعي المدني أن يرفع دعواه ضدو و رثة المتوفي طالباً التّعويضات المالية نتيجة
للأضّ رار التي سببها لهم المتهم وذلك أمام القسم المدني بالمحكمة أو الاستمرار فيها أمام المحمكة الجزائية بعد
رفع الدّعوى المدنية إليها بطريق التبعية للدّع وى الجنائية.
1 - 2 التقةادم: يقصد بالتّقادم مضى مدة زمنية من يوم ارتكا الجريمة حددها القانون سلفاً. حيث رتب -
عليها انقضاء الدّعوى العمومية. ويبرر التقادم باعتبارات مختلفة، و منها أنّ مضى المدة يعد قرنية على نسيان
الجريمة، و كذا لصعوبة الإثبات واستحالته في بعض الأحيان، ومنها رغبة حث السّلطات على
المسارعة على تعقب الجريمة وتقديم مرتكبيها للمحاكمة في أسرع وق ، ويأخذ بالتقادم أغلب التشريعات
الجزائية الحديثة، وهذا خلافاً للنظام الأنجليزي الذي لا يعترف التقادم كسبب لانقضاء الدّعوى العمومية.
أما بالنسبةللشريعة الإسلامية، فإنّ الفقه الإسلامي اختلف في مسألة التقادم إلى رأيين في جرائم الحدود 1
وبالنسبة للتشريع الجزائري فقد تضمن الم ا ود 7 و 8 و 9 من قانون الإجراءات الجزائية على المدة التي تتقادم
فيها الدعوى العمومية وذلك حسب نوع و طبيعة الجرائم كما استثنى بعص الجرائم من التقادم وفقا لنص
المادة 8 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية وذلك كما يلي:
حيث تتقادم الدعوى في الجنايات بمرور عشر سنوات تسري من يوم ارتكا الجريمة، أو من تاري آخر -
إجراء اتخذه .
1 إختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في شأن تقادم الدعوى الجنائية في جرائم الحدود و التعازير إلى رأسين:
الةرأي الأول: رأي المالكية و الشافعية والرواية الصحيحة في مذهب الحنابلة والظاهرية إذ قالوا: التقادم لا أثرله على جرائم
الحدود.
الرأي الثاني: و هو رأي الأضاف ورواية عند احمد وهي رواية ابن حامد ذكرها عند ابن أبي موسى وهي ليس معتمدة في
المذهب الحنبلي. حيث قالوا: بأنّ الدعوى الجنائية في جرائم الحدود تتقادم بمضي مدة زمنية معينة اذا طان دليلها هو
الشهادة،أما اذا كان دليل الإثبات فيها هو الإقرار فلا تتقادم، فمن يعترف بارتكابه حد من الحدود فإنّه يقام عليه الحدّ مهماً
طال الزمن. والحدود التي قال الأحناف بتقادمها هي: حدود السرقة، الزنا، والشر ........راجع:سامح السيد جاد، تقادم
الدعوى الجنائية في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، مجله الشريعة و القانون،كلية الشريعة و القانون، ما سعة الأزهر، العدد
الخامس 1990 .
25
أما الدعوى في الجنح فتتقادم بمرور ثلاث سنوات كاملة. -
تتقادم الدعوى في المخالفات بمرور سنتين كاملتين مع إتباع نفس الإجراءات المذكورة سابقا بالنسبة لتاري -
بدأ حسا التقادم 1 .
إذ يبدأ حسا مدّة التقادم ابتداء من اليوم الذي وقع فيه الجريمة وهذا في حالة عدم اتخاذ أي إجراء من
طرف السلطات المختصة )التحقيق أو المتابعة(.
إما إذا اتخذت بعض إجراءات التحقيق أو المتابعة فإنّ المدّة يتم حسابها من آخر إجراء اتخذ في تلك الفترة،
هذا مع العلم أن تحديد زمن ارتكا الجريمة هو من المسائل الموضوعية التي تعود للسلطة التقديرية للقاضي ولا
رقابةً للمحكمة العليا عليها.
غير انه ينبغي الإشارة الى أن المشرع الجزائري قد استثنى بعض الجرائم من التقادم بحيث يمكن ملاحقة -
مرتكبيها في أي وق و بغض النظر عن زمن ارتكابها نظرا لخطورتها على أمن و استقرار المجتمع و الإقتصاد
الوطني و ما تشكله من خطورة لا تزول بتقادم الزمن و يتعلق الأمر ببعض الجرائم و منها على الخصوص :
الجنايات و الجنح المتعلقة بالأفعةةال الإرهابيةةة و التخريبيةةة ، و الجريمةةة المنظمةةة العةةابرة للحةةدود الوطنيةةة
،الرشةوة و اخةتلاس الأمةوال العموميةة و قد نص على هذا الإستثناء المادة 8 مكرر من قانون الإجراءات
الجزائية 2 .
آثار التقةادم: -
إذا تحقق مدّة التقادم وجب التصريح بانقضاء الدعوى العمومية،ويمتنع معها حق النيابة العامة في تحريك
الدعوى العمومية بصفة نهائية، ويعتبر التقادم من النظام العام ومن ثمة يمكن للمحكمة أثارته من تلقاء نفسها،
كما يجوز للأطراف التمسك به في أي مرحلة من مراحل التقاضي ولو لأول مرّة أمام المحكمة العليا 3. ومتى
تحقق وجود التقادم وجب الحكم بانقضاء الدع وى العمومية .وتجدر الملاحظة أنّ إذا اتخذت
1 و ينبغي عدم الخلط بين تقادم الدعوى المنصوص علبه بموجب المواد 7 ، 8 ، 9 من قانون الإجراءات الجزائية و تقادم
العقوبة الجزائية المنصوص عبه بموجب المواد 612 و ما يليها من نفس القانون .حيث تتقادم العقوبة بالنسبة للجنايات
بمضي عشرين سنة من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائيا ، و خمس سنوات بالنسبة للجنح ، و سنتين بالنسبة لمواد
المخالفات.
2 يبدو من صياغة نص المادة 8 مكرر ان ايراد المشرع لهذه الجرائم جاء على سبيل الحصر و ليس على سبيل المثال و من ثمة
ينبغي عدم التوسع في فهم هذا النص و تمديد تطبيقه على الجرائم الأخرى.
3 و هذا ما ذهب اليه المحكمة العليا في إحدى قراراتها :المؤ رخ في 1983 ملف 27404 ،المجلة القضائية، 1989 / 2 ص
246 .
26
السلطات المختصة بالمتابعة أو الحقيق إجراءات معينة مثل محضر الشرطة، أو أمر القبض أ وأمر الإحضا رفإنّ
هذه الإجراءات تعد قاطعة للتقادم، حسب ما نصّ عليه المادة 7 السالفة الذكر.
هنا كما أنّ تقادم الدع وى المدنية بالتبعية لا يخضع لتقادم الدعوى الجنائية، بل تخضع للقانون المدني، إذ
نصّ المادة 10 من ق إ ج:"تتقادم الدع وى المدنية وفق أحكام القانون المدني" ) 1 (. و لا يجوز رفع الدعوى
المدنية امام القضاء الجزائي بعد انقضاء الدعوى العمومية بالتقادم.
1 - 3 العفةةو الشةةامل: يكون العفو الشامل عن الجرائم وذلك في الظروف السياسية أو المناسبات -
الرسمية، ويعود ذلك عادةً لرئيس الدولة، فقد نصّ المادة 77 / 7 من الدستور الجزائري:".... له حق إصدار
العفو وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها"
إنّ العفو الشامل يعطل أحكام قانون العقوبات بالنسبة للجرائم التي بشملها العفو بحيث ينزع الصفة الإجرامية
عن الفعل المرتكب ويجعله كأن لم يكن.
فإذا أصدر عفو شامل من طرف رئيس الجمهورية حسب تالتشريع الجزائري فإنّه يمتنع على النيابة العامة
تحريك الدعوى العمومية، و إذا كان الدعوى قد رفع أمام المحكمة فعليها التصريح بانقضاء الدعوى
العمومية لتوافر العفو الشامل وإذ صدر العفو بعد الحكم النهائي امتنع تنفيذ العقوبة.
ولا يؤثر العفو الشامل على الدعوى المدنية المرفوعة و التي موضوعها جبر الأضرار التي خلفتها الجريمة موضوع
العفو. إلاّ انّه قد ينص قانون العفو عن رفع الدعوى المدنية إلى جانب انقضاء الدع وى العمومية، وفي هذه
الحالة يقع على عاتق خزينة الدولة تحمل التعويضات التي تنتج عن الدعوى المدنية. والعفو الشامل
هو من النظام العام أيضا حيث.يجوز اثارته من طرف المحكمة تلقائيا، ويجوز الأطراف.إثارته في أي مرحلة من
مراحل الدع وى ومتى تحقق وجب الحكم بانقضاء الدع وى العمومية.
1 - 4 إلغةةةاء قةةةانون العقوبةةةات: إذا رأى المشرع أنّ الأفعال قد أصبح غير متناسبة مع ظروف -
المجتمع 2 ، فيمكن له نزع الصفة الجرمية عنها ويضعها في مصاف الأفعال المباحة التّي لا عقا عليها، وبها يتم
1 قرار المحكمة العليا المؤرخة في 30 أفريل 1981 مجموعة قرارات الفرقة الجزائية: حيث يستخلص عملياً من وثائق الإجراءات أن المتهم
أ ودع الحبس يوم 4 / 9 / 1971 .و الأمر الصادر في شأنه يوم 7 / 9 / 1971 منح له الحرية المؤقتة ولم يستأنف التحقيق ضده إلاّ من
تاري 1 / 10 / 1974 بعد فوات مدّة التقادم المنصوص عليها بموجب المادة 8 من ق إ ج فإن التقادم من النظام العام يمكن
إثارته في كافة مراحل سير الدعوى مما يستوجب التصريح بانقضاء الدعوى العمومية . قرار مؤرخ في 30 / 04 / 1981
،مجموعة قرارات الغرفة الجنائية ص 92 .
2 و هو ماسيكرسه المشرع الجزائري بالنسبة لجنح الصحافة حيث أعلن السيد رئيس الجمهورية عن نيته في الغاء بعض
نصوص قانون العقوبات التي تج رم عمل الصحافي ، و يبدو ان المشرع سيسير في اتجاه الغاء المادتين 144 مكرر و 146
من قانون العقوبات التي تعاقب على القذف . و هذا بهدف حماية ح رية الراي و التعبير. .
27
إلغاء قانون العقوبات.و إلغاء القانون الجزائي يعد سبب من أسبا انقضاء الدعوى العمومية، و في هذه
الحالة لا تملك النيابة العامة حق تحريك الدعوى العمومية، وإذا حرك الدعوى وجب التص ريح بانقضاء
الدعوى لإلغاء القانون الجزائي، أمّا إذا صدر حكم نهائي في الموضوع فإنّ الدعوى العمومية تنقضي بهذا
الحكم، وليس بإلغاء العقوبات، غير أنّ إلغاء القانون الجزائي لا يمنع من إقامة الدعوى المدنية من طرف
المتضرّر أمّام المحكمة المدنية،أمّا إذا كان الدعوى المدنية مرفوعة بالتبعية أمام المحكمة الجزائية فإنّ هذه الأخيرة
تستمر في الفصل فيها ويستفيد المتضرّر من الطريق الجنائي.
1 - 5 الحكم الحائز لقوّة الشيء المقضي: تنقضي الدعوى العمومية بالحكم الحائز لق وّة الشيء -
المقضي وهذا ما صرح به أحكام المادة 6 من ق إ ج، والحكم الحائز لق وّة الشيء المقضي هو ذلك الحكم
النهائي الذّي استنفذ طرف الطعن العادية)المعارضة والاستئناف( ومن ترّ أصبح قابلاً للتنفيذ ويشكّل عنواناً
للحقيقة، وعليه يمنع تحريك الدعوى العمومية ضد فعل صدر فيه حكم نهائي، ويتسم بالقطعية أيّ أنهّ فاصلاً
في الموضوع بصفة قاطعة أو حاسمة وهذا على خلاف الأحكام التمهيدية والتحضيرية أ والوقتية التّي لا تحوز
حجية الشيء المقضي يه مثل الأحكام الخاصة يتعيين خبير.
إنّ صدور الحكم النّهائي يمنع تحريك الدعوى العمومية من جديد، إذ لا يجوز ذلك تطبيقا للقاعدة
الرومانية المعروفة:" الحكم على أحد مرّتين بسبب فعل واحد".فذلك فإنهّ من النظام العام و على المحكمة أن
تقضي به من تلقاء نفسها ولو تنازل المتهم عن الانتفاع به.
فيجوز لمن صدر ضده حكم حائز لقوّة الشيء المقضي به ال تّمسّك بهذه الحجية شريطة توافر عناصر
أساسية هي: وحدة الخصوم)الأطراف( ووحدة السبب ووحدة الموضوع، فإذا تحقق هذه الشروط امتنع تحريك
الدعوى العمومية من جديد أمام القضاء.
إن هذه الحجية قرّرت لحماية مصلحة عامة داخل المجتمع وهي حماية استقرار المراكز القانونية للأفراد،
وعدم تناقض الأحكام والمحافظة على هبتها وقداستها.
2 الأسبةةةاب الخاصةةة: نص الفقرة الثانية من المادة - 7 ق إ ج:"تنفضي الدعوى العمومية في حالة
سحب الشكوى إذا كان هذه شرطاً لازماً للمتابعة .كما يجوز أن تنقضي الدعوى العمومية بالمصالحة إذا
كان القانون يحيّزها صراحة" فتطبيقا لهذا النّص توجد أسبا خاصة ببعض الجرائم يؤدي تحققها الى إنقضاء
الدعوى العمومية و هما :سحب الشكوى، الصلح القانوني.
2 - 1 سةةحب الشةةك وى: منع المشرع الجزائري النيابة العامة من تحريك الدعوى العمومية في بعض -
الجرائم و علق ذلك على ورود شكوى من الطرف المتضرّر شخصياً، وقد نصّ أيضاً على انقضاء الدعوى
العمومية في حالة سحب الشكوى من طرف المتضرّر في هذه الجرائم التّي ذكرناها آنفاً.
28
فسحب الشكوى في الجرائم التّي يتطلب القانون تقديم الشكوى لتحريكها يؤدي بالضرورة إلى انقضائها وعدم
تحريكها من ط رف النيابة العامة، وبالرغم من أنّ المشرع لم ينص صراحة على كيفية التنازل عن الشكوى فإنهّ
يصح أن تتم أمّا كتابة أو شفهية، غير أنّه يجب أن يكون التنازل واضحاً لا غموض فيه. وأهم الجرائم التّي
يجوز فيها سحب الشكوى هي:
جريمة الزنا ) المةةادة - 339 عقوبةةات:" ل تتخةةا الإجةةراءات إلّ بنةةاء علةةى شةةكوى الةةزوج المضةةرور، وإن
صةفح هاا الأخير يضع حداا لكلّ متابعة( ،
جريمة السرقة بين الأقار و الحواشي والأصهار لغاية الدرجة الرابعة )المادة - 369 :" ل يجةةةوز اتخةةةاذ
الإجراءات الجزائية بالنسبة للسرقات التّةي تقةع بةين الأقةارب والحواشةي والأصةهار لغايةة الدرجةة الرابعةة
إلّ بنةاء علةى شةكوى الشةخص المضةرور والتنةازل علةى الشةكوى يقةع حةداا لهةاه الإجةراءات"(، هجرة
الأسرة، خطف القاصرة و غير ها.
وإذا تم تقديم التنازل فإنهّ يضع حداً للمتابعة في الإجراءات أو البدء فيها ولهذا تنقضي الدعوى العمومية ولا
يجوز تحريكها مرّة ثانية عن ذات الفعل.
2 - 2 الصةةةةلح القةةةةان وني: نص المادة - 6 /ف 3 من ق إ ج ج:"...كما يجوز أن تنقضي الدعوى
العمومية بالمصالحة إذا كان القانون يحيزها صراحة".
فالأصل أنّ الدعوى العمومية لا تنقضي بالصلح الذّي قد يكون بين المتهم والنيابة العامة، باعتبار أنّ الدعوى
الجنائية ملك للمجتمع فلا يجوز للنيابة التنازل عنها وإنهاء المتابعة القانونية بشأنها ، ولكن يمكن
استثناء من هذا الأصل إجراء الصلح مع المتهم وذلك في الحالات التّي ينص عليها القانون حصراً ومنها على
الخصوص ان القانون نص على سق وط الدعوى العمومية في حالة إدارة الضرائب غير المباشرة، وإدارة
الجمارك )المصةالحة الجمركيةة ( و المالية إدارة الغابات، في تملك الصلح مع المخالفين، فالصلح هنا يسقط
الدعوى العمومية.
و كما هو عليه الوضع بالنسبة لغرامةات الصةةلح النتي نص عليها المادة 381 من ق إ ج ج التّي تقضي
بأنّه:" قبل كلّ تكليف بالحضور أمام المحكمة يقوم عضو النيابة العامة المحال عليه محضر مثب للمخالفة
بإخطار المخالف بأنّه مصرّح له بدفع مبالغ على سبيل غرامة صلح مساوي للحد الأدن المنصوص عليه قانوناً
لعقوبة المخالفة" فاذا سدد المخالف فيمة الغرامة المالية في آجالها القانونية فان الدعوى العمومية تسقط في
هذه الحالة امام اذا رفض تسديدها فانه يحال على المحكمة لمحاكمته طبقا للقانون) 1 .)
1 القسم الأول من الفصل الثاني المعنون ب: " في غرامة الصلح في المخالفات" من قانون العقوبات الجزائري.