المحاضرة الرابعة

1. تعريف الخدمات المكتبية

      تعتبر الخدمات المكتبية هي ناتج الجهود والأعمال التي تقوم بها المكتبات؛ حيث تعكس حقيقة نشاطها وأهدافها، وهي الأداة التي يمكن من خلالها معرفة مدى نجاح عمل المكتبات، لأن الحصول على مصادر المعلومات وتنظيمها ومعالجتها يهدف إلى تقديم خدمة معلوماتية للمستفيد وتمكينه من المعلومة المناسبة لاحتياجاتها.

1-      تعريف الخدمات المكتبية:

     يعرف المعجم الموسوعي لعلوم المكتبات والتوثيق والمعلومات الخدمة المكتبية بأنها: "التسهيلات التي تقدمها المكتبة لاستخدام الكتب وبث المعلومات" أما ملفل ديوي dewey فيعرفها بأنها "أحسن قراءة لأكبر عدد بأقل التكاليف"[1] إذن هي مجموع الأنشطة التي تسعى من خلالها المكتبة إلى تسهيل الحصول على المعلومات ومصادرها المختلفة وتقدمها لمن يحتاجها في الوقت المناسب. ولتقديم خدمات تحظى بتقدير المستفيدين من المكتبات بمختلف أنواعها ينبغي أن تتوفر مجموعة من المقومات تتمثل أساسا في توفر مصادر المعلومات بكافة أشكالها والمناسبة لاهتمامات المستفيدين، وأيضا مكتبيين متخصصين مؤهلين يقومونو بالتواصل الدائم مع القراء لتوجيههم والتعريف بخدمات المكتبة وتقديمها على أكل وجه، إضافة إلى توفر مختلف التسهيلات للقراءة والمطالعة والبحث بوضع تحت تصرفهم إمكانيات مادية تسهل علملهم.

2. العوامل المؤثرة في تقديم الخدمات المكتبية

هنالك العديد من العوامل والمؤثرات في نوعية الخدمات المكتبية وطريقة تقديمها وعددها، قد تختلف من مكتبة لأخرى، وأغلب هذه العوامل هي[1]:

-    مجتمع المستفيدين: تختلف التركيبة البشرية لمجتمع المستفيدين من مكتبة لأخرى، وتختلف معها ثقافتهم ومستواهم العلمي ومتوسط اعمارهم، وبالتالي فإن الخدمات المكتبية يجب أن تتناسب مع كل فئة من فئات المجامع المستفيد، فقراء المكتبة المدرسية يختلفون عن فراء المكتبة العامة وغيرها، والخدمات المقدمة لهم يجب أن تراعي الفئة العمرية لهم، ومستواهم العلمي، بل قد تكون لهم خدمات جديدة مختلفة عما هو موجود في باقي المكتبات.

-    حجم المكتبة: يعتبر حجم المكتبة من ناحية المبنى والتجهيزات والمساحات وكذا المجموعات عنصرا مهما في تحديد نوعية الخدمات المقدمة ويؤثر فيها بشكل مباشر، وكلما زاد حجم المكتبة تطلب خدمات أكثر، بل إن بعض مكتبات الحجم الصغير قد لا تقدم خدمات ضرورية بسبب ضيق المساحة وقلة التجهيزات، واذا قدمتها تكون بمستوى أقل من الجيد.

-    أهداف المكتبة: لكل مكتبة أهداف معينة تسعى إلى تحقيقها، ولا يمكن ذلك إلا من خلال العمليات والنشاطات والبرامج التي تحديدها لتوفير الخدمات المطلوبة لتحقيق الاهداف المسطرة، فمقابل مجموعة من الأهداف لمكتبة معينة، مجموعة من الخدمات والعمليات التي تسعى لتحقيقها.

-    نوع المكتبة: إن نوع المكتبة له أهمية كبيرة في تحديد نوعية الخدمات، لأن لكل نوع أهداف خاصة، ومستفيدين يختلفون عن باقي المكتبات، ولها مصادر وتجهيزات وفضاءات مختلفة.

-    العاملون في المكتبة: عدد المكتبيين ومستوى تكوينهم وكفاءتهم يحدد مواصفات الخدمات التي يقدمونها ومدى قدرتهم على تلبية رغبات المستفيدين البحثية واشباع ميولاتهم القرائية.

-    ميزانية المكتبة: تحدد الميزانية نوعية المجموعات المكتبية ومدى مواكبتها للتطورات الحديثة وعالم النشر والتأليف، فإذا كانت الامكانيات المالية محدودة بشكل كبير سيصعب عليها توفير المصادر الضرورية للمستفيدين ويؤثر سلبا على الخدمة المكتبية.

-    عوامل أخرى: قد تتأثر الخدمات المكتبية بعدة عوامل اخرى في المجتمع منها الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية، الدينية...الخ

3. أهم الخدمات المكتبية

أ‌-        الاعارة:

    تعتبر الإعارة من أهم الخدمات التي تقدمها كل أنواع المكتبات دون استثناء، وهي "النشاط الذي يزود القارئ بالمواد التي يريدها من خلال اتصال شخصي ونظام التسجيل" وتعرف بأنها: "مجموعة من الخدمات والإجراءات التي يمكن للمكتبة وفقا لضوابط معينة، تكفل المحافظة على تلك المصادر وإعادتها في الوقت المحدد" [1] تسمح هذه الخدمة بأخذ مصادر المعلومات للاستفادة منها لوقت معين، قصد استعمالها والاستفادة منها. وتقسم الاعارة إلى نوعين:

-    اعارة داخلية: ولا يسمح هذا النظام بإخراج مصادر المعلومات ومن المكتبة، وإنما يتم قراءتها واستخدامها داخل أسوار المكتبة في احدى فضاءتها.

-    اعارة خارجية: وفي هذه الحالة يسمح بإعارة المصادر إلى خارج المكتبة ولفترة زمنية أطول، وتكون خاصة بالمنخرطين الفعليين فقط.

ب‌-    الاحاطة الجارية والبث الانتقائي للمعلومات:

    لا شك بأن أي قارئ أو الباحث مستفيد من مكتبة معينة سيحتاج إلى معرفة أهم المصادر الجديدة بالمكتبة، وآخر الاصدرات التي وصلت المكتبة حديثا في مجالات إهتمامه، لهذا تلجأ العديد من المكتبات إلى تقديم هذا النوع من الخدمات لتلبية حاجات المستفيدين، فالإحاطة الجارية "نظام يستعرض الوثائق المتوافرة حديثا، واختيار المواد وثيقة الصلة باحتياجات فرد، أو جماعة، وتسجيل هذه المواد من أجل اشعار الأفراد الذين ترتبط باحتياجاتهم"[2]

    أما البث الانتقائي للمعلومات فهو "جزء لا يتجزأ من خدمة الإحاطة الجارية، حيث يحيط بعض المستفيدين بجانب واحد من جوانب اهتماماتهم وبناء على ذلك فانه يختص بجزء نتقى من المعلومات لعدد من المستفيدين"[3] هذه الخدمة أكثر دقة وتحديدا من الاحاطة الجارية حيث تركز على مجال علمي واحد لمستفيد أو لمجموعة المستفيدين وارسال معلومات عن ذلك في وقت وصولها، حيث تسهل على المستفيدين عملية البحث والحصول على المعلومات المهمة في الوقت المناسب، ودون جهد من طرفهم. ويتم اعلام المعنيين شخصيا باستخدام الهاتف، الاعلانات، أو بالبريد العادي والالكتروني وغيرها من وسائل الاتصال المتاحة.

ت‌-    الخدمة المرجعية:

     هي الإجابة على كافة الاسئلة والاستفسارات المرجعية التي يتلقاها قسم المراجع من الرواد والباحثين ولا تقتصر على هذا فقط، بل تشمل أيضا مساعدة المستفيدين في استخدام المراجع والمصادر، وكيفية البحث في الأدلة والبيببليوغرافيات[4] وقواعد المعلومات المختلفة، أو حتى في البحث عن المعلومات على شبكة الأنترنيت. قد تكون الخدمة المرجعية مباشرة داخل المكتبة عن شرح كيفية استخدام مراجع معينة أو تقديم معلومات، والإجابة على استفسارات المستفيدين، أو غير مباشرة باستخدام وسائل الاتصال المختلفة من هاتف وفاكس، موقع المكتبة على الانترنيت، والبريد الالكتروني، وفي كل الأحوال فإن هذه الخدمة تتطلب أخصائي معلومات مؤهل وله من المهارات ما يسمح له بالإجابة عن الانشغالات المختلفة للمستفيدين وإرشادهم للمعلومات الصحيحة.

     إن الخدمات التي تم التطرق إليها هي جزء من الخدمات الكثيرة والمتنوعة للمكتبات، فإضافة إلى هذه توجد خدمات للترجمة، المستخلصات، التصوير والاستنساخ لمصادر المعلومات، خدمات البحث البيبليوغرافي، خدمات الانترنيت وقواعد المعلومات، خدمة تدريب المستفيدين... والكثير من الخدمات المعلوماتية التي يمكن أن تطورها المكتبة، وما اختلاف وتعدد هذه الخدمات إلى دليل على اهتمام المكتبات ومراكز المعلومات باحتياجات المستفيدين وتسعى إلى ارضاء رغباتهم وتلبية متطلباتهم البحثية.