السكان القدماء

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: -مدخل الى الحضارات القديمة- الشرق
Livre: السكان القدماء
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Wednesday 27 November 2024, 01:43

Description

يحتوى هذا الكتاب على محاضرات هامة حول الأقوام التي ساهمت في بناء حضارة العراق القديم

1. السومريون

أختلف الباحثون في أصل السومريين، فيما إذا كانو من بلاد النهرين، أم أنهم هاجروا من مناطق أخرى، غير أن الموطن الأول لهذه الأقوام والطريق الذي سلكوه للوصول إلى أرض جنوب العراق مازالت غير مؤكدة، فهناك آراء ونظريات عدة حول الموطن الأول للسومريين، ومنها أن هذه الاقوام كانت قد انحدرت من شمال العراق إلى جنوبه بعد أن توافرت في هذه البقعة سبل العيش الملائمة، ومن الآراء الأخرى في أصل السومريين والمفترضة مجيئهم من بلد آخر ،فربما جاؤوا عن طريق البحر و سكنوا أول الأمر في (دلمون -البحرين) التي تحتل حيزاً مهما في التراث السومري ، ثم نزحوا شمالاً باتجاه القسم الجنوبي من بلاد الرافدين الذي عرف فيما بعد ببلاد سومر، وترى جماعة أخرى من الباحثين أن السومريين كانوا قد نزحوا أصلاً من وادي السند أو جنوبي بلوجستان، ثم جاؤوا عبر إيران والخليج العربي إلى القسم الجنوبي من العراق، معتمدين في فرضيتهم على التشابه الحضاري فيما بينهم.

فيديو يوضح أهم الاقوام الوافدة على بلاد النهرين:

2. الأكاديون

هم من الأقوام الجزرية، وأصحاب أول هجرة وفدت إلى وسط وجنوب بلاد الرافدين، عن طريق الشمال مروراً بمدينة ماري، ودخلوا بلاد بابل من الشمال الغربي، وقد استقرت هذه الهجرة في الأقسام الوسطى من بلاد الرافدين، والتي تشمل حدودها من منطقة نفر شمالاً حتى خط هيت سامراء بما فيه منطقة ديالى في حدود الألف الثالث قبل الميلاد، وسميت بلادهم ببلاد أكد نسبة الى عاصمتها اكد التي اسسها سرجون الاكدي، والذي استطاع من فرض سيطرته على البلاد وتوحيد دويلات المدن ومن ثم اقامة امبراطورية واسعة الأرجاء عرفت بالأمبراطورية الاكدية.

كان هؤلاء الاكديون يتكلمون اللغة الأكدية التي هي فرع من فروع لغة الجزيرة الأم، كما انهم استعملوا في تدوينها الخط المسماري الذي ابتدعه السومريون من قبل، وكان لوجود الأكديين جنباً الى جنب مع السومريين أدى الى تأثرهم بالحضارة السومرية، ففي مجال اللغة استعار الأكديون الكثير من المفردات والمصطلحات السومرية، كما نجد أن هناك من المفردات في اللغة السومرية ذات أصل أكدي، ونجد ان على غرار السومريين قد استوطن الأكديون القرى والمدن ومارسوا الزراعة والحرف المختلفة كما انهم مارسوا المعتقدات والطقوس الدينية التي مارسها السومريون، وفيما اذا استثنينا الجانب اللغوي فإن السومريين والأكديين قد انصهروا في حضارة واحدة حتى أنه من الصعب التمييز بين ما هو سومري الأصل وبين ما هو أكدي.

 

3. الكوتيون

هم من اقوام جبال زاكروس التي استوطنت في الجهة الشرقية والشمالية الشرقية من بلاد الرافدين، وكانوا يجاورون قبائل اللولوبو في منطقة استقرارهم جنوب منطقة شهرزور، ولا يعرف على وجه التأكيد أصل الكوتيين فيما إذا كانوا من الأقوام الهندوأوربية أم لا، ذلك لأنهم لم يتركوا وثائق مدونة بلغتهم فلا يعرف عن لغتهم شيء، وإ ن اكثر ما يعرف عنهم هو بعض أسماء ملوكهم الواردة في جداول الملوك السومريين والتي تخصص لهم واحداً وعشرين ملكاً حكموا (125) عاماً، ولم يكن حكم الواحد منهم يتجاوز الخمس او الست سنوات، ما يدل على كثرة الفوضى العارمة والاضطرابات التي سادت بلاد الرافدين خلال مدة حكمهم التي دامت نحو قرن من الزمن (2200 – 2120ق.م).

قام الكوتيون بهجوم عنيف على المدن الاكدية واكتسحوها منتهزين الاوضاع السياسية المرتبكة في العاصمة أكد، ويذكر بعض الباحثين ومنهم Macqueen أن هذا الهجوم قد حدث مع نهاية عهد الملك شار – كالي – شاري في حدود عام (2230 ق.م) ، واستهدف الهجوم العاصمة اكد، ولا تعرف حتى الآن أية معلومات عن الملابسات والظروف التي أحاطت بالجيش الأكدي ولا عن حجم المقاومة التي أبداها ضد القبائل الغازية، ولكن يتضح من خلال الغزو الكوتي أن نتائجه كانت عنيفة خاصة في مراحلها الأولى، والتي أدت الى تدمير العاصمة أكد تدميراً كاملاً واحتلال المدن الرئيسة.

 

4. البابليون

هم من القبائل الآمورية الجزرية التي دخلت بلاد الرافدين من القسم الشمالي الغربي من (الجزيرة الفراتية)، وسيطرت هذه القبائل على غالبية البلاد وتأثرت بحضارتها وشكلت فيها الكثير من السلالات والممالك التي توحدت تحت زعامة سلالة بابل الاولى 1894-1595 ق. م، التي أسسها الملك الاموري (سومو – أبوم) 1894 – 1881 ق. م، في مدينة بابل التي اتخذها عاصمة له، إذ كانت مدينة ذات أهمية ثانوية، غير أن تواريخ سني الملوك توضح فيها أن سومو-أبوم وخلفاءه اهتموا بنشاطين كان لهما الأثر في تغيير ذلك، وهما دفاعات المدينة، وإجراءات لإنماء وانعاش الزراعة من بناء القنوات وتنظيفها، وقد أصبحت هذه الخطوات أساسا لتوسع بابل فيما بعد.

ان أشهر الملوك البابليين، الملك حمورابي (1792 – 1750 ق. م) الذي حكم بعد ابيه (سين – مبلط)(1812-1793ق.م)  ولم تكن بابل سوى مملكة صغيرة تشمل كل من بابل ومدينتي سبار وكوثا، وقد مارس حمورابي سياسة توظيف الفرص في توسيع دائرة نفوذه في ظل الصراعات القائمة بين الدول المتنفذة، ونجح في مد سلطته الموحدة على بلاد الرافدين وأجزاء واسعة من الشرق الادنى القديم ، وقد بلغت حضارة بلاد الرافدين في هذه المدة اوج عظمتها وازدهارها وعمت اللغة البابلية بلاد الشرق الأدنى القديم قاطبة، كما شهدت حركة أدبية وعلمية تمثلت في تأليف المعاجم والشروح والقواعد اللغوية، وقطعوا أشواطا كبيرة في علم الحيوان والنبات والرياضيات والفلك، فضلاً عن أدب الملاحم والقصص والأساطير التي بدعوا فيها البابليون، وازدهرت التجارة في عهدهم واتسعت اتساعاً لا مثيل له في تأريخ هذه المنطقة، وكانت الإدارة مركزية تحكم البلاد بقانون واحد سنهُ الملك حمورابي لجميع شعوب المنطقة، لكن هذه النجاحات لم تدم في عهد خلفائه طويلاً، إذ دخلت البلاد في مراحل متعددة ما بين سيطرة الاقوام الاجنبية، وما بين سيادة الحكم الوطني الى سقوط بابل على يد الاخمينيين عام 539 ق.م.

5. الكشيون

من الأقوام الجبلية التي جاءت من أقليم لورستان Lorestan وهي المنطقة الوسطى من جبال زاكروس، والتي عرفها اليونانيون باسم بلاد (كاسّايا (Kassaya، واللغة الكاشية لغة الصاقية تعود الى مجموعة آسيوية واسعة تتصل من بعيد باللغة العيلامية، ويؤكد سامي سعيد الاحمد عدم المعرفة بالضبط الى أي العائلات اللغوية التي تنتسب لها اللغة الكاشية، لكنها تعد خليطاً من بقايا اللغات القديمة ولا توضح أي ترابط مع اي من لغات آسيا المعروفة، ويعتقد أن الكشيين من العناصر الاسيوية التي امتزجت بالعناصر الهندو-أوربية وأحتكت بها، ويبدو أن الكشيين من الاقوام الهندو-اوربية التي كانت تسكن بين زاكروس وميديا ومن ثم انحدرت الى بلاد الرافدين، والذي يؤكد هذا الرأي وجود آلهة هندواوربية في مجمع الآلهة الكاشي، مثل شورياش (سوريا في الهندواوربية) وماروتاش (ماروت) وبورياش (بورياس إله الريح الشمالية عند الإغريق) جنباً الى جنب الآلهة الكاشية.

أما تسمية (الكاشيون) فهي مشتقة من الكلمة البابلية (كشو Kassu) والتي تعني البأس والقوة، ومن الباحثين من يرى أن التسمية أطلقت على هذه الأقوام نسبة الى أحد آلهتهم وهو الإله كشو (Kussu) الذي كان يعبد الى جانب آلهة أخرى منها "أنداش" (Andas) "وبكاش" (Ba gas) "وبورياش" Burias)) "وماروتاش" (Marutas).

لقد كانت المدة الطويلة التي حكم خلالها الكشيون أرض بلاد الرافدين من أكثر عهود التاريخ البابلي غموضاً، نظراً لقلة المعلومات الواردة عن مدة حكمهم والتي لا تتناسب طول المدة الزمنية التي حكمتها السلالة الكشية بالمقارنة مع المعلومات الوفيرة عن العهود السابقة لها، وعلى الرغم من ذلك اتبع الكشيون سياسة اللين والترضية تجاه السكان المحليين.

 

6. الأشوريون

هم فرع من الأقوام الآمورية الجزرية التي كانت تقطن أصلاً الجزيرة العربية ثم هاجرت منها الى بوادي الشام وبلاد الرافدين، وذلك في الألف الثالث قبل الميلاد، وقد استوطن الآشوريون المنطقة الشمالية الغربية من بلاد الرافدين في الأراضي الكائنة على جانبي نهر دجلة ومنطقة الزابين الأعلى والأسفل، ويشترك الآشوريون مع البابليين من ناحية الأصول العرقية الواحدة، إذ هم من الأقوام الآمورية وأصحاب هجرة واحدة جاءت بعد الهجرة الآمورية الأولى، كما أن الأشوريين تكلموا باللهجة الآشورية التي انحدرت مع اللهجة البابلية من لغة واحدة وهي اللغة الاكدية، وهنا تكمن في هذين العاملين الهوية الواحدة ما بين الاشوريين والبابليين.

لم تكن حدود الآشوريين ثابتة على الدوام نظراً لتغيرها المستمر نتيجة لتغير الظروف السياسية للدولة الآشورية والدول والبلدان المجاورة لها، على الرغم من وجود الآشوريين في هذه المنطقة يرجع الى العصر الاكدي غير انه لم يقم لهم أي كيان سياسي متميز بهم الا بعد سقوط سلالة أور الثالثة.

اشتهر الآشوريون بالكثير من العلوم والمعارف كأشقائهم البابليين، ومن هذه العلوم التي ابتدعوا فيها، الطب والفلك والجغرافية التي مكنتهم من وضع الخطط الحربية واختيار المواقع الحصينة، كما انهم اشتهروا بالأدب والفنون التي نجدها جلياً في مكتبة اشور بانيبال التي شملت الكثير من المؤلفات والمصنفات العلمية والرسائل والقضايا الادارية والقانونية، وبقى الاشوريون محتفضين بعظمة دولتهم حتى سقوط آشور في عام 612 ق.م على يد الميديين الفرس.

7. الأراميون

هم من الاقوام الجزرية التي تنتمي الى فرع الجزريين الغربيين، وتعود اللغة الآرامية الى كتلة اللغات الجزرية الغربية، ويأتي الاراميون من بعد الآموريين او ربما ضارعوهم في ضخامة هجراتهم وكثرة قبائلهم وتنقلها من بوادي الشام والاجزاء الشمالية الغربية من بلاد الرافدين.

اختلفت المصادر حول أصول الآراميين، فالتوراة تجعل من الآشوريين والآراميين ابناء سام بن نوح، ويذهب احمد سوسه الى أن الآراميين هم الذين ذكرتهم المصادر الآشورية باسم (العريبي) الى جانب الأدوميين، ولكن هذا لا يمكن الاخذ به، لأن اسم العريبي يرتبط بالقبائل العربية التي برزت في القرن التاسع ق.م، كما انه لا يمكن الاخذ بالربط بين الآراميين والكلديين الا من حيث الموطن الواحد وهو الجزيرة العربية.

كانت لغة الآراميين فرعاً من كتلة اللغات الجزرية الغربية التي انتشرت منذ بداية الالف الثاني ق.م، في سوريا وفلسطين وشرقي الاردن وبلاد الرافدين، وبعد استقرار الاراميون في القرن العاشر ق.م اخذوا في الاشتغال بالزراعة والتجارة، وساعدهم في ذلك موقعهم الجغرافي بين بلاد الرافدين وسواحل البحر المتوسط، واصبحت التجارة العامل الاهم في نشر ثقافتهم ولغتهم الى مساحات واسعة من العالم القديم.

8. الكلدانيون

هم من الاقوام الجزرية التي استوطنت الاقسام الوسطى والجنوبية من بلاد الرافدين، وورد اسمهم في الكتابات المسمارية الاشورية باسم (كلدو (Kaldu، وسميت مراكز استقرارهم ونفوذهم بـ(مات كلديا) أي بلاد كلديا، وشاع استعمال مصطلح (الكلدانيون) في المؤلفات الأجنبية والعربية التي تأثرت بصياغة الاسم في العهد القديم، لكن الأصح عند ذكرهم استعمال الاسم الصريح الذي أطلقه الأشوريون عليهم فنسميهم الكلديين بدلاً من الكلدانيين وبلادهم (كلدو).

يعتقد أن القبائل الكلدية هاجرت من جنوب جزيرة العرب الجهة الغربية منها في وقت لا يمكن تحديده، سالكين طريق البحر العربي ومن ثم الخليج العربي، الذي سمي باسمهم (ناميتم كالدي)، وظل معروفاً الى عصور لاحقة باسم (سانيوس كالديوم) ثم دخلوا بلاد الرافدين في الالف الاول ق.م، وهناك من يرى أنهم قد هاجروا من الجنوب الشرقي من جزيرة العرب (عُمان) في حدود الالف الثاني ق.م، زاحفين باتجاه الشمال  واستوطنوا في جنوب ووسط بلاد الرافدين، وسكنوا الاهوار والمستنقعات وعاشوا على طول المجرى السفلي للنهرين بين الخليج العربي والمدن الواقعة في اقصى جنوب بلاد بابل، وصاروا يتحينون الفرصة لدخول بابل والقضاء على الحكم الآشوري فيها والمتمثل بوحدة بلاد الرافدين.