النطاق المادي لتطبيق قانون النزاعات المسلحة

الموقع: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
المقرر: القانون الدولي الانساني
كتاب: النطاق المادي لتطبيق قانون النزاعات المسلحة
طبع بواسطة: Visiteur anonyme
التاريخ: Thursday، 2 May 2024، 7:05 PM

الوصف

ومن حيث النطاق المادي فإننا سنعرض لثلاث حالات: الأولى النزاعات المسلحة الدولية، والثانية النزاعات المسلحة غير الدولية،أما الثالثة فهي حالات لا يشملها القانون الدولي الإنساني وهي التوترات والاضطرابات الداخلية.

1. المطلب الاول:النزاعات المسلحة الدولية و غير الدولية:

الفرع الاول: النزاع المسلح الدولي:

    نصت الاتفاقيات الأربع في مادتها الثانية المشتركة على انها: ((تطبق في حالة الحرب المعلنة او أي نزاع مسلح آخر ينشب بين طرفين أو أكثر من الإطراف السامية المتعاقدة حتى وإن لم يعترف أحدهما بحالة الحرب)).

 فهذا النص صاغ بوضوح معيار اعتبار نزاع ما دوليا بكونه بين دولتين أو اكثر، وإذا لم تكن إحدى دول النزاع طرفا في اتفاقيات جنيف فإن الدول الأطراف فيها تبقى ملتزمة بها في علاقتها المتبادلة، كما أنها تلتزم بالاتفاقيات إذا قبلت الدولة غير الطرف أحكامها وطبقتها.

وتتعلق الفقرة الثانية من ذات المادة بالاحتلال ، وهو يدخل ضمن إطار النزاع المسلح الدولي أيا كانت مدته أو مداه وسواء كانت هناك  مقاومة أم فإن الإتفاقيات تطبق في حالات الإحتلال الذي صاغت الإتفاقية الرابعة أهم أحكامه.

وقد أكدت المادة الأولى من البروتوكول الإضافي الأول الخاص بالنزاعات المسلحة الدولية  هذه الأحكام في فقرتها الثانية وأضافت في فقرتها الرابعة حكما هاما عندما نصت على انطباق اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول على : " النزاعات المسلحة التي تناضل الشعوب بها ضد التسلط الإستعماري والإحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية وذلك في ممارستها لحق الشعوب في تقرير المصير ، كما كرسه ميثاق الأمم المتحدة والإعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية بين الدول طبقا لميثاق الأمم المتحدة " وبهذا النص أمكن تكييف حروب التحرير كنزاعات دولية وكان ذلك مطلبا قديما .نجحت شعوب الدول المستعمرة ودول العالم الثالث في إدراجه على الرغم من صعوبة المناقشات والمفاوضات التي أحاطت بهذا البند في أثناء المؤتمر الدبلوماسي .

الفرع الثاني: النزاع المسلح غير الدولي :  

واقع الأمر أن إصطلاح النزاعات المسلحة غير الدولية ينصرف كقاعدة عامة ،إلى النزاعات المسلحة الت تثور داخل حدود إقليم الدولة ، وكان القانون الدولي العام قد إستقر في شأن بيان القانون واجب التطبيق على تلك النزاعات على الإحالة إلى القانون الداخلي للدولة التي نشب النزاع على إقليمها .

 وكان من شأن تزايد النزاعات المسلحة غير الدولية أن لحقها قدر من التنظيم الدولي يمكننا رصده من خلال المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع ثم من خلال البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 والخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية .

أ‌-      تعريف النزاع المسلح غير الدولي في إتفاقيات جنيف لعام 1949 : 

كان مؤدي إبرام إتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 إخضاع النزاع غير الدولي إلى الحد الأدنى من مقتضيات الإنسانية بقوة القانون وبمقتضى أحكام المادة الثالثة المشتركة بين هذه الإتفاقيات .

  وقد أوردت المادة الثالثة في حملتها الأولى عبارة : (( النزاع المسلح الذي ليس له طابع دولي )) والذي يقع في أراضي أحد الأطراف السامية المتعاقدة ولم تضع تعريفا للنزاع المسلح غير الدولي بل انطلقت من كونه ظاهرة موضوعية . ولكن يمكننا القول بإيجاز أنه استقر على تعريفات بأنها تلك النزاعات التي تخوض فيها القوات المسلحة لدولة ما مواجهة مسلحة مع فئة أو بعض الفئات داخل التراب الوطني .

  ولقد حاول العديد من مندوبي الدول المشاركة في المؤتمر الدبلوماسي عام 1949 تحديد بعض العناصر والمعايير الخاصة بالنزاع غير الدولي لإدراجها في تعريف محدد . ولكن الصيغة النهائية للمادة جاءت خلو هذا التعريف .ومع ذلك ورد في شرح تلك المادة الصادر عن اللجنة  الدولية للصليب الأحمر عدة معايير أخذت في الإعتبار تلك العناصر والمداولات التي أثيرت أثناء مؤتمر عام 1949 لتكييف النزاع المسلح غير الدولي .

وأخيرا نشير إلى أن الفقرة الرابعة من المادة الثالثة نصت صراحة على أن تطبيق القواعد الإنسانية في النزاعات غير الدولية لا يؤثر بأي حال على الوضع القانوني لأطراف النزاع ، ونجد بالتالي إعادة تأكيد القاعدة القديمة القاضية بإحترام سيادة الدولة التي يقع النزاععلى أرضها .ورغم أهمية هذا ومواكيته جميع الحروب الداخلية منذ الخمسينات وحتى اليوم فإنه لم يكن كافيا لتغطية جميع الجوانب الإنسانية لتلك النزاعات ، ولذلك صيغت أحكام جديدة في البروتوكول الإصافي القاني لعام 1977.

ب تعريف النزاعات غير الدولية في البروتوكول الثاني لعام 1977 :   

جاء هذا البروتوكول مكملا للمادة الثالثة المشتركة ونص صراحة على أنه يطبق في الحالات التي لا تشملها النزاعات الدولية وإنما يطبق في النزاعات المسلحة التي تدور على إقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة بين قواته المسلحة وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى وتمارس تحت قيادة مسؤولة على جزء من إقليمه من السيطرة ما يمكنها من القيام بعمليات عسرية متواصلة ومنسقة وتستطيع تنفيذ هذا البروتوكول .

   وهكذا نجد أن المادةالأولى من البروتوكول الإضافي الثاني أبقت على المادة الثالثة المشتركة ودون المساس بشروط تطبيقها .

الخلاصة : أساس ومكمن التمييز بين النزاعات المسلحة الدولية والنزاعات المسلحة غير الدولية لإنطباق قواعد القانون الدولي الإنساني .

لأغراض إنطباق أحكام القانون الدولي الإنساني هناك طائفتان من النزاعات المسلحة : فهناك من جانب النزاعات المسلحة الدولية التي تقابلها النزاعات المسلحة غير دولية .وقد تناولنا فيما سلف بالبيان تلك الطائفتين من النزاعات المسلحة : من حيث ماهية كل منهما .ومن حيث القواعد القانونية واجبة الإنطباق في شأنهما .وهو الأمر الذي تبين معه أن جملة القانون الدولي للنزاعات المسلحة الدولية وما يستتبعه من مبادئ للقانون الدولي الإنساني في مجملها ، قد إنصرفت فحسب في مواجهة تلك النزاعات المسلحة الدولية التي تمثلت أطرافها بصفة خاصة في الدول وحركات التحرر الوطنية بمناسبة نضالها من أجل الإضطلاع بحق تقرير المصير بحيث لم تنطبق في مواجهة النزاعات المسلحة غير الدولية إلا فحسب تلك المبادئ التي تضمنتها المادة الثالثة المشتركة بين إتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977. 

ومكمن التمييز هنا يرجع إلى أن القانون الدولي كان ينظر في جوهر الشخصية القانونية الدولية ذاتها ، وبالتالي فإن القانون الدولي الإنساني كان ينطبق في مواجهة أشخاص القانون الدولي العام وهي الدول وحدها .وكان ذلك راجع إلى أن "مبدا سيادة الدولة" الذي كان يخضع النزاع المسلح الدولي بحسب الأصل إلى القانون الداخلي للدولة حتى بدء التنظيم الدولي للنزاعات المسلحة غير الدولية بالمادة الثالثة المشتركة لإتفاقيات عام

1949 والبروتوكول الإضافي لعام 1977.

    وكان من شأن هذه التفرقة التقليدية التي أخذت بها هذه الإتفاقيات وبروتوكوليها الإضافيين أن إقتصر تعريف وتحديد "الإنتهاكات الجسمية" وهي جرائم الحرب على تلك الإنتهاكات التي ترتكب أثناء النزاع المسلح الدولي.

ولكن في السنوات الأخيرة ظهرت الحاجة إلى ضرورة تأثيم الإنتهاكات التي ترتكب في زمن النزاع المسلح غير الدولي وكانت المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقا قد منحت للمحكم صراحة صلاحية النظر في الجرائم ضد الإنسانية عندما تقترف في أثناء نزاع مسلح ذي طابع دولي أو داخلي ، وتوجه ضد سكان مدنيين.وجاء النظام السياسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي جرى إعتاده عام 1998 بالنص صراحة على معاقبة  جرائم الحرب سواء في النزاعات المسلحة الدولية أو غير دولية .وهذا التقارب مرده ما أسفرت عنه النزاعات المسلحة غير الدولية في يوغوسلافيا السابقة ورواندا من مآس فاقت العديد من النزاعات المسلحة الدولية .

ويبقى في النهاية أن نشير إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وهي المنظمة الإنسانية التي تضطلع برعاية إنطباق أحكام القانون الدولي الإنساني أثناء النزاعات المسلحة ، تملك إختصاصات أصيلة في الإتفاقيات والبروتوكول الإضافي الأول تمارسها بقوة القانون دون التوقف على إرادة الدول اطراف النزاع المسلح الدولي .أما في حالة النزاع المسلح الدولي .أما في حالة النزاع المسلح غير الدولي فإن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تبادر بعرض خدماتها على الدولة التي يجري النزاع على أرضها ولحكومة تلك الدولة أن توافق على مبادرة اللجنة الدولية أو أن ترفضها .

2. المطلب الثاني : الحالات التي لا تشملها حماية القانون الدولي الإنساني :

إذا كنا فيما سبق قد تعرضنا لأحكام القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بالنزاعات المسلحة سواء كانت دولية أو غير دولية وخلصنا إلى أن هذه النزاعات تدخل ضمن نطاق الحماية القانونية للقانون الدولي الإنساني ، فإن التوترات والإضطرابات الداخلية قد إستثنت تماما من نطاق إتفاقيات "جنيف" وبروتوكوليها الإضافيين

ونصت المادة الأولى من البرتوكول الثاني في فقرتها الثانية صراحة على مايلي : " لا يسري هذا البروتوكول على حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية " وجميع بلدان العالم مهما كانت درجة تقدمها العلمي والثقافي والإقتصادي ونظام الحكم السائد فيها ليست بمنأى

عن التوترات والإضطرابات الداخلية وهي حالات متعددة الأسباب وتتم معالجتها وفق ظروف كل بلد ومعطياته الداخلية .

تعريف الإضطرابات والتوترات الداخلية :

لا يوجد صك من صكوك القانون الدولي يقدم تعريفا دقيقا للظاهرة التي يطلق عليها بصفة عامة إسم     ((الإضطربات والتوترات الداخلية)).فالفقرة الثانية من المادة الأولى من البروتوكول الإصافي الثاني والسالف الإشارة إليها قد تضمنت حالات الفوضى أعمال العنف المعزولة والمتفرقة والإعمال الأخرى ذات الطابع الماثلة وهي لا تعدو أن تكون بمجرد أمثلة للتوضيح وليست تعريفا إذ ان العبارة التي جرى عليها النص(( مثل الشغب او أعمال العنف... إلخ)).

وإذا حولنا إيجاد تعريف(( الإضطربات الداخلية)) نجد أن اللجنة الدولية للصليب الاحمر قد صاغت في تقرير عرضته على الخبراء الحكوميين في مؤتمر جنيف لعام 1971 وصفا الإضطربات الداخلية بأنها (( الحالات التي دون ان تسمى نزاعا مسلحا غير دولي بمعنى الكلمة،توجد فيها على المستوى الداخلي، واجهة على درجة من الخطورة او الإستمرار وتنطوي على أعمال عنف قد تكتسي أشكالا مختلفة بدء بإنطلاق أعمال ثورة تلقائيا حتى الصراع بين مجموعات منظمة شيئا ما والسلطات الحاكمة قوات شرطة كبيرة وربما قوات مسلحة حتى تعيد النظام الداخلي إلى نصابه. وعدد الضحايا المرتفع جعل من الضروري تطبيق حد أدنى من القواعد الإنسانية)).

وحول التوترات الداخلية تضمن التقرير نفسه لعض الخصائص التي تميزها مثل الإيقافات الجماعية وإرتفاع عدد المعتقلين السياسيين او المتعلقين بسبب آراءهم ومعتقداتهم وظروف الإعتقال الإنسانية و المعاملة السيئة وتعطيل الضمانات القضائية الأساسية عند إعلان حالة الطوارئ مثلا وظهور حالات الإختفاء. وقد تكون هذه الظواهر منفردة او مجتمعة لكنها تعكس رغبة النظام الحاكم في تطويق آثار التوتر من خلال اللجوء إلى وسائل وقائية للسيطرة على الأوضاع.

ولا يعني إستثناء حالات التوترات والإضطربات الداخلية من مجال تطبيق القانون الإنساني أن القانون الدولي يتجاهله بل إن مواثيق حقوق الإنسان تعالج آثارها وتضمن المعاملة الإنسانية للموقوفين بسبب الأوضاع الناجمة عن التوتر او الإضطراب الداخلي، فصلا عما في الدساتير والقوانين الداخلية من حقوق وضمانات جماعية وفردية.

ومن الطبيعي عند البحث عن أساس لحماية الافراد ضد العنف والمعاملة التعسفية أن تنظر اولا إلى النظام القانوني الوطني. فبدون شك يجب على القانون الوطني مع مؤسساته وأجهزته العديدة لمنع وقمع المخالفات، ان يكفل الضمان الفعال لحقوق الفرد. ومع ذلك على الأقل منذ ان صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949، أصبح من المسلم ب هان حماية      (( الكرامة الطبيعية المتأصلة لجميع أفراد الأسرة البشرية)) واجب يقع أيضا على عاتق المجتمع الدولي. والتعبير القانون عن ذلك الواجب وهو التشريع الدولي لحقوق الغنسان بمختلف معاهداته المستكملة بقواعد العرف. وتنطبق في جميع الأوقات الاحكام المتعلقة بحقوقالغنسان وتلك التي أقر بها قانةن العرف. بل إن السلطات تلتزم بإحترامها حتى في حالات الأزمة الداخلية إلا إذا حدث(( في زمن الطوارئ العامة التي تهدد حياة الامة)) ( الفقرة الأولى من المادة الرابعة من العهد الدولي لعام 1966 الخاصة بحقوق  المدنية السياسية) أن أعلنت حالة الطوارئ .وللدول عندئذ أن تتخذ إجراءات تخالف إلتزاماتها المتعهد بها بمقتضى معاهدات حقوق الإنسان ، ولكنها تظل ملزمة بأن تحترم في جميع الأوقات وفي جميع الظروف عددا من الحقوق الأساسية أي (جوهر) حقوق  الإنسان الذي هو (المستوى الأدنى )المطلوب لحماية كرامة الإنسان حتى في أوقات الأزمات الحادة .

   وسوف يساعد إستقصاء موجز للقانون الدولي الإنساني المنطبق في حالات النزاع المسلح ، على تحديد هذا الموجز المشترك للحقوق المنطبقة في جميع الأوقات وفي جميع الظروف .فهذا الجزء بالذات من القانون الدولي المدون لمجال مقيد إلى حد ما له له أيضا  (جوهر للحقوق الأساسية )التي يجب أن تراعي في جميع أشكال النزاع المسلح .وهذه الحقوق مبينة في المادة الثالثة المشتركة بيت إتفاقيات جنيف الألابع والمنظمة في النزاعات التي ليس لها طابع دولي .زمن المسلم به بصفة عامة أن جوهر المادة الثالثة دات الطابع العرفي يشكل جزءا من القواعد الآمرة ولذا فهو ملزم لجمع الدول .وبالتالي تتجاوز الإلتزامات الواردة في المادة الثالثة مجال تطبيقهذه المادة .فهي سارية المفعول بالنسبة لجميع أشكال النزاع المسلح .وقد أكدت ذلك منذ عهد قريب محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر في قضية نيكاراجوا ضد الولايات المتحدة .فالمحكمة قد توصلت إلى إستنتاج أن المادة الثالثة في شكلها العرفي تشكل (مقياسا للحد الأدنى) ينطبق على جميع النزاعات المسلحة

فهذا (المقياس للحد الأدنى) في القانون الدولي الإنساني والوارد في المادة الثالثة يطابق إلى حد كبير جملة الضمانات التي لا تستطيع الحكومات التحلل منها حتى في حالات الطوارئ.وهذه الأحكام ملزمة في النزاعات المسلحة ، بما في ذلك النزاعات المسلحة التي ليس لها طابع دولي ، ومنطقيا ملزمة أيضا بالتالي في حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية .فالإستنتاج بناء على ذلك هو أن القانون الدولي (يلزم الدول في جميع الظروف ودون إستثناء أن تحترم الفرد عن طريق مراعاة أحكام أساسية معينة حتى في حالة الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة ).

ونخلص من هذا إلى أن هناك هدفا مشتركا بين المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وإتفاقيات القانون الدولي الإنساني هو حماية حقوق الإنسان وحرياته والحفاظ على كرامته.وإن تميزت إتفاقيات القانون الدولي الإنساني بأنها تعمل على تأمين هذه الحقوق في ظروف النزاعات المسلحة . وهذا التمييز جعل إتفاقيات جنيف تشمل بحمايتها فئات لم تكن في بؤرة إهتمام القانون الدولي التقليدي لحقوق الإنسان كالجرحى والغرقى وأسرى الحرب . وتتضمن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان أحكاما تسمح للدول لدى مواجهتها لخطر عام جسيم أن توقف العمل بالحقوق الواردة بهذه الصكوك وذلك وذلك بإستثناء حقوق أساسية معينة ،مبينة في كل معاهدة يجب إحترامها في جميع الأحوال ولا يجوز المساس بها بصرف النظر عن المعاهدة التي أوردتها وتشمل هذه الحقوق بصفة خاصة الحق في الحياة وحظر التعذيب والعقوبات أو المعاملة  الإنسانية وحظر العبودية والإسترقاق ، ومبدأ الشرعية وعدم رجعية القوانين .ويطلق على هذه الحقوق الأساسية التي تلتزم الدول بإحترامها في جميع الأحوال حتى في أوقات النزاعات أو الإضطرابات إسم (النواة الصلبة le noyau dur  لحقوق الإنسان .

   ولما كان القانون الإنساني يسري في أوضاع إستثنائية بطبيعتها هي أوضاع النزاع المسلح فإن مضمون حقوق الإنسان التي يتعين على الدول الإلتزام بها في جميع الأحوال ، (النواة الصلبة)يتفق إلى حد بعيد مع الضمانات الأساسية والقانونية التي يكفلها القانون الإنساني .