محاضرة حرب الاستقلال الأمريكية 1775-1783

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: تاريخ أوربا والأمريكيتين في الفترة الحديثة والمعاصرة
Livre: محاضرة حرب الاستقلال الأمريكية 1775-1783
Imprimé par: مستخدم ضيف
Date: Sunday 19 May 2024, 14:41

Description

 

1. حرب الاستقلال الأمريكية: 1775-1783م

 قبل التطرق إلى أسباب الثورة الأمريكية، لابد من الإشارة إلى أمرين أساسيين:

1- لم تكن فكرة الاستقلال تطرُق أذهان المستوطنين الذين استقروا بالعالم الجديد، ولم يفكروا  في الانفصال عن الوطن الأم إنجلترا بسبب حاجتهم إلى الحماية البريطانية (إن هي قبلت بمطالبهم وعلى رأسها الحق في الحرية)، والدليل على ذلك مشاركتهم إلى جانب الإنجليز في صراعهم ضد الفرنسيين والدول الأوربية الأخرى حول مناطق النفوذ بالعالم الجديد. ويمكنك أن تقرأ بهذا الخصوص ما كتبه 'جورج واشنطن'، والذي يعدّ أحد أبرز قادة الثورة الأمريكية.

2- المستعمرات البريطانية الثلاثة عشر شديدة الاختلاف فيما بينها، لدرجة يمكن القول أنّه من المفارقات العجيبة أن تصل إلى نفس الفكرة، وأن تسير إلى تحقيق غاية واحدة، وهدف واحد؛ ألا وهو الاستقلال عن الوطن الأم (بريطانيا).

1.1. أسباب الحرب

أسباب الثورة الأمريكية:

1-1- الاقتصادية والمالية:

- رغبة بريطانيا في جعل اقتصاد المستعمرات تابعا ومكمّلا للاقتصاد البريطاني؛ لذلك عمدت إلى إصدار مجموعة من القوانين، وفرض جملة من الضرائب المتنوعة والعالية، مثال ذلك القوانين التي تنظّم الملاحة البحرية،والتي صدرت ابتداء منذ عام 1645م،وكان الغرض منها تشجيع ودعم الملاحة البريطانية مقابل نظيرتها الأوربية (التنافس التجاري الأوربي)، عن طريق جعل نقل المواد التجارية الواردة إلى بريطانيا من حق السفن البريطانية وحدها.

- ضريبة الطوابع 1762: وتتمثّل في دفع رسوم عن طريق إلصاق طابع على المعاملات والمستندات القانونية والتجارية والجرائد والوثائق، تتراوح قيمتها بين 6 سنتات و6 جنيهات، ولقد قوبل هذا الإجراء بمقاومة عنيفة ورفض شديد من طرف المستوطنين، خاصة رجال الأعمال والمحامين، ورؤساء تحرير الصحف والمجلات، فألغيت هذه الضريبة سنة 1765م.

- قوانين ضبط الصادرات: ومنها قانون ضريبة العسل، التي فرضتها بريطانيا على المنتجات القادمة من جزر الهند الغربية (كانت تابعة لفرنسا)، فمنعت استيراد العسل الأسود (الدبس)، إلا من المناطق الواقعة تحت السيطرة البريطانية، مما أدّى إلى ارتفاع ثمنه واحتجاج الأمريكيين ضدّه؛ لأنّ العسل الأسود مادة مهمّة بالنسبة لهم في غذائهم، لا سيما خلال فصل الشتاء الذي يتميّز ببرده القارص.كما فرضت الحكومة البريطانية عدة ضرائب أخرى عالية النّسبة على النبيذ والحرير والبُن بموجب قانون السكر الصادر عام 1764م.

- قانون العملة 1764م: حيث مُنعت المستعمرات من إصدار أوراق نقدية؛ لأن ذلك يضرّ باقتصاد الدولة الأم، كما جعلت النقود المحلية المتداولة غير ذات قيمة، وغير صالحة لسداد الديون، وهو ما أثار سخط الأمريكيين، خاصة فئة التجار ( في فرجينيا وحدها قُدّرت الديون المستحق دفعها للتجار في بدايات الثورة بـمليون جنيه إسترليني، وهو مبلغ ضخم جدّا في ذلك الوقت).

- حاولت الحكومة البريطانية احتكار تجارة المستوطنات؛ كتجارة الشاي مثلا، فأصدرت قانون العملاء الذي يرخص لعملاء محددين بالتّحكم في هذه التجارة، إضافة إلى مجموعة من القوانين لمعاقبة المهرّبين، فضلا عن قانون حماية الدائنين، الذي يعطيهم حق سجن المدينين العاجزين عن سداد ديونهم.

- قوانين تاونشند Townshend 1767م: 'شارلي تاونشند' هو وزير المالية البريطاني، قام بفرض ضرائب على الورق والشاي والزجاج والرصاص المستورد، وقد أدرك الأمريكيون خطورة مثل هذه القرارات التي تحرمهم من أهم سلاح للضغط على البريطانيين.

- قامت الحكومة كذلك بإغراق الأسواق الأمريكية بتجارة الرقيق؛ لأنّ هذه التجارة تدرّ عليها أموالا طائلة، على الرغم من معارضة غالبية المستوطنين للاتّجار بالبشر، ونقصد المقيمين في الشمال تحديدا، ومسألة الرقيق ستكون سببا في الحرب الأهلية الأمريكية.

         كخلاصة للأسباب الاقتصادية والمالية، يمكن الجزم بأنّه كلما زادت المتاعب المالية للحكومة البريطانية- نتيجة الأعباء الثقيلة للحروب الكثيرة التي كانت تخوضها- ازدادت معها عملية فرض الضرائب وسَنّ القوانين الجائرة في المستعمرات، وهو ما ولّد شعورا عاما لدى المستوطنين بالظّلم والغُبن، خاصة عندما يرون منتجاتهم تصدّر إلى أوربا، وأموالهم تصرف في الوطن الأم دون الاهتمام بتحسين المرافق العامة في أمريكا. هذا الأمر أدى اتّساع هوّة الخلاف والشّقاق بين الطرفين، ثم اشتعال فتيل الشرارة الأولى للثورة الأمريكية.

1- 2- الأسباب السياسية والعسكرية:

- الروح الاستبدادية لملك بريطانيا جورج الثالث، منذ وصوله إلى العرش عام 1760م.

- ممارسة المستعمرات الثلاثة عشر لنوع من الحكم الذاتي، عن طريق المجالس التشريعية على سبيل المثال: حصلت مقاطعة فرجينيا عام 1619م على قرار بريطاني سمح لها بتشكيل أول مجلس تشريعي، وهو ما مكّن الأفراد المقيمين بها من تفادي تصرفات برلمان الدولة الأم؛ بفرض الضرائب وسنّ القوانين الجائرة. هذا الأمر جعل باقي سكان المستعمرات يطالبون بنصيبهم من الديمقراطية والحرية في تسيير شؤونهم الخاصة.

- الحروب الكثيرة التي كانت تخوضها بريطانيا في أوربا وخارجها، منها حرب الوراثة الاسبانية (1702-1713م)، حرب الوراثة النمساوية (1740-1748م) وحرب السبع سنوات (1756-1763م)، وتزامنها مع حروب أخرى لبريطانيا في القارة الأمريكية.

- مجيء رئيس الوزراء البريطاني 'جورج جرنفيل' إلى الحكم سنة 1763م، حيث كان المسؤول الأول عن وضع السياسات الجديدة قبل الملك، فأصدر "إعلان 1763" الذي اعتبر جبال "أليغني" حدًا فاصلاً بين المستوطنين البيض والهنود الحمر، كما نصّ أيضا على اعتبار الأراضي الغربية التي أخذتها بريطانيا من فرنسا واسبانيا بعد حرب السبع سنوات تابعة للتاج البريطاني، وهو ما حال دون استمرار النشاط التوسّعي للمستوطنين نحو الغرب، وعُدّ ضربة موجعة لآمالهم في استيطان القارة الأمريكية بأكملها. وقد عجّلت "مسألة الأراضي الغربية" هي الأخرى باندلاع الثورة الأمريكية.

- قانون كيبك 1774م: وبموجبه تمّ تنظيم الأراضي، وضمّ المناطق التي استولت عليها بريطانيا بعد حرب السبع سنوات إلى ممتلكات التاج البريطاني، ومثّل هو الآخر ضربة موجعة لآمال المستوطنين في التوسّع شمالا وغربا.

- مبدأ "لا ضريبة دون تمثيل": حيث نشبت أزمة سياسية، حينما أقرّ المجلس التشريعي لمستعمرة ماساشوست سنة 1765م؛ بأنّه ليس من حقّ البرلمان البريطاني فرض ضرائب على المستعمرات؛ لأنها غير ممثلة فيه بنواب، في حين كانت الحكومة البريطانية تعتبر المستوطنات الأمريكية تابعة للتاج، وبالتالي يشملها القانون الخاص بمستعمرات الإمبراطورية الأخرى.

1- 3- اجتماعيا ودينيا:

- ساد شعور لدى المستوطنين في العالم الجديد، بأنّهم يأتون في الدرجة الثانية من حيث الأهمية والمكانة الاجتماعية، بعد الإنجليز المقيمين في إنجلترا.

- هاجر الكثير من المستوطنين بحثا عن الحرية  في ممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية، وهروبا من الاضطهاد الديني الذي تعرّضوا له في أوربا، وقد رأوا في سياسة بريطانيا بالمستعمرات دعما للكنيسة الأنجليكانية على حساب الفئات الدينية الأخرى.

1.2. اندلاع الثورة الأمريكية ومجريات الأحداث

إنّ الشرارة التي أشعلت فتيل حرب الاستقلال الأمريكية، هي منح البرلمان البريطاني عام 1773م شركة الهند الشرقية البريطانية حقّ احتكار بيع الشاي (مادة تجارية مهمّة في أمريكا آنذاك) عن طريق وكلائها الرسميين فقط إلى العملاء الأمريكيين المحليين، فأُقصي بذلك التاجر الأمريكي الوسيط من مثل هذه العمليات التجارية. وقد أحدث هذا الأمر دويا هائلا في المستوطنات البريطانية بأمريكا، وأدّى إلى نشوب مقاطعة سلمية لشاي الحكومة البريطانية، واستعاض الأمريكيون عنه بالشاي المهرّب من هولندا.

         في 16 سبتمبر 1773م، قاد أحد أبرز الثوار 'صامويل أدامس' مجموعة من الرجال، متنكرين في زي الهنود الحمر، وهاجموا ثلاثة سفن بريطانية راسية بميناء بوسطن، ورموا حمولتها من الشاي في مياه المحيط، وعرفت هذه الحادثة بـ"حفلة شاي بوسطن"، فردّت الحكومة بإغلاق ميناء بوسطن في وجه الحركة التجارية؛ ممّا عرّض هذه المدينة لأزمة اقتصادية كبيرة.

2- 1- المؤتمر القاري الأول 1774م:

 على إثر هذه الأحداث، قرّر الأمريكيون مجابهة الحكومة، فاجتمعوا في مدينة فيلادلفيا، في المؤتمر الأول ( الكونغرس الأول)، وقد حضره 65 مندوبا يمثّلون جميع المستعمرات باستثناء جورجيا التي غاب ممثلوها، وكان من بين أبرز المجتمعين 'جورج واشنطن'، 'جون آدامز' و 'بنيامين فرانكلين'، وقد اُعتبر هذا المؤتمر أوّل هيئة ذات صبغة شرعية، وأهمّ ما خلُص إليه:

- تكوين جمعية تمثّل المستعمرات تسمّى"الرابطة".

- تقرّر مقاطعة البضائع الإنجليزية، وفرض ذلك على الأمريكيين ولو باستخدام القوة.

- كما أقرّ المجتمعون في هذا المؤتمر أنّ أي اعتداء على أي ولاية هو بمثابة اعتداء موجّه ضد جميع الولايات الممثّلة في المؤتمر... (شبه وحدة سياسية).

          ومع ذلك لم يكن يدُر في خلد المؤتمرين فكرة الانفصال عن بريطانيا، إن هي قبلت بمطالبهم، لكن الحكومة الإنجليزية استمرّت في عنادها، وأرسلت قوات عسكرية جديدة لتعزيز تلك الموجودة في مدينة بوسطن. وفي الوقت نفسه بدأت ولاية "ماساشوست" وغيرها في إعداد قواتها المحلية لمقاومة الإنجليز، وعمّت تدريجيا فكرة إنشاء "الجيوش المحلية" للدفاع عن المستوطنات (جيوش المستوطنات).

2-2- المؤتمر القاري الثاني 1775م:

         زادت الخلافات بين الطرفين منذ عام 1775م، إثر محاولة الحكومة البريطانية اعتقال اثنين من الزعماء الأمريكيين في مدينة "لكسنجتونLexington" قرب بوسطن، ومع ذلك بقي الأمريكيون متردّدون طيلة عام كامل في حرب الإنجليز إلى غاية 1776م. ويبدو أنّ الجنود البريطانيون هم من أطلق الطلقة الأولى عندما استولوا على مخزن للأسلحة غير المرخصة في كونكورد، بعد ذلك بعدّة أسابيع اجتمع المؤتمر الثاني (الكونغرس الثاني) في شهر ماي 1775م، وقرّر المُؤتمرون ما يلي:

- اعتبار الجيش المحارب حول بوسطن جيشا خاصا بالمستعمرات كلّها، وبالتالي إنشاء جيش أمريكي موحّد عبر كل الولايات المشاركة في المؤتمر، وعيّنوا 'جورج واشنطن' لقيادته، وأطلقوا عليه تسمية: "جيش القارة الأمريكية American continental army".

- إرسال حملة عسكرية شمالا إلى كيبيك؛ لإرغامها على الانضمام إلى الثوار الأمريكيين.

- الدخول في مفاوضات مع الحكومة الفرنسية البوربونية من أجل دعم الثوّار عسكريا.

- إرسال التماس إلى الملك "جورج الثالث"، بغرض إعادة النّظر في الإجراءات التعسفية المتّخذة ضد ولاياتهم، واعتبروا هذا الالتماس هو الأخير؛ كحل سلمي بين الثوار وبريطانيا.

- رفض الثوار مقترحات 'اللورد نورث'، بخصوص إيجاد حلّ آخر لقضية الضرائب التي يدفعها الأهالي الأمريكيين كدعم للميزانية القومية للإمبراطورية البريطانية، واعتبروا ذلك بمثابة تحايل عليهم.

         بمرور الأيام ارتفعت المشاعر المؤيّدة للثورة بين السكان، كما ساهم الكتّاب المتحمّسون للاستقلال بكتاباتهم في تأجيجها، فأطلق "توماس بين thomas Paine" في كُتيّبه "الشعور العام Common sense" دعوة صريحة إلى الثورة والانفصال عن بريطانيا، قائلا: " ليس من المعقول أن يُقبل مبدأ سيطرة جزيرة من الجزر على قارة بكاملها، فأمريكا لنفسها وبريطانيا لأوربا".

2- 3- إعـــــلان الاستقــــلال:

         أٌقرّت "وثيقة إعلان الاستقلال" في 02 جويلية 1776م، والتي كتبها 'توماس جيفرسون thomas Jefferson'، واعتمد الكونغرس الأمريكي نظرية جون لوك حول الحرية كأساس فكري للثورة الأمريكية، وقد تمثّلت الأسباب المباشرة لإعلان الاستقلال في:

- غضب الأمريكيين من استخدام بريطانيا للجنود المرتزقة في الحرب ضدهم، خاصة بعدما جلبت أكثر من 20 ألف من المقاتلين الألمان، بالإضافة إلى الهنود الحمر والعبيد السود.

- قرار البرلمان الإنجليزي بإغلاق الموانئ الأمريكية إلى حين قبول القوانين الجديدة، وهو الأمر الذي دفع الأمريكيين لإعلان الاستقلال الذي سيمكّنهم من الحصول على مساعدات أجنبية من دول أخرى.

- الكتابات المعارضة للملك "جورج الثالث" المستبد، والتي عملت على إظهار محاسن الاستقلال.

- سيطرة المتطرّفين على الأغلبية في الكونغرس الأمريكي، وفرض آرائهم على الآخرين.

         بدأت الاشتباكات بين الجانبين، كما شرعت فرنسا تمدّ الثوار بالسلاح سريا، وساهمت اسبانيا بدورها في مساعدة الثوار، خاصة وأنّها رأت في النفوذ البريطاني خطرا على مستقبلها في أمريكا الجنوبية، وكانت موقعة 'ساراتوجا Saratoga' (وهي منطقة قريبة من نيويورك) في 17 أكتوبر 1777م، مهمّة وحاسمة بين الطرفين بعد انتصار الثوار الأمريكيين، إذ ترتّبت عنها عـدة نتائـج:

- إعلان فرنسا دخول الحرب إلى جانب الثوار، وإعلان اسبانيا من جهتها الحرب ضد بريطانيا واعترافها باستقلال الثوار، وهو ما أدّى إلى تعطيل المواصلات البحرية البريطانية تعطيلا بالغا، بسبب دور الأسطولين الفرنسي والاسباني في عرض المحيط.

- اعتراف فرنسا باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية في 6 فيفري 1778م، ودخولها معها في حلف ضد بريطانيا.

- مساعدة هولندا وغيرها من الحكومات الأوربية للثوار، سيما بعد ازدياد الضغط عليها من طرف شعوبها، حيث أبدى الرأي العام الأوربي تعاطفًا كبيرًا مع الثورة الأمريكية.

 عرفت تلك الفترة أيضا؛ حربا بحرية شرسة بين الأسطول البريطاني من جهة وأسطول فرنسا وهولندا من جهة ثانية، لكن هاتين الأخيرتين عجزتا عن تحقيق نصر حاسم، وبقي الأسطول البحري البريطاني مسيطرا على الوضع، إلى غاية قيام الفرنسيين بحملة بحرية كبيرة بقيادة 'دي جراس de Grass'، فأجبروا الأسطول البريطاني على التقهقر، وهو ما أثّر كثيرا على الجيش البريطاني الذي يحارب بالأراضي الأمريكية.

وفي عام 1781م حاصرت قوات "جورج واشنطن" بمساعدة قوات فرنسية مدينة 'يورك تاون Yorktown'، وهي من أهم مواقع الجيش الحكومي البريطاني، فاضطرّ قائده 'كورنواليس Cornwallis' إلى الاستسلام بتاريخ 19 أكتوبر.

وتعتبر هذه المعركة من المعارك الفاصلة في تاريخ الثورة الأمريكية.كما يجب أن نشير إلى التحوّل الذي حدث باستقالة رئيس الوزراء البريطاني 'اللورد نورث' في 2 مارس 1782م، حيث خلفه 'اللورد روكنغهام Rockingham ' والذي دخل في مفاوضات من أجل السلام مع الأمريكيين. وقد نجـم عنها:

- بداية انسحاب الحاميات البريطانية من الولايات المتحدة الأمريكية.

- بدأت مفاوضات الصلح حول المسائل الجوهرية (الاستقلال، الموانئ، الأسطول البحري والديون...)، وتم توقيع الهدنة في 20 جانفي 1783م.

- اعتراف بريطانيا باستقلال الو.م.أ في المنطقة الممتدة من  الحدود الكندية حتى خط عرض 31° شمالا، كما تنازلت عن عدة جزر لصالح فرنسا واسبانيا.

2-4- عقد معاهدة باريس 03 ديسمبر 1783:

         حاولت بريطانيا توقيع اتفاق سلام على انفراد مع الأمريكيين دون مشاركة فرنسا، لكن تطوّر مجريات الحرب والنفوذ الفرنسي في أوساط الثوّار، أجبر بريطانيا على المجيء صاغرة إلى قصر فرساي بباريس لتوقيع اتفاق الصلح، والذي تضمن البنود التالية:

- استقلال المستعمرات الثلاثة عشرة حتى نهر الميسيسيبي، وهي التي ستحمل اسم الولايات المتحدة الأمريكية، واستيلاء المستعمرات على أراضي الهنود الحمر في تلك المنطقة.

- تثبيت الحدود مع كندا واقتسام البحيرات بين الدولتين، ماعدا بحيرة "ميتشغان" التي كانت من نصيب الو م أ.

- اعتراف الو م أ بالديون البريطانية المستحقة عليها قبل الثورة، وكذلك إقرارها بحقّ العفو العام لصالح السكان المتعاطفين مع بريطانيا (الملكيين)، وتوطينهم في المستعمرات البريطانية الأخرى (كيبك، إيقوسيا الجديدة، برمودا، وبعض جزر الأنتيل...).

1.3. نتائج حرب الاستقلال الأمريكية

الدستور الأمريكي 1787م:

         يعتبر الدستور الأمريكي أهـم نتيجة للثورة  ضد الإنجليز، وقد عمد قادة الثورة الأمريكية وأقطابها لبناء أسس دستورية للولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1787م، آخذين بعين الاعتبار مبدأ الفصل التام بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومبدأ المساواة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ وقد كانت لأفكار عصر التنوير(جون لوك و مونتيسكيو) التأثير البالغ في صياغة المبادئ العامة للنظام الرئاسي الذي أخذت به العديد من الدول ومنها الو.م.أ.        

         في نهاية عام 1788م، قام الفيدراليون بحملات لصالح المصادقة على وثيقة الدستور واستطاعوا إقناع 11 ولاية من أصل 13، بالمصادقة عليه وتم انتخاب بطل الثورة الأمريكية "جورج واشنطن"  كأول رئيس للو.م.أ في شهر فيفري 1789م.

خلاصة عامة:

         يرى كثير من المؤرخين المهتمّين بالتاريخ الأمريكي الحديث، أنّ الثورة الأمريكية لم تكن عملا يائسا، ولا ردّ فعل على السياسة البريطانية فحسب، بل لجأ إليها سكان المستعمرات بعد فشل كل المحاولات للبقاء في كنف الدولة الأم إنجلترا، وكانت عملا اختياريا تدفعه الكثير من الآمال في تحقيق النجاح والتقدّم بمعزل عن الوصاية البريطانية، ولم تكن كذلك كفاحا من أجل الاستقلال فحسب؛ بل كانت إلى جانب ذلك ثورة اجتماعية وسياسية واقتصادية وحتى ثقافية وعلمية وحضارية.