المحاضرة الثالثة

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: السياسة المقارنة
كتاب: المحاضرة الثالثة
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Friday، 22 November 2024، 5:59 PM

الوصف

نتناول في هذه المحاضرة النظم السياسية المقارنة وأهم المحاور التي يتم تقديمها لتدعيم النشاط التعلمي لدا الطلبة

1. تعريف النظام السياسي

تعريف النظام السياسي:

يعد تحديد مصطلح ( النظم السياسية ) من الامور المعقدة ، فضلا عن صعوبة الوصول الى تعريف دقيق الى النظام السياسي ، وذلك بسبب ما يثيره مصطلح السياسة من غموض وبعد عن التحديد تتكون عبارة ( النظم السياسية ) لغةً من كلمتين ، هما : ( النظم ) و ( السياسية ). و النظم هي جمع نظام ، والنظام هو ترتيب الامور على نحو معين ، لتحقيق هدف محدد . وتتركز افتراضات النظام System  في النظرية العامة للنظم ، بما يأتي  
 ـ ان النظام هو مجموعة من الأجزاء المترابطة.

ـ ان اجزاء النظام تتفاعل فيما بينها.

ـ ان كل جزء من اجزاء النظام يمكن ان يتصف بدرجة معينة من الاستقلال عن الأخرى المرتبطة به .
وعلى اساس تلك الافتراضات ، يكون النظام عبارة عن ( وسط مترابط نتيجةً لسبب او مدخل Input نحو مخرج Output.
   أما السياسية فهي صفة مشتقة من السياسة Politicss، وهي تتضمن استخدام السلطة من جانب الحكام ليتمكنوا من قيادة من يسوسون من المحكومون، تحقيقا للمصلحة العامة للمجتمع.

فالسياسة لغةً : هي القيام على الشيء بما يصلحه ، والوالي يسوس رعيته . وفي الحديث الشريف ( كان بنو إسرائيل يسوسهم أنبيائهم ) ، أي تتولى أمورهم .

ولكن مدلول مصطلح السياسة مختلفا في اللغة القانونية ، فضلا عن عدم اتفاق الفقهاء على معنى واحد لها . فحين استخدمت لأول مرة في التعبيرات القانونية كان لها معان متعددة : فهي تستخدم احيانا بمعنى المواطن الفرد وتطلق على صفة المواطن وحقوقه او حياة المواطن بوصفه مواطنا . وقد يقصد بها حياة رجل الدولة واشتراكه في الشؤون العامة . وكثيرا ما تفهم بمعنى الاجراءات التي تتخذها السلطة العامة ، أو دستور الدولة ونظام الحكم فيها.  ورغم ذلك فإن هنالك قدرا من الاتفاق على ان السياسة تتعلق بالسلطة في الدولة شكلا وموضوعا : تنظيمها و أشكال ممارستها ، وعملها ومجالات نشاطها . وبهذا يكون النظام السياسي على أساس الجانب الشكلي ، بمثابة نظام الدولة وما يتضمنه من تنظيم الحكم فيه ونشاط حكامها غير ان نشاط السلطة قد تطور  في العصور الحديثة  حتى اصبح هذا الجانب الموضوعي معيارا اساسيا في تعريف النظام السياسي بعد ان كان مدلوله التقليدي يقصد به شكل الحكومة ، لأنها تعني ممارسة السلطة في جماعة سياسية معينة وعلى الرغم مما تقدم ، فان هنالك العديد من التعاريف قد قدمت من قبل الفقهاء والمختصين والمهتمين ، الى النظام السياسي ،نسترشد ببعضها وهي وكما يأتي:

د. حسان شفيق العاني ، عرفه على انه " محصلة الظروف والمبادئ السياسية التي تفرض اتخاذ سلوك وظيفي تعقيبي في اتخاذ القرارات الملزمة بالمجتمع كليا "

  د. ثروت بدوي ، عرفه على انه : "مجموعة من القواعد والاجهزة المتناسقة المترابطة فيما بينها ، تبين نظام الحكم ، و وسائل ممارسة السلطة وأهدافها وطبيعتها ومركز الفرد منها وضماناته قبلها ، كما تحدد عناصر القوى المختلفة التي تسيطر على الجماعة وكيفية تفاعلها مع بعضها ، والدور الذي تقوم به كل منها " 
 ومن الجدير بالذكر ان عناصر القوى المختلفة التي تسيطر على الجماعة ، لدى د. ثروت بدوي لم تكن من طبيعة واحدة بل من طبائع مختلفة : قانونية واقتصادية واجتماعية ، فإنها ترتبط ببعضها البعض ارتباطا وثيقا يكون منها مجموعة متناسقة متفقة . واذا كانت النصوص الدستورية لا تحقق مثل هذا الارتباط فان العرف كفيل بتحقيقه . 
 وبعبارة اخرى يلزم وجود ارتباط وثيق وتفاعل متبادل بين الاجهزة المختلفة التي يتكون منها النظام السياسي الواحد . فكل صورة من صور الجهاز التشريعي مثلا تقابلها وترتبط بها صورة معينة من صور الجهاز التنفيذي ، كما ان الارتباط لابد ان يقوم كذلك بين نظام الاحزاب وبين طريقة تشكيل الحكومة ... وهكذا.

      ويمكن تعريف النظام السياسي على انه : مجموعة عناصر مجتمعية متفاعلة فيما بينها  وفق نمط سياسي وقانوني معين ، في بيئة محلية واقليمية وعالمية ، من خلال مؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية ، لتحقيق اهداف تنموية وأمنية قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى.

وعلى الرغم مما تقدم ، يرى د. حسان العاني ، ان التعريف الاكثر شمولا للنظام هو الذي يقرر احتواء النظام على عناصر من ناحية واعتماد هذه العناصر بعضها على بعض من ناحية اخرى  بحيث اذا تحول احد هذه العناصر في النظام فان العناصر الاخرى وبالنتيجة سوف تتحول.

لمزيد من التوضيح إليك الرابط التالي:http://www.startimes.com/f.aspx?t=34879414

2. خصائص النظام السياسي

    خصائص النظام السياسي:

يتميز النظام السياسي بالخصائص الاتية:

ـ امتلاك النظام السياسي سلطة عليا في المجتمع ، ومن ثم تكون قوانينه وانظمته وقراراته ملزمة للكافة .
 ـ تحكم علاقات عناصر النظام السياسي قواعد قانونية وسياسية ، ومن ثم فهو يتمتع باستقلال ذاتي نسبي اكثر من اي نظام فرعي اخر من انظمة المجتمع.

ـ يكون تأثير النظام السياسي في المجتمع ، اكثر من اي نظام فرعي اخر.

ـ يتفاعل النظام السياسي مع النظم الفرعية الاخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، كونها البيئة التي يتحرك فيها وعلى اساسها.

3. وظائف النظام السياسي

    وظائف النظام السياسي: يؤدي النظام السياسي الوظائف الاتية:

ـ تحديد اهداف المجتمع والدولة التي تتركز حول الرفاهية والامن.

ـ تعبئة طاقات المجتمع وضمان مشاركة ابنائه في تحقيق الرفاهية والامن.

ـ دمج العناصر التي يتألف منها المجتمع ، او توحيدها ، لتعزيز عناصر قوة الدولة ومن ثم ضمان مصالحها وتحقيق اهدافها .
  ـ المطابقة بين الحياة السياسية ، كما هي ممارسة ، مع القواعد القانونية والسياسية الرسمية ، أي اضفاء المشروعية على العملية السياسية ومن ثم النظام السياسي نفسه.

ـ تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين.

وللاسفاضة أكثر حول وظائف النظام السياسي إليك الرابط التالي:http://www.uobabylon.edu.iq/uobColeges/lecture.aspx?fid=7&lcid=37874

4. الفصل بين السلطات و أسسه الفكرية

5ـ  الأسس الفكرية لمبدأ الفصل بين السلطات:

إن المبادئ الديمقراطية الليبرالية عند ظهورها دعت للحد من السلطة الفردية للملوك، وتأمين حقوق وحريات الأفراد، هذا مما دعا بعض المفكرين إلى صياغة النظريات الفكرية الداعية لضرورة تقسيم السلطات إلى أقسام للحد من كل تداخل السلطات فيما بينها، ولضمان عدم تعسف السلطة على حساب حريات وحقوق الأفراد، ولكن يطرح سؤال كيف يتم منع تعسف كل سلطة على حده؟

بطبيعة الحال الفرد أو الهيئة الواحدة عندما تمتلك جميع أجزاء السلطة فإنها تستطيع وضع القوانين بنفسها، ومن ثم تنفيذ وتفسير ما تراه مناسباً وفق مصلحتها دون رقيب أو مانع من توقيفها، وهذه الحالة كانت موجودة في عهد الملوك الأوربيين ذوي الحكم المطلق أثناء القرن السابع والثامن عشر، مما جعل المفكرين من أمثال لوك و مونتسكيو وروسو إلى الدعوة لإقامة نظام تقوم دعائمه على فكرة الفصل بين السلطات، وتتلخص الفكرة الأساسية التي يقوم عليها مبدأ الفصل بين السلطات في ضرورة توزيع وظائف الحكم الرئيسية : التشريعية والتنفيذية والقضائية على هيئات منفصلة ومتساوية تستقل كل منها عن الأخرى في مباشرة وظيفتها حتى لا تتركز السلطة في يد واحدة فتسيء استعمالها, وتستبد بالمحكومين استبداداً ينتهي بالقضاء على حياة الأفراد وحقوقهم، ويؤكد ذلك رجال الثورة الفرنسية قالوا أن الدولة التي لا تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات تفقد أساسها الدستوري، فأول دستور وضع بعد الثورة الفرنسية في 3 كانون الأول 1972م، يكرس بصورة مطلقة وجود ثلاث سلطات منفصلة ومستقلة الواحدة عن الأخرى، ونص دستور ولاية ماسو شوسيت 1780 على أن لا تمارس الهيئة التشريعية مطلقاً سلطات الهيئتين التنفيذية والقضائية أو إحداها، وأكد منشور الفدراليين في الولايات المتحدة الأمريكية على إقامة الفصل بين السلطات لمنع التعسف المطلق، المؤدي إلى إساءة استعمال كل سلطة على حدة.


أ‌. عند أرسطو و جون لوك:

ارتبط مبدأ الفصل بين السلطات باسم الفقيه الفرنسي مونتسكيو الذي كان له الفضل في إبرازه كمبدأ أساسي لتنظيم العلاقة بين السلطات العامة في الدولة، و منع الاستبداد بالسلطة.

وإذا كان فضل مونتسكيو في ذلك لا ينكر، إلا أن جذور المبدأ ترجع إلى زمن بعيد قبل القرن الثامن عشر بقرون عديدة، فقد كان لأعلام الفكر السياسي الإغريقي كأفلاطون وأرسطو، دور هام في وضع الأساس الذي قام عليه مبدأ الفصل بين السلطات، إذا أوضح أفلاطون أن وظائف الدولة يجب أن تتوزع على هيئات مختلفة مع إقامة التوازن بينها لكي لا تتفرد إحداهما بالحكم، وما قد يؤدي إله ذلك من و وقوع الاضطرابات و الثورات للتمرد على هذا الاستبداد.

     أما أرسطو فقسم وظائف الدولة إلى ثلاث، وظيفة المداولة و الأمر و العدالة، على أن تتولى كل وظيفة منها مستقلة عن الهيئات الأخرى، مع قيام التعاون بينهما جميعا لتحقيق الصالح العام، بحيث لا تتركز الوظائف في يد هيئة واحدة.

      و كان جون لوك أول من أبرز أهمية مبدأ الفصل بين السلطات في العصر الحديث في مؤلفه "الحكومة المدنية" الذي صدر سنة 1690 بعد الثورة الجليلة ل 1688 في إنجلترا التي أدت إلى إعلان وثيقة الحقوق سنة 1689 .
 و قسم جون لوك سلطات الدولة إلى ثلاث: السلطة التشريعية، و السلطة التنفيذية، و السلطة الاتحادية، و أكد على ضرورة الفصل بين السلطتين التشريعية و التنفيذية، بحيث تتولى كل منها هيئة مستقلة عن الأخرى.
 و برر لوك هذا الفصل على أساس طبيعة عمل السلطة التنفيذية بحيث يتطلب وجودها بصفة دائمة، في حين أن الحاجة ليست دائمة إلى وجود السلطة التشريعية من ناحية، كما أن الجمع بينهما في هيئة واحدة سيؤدي حتما إلى الاستبداد و التحكم من ناحية أخرى.

و الذي يمكن ملاحظته على أفكار لوك هو أنه لم يعر أهمية للقضاء ولم يتحدث عن استقلاله والسبب في ذلك هو أن القضاة حتى الثورة كانوا يعينون و يعزلون من الملك أما بعد الثورة فكانوا يعينون بواسطة البرلمان لكنهم لم يحصلوا على استقلال في وظائفهم.

و ما يؤخذ على أفكاره هو أنه لم يقدم لنا إلا صورة لما كان سائدا في انجلترا و أنه أيضا لم يقدم لنا سوى تمييزا بين الوظائف.

ب) عند مونتسكيو:

إن مبدأ الفصل بين السلطات لم يأخذ الأهمية الكبيرة التي نالها إلا بعد أن نشر مونتسكيو مؤلفه الشهير "روح القوانين" سنة 1748.


لمعالجة المبدأ ينطلق مونتسكيو من الفكرة التي تقضي بتقسيم وظائف الدولة إلى ثلاث: تشريعية، تنفيذية و قضائية. لكن الفكرة الأساسية التي عالجها في كتابه هي أن قد يسيء استعمال السلطة التي يتمتع به أو حتى لا يساء استعمالها يجب بمقتضى الأمور إقامة توازن بين السلطات من غير أن يكون باستطاعة إحداها شل أعمال الأخرى عندما تمارس عملا له علاقة بأعمال أخرى.

و قد أحسن مونتسكيو بأهمية هذا التعاون، فقال داعيا إلى تنظيم الإجراءات الضرورية لإقامته بين السلطات التي يتوجب عليها إقامة التعاون يتم عن طريق منح كل عضو سلطة faculté d’empêcher و سلطة الردع faculté de statuer الحكم أي وسائل العمل التي من شأنها أن تمنع تنفيذ القرارات الخاطئة الصادرة عن السلطة الأخرى للوصول إلى إقامة التوازن و التعاون بين السلطات.

ومن هنا يمكننا القول أن نظرية مونتسكيو تضمنت النقاط التالية:


أ- قسم السلطات العامة في الدولة إلى ثلاث، التشريعية، التنفيذية و القضائية و بين المهام الأساسية التي تضطلع بها كل سلطة.

ب- أكد على توزيع السلطات و فصلها بهذه الصورة أمر ضروري لأنها لو تجمعت في يد هيئة واحدة لأدى إلى الاستبداد.
 ج- لم يتوقف مونتسكيو عند حد الفصل فقط و إنما استلزم قيام كل سلطة بمراقبة السلطات الأخرى لوقفها عند الحدود المقررة لها إذا اقتضى الأمر حتى لا تتجاوزها إلى الاعتداء على السلطات الأخرى.

تقسيمات الأنظمة السياسية حسب ممارسة السيادة فالسيادة هي قدرة استعمال السلطة المادية في الإقناع أو في القهر داخل المجتمع السياسي لتنظيم شئونه المختلفة و توجد ثلاث نماذج على وجود التصويت كمعيار تعتمد عليه النظم لتيسير شئونها:

ـــ نظام الحكم السياسي المباشر.

ــ الديمقراطية المباشرة.

ــ النظام التمثيلي.

ـــ الديمقراطية النيابية.

ــ النظام شبه المباشر.

ـ الديمقراطية شبه المباشرة.

و توجد كذلك أنواع أخرى من الأنظمة السياسية التي تعتمد أصلا في نشوئها أو ممارستها على الانتخابات و التي يفترض قيامها لأسباب مختلفة و من هذه الأنظمة:

 النظام الفردي : ترتكز السلطة بيد الفرد سواء ملكا أو رئيسا.

نظام حكم القلة : نظام وسطي بين حكم الفرد و الجماعة.


ـ النظام الثوري و الانقلابي : هذا النظام يحصل على السلطة من خلال الانقلاب و الثورة.

ـ النظام المختلط: يتكون من هيئتين هيئة سياسية منتخبة و هيئة سياسية غير منتخبة يعملان جنبا إلى جنب.
 خصائص هذه الأنظمة:

- عدم الاعتماد في اتخاذ الانتخابات أساسا لممارسة هذه النظم لسيادتها وقتية أو دائمة.
 - اقترنت أكثر هذه الأنظمة بظهور السلطة المتسلطة و الفردية كنتيجة للظروف الخاصة للمجتمع.

5. التطبيقات العملية للفصل بين السلطات

   التطبيقات العملية لمبدأ الفصل بين السلطات:

إن تفسير مبدأ الفصل بين السلطات أدى إلى نشأة نظامين متوازنين ومختلفين النظام الأول مستوحى من الفصل المطلق بين السلطات وهو النظام الرئاسي، والنظام الثاني هو تطبيق الفصل المرن بين السلطات وهو النظام البرلماني، وسنعرض لكل من هذين النظامين وخصائصهما وأهم تطبيقاتهما في العالم المعاصر ونظام حكومة الجمعية أو النظام المجلسي.

أ. النظام الرئاسي

تأثر واضعو الدستور الأمريكي 1787 بكتابات لوك ومونتسكيو، وكان تفسيرهم لمبدأ الفصل بين السلطات على أنه يعني الفصل المطلق بين السلطات وعلى ذلك أرسى الدستور الأمريكي مبدأين : مبدأ الاستقلال العضوي لكل سلطة، ومبدأ التخصص الوظيفي.

ويقصد بالاستقلال العضوي أن تكون كل سلطة من سلطات الدولة الثلاث، السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، مستقلة عن السلطتين الأخريين، وخاصة في مجال التكوين والحل. فرئيس الولايات المتحدة ينتخب بواسطة الشعب ولا يمكن مساءلته أمام البرلمان. والكونجرس يتم اختيار أعضائه من الشعب ولا يملك الرئيس الأمريكي حل البرلمان.

أما التخصص الوظيفي فيقصد به أن تختص كل سلطة من السلطات الثلاث بوظيفة معينة بذاتها. فلا يجوز لأي سلطة أن تجاوز وظيفتها إلى غيرها مما يدخل في اختصاص سلطة أخرى.

إن الاستقلال العضوي والتخصص الوظيفي لا يعني عدم التعاون في أداء الوظائف، فكل سلطة تتعاون مع الأخرى في أداء الوظيفة المعهود بها إليها وقد نما هذا التعاون مستقلاً عن النصوص القليلة الموجودة في دستور سنة 1787، والتي لم تشتمل إلا على عناصر ضئيلة متعلقة بالتعاون الوظيفي.

ü    خصائص النظام الرئاسي:

.1 ــ وحدة السلطة التنفيذية: يعهد بالسلطة التنفيذية إلى شخص واحد هو الرئيس الأمريكي الذي يجمع بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ويساعد الرئيس عدة من السكرتيرين، وهم يقابلون الوزراء في النظام البرلماني، إلا أنهم لا يملكون سلطة في إصدار القرارات. ويستمد الرئيس سلطاته من كونه منتخباً من الشعب في مجموعه، ونتيجة لذلك فهو يتمتع بمركز قوي. وهو مستقل عن الكونجرس الذي لا سلطة له في اختياره، كما أنه لا يملك مساءلته سياسياً.

2- يعين الرئيس السكرتيرين ويعزلهم، كما أن السكرتيرين لا يكونون مجلس وزراء مستقل عن الرئيس. ومن ناحية أخرى ليس للسكرتيرين حق أن يكونوا أعضاء بالكونجرس؛ إذ لا يجوز الجمع بين سكرتارية الوزراء وعضوية البرلمان أي الكونجرس بمجلسيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

3 ــــــــ للرئيس أن يقترح قانوناً وخاصة في رسالته السنوية التي يوجهها إلى الكونجرس، والتي تعتبر بمثابة برنامج تشريعي للسنة التالية، ولكن البرلمان يستطيع أن يرفض اقتراح الرئيس حتى لو تعلق الأمر بالميزانية، ولا يملك الرئيس وسيلة لإجبار الكونجرس على الموافقة على اقتراحاته.

4 ــ لا يملك الكونجرس أن يحرك مسئولية الرئيس السياسية أو مسئولية أي من الوزراء أي السكرتيرين. وفي مقابل ذلك لا يملك الرئيس حل الكونجرس.

5 ــــــــ تتخصص كل سلطة في الوظيفة المعهود بها إليها: فالسلطة التنفيذية يتولاها الرئيس. وكل المهام التشريعية يتولاها الكونجرس، أي أن التخصص الوظيفي هو المبدأ العام. هذا مع مراعاة أن هناك استثناءات على هذا المبدأ وهذه الاستثناءات بعضها تجد مصدرها في الدستور نفسه مثل حق الفيتو الممنوح للرئيس في مواجهة القوانين التي وافق عليها الكونجرس وحق مجلس الشيوخ في الاعتراض على تعيين كبار الموظفين الفيدراليين. وهناك استثناءات نبعت من التطبيق العملي مثل حق الرئيس في اقتراح التشريعات عن طريق رسائل يبعث بها إلى الكونجرس.


ب. النظام البرلماني:

يقوم النظام البرلماني على أساس الفصل المرن بين السلطات مع وجود تعاون وتوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. ويوجد بالنظام البرلماني رئيس دولة وإلى جانبه رئيس للوزارة: رئيس الدولة يسود ولا يحكم أما رئيس الوزارة فيتولى مسئولية الحكم. ويتكون البرلمان عادة من مجلسين.

وتتميز العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بالتعاون والرقابة المتبادلة مما يجعل النظام متسماً بالتوازن. ويبدو التعاون في إمكان مساهمة السلطة التنفيذية في عملية التشريع. إذ بينما يحظر على الرئيس الأمريكي اقتراح القوانين، يجوز للحكومة في ظل النظام البرلماني أن تقدم مشروعات قوانين البرلمان، بل إن أكثر من 90% من التشريعات في النظم البرلمانية ذات أصل حكومي.

أما الرقابة المتبادلة فتظهر في حق الحكومة في حل البرلمان، وإمكان مساءلة الحكومة أمام البرلمان عن طريق السؤال والاستجواب وطرح الثقة بالحكومة وسحب الثقة منها.

ويوجد في العالم اليوم عديد من الدول التي تتبنى النظام البرلماني أهمها: في أوربا: بريطانيا وجمهورية ألمانيا الاتحادية والنمسا وإيطاليا ولوكسمبورج وإيرلندا وبلجيكا وهولندا والسويد والنرويج وأيسلندا والدانمارك. وفي آسيا: اليابان والهند. وفي أستراليا: أستراليا ونيوزلندا وفي أمريكا الشمالية كندا.

    خصائص النظام البرلماني:

1ــــ ثنائية السلطة التنفيذية: من خصائص النظام البرلماني ثنائية السلطة التنفيذية، إذ يوجد رئيس دولة، سواء أكان ملكاً أم رئيس جمهورية، يسود ولا يحكم وإلى جواره يوجد رئيس وزراء يتولى مسئولية الحكم ويكون مسئولاً أمام البرلمان.

2 ــــــــ مسئولية الوزارة: تسأل الوزارة أمام البرلمان مسئولية جماعية تضامنية ومسئولية فردية. وتعتبر المسئولية التضامنية عن السياسة العامة للحكومة هي أهم ما يميز النظام البرلماني

3 ـــــــ البرلمان مكون من مجلسين غالباً: ففي إنجلترا يوجد مجلس اللوردات ومجلس العموم وكذلك الحال في أغلب الدول البرلمانية المعاصرة التي أوردنا تعداداً لها فيما سبق. غير أن وجود مجلسين بالبرلمان ليس أمراً ضرورياً لكي يعتبر النظام برلمانياً.

4ــــ التوازن النظري بين السلطات: وهذا التوازن هو نتيجة المساواة بين السلطتين، كما أنه نتيجة لتبادل المعلومات وللتعاون ولتبادل الرقابة والتأثير. فالسلطة التنفيذية لا تتدخل في اختيار أعضاء البرلمان أو في تنظيمه الداخلي ولكن للسلطة التنفيذية حق دعوة البرلمان للانعقاد وحق فض دورات انعقاده. ومن ناحية أخرى للبرلمان مساءلة الحكومة عن طريق الأسئلة والاستجوابات وطرح الثقة بالحكومة وسحب الثقة منها. وفي مقابل ذلك لرئيس الوزراء أو لرئيس الدولة حسب الأحوال حق حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة.

هذه هي المعالم الرئيسية للنظام البرلماني الذي ازدهر في القرن التاسع عشر وكان موضع إعجاب الكثير من الكتاب الأوربيين التقليديين الذين لا يزالون يحلمون بعودة هذا النظام باعتباره نظاماً متوازناً.

غير أن هذا التوازن النظري بين السلطة لم يكن مطبقاً من الناحية العملية بشكل جامد ويمكن من الناحية التاريخية أن نقول أن البرلمانية مرت بمراحل ثلاث:

مرحلة البرلمانية المزدوجة المتوازنة ثم مرحلة البرلمانية التي يغلب فيها البرلمان مصحوباً بمسئولية الحكومة أمامه وأخيراً المرحلة المعاصرة وهي البرلمانية التي تسود الآن في إنجلترا ولا يمكن أن تثور في ظلها مسئولية الوزارة أمام البرلمان بسبب تكوين الحكومة الإنجليزية ودور الحزبيين السياسيين في إنجلترا.

1ـــــ أما عن البرلمانية المزدوجة المتوازنة فهي تلك التي سادت في ظل الملكيات غير المطلقة كان الحكم مقسماً بين قطبين سياسيين هامين هما رئيس الدولة والبرلمان، وكان التوازن هو السمة الغالبة على العلاقة بين هذين القطبين وهذه هي البرلمانية التي سادت في إنجلترا قبل حكم الملكة فيكتوريا وفي ظل ملكية يوليوز في فرنسا.
22 ـــــــــ وأما عن البرلمانية المطبوعة بالمسئولية الوزارية فهي تلك التي تحددت معالمها بعد الحرب العالمية الأولى وفي ظل هذه البرلمانية كانت السلطة مركزة في يد البرلمان الذي كان يلعب أهم دور في الحياة السياسية وهذا الدور يكتسب أهمية من أن الحكومة كانت نابعة من البرلمان. فالأغلبية البرلمانية هي التي تكون تشكيل الحكومة ومن هنا كانت الحكومة مجرد لجنة منبثقة عن البرلمان.

ولا يمكن أن تستمر الحكومة في تولي مهام السلطة التنفيذية إلا إذا كانت محل رضاء البرلمان لأنها مسئولة أمامه. أي أن المسئولية الوزارية أمام البرلمان كانت هي المعيار الكافي للحكم على النظام بأنه برلماني وإذا ما فقدت الحكومة ثقة البرلمان فإنها من الناحية القانونية تكون مرغمة على تقديم استقالتها.

3 ـــــــ البرلمانية المعاصرة: في وقتنا الحاضر تعدت البرلمانية هاتين المرحلتين. والمثال الواضح على ذلك هو النظام الإنجليزي، فلم تعد المسئولية الوزارية أو التوازن بين السلطات هي معيار الحكم على النظام بأنه برلماني. ذلك أن نظام الحزبين في إنجلترا غير الوضع فالحكومة الإنجليزية هي لجنة مكونة من حزب الأغلبية داخل مجلس العموم البريطاني. ولذا فإن الحزب الحاكم يسيطر على كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما يجعل هاتين السلطتين هيئة واحدة من الناحية العضوية كما أن المسئولية الوزارية أمام مجلس العموم لا تنعقد من الناحية العملية، لأن الحزب الحاكم لن يخاطر بسحب الثقة من الحكومة حتى لا يضر بمصالح الحزب، والآن حل محل هذه المسئولية أمام البرلمان أن يحتكم رئيس الوزراء إلى الشعب بحل البرلمان في وقت مبكر وإجراء انتخابات جديدة بحيث تصبح مساءلة الحكومة مباشرة أمام هيئة الناخبين لا أمام البرلمان.

وإذا كانت النظم البرلمانية تختلف في كثير من معالمها فإن المعيار أو الجامع بينها من الناحية القانونية هو مسئولية الوزراء السياسية أمام البرلمان فيما عدا هذا العنصر المشترك بين النظم البرلمانية هناك عدة نظم برلمانية تبعاً لعدد الأحزاب السائدة في الدولة.

فإذا كان هناك حزبان سياسيان يسيطران على الحياة السياسية كما هو الحال في إنجلترا أو حزب واحد مسيطر كما هو الحال في الهند فإن الحكومة تقوم بممارسة مهمة الحكم والقيادة وهي تتمتع بقدر من الثبات ولا تكون عرضة للتهديد من جانب البرلمان الذي يتحول إلى مجلس لتسجيل الأحداث والمناقشات، أما إذا كانت هناك عدة أحزاب ليس من بينها حزب حائز على الأغلبية المطلقة داخل البرلمان فإن الحكومة ستتكون من ائتلاف بين عناصر غير متناسقة وغير ثابتة، ويرجع عدم الثبات إلى كثرة مساءلة الوزارة من جانب البرلمان وسحب الثقة منها، وهنا يبدو على العكس من الصورة السابقة أن البرلمان هو الجهاز المسيطر على الحياة السياسية. والمثال على هذا نظام الجمهورية الرابعة في فرنسا.

 


ج- النظام المجلسي :

 حكومة الجمعية يقوم هذا النظام على تركيز السلطتين التشريعية و التنفيذية استنادا إلى فكرة وحدة السيادة في الدولة.

و يمكن حصر خصائص هذا النظام في ناحيتين:

1ــــــ تبعية الهيئة التنفيذية للسلطة التشريعية :باعتبار هذه الأخيرة ممثلة الشعب، و نظرا لصعوبة مباشرتها مهام السلطة التنفيذية بنفسها فإنها تختار لجنة تنفيذية من بين أعضائها، لهذا الغرض و بالتالي فإن الهيئة التنفيذية تكون خاضعة للجمعية النيابية تعمل تحت إشرافها ورقابتها و هي مسؤولة أمامها.

2 ـــــ عدم تأثير الهيئة التنفيذية على السلطة التشريعية :مادامت الهيئة التنفيذية بنفسها تابعة للسلطة التشريعية فإنها لا تملك نحوها أية حقوق كحق حل البرلمان أو دعوته للانعقاد أو تأجيل اجتماعه.

و في الوقت الحالي يمكن القول أن نظام حكومة الجمعية له تطبيق وحيد في الديمقراطيات الغربية هو النظام السياسي في سويسرا.

النظام السياسي في سويسرا :

 دولة اتحادية مكوّنة من 7 مقاطعات و 30 نصف مقاطعة، و تقرر هذا الاتحاد بصفة رسمية 1848، بعد انتهاء الحرب الأهلية التي دامت سنتين تغلب فيها الأنصار الذين كرّسوا أفكارهم في دستور 1848، و تعتمد سويسرا مبدأ الحياد الدّائم.

و تتميّز سويسرا بأنها تطبق الديمقراطية شبه المباشرة، بشكل واسع مع تطبيق بقايا الديمقراطية المباشرة في 3 مقاطعات صغيرة. و في المجال السياسي تأخذ بنظام حكومة الجمعية الاتحادية (الفدرالية)، و المجلس الاتحادي أو الفدرالي.
1 ـــــ الجمعية الاتحادية  (الفدرالية) البرلمان:

تتكوّن من مجلسين هما:

أ‌-                 المجلس الوطني:

يمثل شعب الاتحاد على أساس نائب واحد لكل 25 ألف مواطن، و ينتخب هذا المجلس لمدة 4 سنوات وفقا لنظام التمثيل النسبي و يبلغ عدد أعضائه 200 نائبا.

ب- مجلس المقاطعات أو الولايات أو الدويلات:

يمثل هذا المجلس المقاطعات بمعدل نائبين لكل مقاطعة و نائب واحد لكل نصف مقاطعات و هذا بغض النظر عن الكثافة السكانية.

2 ــــــ اختصاصات الجمعية العامة:

يتولّى بالإضافة إلى سن القوانين المهام الآتية:

ـــــ انتخاب المجلس الفدرالي

ـــــــ  انتخاب رئيس الاتحاد.

 ــــــ  تعيين أعضاء المحكمة الفدرالية.

ــــــــ تعيين قائد الجيش.

ــــــــ حل الخلافات المتعلقة باختصاصات السلطات الاتحادية.

ــــــ  المجلس الاتحادي  الفدرالي:

يتولى هذا المجلس مهام السلطة التنفيذية و هو يتألف من 7 أعضاء تنتخبهم الجمعية الاتحادية بالأغلبية المطلقة لمدة 4 سنوات كما تنتخب من بينهم رئيسا للاتحاد لمدة سنة فقط غير قابلة للتجديد مباشرة يقوم رئيس المجلس الاتحادي بوظيفة رئيس الدولة إلاّ أن سلطاته شرفية فقط فهو لا يتميّز عن بقية أعضاء المجلس الفدرالي.

 


- صلاحيات المجلس الاتحادي:

أ. يمارس هذا المجلس السلطة الحكومية بصفة جماعية و لا يستطيع الاجتماع إلاّ بحضور 4 من أعضائه و يتولّى كل عضو وزارة من الوزارات.

ب. بإمكان المجلس تقديم مشاريع قوانين و كذلك تقديم تقارير بناء على طلب من الجمعية الاتحادية.
 ج. نشير إلى أن الجمعية الاتحادية لها الحق في توجيه الأسئلة و الاستجواب إلى أعضاء المجلس الاتحادي و في حالة سحب الثقة منه فإنه لا يقدم استقالته و لكن هو ملزم بأن يعدّل سياسته طبقا لرغبة الجمعية الاتحادية.
 التقسيم من جهة ممارسة السيادة:

السيادة هي قدرة استعمال السلطة المادية في الإقناع أو القهر داخل المجتمع السياسي لتنظيم شئونه المختلفة، ويندرج تحت هذا النوع أنظمة عديدة من الحكومات التي عرفت قديما وحديثا على شكل ملكية كانت أم جمهورية ذات مضمون ليبرالي أو كلي، بشكل مؤقت أو دائم، فتوجد أربع نماذج رئيسية حيث مصدر سلطتها غير الانتخابات وهي:

  • نظام الحكم الفردي: يقصد به تركيز السلطة أو السيادة في هذا النظام بيد الفرد ملكاً كان أو رئيس جمهورية مكرس سلطته في وثيقة أم لا، فالسيادة تعود للفرد الواحد يمارسها حسب مشيئته، وهذا النوع من النظام عرف سابقا حيث أن سلطة الملك مستمدة من فكرة الحق الإلهي أو التفويض الإلهي، عرف عن لويس الرابع عشر بأن الدولة تعود له "الدولة هي أنا"
  • النظام الثوري أو الانقلابي: ويقصد به سلطته تسمد من خلال الثورة أو الانقلاب فلا تعتمد على الانتخابات في ممارسة السلطة.
  • نظام حكم الأقلية: هذا وسط بين حكم الفرد وحكم الجماعة تقوم فئة قليله ممارسة السلطة عن الآخرين في حصرها بين يديها، لتسيير أمور المجتمع وحكم الأقلية سابق على حكم الديمقراطي.
    النظام المختلط: هو تعايش هيئات سياسية منتخبة بجانب هيئات غير منتخبة، فوجود ملك غير منتخب ومجلس برلماني منتخب كما وجد في انجلترا وفي أغلبية أنظمة الحكم الملكية في العالم، فالبرلمان بمجلسين منتخب وآخر غير منتخب.

خصائص هذه النماذج من الأنظمة السياسية هي: عدم الاعتماد على اتخاذ الانتخابات أساسا لممارسة هذه النظم للسيادة.

اعتمادها على الفردية والتسلط وممارسة السلطة مرتبطة بظروف خاصة في المجتمع الذي يعيش فيه.

 

 

 

 

6. فيديو يتناول النظم السياسية باسهاب