النطاق الشخصي لتطبيق قانون النزاعات المسلحة
الموقع: | Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2 |
المقرر: | القانون الدولي الانساني |
كتاب: | النطاق الشخصي لتطبيق قانون النزاعات المسلحة |
طبع بواسطة: | Visiteur anonyme |
التاريخ: | Saturday، 23 November 2024، 9:58 AM |
الوصف
كثيرا ما يجري الحديث عن الأشخاص المحميين والفئات المحمية أثناء المسلحة .وقد حددها القانون الدولي الإنساني الذي يطبق على هذه النزاعات وأقر مبدأ إحترامها وحمايتها .والحقيقة أن إعطاء وضع قانوني خاص لأشخاص معنيين أفرادا أو جماعات ينطلق أساسا من مبدأ التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين، الذي يقوم عليه "قانون الحرب " أو ما أصبح يعرف لاحقا ب"قانون النزاعات المسلحة " أو " القانون الدولي الإنساني" .ومنذ أقدم العصور كانت هذه القاعدة (قاعدة التفرقة) ملازمة للحروب أيا كان مصير رعايا العدو وأساليب معملتهم .وحتى في أوسع الحروب نطاقا وأطولها أمدا وأشدها وطأة ظل مبدأ التفرقة قائما رغم كل ما إعتراه من تعسف وما أصابه من إنتهاك .ويفيدنا تاريخ المجتمعات القديمة وحروبها أن المقاتل كان يتميز عن غيره بسلاحه ولباسه ووضعه الإجتماعي .والمتأمل في نص إسلامي معروف ورد على لسان أبي بكر أول خليفة للمسلمين (632-634 ب.م) يلاحظ أن فئات من الأشخاص والممتلكات يجب أن تبقى خارج دائرة المعارك : (أيها الناس قفو أوصيكم بعشر فأحفظوها عني : لا تخونوا ، ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا إمرأة ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكل وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم ، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان من الطعام فإذا أكلتم منها فأذكروا إسم الله عليه).
ولسنا بصدد شرحوصية أبي بكر المستمدة أصلا من القرآن والسن ،ولكن من المفيد أن نذكر أن حصر النهي عن القتل في فئات النساء والأطفال والشيوخ إنما أتى إلى إضافة إلى المبدأ العام الذي يمنع قتال غير المقاتلين بصورة شاملة ومن بينهم الرهبان الذين ذكروا بصريح العبارة في وصية أبي بكر .
وإذا كان الأطفال والنساء والشيوخ ورجال الذين ينتمون بطبيعتهم إلى غير المقاتلين ، فإن المقاتلين الذين يتوقفون عن القتال لمرض أو إصابة أو لوقوعهم في قبضة العدو يصبحون في عداد المقاتلين أيضا ، بل إن القوات المسلحة نفسها تتكون من مقاتلين وغير مقاتلين .وكان قانون الحرب التقليدي يهتم بحقوق الدول المتحاربة وواجباتها أكثر من إهتمامه .بمصير الضحايا حتى إن أول معاهدة متعدد الأطراف أبرمت في اواسط القرن التاسع عشر لم تشمل إلا الجرحى العسكريين في الميدان ، كما سنرى بعد حين وفي كل مرحلة من مراحله التدوينية إتسع نطاق قانون النزاعات المسلحة ليمتد إلى فئات جديدة من الأشخاص والممتلكات ويضفي عليها حمايته حتى إن المكانة التي أصبحت تحتلها المعاملة الإنسانية في هذا القانون ساعدت على ظهور إصطلاح لم يعد غريبا في أدبيات القانون الدولي وهو إصطلاح " القانون الدولي الإنساني " .وهذا القانون لا يلغي المقتضيات الحربية أو الضرورة العسكرية وإنما يتعامل مع ىثارها وغايته الحفاظ على الإعتبارات الإنسانية أثناء الحرب وحتى بعدها عند الإقتضاء .
وسنبقى حديثنا في دائرة الأشخاص المحميين بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني، مقتصرين على الفئات الكبرى التي خصصت لها معاهدات كل على حدة ، وتبعا لحماية هؤولاء أقر القانون نفسه جملة من القواعد المتعلقة بمن يقومون بالخدمات الإنسانية ووسائل عملهم ، كما سنحاول بيان ذلك .وبالرجوع إلى إتفاقيات جنيف لسنة 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لسنة 1977 ، وهي معاهدات حماية ضحايا النزاعات المسلحة الجاري بها العمل اليوم ، سنتحدث بإيجاز عن الفئات التالية : الجرحى والمرصى والغرقى وأسرى الحرب بموجب المعاهدات المذكورة كالنساء والأطفال واللاجئين والنازحين والصحافيين ولن نستعرض وضعهم القانوني في هذا المقام.
1. المطلب الاول:الفئات العامة المشمولة بالحماية
1- الجرحى والمرضى والغرقى
إكتفت أول معاهدة متعددة الأطراف تتصل بموضوعنا وهي إتفاقية جنيف لعام 1864 بتحسين حال العسكريين الجرحى في جيوش الميدان ( أو القوات البرية)وإثر مراجعتها عام 1906 أضيف المرضى إلى عنوانها وهو ما إحتفظت به معاهدة 1929 ومعاهدة 1949 الأولى المعمول بها حاليا ، وتطورت أحكام الجرحى والمرضى تطورا ملحوظا نلمسه في مضمون المادة الثامنة من البروتوكول الأول لسنة 1977 حيث نصت فقرتها (ا) على أن الجرحى والمرضى هم الأشخاص العسكريون أو المدنيون الذين يحتاجون إلى مساعدة أو رعاية طبية بسبب الصدمة أو المرض أو أي إضطراب أو عجز بدني كان أو عقلي ، الذين يحجمون عن أي عمل عدائي .وتشمل اللفظتان أيضا حالات الوضع
والأطفال حديثي الولادة والأشخاص الآخرين الذين قد يحتاجون إلى مساعدة أو رعاية طبية عاجلة مثل ذوي العاهات وأولات الأحمال الذين يجمحون عن أي عمل عدائي .
02- وحول ضحايا الحرب البحرية نلاحظ أن مؤتمر لاهاي الأول للسلام (1899) أقر إتفاقية لملائمة الحرب البحرية لقواعد إتفاقية جنيف لعام 1864 وحلت محل إتفاقية لاهاي الثالثة إتفاقية لاهاي العاشرة التي أبرمت خلال مؤتمر السلام الثاني (1907) وإثر المؤتمر الدبلوماسي المنعقد بجنيف عام 1949 وأقرت الإتفاقية الثانية لتحسين حال الجرحى والمرضى والغرقى التابعين للقوات البحرية .وبموجب الفقرة (ب) من المادة الثامنة من البروتوكول الأول لسنة 1977 فالمقصود بالغرقى أو النمكوبين في البحار هم الأشخاص العسكريون أو المدنيون الذين يتعرضون للخطر في البحار أو أية مياه أخرى نتيجة لما يصيبهم أو يصيب السفينة التي تقلهم من نكبات والذين يحجمون عن أي عمل عدائي ، ويستمر إعتبار هؤولاء الأشخاص المكوبين في البحار أثناء إنقاذهم إلى أن يحصلوا على وضع آخر بمقتضى الإتفاقيات أو البروتوكول وذلك بشرط إستممرارهم في الأحجام عن أي عمل عدائي.
03- ويشمل تعريفا الفقرتين (أ) و(ب) المذكورتين العسكريين)، وهذا أعم من الإتفاقيتين الأولى(تحسين حال الجرحى والمرضى والغرقي العسكريين)، وهذا يقع تقديم الحالة الصحية على الصفة القانونية لكل من العسكري والمدني، وتهدف الحماية العامة الواردة في الباب الثاني من البروتوكول الأول( المواد 08-34) إلى تحيين حالة جميع الجرحى والمرضى والغرقي او منكوبي البحار أو أي مياه أخرى الذين تصيبهم آثار النزاعات المسلحة دون أي تمييز مجحف بسبب اللون او الجنس او الدين أو العقيدة او الرأي السياسي أو غير السياسي او الإنتماء الوطني أو الإجتماعي أو الثروة أو المولد او أي وضع أخرا أي معايير أخرى ممثالة، وهذا تأكيد لمبدأ عدم التمييز الذي تسند إليه مواثيق القانون الدولي الإنساني في مجملها،واتفاقيات جنيف بالخصوص.ولا بد من الإشارة إلى شرط الأحجام عن القيام بأي عمل عدائي أي عن المشاركة في العمليات أو الأعمال الحربية، وتحييد المصابين في الحروب مبدأ قديم كرسته إتفاقية جنيف لعام 1864، سواء سلموا إلى المراكز المتقدمة للخصم أو أعيدوا إلى بلادهم مباشرة وأوجبت تلك الإتفاقية على الأطراف المتحاربة بسط الحياد المطلق على عمليات إجلاء المصابيين والموظفين المشرفين عليها.
04- يقتضي هدف تحسين حالة الأشخاص المتقدم ذكرهم الإحترام والحماية في جميع الأحوال. والقاعدة ذاتها منصوص عليها في القانون الدولي المتعلق بالنزاعات المسلحة الداخلية.ونحن نفهم الإحترام والحماية من منطلق صيانة تامة فهذان المطلبان لا يمكن تحقيقهما دون حفظ شرف أي شخص له الحق في الحماية القانونية وحفظ كرامته وسلامته العقلية والجسدية في جميع الظروف، أي سواء كان مقيد الحرية لأي سبب من الأسباب أو تحت الإشراف الطبي أو في أرض العدو أو الأرض المحتلة على سبيل المثال.
2- أسرى الحرب
إن الأسرة ظاهرة ملازمة لجميع الحروب قديمها وحديثها ويرتبط نظام الأسرة في القانون الدولي الحديث بوضع المقاتل، إذا يجب أن تتوفر في هذا الأخير شروط
محددة لخوض غمار المعارك والحصول على معاملة أسير الحرب إذا وقع بأيدي العدو ولا بد من معرفة المقاتل حتى نتمكن من تعريف أسير الحرب.
01-المقاتلون: سعى قانون لاهاي (1899-1907) إلى التوفيق بين نظريتين كانتا تتجاذبان تحديد وضع المقاتل في أوربا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. فمن جهة يتلخص موقف الدول الكبيرة في حصر المقاتلين في أفراد القوات المسلحة النظامية، ومن جهة أخرى حرصت الدول الصغيرة على توسيع النطاق القانوني حتى يشمل جميع أفراد المقاومة أيضا.وكان تعارض الموقفين سببا من أسباب فشل محاولات التدوين السابقة للائحة لاهاي حول الحرب البرية الصادرة عام 1899 والمعدلة في 1907 وبعدها ذهب قانون جنيف إلى ما هو أبعد وأشمل منها.
وتقضي لائحة لاهاي بأن أفراد القوات النظامية ( الجيش عموما، سواء العامل أو الاحتياطي ) لهم الحق في صفة مقاتل. ولعناصر المليشيات والوحدات المتطوعة تلك الصفة أيضا على أن تتوفر فيهم أربعة شروط هي:
01- قيادة شخص مسؤول عن مرؤوسيه.
02- علامة مميزة تعرف عن بعد.
03- حمل سلاح بشكل ظاهر.
04- إحترام فوانيين الحرب وأعرافها.
كما تمنع صفة المقاتلين لسكان الأرض غير المحتلة بعد الذين يقومون في وجه العدو المداهم في هبة جماهيرية أو نفير عام، شرط أن يخملوا السلاح بشكل ظاهر ويحترمون قوانين الحرب وأعرافها. أما غير المقاتلين الذين ينتمون إلى القوات المسلحة مثل مراسلي الحرب والقائمين بالتموين الذين يقعون في قبضة الخصم، يعتبرون أسرى حرب بشرط أن تكون لهم بطاقة شخصية مسلمة من السلطة العسكرية التي يتبعونها.
02- تعريف أسرى الحرب في إطار قانون جنيف:
أبقت إتفاقية جنيف الثانية لعام 1929 وهي أول إتفاقية من إتفاقيات قانون الحرب تخصص فقرات كاملة لمعاملة أسرى الحرب على ما جاء في المواد الثلاث الأولى من لائحة لاهاي وأضافت إليها جميع الأشخاص في القوات المسلحة للأطراف المتنازعة الذين يقعون من قبضة الخصم أثناء العمليات الحربية البحرية أو الجوية كما أبقت الإتفاقية ذاتها على صيغة المادة 13 من لائحة ىهاي على حالها( غير المقاتلين الذين يتبعون القوات المسلحة).وإقتناء بتوسيع مفهوم المقاتل الذي قبلت به الدول، وبالخصوص إثر الإنتهاكات الخطرة المرتكبة خلال حروب الثلاثينات والحرب العالمية الثانية، سعى واضعو إتفاقية جنيف الثالثة لسنة 1949 إلى توسيع مفهوم أسير الحرب، وحددت مادتها الرابعة الفئات الست التالية:
1-أفراد القوات المسلحة والمليشيات أو الوحدات المتطوعة الأخرى التي تشكل جزء منهما.
2-أفراد المليشيات والوحدات المتطوعة الأخرى وعناصر المقاومة المنظمة الذين ينتمون إلى
أطراف النزاع سواء كانوا خارج أرضهم أم داخلها، وسواء أرضهم محتلة أم لا، على أن تتوفر في
جميع هؤلاء الأشخاص الشروط التقليدية الأربعة(قيادة مسؤولة وعلامة مميزة وسلاح ظاهر ومراعاة أحكام الحرب وأعرافها).
3-أفراد القوات النظامية لحكومة أو سلطة لا تعترف الدولة الحاجزة بها.
4-العناصر التي تتبع القوات المسلحة دون أن تكون مباشرة جزء منها مثل المدنيين الموجودين ضمن أطقم الطيران الحرب، ومراسلي الحرب والقائمين بالتموين والمكلفين برفاة القوات المسلحة شرط أن يحمل هؤلاء جميعا ترخيصا مسلما من طرف القوات التي يتبعونها.
5-عناصر أطقم البحرية التجارية والطيران المدني الأطراف النزاع ومن ضمنهم النوتية والقادة ومساعدهم إذا لم تكن لهم معاملة أفضل بموجب أحكام القانون الدولي الأخرى.
6-أهالي الأرض التي لم يقع أحتلالها بعد الذين يهبون في وجه العدو المداهم أو ينفرون نفيرا عاما على أن يراعوا الشرطين الثالث والرابع (حمل سلاح بشكل ظاهر وإحترام قوانين الحرب وأعرافها).
وتضيف الإتفاقية الثالثة فئتين أخريين لهما الحق في معاملة أسير الحرب وليس في الصفة القانونية لأسير الحرب ما:
1-الأشخاص الذين تعيد سلطات الإحتلال إعتقالهم( وبع أن كانت أفرجت عنهم) بينما لا تزال العمليات الحربية قائمة خارج الأرص المحتلة وذلك لضروريات تعتبرها ملحة خصوصا بعد محاولة فاشلة منهم للإلتحاق بقواتهم المحاربة أو رفضهم الانصياع لأمر اعتقالهم.
2-الأشخاص المذكورون آنفا في المادة الرابعة الذين يلتحقون بأرض طرف محايد أو غير محارب ويتم إيواؤهم من طرف وفق القانون الدولي.
وتذكرنا الفقرة الأخيرةبإيواء الأسرى في بلد محايد ويتعين عليه إذا ما قبل على أرضه أسرى فارين أن يتركهم أحرارا ، لكن بإمكانه تحديد أماكن إقامتهم حسب قانون لاهاي ، ويمكن إيواء أسرى الحرب الذين تستوجب حالتهم الصحية ذلك في بلد محايد كما يمكن للدولة الحاجزة الإتفاق مع دولة محايدة لحجز الأسرى في أراضي هذه الأخيرة حتى أنتهاء عمليات القتال.
ولا يسع لاستعراض كل ما يتصل بالفئات المذكورة، لكن لا بد من الإشارة إلى أن المتطوعين قد يكونون من رعايا الدولة التي يتنمون إلى قواتها المسلحة أثناء النزاع ، وقد لا يكونون كذلك ، لكنهم أمام القانون الدولي سواء حسب إجهاد معهد القانون الدولي في قرار له صدر عام 1908 ، ولم يذكر فيه أولئك الذين يحاربون ضد بلادهم إلى جانب عدوه .مما يفهم معاقبتههم طبقا للقانون الجنائي لبلدهم الأصلي إذا وقعوا في قبضته .
نلاحظ أن المشرع الدولي إهتم بعناصر المقاومة المسلحة بعد المعاملة القاسية التي تعرض لها المقاومون إبان الحرب العلمية الثانية ، وإعدموا كمجرمين عاديين
كما إهتم بعناصر الحكومة أو السلطة التي لا تعترف بها الدولة الحاجزة ، ونذكر مثلا القوات النتابعة لحكومات المنفى المناهضة لألمانيا ، ومنها القوات الموالية للجنرال الفرنسي " ديغول " .
ورغم ما تميزت به المادة الرابعة من إتفاقية جنيف الثالثة من شمول ، فإن مقاتلي حروب التحرير الوطني ظلوا خارج إطار القواعد الدولية وضعت أصلا لتحكم علاقات عدائية بين الدول إلا إذا إستثنينا نظرية الإعتراف بصفة محارب والمادة الثالثة المشتركة لإتقاقيات جنيفغ لسنة 1949(المعاملة الإنسانية لضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية ) وقد تدارك البروتوكول الأول المضاف إلى هذه الإتفاقيات ذلك الفراغ .
انسجاما مع إضفاء النزاع المسلح الدولي على حروب التحرير الوطني، بموجب المادة الأولى الفقرة الرابعة من البروتوكول المذكور، فإن مقاتلي هذه الحروب يتمتعون بصفة المقاتل القانونية، وبحقهم في وضع أسير الحرب عند وقوعهم في قبضة الخصم إذا كان طرفا في البروتوكول الأول. طبقا لمادته 96، الفقرة الثالثة. وتكتسي المادتان 43-44 من هذا البروتوكول أهمية بارزة لضبطهما شروط تعريف المقاتل وتمييزه عن غيره. وتقتضي الصيغة الجديدة المعتمدة في المادة 43 بوجوب توفر شرطين في أية قوة أو وحدة أو مجموعة مسلحة وهما القيادة المسؤولة وإحترام قوانين الحرب وأعرافها، بينما المادة 44 على المقاتل حمل العلامة المميزة وحمل السلاح بشكل ظاهر، وخففت مقتضيات الشرطين بالنسبة لمقاتلي حروب التحرير مع التقيد بتمييز أنفسهم عن السكان المدنيين أثناء الاستعداد للهجوم ويتضمن القانون الدولي الإنساني قرينة صفة الأسير، فإذا حام الشك حول هذه الصفة فإنها أولى بالقبول ريثما تبت في المسألة محكمة مختصة.
03-مقاتلو النزاعات المسلحة الداخلية:
أشتملت المادة الثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف على مبدأ المعاملة الإنسانية لجميع الأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في
عمليات القتال أو الذين لم يعودوا قادرين على ذلك، ومن بينهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا السلاح بصورة جماعية أو فردية. وإتفاقيات جنيف في مجملها تقوم على مبدأ المعاملة الإنسانية، لكن هذا لا يعني أن لمقاتلي الحروب الحق في صفة أسير الحرب قانونا، بل يمكن لدولتهم أن تحاكمهم وفق قوانينها حتى وإن قاموا بمجرد حمل سلاح لكن عليها مراعاة الشروط والضمانات القضائية المتعارف عليها. فمقابل حقها في الملاحقة القضائية وتسليط العقاب القانوني عليها إحترام إجراء محاكمة عادلة، كما جاء في المادة الثالثة المشتركة. وقد عززها البروتوكول الثاني الإضافي إلى إتفاقيات جنيف سواء بالنسبة للضمانات القضائية أو لمختلف ظروف المعاملة الإنسانية اللاومة. وفضلا عن المبادئ الدستورية الأساسية تكفل مواثيق حقوق الإنسان الإقليمية والعالمية حتى المحاكمة العادلة.
وإذا وافقت أطراف النزاع على إعطاء أكثر مما اقتضته المادة الثالثة والبروتوكول الثاني كحد أدنى، كأن يعامل مقاتلو النزاعات المسلحة غير الدولية على غرار معاملة مقاتلي النزاعات الدولية، فإن حقوق أسرى الحرب تمتد إليهم. والإتفاقيات الخاصة بين الأطراف واردة وهي رهن إرادتها إلا إذا تعارضت مع القواعد الإنسانية المنصوص عليها
04-معاملة أسرى الحرب:
بناء على مبدأ المعاملة الإنسانية والقواعد المتفرقة عنه توجب الحماية والإحترام المنصوص عليهما في إتفاقيات جنيف أن يوفر أطراف النزاع لأسراهم الحد الأدنى من مقتضيات الحياة معنويا وماديا، منذ الوقوع في الأسر حتى انتهائه وتنظم اتفاقية جنيف الثالثة تفاصيل ممارسة أسرى الحرب لحقوقهم المعنوية والمادية. وبموجبها يحتفظ الأسير بالأهلية القانونية ويعامل الأسرى على قدم المساواة إلا إذا أقتضى الأمر معاملة خاصة بسبب السن أو الرتبة العسكرية أو الجنس أو الكفاءة المهنية، لكن لا مجال للتمييز بين الأسرى على أساس عقائدي أو عرقي أو سياسي أو غير ذلك. وعند استجواب الأسير لا يكره على الإدلاء بمعلومات عسكرية مثلا بل يكتفي بالإفصاح عن هويته ورتبته، وتحفظ الأشياء التي أخذت منه عند وقوعه في الأسر وتعاد إليه عند عودته ما عدا السلاح فهو غنيمة حرب، ويجب نقل الأسرى إلى أماكن بعيدة عن مسرح العمليات وإتخاذ جميع الإحتياطات عند نقلهم والإمتناع عن تعويض حياتهم للخطر بوضعهم في مواقع ومناطق معنية لتحصينها من العمليات الحربية. وتلزم الإتفاقية الثالثة الأطراف المتحاربة بتوفير مايحتاجه الأسرى من دواء وعلاج ورياضة وأنشطة ترفيهية أخرى وخدمات روحية وعلى صعيد الحقوق المادية للأسير، تتكفل الدولة الحاجزة بالقيام بشؤون الأسرى دون مقابل من مأوى وغذاء وملبس ونظافة وصيانة وصحة عامة أو خاصة، وتراعى في ذلك الناحيتين الأمنية ( أمن الأسرى) والغذائية، إذ يجب إحترام عادات الأسرى وتقاليدهم وشعائرهم الدينية. ويحق للدولة الحاجزة تشغيل أسرى الحرب من غير الضباط لهؤلاء أن يعملوا بإختيارهم. وتحظر الأعمال الخطرة أو المهنية إلا إذا تطوع الأسير للقيام بعمل من هذا القبيل ويجب مراعاة فترات الراحة اليومية والأسبوعية والأجور الملائمة والمراقبة الطبية.وفي علاقات الأسرى بمحيطهم الخارجي فإن لهم الحق في الإتصال بأهلهم وذويهم أو بعض الجهات الأخرى كالمنظمات الإنسانية عبر الرسائل التي يبعثون بها أو يتلقونها والطرود البريدية الفردية أو الجماعية الموجهة إليهم أو التحويلات المالية منهم وإليهم.والمراسلات والطرود والتحويلات معفاة من الرسوم. لكنها تخضع للمراقبة العادية دون المساس بحقوق الأسرى ومنها إرسال المستندات القانونية و إستلامها.
ومهما كان نوع العلاقة القائمة بين الأسرى والدولة الحاجزة فهي مسؤولة عن حياتهم ومعاملتهم ولايجوز لها نقلهم خارج أراضيها إلا إذا إقتضت مصلحتهم ذلك، شرط أن تكون الدولة التي ينقلون إليها طرفا الإتفاقية الثالثة وقادرة على تطبيق أحكامها.ويمكن للأسرى توجيه شكاواهم ومطالبهم إاى السلطة المعنية . وينوبهم ممثلون منتخبون من قبلهم لدى سلطات الدولة الحاجزة أو الدولة الحامية ( أي الطرف المحايد الذي يتولى رعاية مصالح دولتهم في إطار إتفاقيات جنيف) إن وجدت، واللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أية منظمة إنسانية أخرى محايدة وإلى جانب الحقوق هناك واجبات على الأسرى التقيد بها . فهم يخضعون لقوانين لدولة الحاجزة ونظمها المظبقة على قواتها المسلحة. والقاعدة هي مساواتهم بأفراد هذه القوات مع مراعاة وضع الأسرى بصفتهم مواطني دولة أخرى، ويمكن عقابهم جزائيا أو تأديبيا وفق الإجراءات المتبعة و إحترامالميادئ القضائية والشروط المنصوص عليها في اللإتفاقية الثالثة بشأن مراحل التحقيق والمحاكمة والتنفيذ. وكفلت الإتفاقية حتى الدفاع والطعن إستأنافا أو ألتماس إعادة النظر في الحكم الصادر ضد الأسير.
5-إنتهاء الأسر:يعتبر القانون الدولي الإنساني حالة الأسر ظرفا مؤقتا ينتهي بإنتهاء العمليات الحربية وربما قبل ذلك في بعض الحالات.و بديهي أو الوفاة تنهي حالة الأسر، وتترتب عليها آثار قانونية لايمكن تجاهلها. وإذا نجح الأسيرفي الفرار فإنه يسترجع حريته، ويمكن أيضا إعادة الأسرى إلى بلادهم أو إيواؤهم في بلد محايد لأسباب صحية، وهذه حالة إنتهاء الأسر أثناء العمليات الحربية. أما الحالة الأهم فهي إعادتهم إلى أوطانهم بعد إنتهاء العمليات الحربية مباشرة.وليس هذا الموضوع سهلا كما يبدو للوهلة الأولى، رغم وضوح الإلتزامات التي حددتها الإتفاقية الثالثة. ولم تتناول هذه المعاهدة مسألة إكراه الأسرى على العودة أو البقاء حيث هم أو التوجه إلى طرف ثالث، وهذه الظاهرة تخللت الحروب القديمة والحديثة، ونذكر على سبيل أمثال الحرب الكورية في بداية الخمسينات من القرن العشرين والنزاعات اللاحقة مثل حروب الصين وفيتنام وإثيوبيا والصومال وإيران والعراق وليبيا وتشاد وغيرها. ونظرا للمخاطر الناجمة عن عدم إعادة الأسرى إلى بلادهم فور إنتهاء المعارك، وسعيا إلى ردع المتحاربين عن التمادي في تجاهل مبدأ إعادة الأسرى، إعتبر القانون الدولي الإنساني عي عداد جرائم الحرب كل تأخير لامبرر له في إعادة الأسرى إلى أوطانهم وكذلك الشأن بالنسبة إلى المدنيين.
-الفقرة الثالثة:المدنيون
يتأثر المدنيون بصورة أو بأخرى بعواقب النزاعات المسلحة، ولايحتاج الأمر إلى تحليل أو دراسة للإعتراف بما تسببه الحروب من خسائر في صفوف المدنيين وإذا كان من البديهي أن هؤلاء يجب أن يبقوا خارج دائرة المعارك، فإن النزاعات المعاصرة تتجه إاى عكس ذلك.ولم يتوصل القانون الدولي إلى معاجة أوضاع الفئة الأكثر تضررا بالحروب إلا عام 1949 عند إبرام إتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين زمن الحرب، بعد أن إتضح ن لائحة لاهاي لم تكن كافية لضمان الحماية اللازمة، رغم موادها التي تناولت جوانب محدودة من العلاقة بين المحتمل وسكان الأرض المحتلة .وإلى جانب الإضافات الهامة التي وردت في البروتوكول الأول لسنة 1977 فيما يتصل بالإتفاقيات الثلاث الأخرى فإن الباب الرابع منه جاء تتمه للإتفاقية الرابعة.
1-تعريف المدنيين:
عرفت المادة 50 (1) من البروتوكول الأول المدنيين بأنهم الأشخاص الذين لاينتمون إلى القوات المسلحة على المعني المبين في الإتفاقية الثالثة، المادة (أ) 1-2-3-6 والمادة 43 من البروتوكول الأول.
ونصت الإتفاقية الرابعة على أنها تحمي الأشخاص الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما وبأي شكل من الأشكال كان، في حالة قيام نزاع مسلح أو حالة إحتلال ، تحت سلطة طرف في النزاع ليس من رعاياه أو دولة إحتلال ليسوا من رعاياها. وهكذا فإن الجنسية هي المعيار المميز، لكن يمكن تصور وجود أشخاص بدون جنسية تحت سلطة طرف في النزاع، وبإعتبارهم من غير رعايا أطراف النزاع فإن الإتفاقية الرابعة تطبق عليهم أيضا، رغم أنها لاتذكر ذلك صراحة. وهناك نوع آخر من الأشخاص تسري عليهم أحكام الإتفاقية الرابعة رغم إنتماؤهم إلى دولة الاحتلال وهو أولاؤك الذين لجئوا إلى بلد قبل إحتلاله من طرفها، وهي حالة تختلف عن حالة اللاجئين من رعايا العدو لدى الدولة الحاجزة وعلى هذه الأخيرة ألا تعاملهم كأجانب أعداء لمجرد تبعيتهم القانونية لدولة معادية، فصفتهم كلاجئين أهم من الإعتبارات الأخرى.
وفي حالتي النزاع المسلح والإحتلاللاتسري أحكام الإتفاقية على رعايا دولة ليست طرفا فيها ( أي غير متعاقدة) ولارعايا دولة محايدة أو متحاربة طالما كان لها تمثيل دبلوماسي عادي لدى الدولة المتحاربة التي يوجدون تحت سلطتها ولا الأشخاص الذين تطبق عليهم إتفاقيات جنيف الثلاث الأخرى. وإذا لم يكن التمثيل الدبلوماسي عاديا فلا بد من سريان مفعواالإتفاقية وقد نجد في الواقع دولا متحاربة تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع العدو، لكنها علاقات غير طبيعية أو شكلية فقط، مما يوجب تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني ذات الصلة.
ويشمل مفهوم السكان المدنيين جميع الأشخاص المدنيين كما أوضحت المادة 50 (2) من البروتوكول الأول وفي حالة الشك تكون قرينة الصفة المدنية هي الأولى بالإتباع، حسب الجملة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة نفسها ولايجرد السكان المدنيون من تلك الصفة بسبب وجود أشخاص منعزلين بينهم لايستجيبون لشروط تعريف المدنيين، كما جاء في الفقرة الثالثة من المادة المذكورة. وطبقا للقاعدة الأساسية التي تضمنتها المادة 48 من البروتوكول الأول فإن أطراف النزاع ملزمون بإحترام التفرقة بين سكان المدنيين والمقاتلين من جهة الممتلكات أو الأعيان المدنية والأهداف العسكرية من جهة أخرى ، وعلى المتحاربين تبعا لذلك قصر علياتهم على الأهداف العسكرية .
هكذا يجب النظر إلى مفهوم المدنيين على أساس التأويل الواسع وداخل الإطار العام للمدنيين خصص القانون الدولي الإنساني مزايدا من العناية لفئات محددة كالنساء والأطفال واللاجئين وعديمي الجنسية والصحافيين ، وليس ذلك بسبب إنتفاء صفتهم المدنية وإنما تحسبا لما ينالهم من أعمال وتجاوزات أثناء الحروب ، وأقوى دليل على ماأفرزته نزاعات العقد الأخير من القرن العشرين. ورغم ماتخللها من فظائع وإنتهاكات كان العزل أولى وأكبر ضحاياها، لايسعنا إلبا التأكيد على مبدأحماية المدنيين وإحترامهم، وهو كما أسلفنا قاعدة صيانة حقوق الضحايا كافة.
-معاملة المدنيين :تحظر في جميع الحالات أعمال الإكراه والعقاب الجماعي والإنتقام و إحتجاز الرهائن وترحيل السكان، وحددت إتفاقية جنيف الرابعة أحكام معاملة الأجانب الموجودين في أراضي النزاع، ومنحهم حق مغادرة أرض العدو وتلقي مواد الإغاثة وممارسة الأعمال المسموح بها والإقامة كما بينت شروط الإعتقال وظروفه ونقل الأشخاص إلى أرضي دولة أخرى .
وفي الأراضي المحتلة حددت الإتفاقية بالتفصيل حقوق السكان التي لا يمكن النيل منها ،وواجبات دولة الاحتلال ، ومن المبادئ المستقرة في القانون الدولي أن الاحتلال لا يغير الوضع القانوني للأراضي المحتلة ، وكما ورد في لائحة لاهاي فإن الأرض تعتبر محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو، ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن ن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامه، وإذا إنتقلت سلطة القوة الشرعية بصورة فعلية إلى يد قوة الاحتلال يتعين على هذه الأخيرة، قدر الإمكان تحقيق الأمن والنظام العام وضمانه، مع إحترام القوانين السارية في البلاد، إلا في حالت الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك .
وتتشابه الأحكام المتعلقة بالإعتقال من بدايته إلى نهايته مع أحكام الإتفاقية الثالثة من حيث المعاملة بصورة عامة. وتخول اإتفاقية لأطراف النزاع إقاف الشخص الذي يكون محل شبهة جائزة وملاحقته ومحاكمته بسبب أعمال تمس امن الطرف المعني كما أن من يقترف التجسس أو التخريب في أرض محتلة أو يقوم بما يمس أمن دولة الاحتلال يمكن أن يفقد الحقوق المنصوص عليها .
وأيا كانت الظروف يجب أن يعامل الموقوف أو المعتقل طبقا لضمانات العدالة الواردة في الإتفاقية45 .ومع التشابه بين الإتفاقيتين الثالثة والرابعة، تجدر الإشارة إلى أن كل منهما مجالا خاصا ولا نجد في الإتفاقية الرابعة مواد تتصل بالرتب العسكرية .وتقتضي ظروف حياة السكان المدنيين تحت الاحتلال نظاما قانونيا مختلف بطبيعته عن الأحكام المتعلقة بحياة الأسى وإدارة شؤون معسكراتهم.
ولابد من إبراز أهمية المادة 75 من البروتكول الأول المتعلقة بالضمانات الأساسية الواجب توفيرها للأشخاص الذين يوجدون تحت سلطة أحد أطراف النزاع، ولا يتمتعون بالحماية المنصوص عليها بالإتفاقية أو مواد البروتكول الأخرى، وهي ضمانات لايمكن إهمال شأنها خاصة في المجال القضائي.
ولا يغفل القانون الدولي الإنساني شأن الأموات والمفقودين سواء فيمايخص تسجيلهم وتبادل المعومات عنهم أو في ما يتصل بالبحث عنهم وتمكين الأهل والأقارب من معرفة مصير أفرادها. وسواء تحدثنا عن المقاتلين أو المدنيين أو عن أراضي أطراف النزاع أو الأراضي المحتلة، فإن التسجيل والبحث يجب أن يتم بأقصى مايمكن من السرعة والشجاعة وتضطلع وكالة البحث عن المفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر بدور كبير في جمع المعلومات ونقلها إلى من لهم الحق في ذلك،وهو دور يتمم ماأنيط باللجنة الدولية من مهام ميدانية تتمثل في زيارة أسرى الحرب والمعتقليين وتقديم العون والحماية الضروريين للضحايا.
ويشكل مقر اللجنة الدولية ووكالتها في جنيف محور جمع المعلومات عن ضحايا النزاعات المسلحة ونقلها.وهذا فضلا عن الدور الذي تقوم به الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
من خلال ما تقدم إستعرضنا مختلف أصناف الضحايا التي يهدف القانون الدولي للإنسان إلى تحقيق معاملتها وفق المعايير التي حددها ، ولا يمكن إدراك ذلك الهدف إلا بحماية من يتول القيام بالخدمات الإنسانية.
الفقرة الرابعة :موظفو الخدمات الإنسانية
نطلق تعبير الخدمات الإنسانية على جميع الأعمال الإنسانية التي يستفيد منها الأشخاص المحميون طبقا لقواعد القانون الدولي الإنساني ومنها ماهو معنوي وماهو مادي، وقد تععدت تلك الخدمات وتنوعت بالإضافة إلى أن القائمين بها أو المشرفين عليها لا يمثلون فريقا واحدا متجانسا، بل يتبعون منظمات وهيئات مختلفة مع ما يحمل ذلك من تشعب.وخلط أحيانا. وحسب الإطار المحدد في مواثيق القانون الدولي الإنساني،سنذكر الفئات التالية: موظفي الخدمات الطبية والروحية و أفراد جمعيات الإغاثة التطوعية وأفراد الدفاع المدني ونضيف أيضا موظفي الأمم المتحدة.
1-موظفو الخدمات الطبية و الروحية:
ينقسم موظفو الخدمات الطبية أو أفرادها إلى ثلاثة أقسام تشمل:
- المتفرغين تماما للبحث عن الجرحى والمرضى والغرقى أو نقلهم أو معالجتهم.
- المتفرغين تماما لإدارة الوحدات والمنشآت الطبية.
- العسكريين المدربين خصيصا للعمل عند الحاجة كممرضين أو مساعدي حاملي الناقلات، والقيام بالبحث عن الجرحى والمرضى والغرقى أو نقلهم ومعالجتهم.
أما موظفو الخدمات الروحية فإنهم ملحقون بالقوات المسلحة ولايشترط فيهم أن يكونوا متفرغين تماما أو جزئيا لمساعدة الجرحى والمرضى روحيا لأن عملهم كتابعين للقوات المسلحة يشمل أفرادها كافة. ولابد من رابطة قانونية مع الجيش كما يجب أن تكون العلاقة رسمية بين المتطوعين الروحيين والقوات المسلحة،حتى تتوفر لهم حماية الإتفاقيات.
2-أفراد جمعيات الإغاثة التطوعية:
يجب أن نذكر في مقدمة هؤلاء أفراد الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر العاملين وفق الشروط القانونية،وننوه بالحماية التي خصصت بها الشارة التي يحملونها.ويضاف إليهم أفراد جمعيات الإغاثة التابعة لبلد محايد الذين يقومون بالخدمات الإنسانية لفائدة أحد أطراف النزاع ويتمتعون بالضمانات الممنوحة لزملائهم التابعين لذلك الطرف على أن تتوفر لهم الشروط المطلوبة ومنها إبلاغ الطرف الآخر بمشاركتهم في أعمال الإغاثة التطوعية.
وتضطلع اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ إنشائها عام 1862 بمسؤولية كبرى في حماية ضحايا النزاعات المسلحة ومساعدتهم وقد نصت إتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافيان صراحة أو ضمنيا على أنشطة اللجنة الدولية زمن الحرب بصفتها مؤسسةإنسانية محايدة مستقلة أو كبديل عن الدول الحامية ولايمكن أن تقوم بعملها على الوجه المطلوب إلا بتوفر الحد الأدنى من الضمانات الأمنية للأفراد التابعين لها. وتحتاج اللجنة الدولية إلى معاضدة جميع الأطراف ومساعدتهم وكذلك مؤازرة مؤسسات الحركة الدولية للهلال الأحمر والصليب الأحمر وهي جمعيات الوطنية المشار إليها آنفا وإتحادالهيئة الإنسانية الدولية الأخرى التي ذكرت في مواثيق القانون الدولي الإنساني. ويتمثل دورها الأساسي في تنسيق برامج الجمعيات الوطنية والقيام بأعمال الإغاثة في حالات الكوارث الطبيعيةومشاكلها.أما عن الوضع القانوني لأفراد الخدمات الصحية والروحية والإغاثة التطوعية فنلاحظ أن أفراد الخدمات الطبية المتفرغين تماما للخدمات أو الإدارة الصحية وأفراد الفئتين الأخريين لايعتبرون أسرى حرب إذا وقعوا في قبضة العدو ويمكن إستبقاؤهم لديه للقيام بمساعدة أسرى الحرب صحيا وروحيا. ويختلف وضع العسكريين العاملين في الخدمات الصحية بصورة مؤقتة، إذ يعتبرون أسرى حرب عند وقوعهم في قبضة العدو حتى وإن قاموا بوظائف صحية عند الحاجة. وبخصوص أفراد جمعيات الإغاثة التابعين لدولة محايدة فلا يمكن إستبقاؤهم لدى طرف في النزاع يقعون في قبضته لأنهم محايدون أصلا وينتمون إلى جمعيات خاصة لا إلى قوات بلادهم.وأضاف البروتوكول الأول إلى موظفي الخدمات و الإدارة الطبية العاملين في تشغيل وسائل النقل الطبي أو إدارتها بصورة دائمة أو مؤقتة وجميع الأصناف المذكورة تشملها الحماية القانونية مهما كانت صفتهم مدنيين أوعسكريين،وكذلك الأمر بالنسبة إلى أفراد الخدمات الروحية.
ومجمل القول إن حصانة العاملين في المجال الإنساني أثناء النزاعات المسلحة تستند إلى حيادهم المطلق أي إمتناعهم عن القيام بأي عمل عدائي ولايعتبر عملهم تدخلا في النزاع بأي حال كما ذكرت المادة 27 من الإتفاقية الأولى صراحة.
وفي نطاق النزاعات المسلحة الداخلية تضمن البروتوكيل الثاني النص على إحترام الجرحى والمرضى والغرقى ورعايتهم وطبعا فإن ذلك لايتم إلا بحماية القائمين بالخدمات الدينية والطبية والوسائل المستخدمة لأداء مهماتهم.
3-موظفو الحماية المدنية/الدفاع المدني:
أ- ذكرت الحماية المدنية بصورة غير مباشرة في الإتفاقية الرابعة حيث نصت المادة63 على تمكين جمعيات الهلال الأحمر و الصليب الأحمر وجمعيات الإغاثة الأخرى من القيام بأنشطتها الإنسانية في الأراضي المحتلة،وإقتضت فقرتها الثانية أن تطبق المبادئ ذاتها على نشاط وموظفي الهيئات الخاصة التي ليس لها طابع عسكري، القائمة من قبل أو التي تنشأ لتأمين وسائل المعيشة للسكان المدنيين من خلال دعم خدمات المنفعة العامة الأساسية وتوزيع مواد الإغاثة ونتظيمالإنقاذ.وعكس البروتوكول الأول دور الدفاع المدني المتزايد في مساعدة المدنيين أثناء الحروب، فوضع له إطارا خاصا.
ب- بمقتضى المادة 61 (ج) من البروتوكول الأول فإن موظفي الدفاع المدني هم الأشخاص الذين يخصصهم أحد أطراف النزاع لتأدية المهمات الإنسانية الرامية لحماية السكان المدنيين من أخطار العمليات العدائية أو الكوارث وتساعدهم على تجاوز آثارها المباشرة وتوفر لهم الظروف اللازمة للبقاء.دون غيرها من المهام ومن بينهم الأفراد العاملون في إدارة أجهزة الدفاع المدني فقط.
وتمد حماية أفراد الدفاع المدني إلى أرض أطراف النزاع والأرض المحتلة وإلى المدنيين الذين يستجيبون لطلب السلطات ويشاركون تحت إشرافها في أعمال الدفاع المدني دون أي يكونوا جزء من أجهزتها.
وما دمنا بصدد الحديث عن هؤلاء الأفراد فلعل من المفيد التنبيه إلى وجود منظمة دولية مختصة ومقرها جنيف وهي المنظمة الدولية للدفاع المدني / الحماية المدنية. علما بأن البروتوكول الأول أشار إلى هيئات دولية مختصة في مجال الحماية المدنية.
والمبدأ العام لحماية المدنيين الذي يشترط الإمتناع عن القيام بأعمال عدائية يطبق على موظفي الدفاع المدني ووسائل عملهم ولاتعتبر أعمالهم المدنية ضارة بالعدو، حتى إذا تمت تحت إشراف أو إدارة سلطة عسكرية ولاالتعاون بينهم وبين العسكريين في أعمال الحماية المدنية أوإلحاق عسكريين بأجهزتها أو إنتفاع بعض الضحايا العسكريين بخدمات الدفاع المدني عرضيا خاصة إذا أصبحوا عاجزين عن القتال. ويجوز لموظفي الحماية المدنية حمل أسلحة شخصية خفيفة حتى لايقع الخلط بينهم وبين المقاتلين.وإذا كان تنظيمهم على النمط العسكري أو كان عملهم إجباريا فإن ذلك لايفقدهم حقهم في الحماية القانونية.
ج- إن موظفي الدفاع المدني أشخاص مدنيون ويحتفظون بصفتهم تلك أما العسكريون الملحقون بهم فإن لهم الحق في الحماية المنصوص عليها وفق شروط محددة منها القيام بأعمال الدفاع المدني دون سواه وفي التراب الوطني لطرف النزاع. وإذ وقعو في قبضة العدو يصبحون أسرى حرب. وإذا إحتلت الأرض التي يعملون بها فيمكن أن يقوموا بأعمال الدفاع المدني لفائدة السكان فقط. مع إحتفاظهم بصفة أسرى الحرب بأعتبار صفتهم العسكرية الأصلية. والدفاع المدني شارة حماية دولية تضمنها البروتوكول الأول أيضا.
4-موظفو الأمم المتحدة والأفراد المرتبطون بها:
مع تزايد دور الأمم المتحدة في مختلف نزاعات العالم بادرت بعض الدول إلى تبني فكرة معاهدة تعني بحماية موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها. وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 49 إتفاقية بشأن سلامتهم.ولاتنطبق هذه المعاهدة على أية عملية للأمم المتحدة يأذن بها مجلس الأمن كإجراء من إجراءات الإنقاذ بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ويشارك فيها أي من الأفراد كمقاتلين ضد قوات مسلحة منظمة وينطبق عليها قانون النزاعات المسلحة الدولية. وتضمنت مادتها العشرون شروطا وقائية يتعلق أولها بعدم المساس بتطبيق القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان المعترف بها عالميا. وفي هذا السياق نشير إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أصدر بمناسبة الذكرى الخمسين لاتفاقيات جنيف تعليمات توجيهه بتاريخ 10/08/1999 تحت عنوان إحترام القانون الدولي الإنساني من قبل قوات الأمم المتحدة،ونأمل أن نكون دعما للضمانات التي كفلها هذا القانون للأشخاص المحميين كافة.
الخاتمة: تتعالى الأصوات المنددة بانتهاكات القانون الدولي الإنساني في الحروب الحديثة والحالية، وقد بينا الشأو البعيد الذي بلغه هذا القانون في بسط حمايته على الأشخاص المعرضين لأضرار الحرب. ولايكفي شحب الإنتهاكاتوإستنكارها بل على جميع الأطراف المتعاقدة والمتحاربة منها خاصة إحترامالإلتزامات القانونية التي قبلت بها.ومن المعلوم أن الجرائم الخطرة المرتبكة أثناء الحروب يجب أن تكون موضع ملاحقة ومحاكمة لكن هذا لايعفي الأطراف المعاقدة إتخاذ الإجراءات الوقائية الضرورية لأن تجربة الحروب أثبتت أن تدارك الأمور قبل فوات الأوان أحق أن يتبع و إذا كانت الإنتهاكات صارخة بالغة الخطورة شديدة الأذى فإن تمسك بالأحكام المتفق عليها عالميا ضروري لمواجهة آثار خرقها وإنتهاكها وإلا فإن الحديث عن إحترام الأشخاص المحميين يصبح ضربا من العبث.
2. المطلب الثاني:الفئات الخاصة المشمولة بحماية القانون الدولي الإنساني:
إلى جانب الحماية المقررة للفئات الرئيسية المشار إليها أعلاه، يقرر القانون الدولي الإنساني نوعا من الحماية الخاصة أو المحددة للكثير من الفئات الأخرى، التي يمكن إيجازها في ما يلي:
النساء:
يتمتع النساء بالحماية المقررة للمدنيين ، و إذا كن يشكلن جزءا من القوات المسلحة للطرف المعادي فإنهن يتمتعن بمعاملة مساوية للرجال.
و فضلا عن ذلك تقرر قواعد القانون الدولي الإنساني للنساء أوجه حماية أخرى مثل:
حمايتهن ضد كل صور الإهانة الشخصية أو الاعتداء على الشرف، بما في ذلك الاغتصاب أو صور خدش الحياء.الحماية المقررة للأمهات الحوامل و اللاتي يرضعن.
ضرورة احتجاز النساء في أماكن منفصلة عن تلك المخصصة للرجال (عند احتجازهن كمدنيين أو أسرى الحرب).
الأطفال:
يحمي القانون الدولي الإنساني أيضا الأطفال.و تتمثل أهم القواعد واجبة التطبيق في هذا الخصوص فيما يلي :
معاملة الأطفال حديثي الولادة بنفس المعاملة المقررة للجرحى
بالنسبة للأطفال تحت سن الخامسة عشر استقبالهم في المناطق الآمنة و المستشفيات و عدم جواز تجنيدهم في القوات المسلحة.
حماية الأيتام و أولئك الذين انفصلوا عن أبائهم.
إجلاء الأطفال مؤقتا من اجل حمايتهم (في حالة الاراضي المحاصرة).
عدم جواز السماح للأطفال بالاشتراك في العمليات القتالية (المادة 72/2 من البروتوكول الأول، المادة 4/3 من البروتوكول الثاني).
ضرورة جمع شمل الأسر المشتتة نتيجة للنزاع المسلح.
عدم جواز إجبار الأطفال اقل من ثمانية عشر سنة على العمل في حالة الاحتلال الحربي.
ضرورة تعليم الأطفال
عدم جواز تطبيق عقوبة الإعدام على من لم يبلغ ثمانية عشر سنة وقت ارتكاب الجريمة.
عدم جواز تجنيد الأطفال الذين يقل سنهم عن الثمانية عشر سنة إجباريا في القوات أو الجماعات المسلحة (المادة 77/2 من البروتوكول الأول،المادة 4/3/ج من البروتوتوكول الثاني).
ج- الأشخاص الذين يقفزون بالباراشوت:
قد يتم تحطيم طائرة عسكرية أثناء العمليات العسكرية و الحربية ففي هذه الحالة يمكن للمتواجدين بالطائرة القفز بالمظلة و تحكم القاعدتان التاليتان هؤلاء الأشخاص:
أولا: انه لا يجوز مهاجمتهم أثناء نزولهم
ثانيا: عند وصولهم إلى ارض تابعة لطرف معادي يجب إعطاؤكم فرصة للاستسلام قبل مهاجمتهم، إلا إذا كان واضحا أنهم يقومون بإعمال عدائية (المادة 42 من البروتوكول الأول 1977) .
د- المناضلون من اجل التحرر من الاحتلال أو الاستعمار ممارسة لحق تقرير المصير:
أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 3103 (الصادر في 12-12-1973) على الحق الكامن the inhérent right للشعوب المستعمرة في النضال بكل الوسائل المتاحة لهم ضد الدول المستعمرة و الدول الأجنبية التي تسيطر عليهم، بالتطبيق لحق تقرير المصير الذي اعترف به الميثاق الأمم المتحدة و إعلان مبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات الودية و التعاون بين الدول(القرار 2625) لذلك اعترف القرار بان ذلك النضال يعد مشروعا و يتفق تماما مع مبادئ القانون الدولي .و من ثم يؤكد القرار أن أية محاولة للقضاء على ذلك النضال تتعارض و احكام القانون الدولي و تشكل تهديدا للأمن و السلم الدوليين.و أكد القرار أن النزاعات المسلحة التي تتضمن نضالا للشعوب ضد السيطرة الاستعمارية أو الأجنبية أو العنصرية يجب اعتبارها نزاعات مسلحة دولية و بالتالي تطبق عليها اتفاقيات جنيف 1949 و البروتوكول الأول لعام 1977 الذي صنفها في مصاف النزاعات الدولية.كذلك نص القرار على اعتبار المناضلين من اجل التخلص من السيطرة الاستعمارية أو الأجنبية أو العنصرية الذين يقعون في الأسر،أسرى حرب تطبق عليهم اتفاقية جنيف بخصوص الأسرى لعام 1949 و أضاق القرار أن استخدام المرتزقة ضد حركات التحرير الوطنية يعتبر عملا إجراميا ،و أن المرتزقة يجب معاملتهم كمجرمين.
هـ - الرسل الحربيون:
يتمتع بالحماية و الحصانة أيضا الرسل الحربيون و هم أولئك الأشخاص الذين يذهبون لإجراء محادثات مع العدو ،خصوصا لإبرام اتفاقية عسكرية (كهدنة أو إطلاق سراح الأسرى ). حري بالذكر أن الرسول الحربي يفقد حصانته إذا استغل وضعه لارتكاب عمل من أعمال الخيانة أو الجاسوسية.
و- اللاجئون و المهجرون داخليا:
يتمتع اللاجئون و هم الذين يعبرون الحدود الدولية و الأشخاص المهجرون أو المشتتون داخليا بحماية القانون الدولي الإنساني إذ:
لا يجوز لأي طرف في النزاع إجبار الأشخاص على الخروج من الإقليم ،إلا إذا حتمت ذلك سلامتهم أو الأسباب العسكرية القاهرة (المادة 49-147،البروتوكول الأول المادة 85/4 )بل إذا خالفت سلطة الاحتلال هذا الالتزام ،فإنها ترتكب جريمة دولية إذا نقلت جزء من سكانها إلى إقليم تحتله (المادة 2/2/ب من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).
لا يجوز للدولة الحاجزة أن تعامل اللاجئين الذين لا يتمتعون في الواقع بحماية أية حكومة ،كأجانب أعداء لمجرد تبعيتهم القانونية لدولة عادية (المادة 44 من الاتفاقية الرابعة) لا يجوز القبض على رعايا دولة الاحتلال الذين لجئوا قبل بدء النزاع إلى الأراضي المحتلة ،أو محاكمتهم أو أدانتهم أو إبعادهم عن الأراضي المحتلة إلا بسبب مخالفات ارتكبوها بعد بدء العمليات العدائية فيشترط فيها أن تكون مخالفات للقانون العام تبرر تسليم المجرمين إلى حكومتهم وقت السلم (المادة 70 من الاتفاقية الرابعة ).
للأشخاص الذين هجروا حق العودة بأمان بمجرد أن تزول أسباب تهجيرهم(المادة 49/2 م الاتفاقية الرابعة).
و- الأشخاص الذين أصبحوا لا يشاركون في القتال:
يعتبر من هؤلاء الأشخاص أولئك الذين أصبحوا خارج التعليمات العسكرية و ذلك إذا:
وقعوا في قبضة الخصم
أو اظهروا أية نية صريحة في الاستسلام عن طريق إلقاء السلاح أو رفع علم ابيض مثلا. و يلاحظ أن التظاهر بالاستسلام يعتبر من أعمال الغدر و بالتالي فهو محظور.
أو كانوا فاقدين للوعي أو غير قادرين لجروح أو مرض على الدفاع عن أنفسهم
و يشترط لتمتع هؤلاء الأشخاص بالحماية امتناعهم عن أي عمل عدائي و عدم محاولتهم الهرب (المادة 41 من البروتوكول الأول لعام 1977).
حري بالذكر أن الإجهاز finisting off على من وقعوا في أيدي العدو يعتبر جريمة حرب.
ح- الأشخاص الذين يصاحبون القوات المسلحة دون أن يكونوا من أفرادها (خصوصا المراسلون الحربيون و الصحفيون):
هناك بعض الأشخاص الذين لا يعتبرون من أفراد القوات المسلحة لكنهم يصاحبونها أثناء العمليات الحربية مثل المدنيون من أطقم ملاحة الطائرة و من يقومون بتوريد المؤن الغذائية و المراسلون الحربيون war correspondant .
و لاشك أن هؤلاء الأشخاص يمكن أن يتعرضوا في مناطق النزاع المسلح لإخطار تفوق تلك التي يتعرض لها المدنيون ،بل في بعض الأحوال يمكن أن يتعرضوا لإخطار تماثل تلك التي تتعرض لها القوات المسلحة نفسها مثل هؤلاء الأشخاص يحكم وضعهم كأفراد محميين قاعدتان:
الأولى:أنهم يجب أن يكونوا قد حصلوا على تصريح بذلك من القوات المسلحة التي يصاحبونها.
الثانية:انه ماذا وقعوا في قبضة العدو فإنهم يعاملون كأسرى حرب
ط- الرهائن:قديما كان اخذ الرهائن وسلة من وسائل التي تلجا لليها القوات المسلحة للعدو كضمان لتنفيذ القواعد التي تفرضها في الأراضي المحتلة أو كوسيلة لمنع القيام بأعمال عدائية ضدها ، أو لضمان تنفيذ معاهدة دولية .و قد اصب حالان اللجوء إلى هذا الأسلوب محظورا إذ يعد اخذ الرهائن و الإجهاز عليهم جريمة حرب (المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف 1949)،المادة 34 -147 من الاتفاقية الرابعة،المادة 75ٍ من البرتوكول الأول لسنة 1977 ،المادة 12 من اتفاقية الدولية لمناهضة اخذ الرهائن لعام 1979 .
ي:الموتى و المفقودون:
تقرر قواعد القانون الدولي الخاصة بالنزعات المسلحة ضرورة البحث عن المفقودين(من الجرحى و الغرقى و الموتى)الذين يزعم الطرف المعادي أنهم كذلك.و ذلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق في ذلك بأسرع وقت ممكن وفقا للأحوال القائمة و بأقصى تقدير فور انتهاء العمليات العدائية الحربية (المادة 133 من الاتفاقية الرابعة).
و يجب دفن الموتى في مقابر معروفة كذلك يجب على إطراف النزاع إعادة رفاه الموتى بناء على طلب الدولة التي ينتمون إليها، أو بطلب من أقاربهم(المادة 17/3من الاتفاقية الأولى، المادة 120/6 من الاتفاقية الثالثة، المادة 130/2 من الاتفاقية الرابعة ). كذلك يجب احترام الموتى و مقابرهم ,
ك- أفراد الأطقم الطبية:يتمتع كذلك بالحماية الإفراد المخصصون للخدمات الطبية و خصوصا:جمع و نقل و علاج المرضى و الجرحى و الغرقى أو منع الأمراض.و يعتبر من هؤلاء أفراد الأطقم الطبية (مدنيون أو عسكريون) وكذلك أولئك التابعون الأحمر أو الهلال الأحمر أو الدفاع المدني سواء كانوا أطباء أو ممرضين أو ممرضات........الخ.
مثل هؤلاء الأشخاص يحميهم القانون الدولي الإنساني من حيث ضرورة احترامهم في جميع الأحوال،كذلك عدم استخدام العنف تجاههم كما انه ماذا وقعوا في أيدي العدو لا يعتبرون أسرى حرب،و يجب إطلاق سراحهم فورا .و إن كان يمكن الاحتفاظ بهم لعلاج أسرى الحرب،خصوصا أولئك الذين ينتمون إلى القوات المسلحة التابعة لبلدهم(المادة 28 من الاتفاقية الأولى).و من البديهي أن هؤلاء الأشخاص لا يجوز معاقبتهم بأعمال طبية تتفق و تقاليد المهنة كما لا يجوز إجبارهم على القيام بأعمال تتعارض مع أخلاق المهنة.
ل- الأسرة: يهتم القانون الدولي الإنساني أيضا بالأسرة باعتبارها نواة أي مجتمع عمراني و لذلك قرر بخصوصها القواعد التالية:
السماح بتبادل الأخبار السرية.
ضرورة المحافظة على تجميع الأسرة في حالات الإجلاء أو الاحتجاز أو الاعتقال.
تجميع شمل الأسرة المشتتة.
ضرورة معرفة الأسرة مصير أقاربها.
م- أعضاء فرق الدفاع المدني:
يقوم أعضاء الدفاع المدني ببعض المهام الإنسانية التي تهدف إلى حماية السكان المدنيين ضد أخطار الأعمال العدائية أو الكوارث(مثل الإنذار، الإجلاء ،تهيئة المخابئ، الإنقاذ،و الخدمات الطبية و مكافحة الحرائق و توفير المأوى و الإصلاحات العاجلة للمرافق العامة).لذلك كان من الطبيعي إن تقرر قواعد القانون الدولي الإنساني ضرورة حماية من يقومون بتلك الأعمال، يشترط أن لا يقوموا بعمال ضارة بالعدو.
و النسبة لأفراد القوات المسلحة القائمين بأعمال الدفاع المدني يجب احترامهم و حمايتهم وفقا للشروط الآتية:
أن يخصص هؤلاء الأفراد و تلك الوحدات بصفة دائمة و يتم تكريسهم لأداء مهام الدفاع المدني.
أن لا يؤدي هؤلاء الأفراد أية واجبات عسكرية أخرى طيلة النزاع إذا تم تخصيصهم على هذا النحو.
أن يتميز هؤلاء الأفراد بجلاء أن الأفراد الآخرين في القوات المسلحة و ذلك بوضع العلامة الدولية المميزة للدفاع المدني في مكان ظاهر.
أن لايشارك هؤلاء الأفراد في الأعمال العدائية بطريقة مباشرة و أن لا يرتكبوا تلك الأعمال أو يستخدموا لكي ترتكب خارج نطاق مهامهم المتعلقة بالدفاع المدني أعمالا ضارة بالخصم.ذ
أن يزود هؤلاء الأفراد و هذه الوحدات بالأسلحة الخفيفة دون غيرها بغرض حفظ النظام أو الدفاع عن النفس.
أن يؤدي هؤلاء الأفراد هذه الوحدات مهامهم في الدفاع المدني في نطاق الإقليم الوطني للطرف التابعين له دون غيره.
حري بالذكر بان الأفراد العسكريين العاملين في أجهزة الدفاع المدني يعتبرون أسرى حرب إذا وقعوا في قبضة العدو . و يجوز في الأراضي المحتلة لصالح السكان المدني فيها فحسب أن يوظف هؤلاء الأفراد في أعمال الدفاع المدني على قدر ما تدعو إليه الحاجة، إلا انه يشترط إذا كان مثل هذا العمل خطرا أن يكون أداؤهم هذه الأعمال تطوعيا.
ن- القوات العسكرية التابعة للمنظمات الدولية:
يمكن أن تشترك الأمم المتحدة في أعمال عسكرية بتطبيق الميثاق (الفصل السابع) أو وفقا لقرار الاتحاد من اجل السلم.لذلك يثور التساؤل عما إذا كانت قواعد قانون الحرب يمكن تطبيقها على القوات التي تستخدمها الأمم المتحدة؟
لا توجد أية اتفاقية دولية تنص صراحة على تطبيق قانون النزعات المسلحة على القوات العسكرية للأمم المتحدة و قد اصدر مجمع القانون الدولي في هذا الخصوص قرارا عام 1971 حول شرو ط تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني الخاص بالنزاعات المسلحة على الحروب التي تشترك فيها الأمم المتحدة و تتلخص أهم نصوصه في انطباق قواعد القانون الدولي الإنساني عليها خصوصا:
القواعد الخاصة بكيفية سير الحروب كتلك التي تحظر استخدام بعض الأسلحة و تلك المتعلقة بالإضرار بالطرف الأخر و تلك الخاصة بالتمييز بين الأهداف العسكرية و غير العسكرية.القواعد التي تضمنتها اتفاقيات جنيف لعام 1949 مضافا إليها البروتوكولين الإضافيين لعام 1977.
القواعد التي تهدف إلى حماية المدنيين و الملكية المدنية.
الكافة الالتزام القوات بما تقدم نص القرار على :
أولا: ضرورة إصدار الأمم المتحدة لوائح إلى قواتها تقرر ضرورة مراعاة ذلك أو تتأكد إن الدولة التي تنتمي إليها تلك القوات بجنسيتها أكدت لهم على ذلك.
ثانيا:عند عدم وجود سلطة حامية فقد نص القرار على ضرورة وجود جهة محايدة تقوم بالوظائف التي قررتها اتفاقيات جنيف لعام 1949 للسلطة الحامية
ثالثا: أخيرا نص القرار على مسؤولية الأمم المتحدة عن أية انتهاكات لقواعد القانون الدولي الإنساني من جانب قواتها و كذلك أحقيتها في المطالبة بالتعويض عن الإضرار التي تقع على قواتها نتيجة انتهاك الطرف الأخر لتلك القواعد.
كذلك اصدر مجمع القانون الدولي قرارا أخر حول شروط تطبيق قانون النزاعات المسلحة ،غير قواعد القانون الدولي الإنساني على الحروب التي تشترك فيها الأمم المتحدة و الذي نص على تطبيق تلك القواعد على العمليات الحربية التي تشترك فيها قوات اللام المتحدة حتى و لو كانت تلك القواعد ليست ذات طبيعة إنسانية . و أكد القرار على ضرورة تقديم الدول الأعضاء للمساعدات التي تطلبها منهم المنظمة و انه يجوز لهم الاستناد إلى القواعد العامة للحياد للتهرب من الالتزامات الناجمة عن قرار صادر عن مجلس الأمن بالتطبيق للميثاق و عليهم عدم التحلل من قواعد الحياد لصالح إي طرف يواجه قوات الأمم المتحدة.ذلك أن الانصياع للقواعد السابقة ليس من شانه أن يحرم أية دولة من وضعها كمحايد.
تجدر الإشارة إلى أن القوات الأمن العربية التي أنشأتها جامعة الدول العربية من طرف السكرتير العام سنة 1961 بصدد القوات المرابطة في الكويت جاء فيها:'' على القوات أن تراعي مبادئ و روح الاتفاقيات الدولية و التقاليد العربية الموروثة التي تنطبق على سلوك الأفراد العسكريين''.
س- رجال الدين:
رجال الدين هم لؤلئك الأشخاص العسكريون أو المدنيون الملحقون بالقوات المسلحة ا والدفاع المدني أو أطقم الخدمات الطبية للقيام بعمليات التوعية الدينية (كالوعاظ و غيرهم). و تطبق عليهم نفس المعاملة المطبقة على أطقم الخدمات الطبية، من حيث ضرورة حمايتهم كما أنهم لا يستعبرون أسرى حرب و لذلك يجب إعادتهم إلا انه يجوز استبقاؤهم للقيام بالواجبات الدينية اللازمة لأسرى الحرب.
ع- الأجانب المقيمون في إقليم احد الأطراف المتنازعة:
تنص المادة 35 من الاتفاقية الرابعة ا ناي شخص أجنبي مشمول بالحماية خصوصا رعايا أي طرف معاد، يكون لهم حق مغادرة إقليم الطرف الأخر، إلا إذا كانت مغادرته تتعارض و المصالح الوطنية لهذا الأخير.بالنسبة لاولئك الأشخاص الذين لا يغادرون إقليم تلك الدولة فأنهم يتمتعون بكافة المساعدات المادية و الطبية، و بحق ممارسة شعائرهم الدينية ، و بحق مغادرة المناطق المعرضة لإخطار الحرب بنفس القدر المسموح به لرعايا دولة الإقليم.
و مع ذلك تنص المادة الخامسة من ذات الاتفاقية على انه إذا اقتنعت إحدى الدولة المشتركة في النزاع بان احد الأشخاص المشمولين بحمايتهم تقوم شكوك جدية بخصوصه أو يقوم بجهود ضارة بأمن الدولة فان لها إن تحرمه من الحق في المطالبة بالمزايا و الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية إذا كان منحها له يشكل سيشكل ضررا لأمنها مثال حرمانه الاتصال بأسرته أو بمحام.
و عل السلطة التي يوجد فوق إقليمها الأجانب السماح لهم بمغادرة إقليمها إلا إذا كانت عودتهم تتعارض مع مصالحها و الأشخاص الذين يستمرون في الإقامة بإرادتهم أو رغما عنهم في إقليم دولة العدو يجب معاملتهم وفقا للقوانين التي تطبق على إي أجنبي ، و إن كان للدولة التي يقيمون عليها حق اتخاذ إجراءات رقابية ضدهم (مثل المجئ إلى قسم البوليس في أوقات محددة) أو إذا حتمت الظروف ذلك تحديد إقامتهم في مسكن محدد أو حتى اعتقالهم.
ف- الفئات المحمية في المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي:
المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي هي كما سبق ذكره التي تدور داخل إقليم دولة واحدة بين قواتها المسلحة و قوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى تمارس تحت قيادة مسئولة على جزء من الإقليم ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلة و منسقة.
و بالتالي لا يعتبر نزاعا داخليا حالات التوترات و الاضطرابات مثل الشغب و إعمال العنف العرضية النادرة (المادة الأولى من البروتوكول الأول) و من الطبيعي إن يقرر القانون الدولي الإنساني حماية لضحايا تلك النزاعات المسلحة:
1-تنص المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف لعام 1949 على انه" في حالة قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي احد الأطراف السامية المتعاقدة يلتزم كل طرف في النزاع بن يطبق كحد ادني الأحكام التالية:
1- الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين القوا عنهم أسلحتهم و الأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض و الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب أخر ،يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية دون إي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون أو الدين أو المعتقد أو الجنس أو المولد أو الثروة أو إي معيار مماثل أخر.
و لهذا الغرض تحظر الافعهال التالية فيما يتعلق بالأشخاص المذكورين أعلاه و تبقى محظورة في جميع الأوقات و الأماكن:
أ- الاعتداء على الحياة و السلامة البدنية و بخاصة القتل بجميع إشكاله و التشويه و المعاملة القاسية و التعذيب.
ب- اخذ الرهائن
ت- الاعتداء على الكرامة الشخصية و على الأخص المعاملة المهينة و الحاطة بالكرامة.
ث- إصدار الأحكام و تنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا و تكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.
2- يجمع الجرحى و المرضى و يعتني بهم.
3- كذلك تضمن البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 العديد من القواعد واجبة التطبيق خلال النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي التي تشمل:
- المعاملة الإنسانية
- حماية أفراد الخدمات الطبية.
- حماية السكان المدنيين ضد أخطار العمليات العسكرية و عدم تجويعهم و حماية الأشياء التي لا غنى عنها لحياتهم كالمواد الغذائية و الشرب و حظر الترحيل القسري للمدنيين و حماية المنشات التي تحتوى على قوى خطرة كالسدود و المحطات النووية.
- منح العفو: إذ في نهاية الأعمال العدائية على السلطات المعنية منح اكبر عفو ممكن لأشخاص شاركوا في النزاع المسلح (المادة 6/5 من البروتوكول الثاني 1977).
- الأشخاص الذي لا يشاركون في الأعمال العدائية يجب احترامهم شخصهم و شرفهن و معتقداتهم و بدون تمييز (المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف لعام 1949 ،المادة الرابعة من البروتوكول الثاني ).
ص- الأشخاص المكلفون بالبحث عن الجرحى و المرضى و نقلهم :
يقصد بهؤلاء الأشخاص من يتم تدريبهم للبحث عن أو جمع الجرحى و المرضى خلال النزاع المسلح. و نظرا لهذا الغرض الإنساني النبيل يجب على الطرف الأخر العدو احترامهم و حمايتهم إذا اقترب منهم أو وقعوا في يديه (المادة 25 من الاتفاقية الأولى).
ق- الأفراد الذين يقدمون المساعدة الإنسانية:
إذ يجب احترام من يقدون المساعدة الإنسانية سواء المدنيين أو العسكريين حتى و لو يكونوا من أفراد الخدمات الطبية مثل من يقدمون المواد الغذائية للسكان( و يعد مبدأ عدم تجويع المدنيين)، أو من يقومون بجمع الجرحى و المرضى و العناية بهم.
3. المطلب الثالث:الفئات المستثناة من حماية القانون الدولي الإنساني رغم انخراطها في النزاع المسلح:
هناك فئتان من الاشخاص لا يتمتعان بحماية القانون الدولي الإنساني هما:
1- الجواسيس:
الجاسوس هو من يقوم سرا أو باللجوء إلى بعض المظاهر الكاذبة بجمع معلومات عسكرية في الأراضي الخاضعة لسيطرة العدو، و بشرط ألا يكون مرتديا للزى العسكري للقوات المسلحة التي ينتمي إليها. و لكي يمكن الحديث عن تجسس يجب أن:
يتم الفعل سرا او تحت غطاء كاذب، و بالتالي فإذا تم ذلك بطريقة ظاهرة بواسطة أفراد من القوات المسلحة يرتدون زيهم العسكري فإننا بصدد جمع معلومات و ليس تجسسا.
و من المعلوم أن الأشخاص الذين يتم ضبطهم كجواسيس ليس لهم الحق في أن يتم معاملتهم كأسرى حرب (المادة 23 من قوانين الحرب البرية التي تبناها مجمع القانون الدولي عام 1880).كما أن من يتهم جاسوس يجب عدم معاقبته إلى أن تصدر السلطة القضائية المختصة حكما بشأنه(المادة 25). كذلك لا يسال الجاسوس الذي ينجح في الهرب من أعماله السابقة التجسس. إذا وقع مرة أخرى في الأسر هو إنما يعامل كأسير حرب إذا ضبط و هو يرتدي الزى العسكري لقواته المسلحة.تجدر الإشارة أن المقاتل (فرد القوات المسلحة) الذي يقع في قبضة الخصم أثناء قيامه بالتجسس لا يعد أسير حرب و بالتالي يمكن محاكمته كجاسوس إلا أن المقاتل لا يعد مقترفا للتجسس:
- إذا كان يجمع معلومات في إقليم يسيطر عليه الخصم إذا ارتدى زى قواته المسلحة أثناء أدائه لهذا العمل.
- أو إذا كان يقيم في إقليم يحتله الخصم و قام بجمع معلومات ذات قيمة عسكرية ما لم يرتكب ذلك عن الزيف أو تعمد التخفي(المادة 46 البروتوكول الأول ).
2- المرتزقة:
لا شك أن أنشطة المرتزقة Mercenary-Mercenaire تخالف العديد من المبادئ المستقرة في القانون الدولي العام مثل مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مبدأ استقلال الدول و مبدأ السلامة الإقليمية و مبدأ عدم استخدام القوة و مبدأ العيش في امن و سلام. كذلك من شان المرتزقة عرقلة حق تقرير المصير للشعوب المستعمرة و هي تتعارض من حرية الدول في اختبار نظامها السياسي و الاقتصادي. لذا يعد اللجوء إلى المرتزقة عملا ممقوتا من الناحيتين القانونية و الأخلاقية مهما كان الهدف المرجو منها.
من اجل ذلك يعتبر مبذا استمرار المرتزقة اهانة في جبين الإنسانية الأمر الذي يحتم ضرورة امتناع الدول عن تجميع و استخدام و تمويل و تدريب المرتزقة و اعتبار كل من يقوم بذلك مسؤولا من الناحية الجنائية. و يتميز المرتزقة عادة من أنهم يكونون من جنسية غير جنسية الدولة التي يتدخلون فيها.لذلك يميز معيار الجنسية بين المرتزقة و المعارضين السياسيين للدولة.
و نظرا للدور الخطير الذي يلعبه المرتزقة فقد تطرق إليهم البروتوكول الأول لعام:1977 في مادته 47:
1- لا يحق للمرتزق التمتع بوضع المقاتل أو الأسير.
2- المرتزق هو أي شخص:
أ- يجري تجنيده خصيصا محليا في الخارج ليقاتل في نزاع مسلح.
ب- يشارك فعلا و مباشرة في الأعمال العدائية .
ت- يحفزه أساسا إلى الاشتراك في الإعمال العدائية ، الرغبة في تحقيق مغنم شخصي و ليبذل له فعلا من قبل طرف في النزاع أو نيابة عنه و عد بتعويض مادي يتجاوز بإفراط ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب و الوظائف المماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما يدفع لهم.
ث- و ليس من رعايا طرف في النزاع و لا متوطنا بإقليم يسيطر عليه احد أطراف النزاع.
ج- ليس عضوا في القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع.
ح- و ليس موفدا في مهمة رسمية من قبل دولة ليست طرفا في النزاع بوصفه عضوا في قواتها المسلحة.
و المرتزقة يشتركون في نزاعات مسلحة ذات طابع دولي،رغبة في الحصول على مزايا شخصية كذلك قد يتم الاستعانة بهم في وقت السلم لغزو بلد معين من اجل قلب النظام الحكم فيه أو لشل الحياة الاقتصادية أو لإرهاب السكان المدنيين، أو لمنع ممارسة شعب ما لحقه في تقرير المصير...........
و نظرا لأهمية موضوع المرتزقة فقد انشات الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة خاصة لإعداد اتفاقية دولية حول هذا الموضوع و قد انتهى عمل اللجنة بتبني الجمعية العامة في قرارها رقم 44/34 لعام 1989 الاتفاقية التي أعدتها اللجنة و هي الاتفاقية الدولية ضد استقدام أو استخدام أو تمويل المرتزقة.
حري بالذكر انه يزداد الطلب على المرتزقة في كل النقاط الساخنة في العالم باعتبار اللجوء إليهم يعد بمثابة حرب غير علنية أو هو أداة للتدخل المقنع تلجا إليه بعض الدول كقوة ردع أو إرهاب ضد دول لا تشاطرها ميولها السياسية أو الاقتصادية فهي إذن من الحرب الدائرة بين دولتين بواسطة أشخاص يتم وضعهم بينهما.كما انه إذا كان الجواسيس و المرتزقة لا يتمتعون بحماية القانون الدولي الإنساني إلا أنهم كأفراد لا يجوز إدانتهم أو توقيع العقاب عليهم إلا وفقا لمحاكمة عادلة تتوافر فيها الضمانات القضائية المعروفة.
المبادئ التي تخص الأشخاص المحميين:
تشكل المبادئ مجموعة القواعد واجبقانونا.ع وصولا إلى غاية معينة كفالة حقوق الأشخاص المحميين بقواعد القانون الدولي الإنساني بعبارة مختصرة تعد المبادئ وسيلة القانون الدولي الإنساني للوصول إلى غايته النهائية.كفالة الحماية المرجوة و المقررة قانونا .
و لا جرم أن المبادئ في إطار أي قانون وبصفة خاصة في إطار القانون الدولي الإنساني تعد ذات أهمية جد كبيرة
ونستطيع أن نؤكد أنه يحكم الفئات المشمولة بحماية القانون الدولي الإنساني من المبادئ التي يمكن تلخيصها فيما يلي :
ا_ مبدأ عدم جواز الخروج على أحكام الحماية المقررة للفئات المحمية :
يحكم هذا المبدأ قواعد ثلاث هي:
1_ قاعدة عدم الإضرار بالحقوق الممنوحة للفئات المحمية عن طريق عقد اتفاقات خاصة بين الأطراف المتحاربة :
من المعلوم أن الأطراف المتحاربة يمكن أن تبرم اتفاقات خاصة تتعلق بسير النزاع أو انتهائه أو كيفية معاملة الأشخاص المنخرطين فيه أو الذين قد يتأثرون بويلاته (مثال ذلك اتفاقيات الهدنة أو اتفاقات سنقل الجرحى أو المرضى وغيرها من الاتفاقات : انظر على سبيل المثال المواد 10/1 ، 15/2- 3 ، 23/ 2 – 3 ، 28/3 ، 31/ 2 ، 36 / 1 – 3 ، 37 /1 ، 52 من الاتفاقية الأولى ) ، مثل هذه الاتفاقات لا يجوز أن تضير بالحماية المقررة في قواعد القانون الدولي الإنساني للفئات المحمية .
معنى ذلك أن أي أتفاق يبرم في هذا الخصوص ((جائز)) إذا كان:
1- يؤكد نفس الحماية المقررة في قواعد القانون الدولي الإنساني للفئات المحمية .
2- أو يزيد من قدر الحماية وبالتالي يشكل معاملة أفضل.
3- أو لا يضير بوضع الأشخاص المحميين أو لا ينتقص من حقوقهم.ومن ثم فإن أي أتفاق يقلل من تلك الحماية يكون غير جائز كالإنفاق مثلا على حرمان الفئات المحمية من وجود سلطة حامية أو الاتفاق على الخروج على النهي عن العمل أو الفعل المرتبط بالعمليات العسكرية أو الخروج على إجبار أسرى الحرب على تطهير حقوق الألغام .
من اجل ذلك تنصص المادة السادسة من الاتفاقية الأولى على أنه " يجوز للأطراف السامية المتعاقدة أن تعقد اتفاقات خاصة أخرى بشأن أية مسائل ترى من المناسب تسويتها بكيفية خاصة ولا يؤثر أي إنفاق خاص تأثيرا ضارا على وضع المرضى و الجرحى أو وضع أفراد الخدمات الطبية والدينية ، كما حددته هذه الاتفاقية أو يقيد الحقوق الممنوحة لهم بمقتضاها "
2 - قاعدة عدم التنازل عن الحقوق بواسطة الفئات المحمية نفسها :
معنى هذه القاعدة أن الشخص الذي يتمتع بالحماية المقررة لا يجوز له أن يتنازل عن الحقوق المقررة له، ولو كان ذلك بإرادته إذ لا يجوز له كقاعدة أن يحدد هو " وضعه الخاص " في مثل تلك الأحوال. كذلك ترمي هذه القاعدية إلى منع ممارسة أي ضغوط مادية أو معنوية من قبل السلطة الحاجزة لحمل الشخص المحمي على التنازل عن حقوقه.
لذا تنص المادة السابعة من الاتفاقية الثالثة على أنه " لا يجوز للجرحى والمرضى وكذا أفراد الخدمات الطبية والدينية التنازل بأي حال من الأحوال جزئيا أو كليا عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الاتفاقية أو بمقتضى الاتفاقات الخاصة إن وجدت ".
ولا يخفى على أحد أن الغرض من حظر التنازل عن الحقوق يتمثل على ما يبدو في جعل هاته القواعد ذات تطبيق عام وكذالك سد الذرائع أمام الدول المتحاربة لتبرير عدم تطبيقها بدعوى وجود تنازلات تحصل عليها في الغالب تحصل عليها تحت تأثير القهر أو الإكراه .
يخدر الذكر أن عدم تنازل الشخص عن حقوقه يكون بالنسبة لتلك التي لا يجوز له التنازل عنها. أما إذا كان له حق الاختيار بين أكثر من وضع فإن إسقاطه لحق ما واختياره لحق آخر لا يدخل ضمن الحظر المقرر وفقا لهذه القاعدة، ولا يعد تنازلا عن حق تحظره الحماية المقررة له.
3 – قاعدة تمتع الفئات المحمية بالحماية الواجبة يجب مراعاته في جميع الأحوال:
يعني تمتع الفئات المحمية بالحماية الواجبة في جميع الأحوال in all circonstance ، أن تلك الحماية يجب احترامها والتقيد بها وعدم الخروج عنها تحت أي ظرف من الظروف ولأي سبب كان . فما دام الشخص محميا بقواعد القانون الدولي الإنساني فإنه يتمتع يتلك الحماية دائما، أي أنه لا استثناء في هذا الخصوص. معنى ذلك أيضا أن هذه الحماية يجب مراعاتها حتى ولو لم يكن هناك معاملة بالمثل reciprocity (المادة الأولى ، والثالثة المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربعة )
ب- مبدأ استمرار الحماية المقررة و للفئات المحمية حتى يزول سبب منحها .
من المعلوم أن الحماية المقررة تدور وجودا وعدما مع توافر سبب منحها: فإذا وجد هذا السبب يتم تطبيق الحماية وإذا زال زالت بزواله، فهي إذن تتواجد معه بداء واستمرارا وتنتهي بانتهائه.
من أجل ذلك تنص المادة الثانية المشتركة من الاتفاقيات جنيف الأربع غلى أنه:
تنطبق الاتفاقية أيضا في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم احد الأطراف السامية المتعاقدة حتى حتى لو لم يواجه هذا الاحتلال مقاومة مسلحة ))وتنص المادة الثالثة من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 على أن: (( يتوقف تطبيق الاتفاقيات وهذا الملحق (( البرتوكول )) أطراف النزاع عند الإيقاف العام للعمليات العسكرية. وفي حالة الأراضي المحتلة عند نهاية الاحتلال .يستثنى من هاتين الحالتين حالات تلك الفئات من الأشخاص التي يتم في تاريخ لاحق تحريرها النهائي أو إعادتها النهائي أو إعادتها إلى أوطانها أو توطينها، و يستمر هؤلاء الأشخاص في الاستفادة من الأحكام الملائمة في الاتفاقيات و هذا الملحق "البروتوكول" إلى أن ينم تحريرهم النهائي أو إعادتهم إلى أوطانهم و توطينهم.
جدير بالذكر أن الحماية المقررة للأشخاص المحميين تتوقف إذا قاموا بأعمال ضارة بالعدو، و بشرط تقديم إنذار إليهم دون أن يلقي هذا الإنذار أية استجابة رغم مرور فترة معقولة.
أ- مبدأ الشك يفسر لصالح الشخص المحمي:
قد يثور شك حول ما إذا كان شخص ما له حق التمتع بالحماية المقررة أم لا ففي هذه الحالة القاعدة هي تمتعه بالحماية إلى أن يثبت العكس.مثال ذلك أن يقع شخص من أفراد العدو في قبضة الطرف الأخر، دون أن يكون معه إثبات شخصيته فهل يعامل كأسير حرب أم لا ؟ القاعدة هي اعتباره أسيرا إلى أن يثبت عكس ذلك.
في هذا الخصوص تنص المادة5/ 2 من الاتفاقية الثالثة :" و في حالة وجود أي شك بشان انتماء أشخاص قاموا بعمل حربي و سقطوا في يد العدو في إحدى الفئات المبينة في المادة الرابعة فان هؤلاء الأشخاص يتمتعون بالحماية التي تكفلها الاتفاقية إلى حين البت في وضعهم بواسطة محكمة مختصة "كذلك تنص المادة 50/1 من البروتوكول الأول على انه:"و إذا ثار شك حول ما إذا كان شخص ما مدنيا أو غير مدني فان ذلك الشخص يعد مدنيا".
خ- مبدأ خضوع الشخص المحمي لسلطان الدولة المعنية:
نظرا لان الحرب هي علاقة دولة بدولة، و ليت علاقة بين أفراد عاديين لذا من الطبيعي أن تكون الدولة الطرف في النزاع هي المسئولة عن كل ما يحدث للأشخاص المحميين التابعين للطرف الأخر.لذلك تنص المادة 12 من الاتفاقية الثالثة:"يقع أسرى الحرب تحت سلطة الدولة المعادية، لا تحت سلطة الأفراد أو الوحدات العسكرية التي أسرتهم. و بخلاف المسؤوليات الفردية التي قد توجد ،تكون الدولة الحاجزة مسؤولة عن المعاملة التي يلقاها الأسرى "
5 شرط ماتينز :
أساس هذا الشرط هو اقتراح لدبلوماسي روسي تم إدراجه بالإجماع في اتفاقيات لاهاي لعام 1999 – 1907 بخصوص قوانين وأعراف الحرب البرية وفي اتفاقيات جنيف 1944 تم إدراج نفس الشرط في المادة الخاصة بإلغاء الاتفاقية ( أنظر المواد 63/ الفقرة 4 ، 62 / 4 ، 142 /4 ، 158/ 4 على التوالي ) .
كذلك تم إدراج شرط مارتينز في الفقرة الثانية من المادة الأولى من البروتوكول الأول الإضافي لعام 1977 والتي تنص على ما يلي :" يظل المدنيون والمقاتلون في الحالات التي لا ينص عليها في هذا الملحق أو أي إتفاق دولي آخر ، تحت حماية وسلطان مبادئ القانون الدولي كما أستقر بها العرف ومبادئ الإنسانية وما يمليه الضمير العام " .
يطلق أيضا على شرط مارتينز باسم المبدأ البديل أو الاحتياطي THE SUBSTITUT PRINCIPLE بإعتبار أنه يطبق عند عدم وجود نص يحمي الشخص أو الأشخاص المعنيين بخصوص مسالة أو حالة لم يرد بشأنها نص صريح . لذلك تنص اتفاقيات جنيف على الحالات التي لم ينص عليها (( على هدي المبادئ العامة )) الواردة في تلك الاتفاقيات طيقا لإحكام المادتين 45 – 46 من الاتفاقيتين الأولى والثانية.