المحاضرة الرابعة: نطاقات الاتصال العمومي: المحلي/الإقليمي، الوطني، الدولي

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: حملات الإتصال العمومي
Livre: المحاضرة الرابعة: نطاقات الاتصال العمومي: المحلي/الإقليمي، الوطني، الدولي
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Tuesday 23 July 2024, 00:13

1. تمهيد

منذ نھایة الثمانینیات وبدایة التسعینیات، استقرّ الاتصال العمومي كحقل للبحث العلمي
وكممارسة إداریة مؤسساتیة، بحیث أصبح یلقى اھتماما كبیرا، خصوصا من قبل
الممارسین على مستوى مختلف أنواع المؤسسات العمومیة، وذلك بالنظر لجدواه وفعالیتھ
في تسییر المسائل المشتركة والأفعال العمومیة. أكثر من ذلك، ارتقى الاتصال العمومي
إلى رحاب العالمیة، حیث أصبح یستخدم من طرف بعض المنظمات الدولیة التي تھتم
بالقضایا والمسائل ذات الاھتمام المشترك بین الدول.
إن ممارسة الاتصال العمومي لم تعد ترتبط بالضرورة بالمؤسسات الحكومیة المركزیة
فقط كالوزارات والمدیریات المركزیة، بل إنھ یستخدم كذلك على نطاقات جغرافیة ضیقة،
أي على المستوى الإقلیمي. بناء علیھ، یمكن تحدید ثلاثة نطاقات للاتصال العمومي كما
یلي:

2. الاتصال العمومي المحلي أو الإقلیمي:

یمثل ھذا النطاق المجال الأكثر ملاءمة لكي یكتسب الاتصال العمومي فعالیتھ في تحقیق
ھدفین بالدرجة الأولى:
التنمیة الاقتصادیة: 
تشكل التنمیة الاقتصادیة على النطاق المحلي والإقلیمي التحدّي الأبرز لأنھا ھي
النتیجة الحتمیة لتفتیت الفعل العمومي المركزي (سیاسات الحكومة)، والذي یبقى
مجرد أفكار نظریة تقفز فوق الخصوصیات الاقتصادیة لكل إقلیم. یسعى الاتصال
المحلي/الإقلیمي في ضوء ھذا إلى فھم الحاجیات التنمویة المحلیة وتجنید المجھودات
لمختلف البرامج التنمویة وتكریس مشاركة المواطن على المستوى المحلي، خصوصا
أن ھذا الأخیر یختار من خلال الانتخابات من یمثلھ ویسیر شؤونھ محلیا، وبالتالي
فإن التنمیة المحلیة تصبح مجرّد تجسید لإرادة المواطن.
التنمیة الثقافیة: 
یعمل الاتصال العمومي المحلي/الإقلیمي على تكریس الھویة المحلیة وإعطاء الإقلیم
صورتھ المحلیة. وصورة الإقلیم ھو مفھوم صاغھ الباحث الأمریكي ریتشارد فلوریدا
للإشارة إلى ارتباط الإقلیم عادة بتمثلات خاصة وصورة ترتبط بالدرجة الأولى
بخصوصیاتھ الثقافیة، فثمة مناطق ذات طابع فلاحي تعیش من الناحیة الثقافیة
والاجتماعیة على نحو خاص یختلف عن تلك المناطق الحضریة كالمدن الكبرى التي
تختلف فیھا الخصائص الثقافیة تبعا لطبیعة النشاط الاقتصادي
(صناعة/خدمات/...إلخ). إن صورة الإقلیم في نظر فلوریدا ھي التجسید الثقافي
لھویتھ، فكل إقلیم لھ خصوصیاتھ الثقافیة التي یعمل الاتصال المحلي/الإقلیمي على
بلورتھا وتقویتھا والحفاظ علیھا من أجل تمكین الإقلیم من تقویة انتماء مواطنیھ
وولائھم ومشاركتھم في تنمیتھ (أمثلة: سطیف مدینة تجاریة، قسنطینة مدینة إداریة،
المناطق الساحلیة منطاق سیاحیة ....إلخ).

3. الاتصال العمومي الوطني:

یفقد الاتصال العمومي الوطني فعالیتھ التنظیمیة لتحقیق المشاركة، ولكنھ بالمقابل یملك
قوة كبیرة في صیانة الخلفیة القانونیة والتشریعیة للفعل العمومي، لأنھ یشكل العصب
الرئیسي لفكرة الدولة بوصفھا تعاقدا (نظریة العقد الاجتماعي)، ویمكن العودة ھنا إلى
أفكار كارل دویتش في كتابھ "أعصاب الحكومة".
یلعب الاتصال العمومي على المستوى الوطني دورا مھما في بناء مواطن واعي ومشبع
بثقافة الحق والواجب (یمكن وصف ھذا الدور للاتصال العمومي بالدور التربوي)، وكذا
في تطییب وتحسین العلاقات بین المؤسسات العمومیة والمواطنین بما یسمح بتفادي تفكك
العقد الاجتماعي، كما یسمح بشرح أھداف الحكومات وسیاساتھا وتمھید الطریق
للمؤسسات العمومیة المحلیة لتنفیذھا بفعالیة كبیرة.

4. الاتصال العمومي الدولي/العالمي:

بالنظر لفعالیة الاتصال العمومي على أثبتھا على النطاقین المحلي والوطني، فقد ظھرت
مساعي عالمیة للاستفادة منھ في تسییر ومعالجة بعض القضایا المھمة على المستوى
الدولي، حیث أصبح یمارس على مستوى المنظمات والمؤسسات الدولیة لتحقیق الكثیر
من الأھداف أھمھا: تحقیق السلم العالمي، التوعیة من المخاطر المحدقة بالإنسانیة،
تكریس صورة "المواطن العالمي" أو "المواطن الإنسان" الذي یساھم في حل الكثیر من
المشكلات حتى لو تعدّت حدود دولتھ. من أھم المواضیع والمسائل التي یساھم الاتصال
العمومي العالمي في حلھا والتصدي لھا: الاحتباس الحراري، التلوث، الحروب، التدھور
البیئي، المجاعات، استنزاف الموارد الطبیعیة، ولعل أبرز مثال عشناه ونعیشھ ھو
الأوبئة، وبالتحدید وباء كوفید 19 ، حیث یمكن رصد ممارسة قویة للاتصال العمومي من
قبل منظمة الصحة العالمیة بالتعاون مع الھیئات الصحیة للدول، وذلك بھدف التعریف
بالفیروس، أعراض المرض، طرق الوقایة، المعلومات بخصوص اللقاح....

5. قراءات إضافية

- سامیة عواج وآخرون: الاتصال العمومي، من النظریة إلى التطبیق، دار أسامة للنشر، عمان، 2018
- الصادق الحمامي وآخرون: أعمال الملتقى العلمي حول "الاتصال العمومي: المقاربات والتحولات والرھانات
. ". معھد الصحافة وعلوم الأخبار، تونس، 2007

- Houllier-Guibert Charles-Edouard, « De la communication publique vers le
marketing des territoires : approche microsociologique de la fabrication de
l'image de marque », Gestion et management public, 2012/2 Volume 1/n°2.
- Annick Monseigne et Geneviève Guilhaume, « La mutation du métier de
communicant public », Communication et organisation [En ligne], 41 | 2012.
- Jean-Baptiste Le Corf, « La création collective de la plateforme de services
publics numériques de la rive droite de Bordeaux : entre communication
territoriale et gestion publique locale », Études de communication [En ligne],
37 | 2011.