حضارة بلاد فارس
Site: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
Cours: | مدخل الى تاريخ الحضارات القديمة |
Livre: | حضارة بلاد فارس |
Imprimé par: | Visiteur anonyme |
Date: | Friday 22 November 2024, 14:00 |
Description
ستجدون في هذه المحاضرة مظاهر الحضارة الفارسية في المجال السياسي والاقتصادي والديني والثقافي
1. النظام السياسي لحضارة بلاد فارس
كان الحكم ملكيا وراثيا ، وكان الملك يتمتع بصلاحيات مطلقة ولا يحق لأي فرد أو مجلس في الدولة انتقاد سلطاته تلك التي يتسلمها مباشرة من الإله "أهورموزدا"، ولابد أن يكون الملك فارسي، ويساعده اكبر موظفيه الذي يقود بنفس الوقت جزءا من الحرس الملكي ويدعى" شيليارك " وهو بمثلبة الوزير الاكبر، وكان للملك مجلس استشاري يعمل بنصائحه .
وقد نضم الفرس إمبراطوريتهم تنظيما إداريا ما جعلها تظل متماسكة قرابة قرنين من الزمن، حيث قسموا المملكة إلى عشرين ولاية ( في عهد دارا الأول)، وكان لكل ولاية نظام سياسي مستقل وحاكمن خاص بها يعرف باسم "سترو" وكان للوالي نفوذ كبير بتلك الولاية حيث كان يلقب بملك الملوك، وللحد من نفوذ الولاة في مختلف أنحاء الإمبراطورية تم تعيين قائد لجيش الولاية تابع للملك مباشرة ومستقل عن حاكم الولاية، كما كان لكل ولاية كاتب ومشرف مالي مرتبطين بالملك مباشرة.
ومن اهم ملوك الامبراطورية الفارسية:
- قورش (555- 529): غزا الملك قورش اسيا الضغرى وهاجم الليديين واحتل عاصمتهم "سارديس " وقسم ليديا الى قسمين وولى عليها ولاة من الفرس، واخضع كامل بلاد اسيا الصغرى حتى ساحل البحر البيض المتوسط، ثم تفرغ بعد ذلك الى الشرق واخضع المناطق المغروفة الآن باسم أفغانستان وباكستان حتى نهر السند .
تمثال الملك قورش
وفي سنة 539 دخل الملك قورش بجيوشه بابل وانتهى بذلك دور بابل كدولة مستقلة في تاريخ الشرق الادنى القديم ، وقد اتبع قورش ساسة التسامح مع الشعوب التي غزاها وسمح للعبرانيين بالعودة الى اورشليم ةاعادة تشييد معبدهم الذي كن قد هدم من قبل .
- الملك قمبيز(528-521): اخضع باقي اسيا الصغرى، ثم سار بجيشه نحو مصر واستطاع الانتصار على الجيش المصري ودخل" منف" وتكونت اول اسرة فارسية حاكمة لمصر وهي الاسرة السابعة والعشرين ن وقد قام بارسال حملات عسكريةة الى سيوة وبلاد النوبة و قرطاجة واستطاع إخضاع إقليم برقة في لبيبا.
-الملك دارا الاول (داريوس) 521- 485: استطاع ان يقض على الفتن والاضطرابات والثورات التي عرفتها مختلف أنحاء الإمبراطورية بعد عام من توليه الحكم، بعد ذلك عمل على توسيع حدوده فمد نفوذه الى الشرق حتى اقليم "بيشاور" والهند، ووجه حملات ضد السكيتيين في بلادهم الواقعة جنوب روسيا،وحاول اخضاع المدن اليونانية الا انه انهزم في معركة "ماراتون" سنة 490 قبم، وامتدت الامبراطورية الفارسية في عهده من لبيبا الى العند ومن البحر الاسود الى المحيط الهندي
بالنسبة للجيش الفارسي فقد كان يتكون من حرس الملك الذين كانو يسمون " العشرة ألاف" وصفهم هيرودوت بالخالدين لانهم ان مات احدهم عوض تلقائيا وبذلك لا ينقص عددهم، وكان الجيش الفارسي ينقسم الى مشاة وفرسان، حيث شكلت فرقة الفرسان نسبة 20% من الجيش الفارسي، وكانت الخدمة العسكرية اجبارية بين سن 15 سنة و50 سنة .
2. المظهر الاقتصادي لحضارة بلاد فارس
الزراعة:اهتم معظم ملوك الامبراطورية الفارسية بتحسين الانتاج الزراعي وحفر القنوات ونقل بعض النباتات والاشجار والحيوانات والطيور من بيئة لاخرى بقصد تعميمها وزراعتها في غير موطنها الذي جلبت منه، وكان الفلاحون مرتبطين بالارض في الملكيات الكبيرة ، الا ان بعضهم كانت لهم ملكياتهم الصغيرة.
الصناعات والحرف: حظيت صناعة الفخار باهمية خاصة في بلاد فارس وذلك منذ الحجر الحجري الحديث،و لا سيما الفخار الملون، الذي عثر عليه في "سوس "و"برسى بوليس"، وكان هذا الفخار يتميز باشكال هندسية او اشكال مستوحاة من الطبيعة ونجد فيها تمثيلا للحيوانات المتنوعة الاشكال والتي تحظى بمكانة معينة عندهم.
وبرع الفرس كذلك في تصنيع المعادن حيث قاموا بتصنيع السكاكين من النحاس ثم من البرونز التي كانت ذات مقابض لها مسامير على الأطراف، وأثناء الصراع بين الفرس واليونانيين كانت القوات الفارسية تستخدم سهاما من البرونز والحديد وكرات صغيرة من المعادن.
-التجارة:
كان الفرس قديما يستوردون الاخشاب من الساحل الفينيقي والنحاس والفضة من قبرص، والذهب من اقليم كرمان ، وقد استخدموا النقود المصكوكة ابتداء من عهد دارا الاول ، كما اوجدوا مصارف تابعة للمعابد واخرى خاصة تقوم باقراض المحتاجين.
3. المظهر الثقافي والديني
الحياة الثقافية:
استعمل الفرس الكتابة المسمارية التي اقتبسوها عن البابليين ، ولكنهم عدلوا العلامات المسمارية الصعبة وبسطوا مقاطعها وجعلوها 36 رمزا بعد ان كانت 300 علامة ، وجعلوا منها حروف هجائية مسمارية يمثل كل رمز حرفا واحدا .
واستعملوا الى جانب اللغة الفارسية اللغتين الاكادية والعيلامية، ودونت بعض النقوش والوثائق باللغات الثلاث وخاصة انتصارات الملك داريوس على صخور "بهيستون " في احدى ممرات جبال زاغروس.
وقد كان الفرس مولعين ببعض انواع الشعر والاساطير ولكن لم ينشا ادبا يمكن ان يطلق عليه ذلك الاسم ، ولم يتركوا من المخلفات الادبية الا الكتب الدينية وبعض رسائل الملك داريوس الاول ووثائقه وبعض النصوص القانونية.
اما التعليم فكان على الغالب مقصورا على ابناء الطبقات الغنية الذين يعدون لتولي المناصب الحكومية، ويشترط على التلميذ بلوغ سن السابعة للدخول الى المدرسة، وكانت مواد التعليم تشمل الدين والقانون والطب ، والمدارس كانت تقام بعيدا عن الاسواق لما يسود فيها من نفاق وغش يفسد الصغار.
اسطوانة الملك قورش المكتوبة بالخط المسماري
الحياة الدينية:
عبد الايرانيون قديما في بداية الامر القوى الطبيعية مثل الشمس كمعبود باسم "مثرا"والارض باسم" زام" والريح باسم" وهيو" وقسموا معبدواتهم الى قسمين ، الهة خيرة تكون مصدر لظواهر خيرة مثل الجمال والحب والخصب والصحة والهة الشر تكون مصدر لظواهر شريرة مثل الليل والخداع والفساد والكذب ، وعل هذا الاساس اعتقد الايرانيون ان العالم يحكمه معبودان هما :
- اله الخير يسمى" اهورا مازدا" الذي خلق كل ما هو خير وما هونافع
-اله الشر يسمى" اهريمان" الذي تجتمع في داخله كل العناصر الشريرة والضارة .
وبعد ظهور زرادشت استنكر عبادة الالهة القديمة وتقديس النار وتقديم القرابين والادعية والاناشيد لها، ودعا الى عبادة اله واحد هو" اهور مزدا "اله الحق والخير والعدالة ، وخالق الارض والسماء زكل شيء، والكتاب المقدس لدى الزرادشتيين هو "الافيستا" وهو مجموعة كتب جمعت فيها اقوال زرادشت بعد موته ، واضيف اليه كتاب اخر سمي " زنداي" وهو شرح للكتاب الاول وضعه الكهنة.
شعار الاله اهورا مازدا في معبد زراديشتي
وقد اعتقد الفرس بخلود الروح وبالحياة بعد الموت ، حيث حسب اعتقادهم بعد وزن الروح نجد ان الارواح النقية تجتاز ما يشبه المعبر وتتجه الى الجنة، اما الارواح الشريرة فمصيرها النار ، وقد كان الفرس يدفنون موتاهم تحت ارضيات منازلهم وتغطى اجسادهم بالتراب الاحمر (اللون الاحمر يرمز الى الدم)، وانتشرت فيما بعد ظاهرة عرض اجساد الموتى للطيور المفترسة التي تقوم بنهشها ، ثم يقومون بجمع الهيكل ودفنه.