النظام الإقتصادي

Site: Plateforme pédagogique de l'Université Sétif2
Cours: -مدخل الى الحضارات القديمة- الشرق
Livre: النظام الإقتصادي
Imprimé par: Visiteur anonyme
Date: Monday 6 May 2024, 05:32

Description

أولا: الزراعة

 تشكل الزراعة نظاما اقتصاديا هاما في بلاد النهرين، لقيام الفلاحين بالدور البارز في هذا المجال، وقد نصت القوانين العراقية القديمة على موضوع الزراعة ومسألة الفلاح، وقد بلغ الاهتمام بهذا المجال الزراعي إلى درجة أن مسحت الأراضي الزراعية كاملة وقسمت واستثمرت بطريقة جيدة، فحفرت لهذا الشأن قنوات التجفيف والري، وشهد نظام الزراعة أعمال السخرة، واستغل العبيد في هذا المجال، كما وجدت تصاميم أحواض وخزانات المياه، ويحدد القانون العراقي شروط الزراعة وواجبات الزراع وأجرته وأجرة الأراضي المستأجرة.

 بإلاضافة إلى ماسبق فقد عرفة بلاد الرافدين نظام الملكية العقارية الصغرى، ونظام توزيع ملكية الأراضي الزراعية، ونظرا للاهتمام الشديد بها فقد أصبحت الأرض مصدرا لثروة البلاد، ومما زاد في أهميتها خصوبة تربتها التي تماثلت مع أرض مصر إن لم تكن تفوقها من حيث الخصوبة، وقد عرفت إلى جانب ذلك تربية الماشية والحيوانات  بمختلف أنواعها.

1. الصناعة

                                                                                                                  

تميزت الصناعة في بلاد النهرين بالدقة وحسن التصنيع، وتدل الآثار الموجودة في مختلف المناطق الأثرية على صحة هذا الرأي، وقد أسفرت الحفريات عن أن الصانع استخدم عدة معادن في صناعاته ومنها : النحاس والقصدير والرصاص والذهب والفضة...الخ، كما قام بصناعات خشبية متعددة لاسيما في الألف الثالث قبل الميلاد، وقد ساعدت حركة بناء القصور والهياكل بمختلف أدوراها على تطور الصناعات المعدنية والخشبية والنسيجية.

ولقد توفرت للصناع المواد من الداخل  أو بواسطة الاستيراد من الخارج، ومن بين المواد المستوردة من الخارج العاج والحجارة الكريمة من الهند والقصدير  من القفقاس والنحاس من قبرص وأرمينية وأسيا الصغرى، وكانت سبل الاستيراد تتم عبر وسيلتين هما الطرق البرية والبحرية( المائية).

                                                                                                                 

 

2. التجارة

                                           

استطاعت بلاد النهرين تحسين أوضاعها  الاقتصادية بواسطة عملية الاستيراد والتصدير، وقد أقامت علاقات مع العديد من البلدان المجاورة وحتى البعيدة، وقد أثبتت الوثائق التاريخية بأنه كان للتجار محطات ومستعمرات تجارية في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد خاصة في وسط أسيا الصغرى، وعمل هؤلاء بالمتاجرة في مختلف المواد المصنوعة والمستهلكة.

ونظرا لتطور المبادلات التجارية فقد شهدت البلاد نظاما مصرفيا وماليا، فعرفت البلاد القروض والديون والفوائد المالية النقدية والعينية(أموال- أو مواد زراعية)، كما عرفت البلاد الإيجار أو الرهن والكفالة، ودّلت المستندات على هذا الواقع، وظهر عليها أختام خاصة لأصحاب هذه العلاقات، وكانت مادة النحاس والذهب أداة للتعامل النقدي لاسيما مع التجار الأجانب.

وهذا الأهتمام بالتجارة وتطورها جاء نتيجة أحتياج العراق الى بعض المواد الخام الضرورية كالمعادن والأخشاب والأحجار التي تدخل في صناعات مختلفة لذا سعى العراقيون القدماء للحصول على تلك المواد من مناشئها الأصلية عن طريق المتاجرة مقابل المنتوجات الزراعية والحيوانية وبعض الصناعات المحلية كصناعة النسيج والجلود والخمور والزيوت وغيرها مـن المواد البديلة.

  وثمة مسألة أخرى الا وهي موقع العراق بين الخليج العربي والبحر المتوسط أثر في تنشيط التجارة وتبادل السلع بين الشرق والغرب ومما زاد في نشاط التجارة كذلك توافر وسائط النقل النهري الرخيصة الى جانب الوسائط البرية ، وهكذا تضافرت مجموعة مــن العوامل ساعدت على تشجيع العمل التجاري فغدت التجارة مــــن الدعامات الأساسية التي أعتمدت عليها الحياة الأقتصادية في العراق القديم.

   عرف العراقيون القدماء التجارة بنوعيها الخارجية والداخلية ، فيمكن أن نستدل من خلال الآثار المكتشفة في مواقع عصور قبل التأريخ على وجود علاقات تجارية مع البلدان والأقاليم المجاورة حيث عثر على اثار مصنوعة مـــن مواد غير متوافرة في العراق كحجر الأوبسيدين وبعض الأحجار الأخرى والمعادن على اختلافها.

   وبقى التعامل التجاري للعراق القديم مع البلدان المجاورة مستمراً على مر العصور التأريخية بدءاً من عصر فجر السلالات وحتى دولة بابل الحديثة ، فكان لبلاد الرافدين علاقات تجارية مع بلاد عيلام وآسيا الصغرى وسوريا ومصر وبعض جزر البحر المتوسط وبلدان الخليج العربي.

   وكان العراق يرتبط بالأقاليم الخارجية بعدة طرق كانت القوافل التجارية تسلكها ولأهمية هذه الطرق فأنهم كانوا يضعون أدلة وأثباتات جغرافية بالطرق والمسالك المشهورة وتحديد المراحل والمدن التي يمر أو يقع عليها.


3. الطرق التجارية

                                                                                                                    

أ-الطرق المؤدية الى الأقاليم الغربية : كان يوجد طريقان مهمان يربطان العراق بأتجاة غربي بلاد الشام وسواحل البحر الأبيض المتوسط وبلاد الأناضول فالأول بيدأ من بابل ويسير بمحاذاة الفرات ويمر في الرمادي وهيت وعانه حتى يصل الى مدينة ماري في سوريا ثم يمر بتدمر وحمص ومنها يتشعب في جملة فروع تؤدي كلها الى مدائن البحر المتوسط ، أما الطريق الثاني فيخرج من نينوى ويعبر الفرات عند طرابلس ومدينة مسكنه ثم حلب وينتهي بنهر العاصي حيث يتشعب الى عدة طرق تؤدي الى الأجزاء الوسطى من سوريا والى سواحل البحر المتوسط ، ومن فروعة المهمة ما كان يتجة الى الأناضول وأرمينيا.

ب-الطرق المؤدية الى الأقاليم الشرقية : وهذه الطرق تمر بمناطق جبلية وعره ( جبال زاجروس) ومن الممرات المعروفة الممر الكائن بالقرب من ( راوندوز ) والممر الكائن في منطقة حلبجة وممر خانقين ، فضلاً عن الطريق الذي يربط العراق بالنواحي الشرقية عن طريق بلاد عيلام وكان يسير محاذياً لسفوح جبال زاجروس حتى يصل الى سوسه عاصمة عيلام.

ج-الطريق البحري : ويعد هذا الطريق من الطرق المهمة التجارية التي كانت تربط العراق بالعالم الخارجي ولا سيما الجهات الشرقية والهند والاجزاء الجنوبية من الجزيرة العربية حيث يعد الطريق البحري الوحيد للأتصال بالعالم وذلك عبر الخليج العربي.

وقد أعتنى ملوك العراق بضمان السيطرة على الطرق التجارية المهمة ففرض الملك حمورابي سيطرتة على الطريق بين العراق وسوريا وموانئ البحر المتوسط وبلاد الأناضول لحماية هذه الطرق والقوافل التجارية ويكون تحت سيطرتهم المباشرة حتى لا يضطروا لدفع الضرائب أو شن حملات عسكرية تأديبية ،وفرض ملوك الدولة الآشورية سيطرتهم على طرق التجارة المؤدية الى مصادر المواد الأولية في آسيا الصغرى وسوريا وفلسطين فضلاًعن القسم الجنوبي من العراق.

وعندما فقدت الدولة البابلية الحديثة سيطرتها على الطرق التجارية القديمة المارة بأيران وسوريا  أتجه الملك نبونا ئيد الى الغرب وقام بحملة فسيطر على عدد من المدن والواحات الواقعة فــي شمال شبة الجزيرة العربية ، وأقام في واحة تيماء مدة تقرب من عشر سنوات وأتخذها قاعدة لتنفيذ سياسته الجديدة.

4. الصادرات والواردات

                                                                                                                   

   لا بد من الإشارة هنا إلى أهم الواردات والصادرات لبلاد الرافدين عن طريق التجارة الخارجية حيث نجد

1-الواردات:

 تشير النصوص إلى أن استيراد العراق كانت تتركز بالدرجة الأساس على المواد الأولية الضرورية لقيام الحضارة وغير المتوافرة فيه آنذاك ولا سيما المعادن والأحجار والأخشاب والعطور والأحجار الكريمة والعاج والأدوية والتوابل.

2-الصادرات:

مثلما كان قطاع الأٍستيراد مزدهراً كان كذلك قطاع التصدير متطوراً هو الآخر حيث كانت بلاد الرافدين تصدر مختلف السلع الزراعية كالشعير والزيوت النباتية والصوف والتمور فضلاً عن المصنوعات النحاسية والسلع النسيجية كما كان يتم تصدير الجلود والخمور بأنواعها وكذلك بعض الصناعات اليدوية الدقيقة كالأختام الأسطوانية وبعض الأواني الفخارية والمعدنية.

5. الأوزان والمكاييل

                                                                                                                   

   تعد الأوزان والمكاييل من المقومات الأساسية لحركة التجارة لأن مراقبة دقتها وثباتها ومحاسبة المتلاعبين بها من العوامل التي تساعد على نشاط الحركة التجارية وأنتعاش الحياة الأقتصادية بصورة عامة. وهذا ما عكسته القوانين العراقية القديمة فقد كان الحكام والملوك حريصين على وحدة نظام الأوزان والمكاييل وتثبيت أوزانها وسعتها، وتشير الوثائق الاقتصادية إلى أنه في عصر فجر السلالات كانت هناك أنظمة متباينة للموازين والمكاييل والمقاييس أختصت بها كل مدينة وعند توحد تلك المدن في دولة مركزية واحدة في العصر الأكدي كان الأتجاه العام نحو أستخدام نظام موحد للأوزان والمكاييل تماشيا مع التيار العام في توحيد البلاد وقد ظل هذا النظام بوحداته الأساسية شائعا ومعروفاً حتى نهاية الألف الأول قبل الميلاد.

وكان الشيقل يمثل وحدة الوزن الأساسية وقد أستخدم منذ العصور المبكرة وظل بالأستخدام طوال العصور العراقية القديمة واستخدم كذلك واسطةً للتبادل التجاري وأداة لقياس الأسعار والأجور أي بمثابة النقود ، وكان للشيقل أجزاء أصغرها الحبة ( أطتـو – utteu ) أي ( حبة القمح ) اذ كان الشـيقل يتألف مـن 180 حبة ، كما كان له مضاعفات علـى وفق النظام الستيني، فكان كل 60 شيقلا تساوي منا واحدا وقد استخدم الأخير كذلك كوحدة أخرى لقياس الأوزان.

واستخدم العراقيون القدماء حجارات للأوزان نحتوها بشكل جميل ومن أنواع جيدة من الحجارة على شكل بطة أو أسد، ويبدو انها كانت أوزانها تحت أشـــراف حكومي اذ ذكرت بعض النصوص ( وزن الدولة ) ( وزن الأله شمش )، وذكرت النصوص التي وردت من آشور حجر ( وزن البلاد )، ولاشك أن هذه الأوزان المذكورة تشير الى مصداقيتها القياسية وتداولها بين التجار على نطاق واسع لدقة وزنه.

أما الميزان الذي أستخدم للوزن فكان بسيطا أذ يتألف من كفتين متساويتين مربوطتين بواسطة الحبال ، وتكون الكفتان مربوطتين الى نهايتي قضيب خشبي ويثبت في وسطه حلقة ، ليتسنى بهما رفع او خفض الميزان بها وكذلك معرفة قياس ومقادير السلع الموزونة.

أما المكاييل فكانت الوحدة الأساسية فيها هي الكور وأجزاؤه ، وقد طرأت عليه تغيرات كثيرة في العصور السومرية حتى أستقر فـــــي عهد سلالة أور الثانية أذ قام أور – نمو – وخليفته شولكي بأصلاحات شاملة فيما يخص ضبط الوزن والمكاييل ، وقد ســـــاد أستعمالها حتى نهاية العصر البابلي القديم.

ومن أجزاء الكور التي استخدم في المكاييل هي البي PI  والسوت  sutu  والقا qa   والشيقل  siqlu   والحبة  seu.

6. محاربة الغش في الموازين

                                                                                                                  

لضمان الحقوق في التعامل اليومي وعدم السماح للتلاعب باستخدام أوزان أو مكاييل مختلفة فقد ذكرت العقود المبرمة غالبا شرطا أن يكون الوزن أو الكيل على وفق مقياس معين كأن يكون مكيال معبد الإله شمش مثلا أذ هــو مــن المكاييل المعروفة ومع ذلك فقد كانت هناك محاولات للغش والاحتيال باستخدام أوزان أو مكاييل ناقصة وقدأشارت أحدى مواد قانون حمورابي الى ذلك صراحة.

وارتبطت بحركة المبادلات التجارية أيضا موضوع مقاييس الأطوال والمساحات ، فقد كانت وحدة قياس الطول هي الذراع ومضاعفاته وهي القصبة والحدود والحبل والميل وأجزاؤه الشبر والأصبع والحبة.

 والى جانب ذلك وردت في النصوص التي عثر عليها فـــي منطقة آشور وحدة قياس شوبتم  ( subtum ) وكانت تستخدم عند بيع البيوت وتقدير الحصص الكبيرة وربما أن هذه الوحدة كانت تساوي في قياسها وحدة السار ( SAR ) التي تعامل بها السكان في المناطق الوسطى والجنوبية.